أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/المعاد/تطاير الكتب وإنطاق الجوارح/الإمام علي (عليه السلام)
عن أبي معمر السعدي قال: أتي عليا عليه
السلام رجل فقال: يا أمير المؤمنين إني شككت في كتاب الله المنزل، فقال له
علي عليه السلام: ثكلتك امك وكيف شككت في كتاب
الله المنزل ؟ فقال له الرجل: لأني وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضا وينقض بعضه بعضا،
قال: فهات الذي شككت فيه، فقال: لان الله يقول: " {يَوْمَ
يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ
الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38] و يقول حيث استنطقوا: " قالوا والله
ربنا ما كنا مشركين " ويقول: " يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم
بعضا " ويقول: " إن ذلك لحق تخاصم
أهل النار " ويقول: " لا تختصموا لدي " ويقول: " اليوم
نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " فمرة يتكلمون
ومرة لا يتكلمون، ومرة ينطق الجلود والايدي والارجل، ومرة لا يتكلمون إلا من أذن
له الرحمن وقال صوابا، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال له علي عليه السلام:
إن ذلك ليس في موطن واحد هي في مواطن في ذلك اليوم
الذي مقداره خمسون ألف سنة، فجمع الله الخلائق في ذلك اليوم في موطن يتعارفون فيه
فيكلم بعضهم بعضا ويستغفر بعضهم لبعض، اولئك الذين بدت منهم الطاعة من الرسل والاتباع
وتعاونوا على البر والتقوى في دار الدنيا، ويلعن أهل المعاصي بعضهم بعضا، الذين
بدت منهم المعاصي في دار الدنيا وتعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا، والمستكبرون
منهم والمستضعفون يلعن بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا، ثم يجمعون في موطن يفر
بعضهم من بعض وذلك قوله: " يوم يفر المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه
" إذا تعاونوا على الظلم والعدوان في دار
الدنيا " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " ثم يجمعون
في موطن يبكون فيه فلو أن تلك الاصوات بدت لأهل الدنيا لاذهلت جميع الخلائق
عن معائشهم، وصدعت الجبال إلا ما شاء الله، فلا يزالون يبكون حتى يبكون الدم،
ثم يجتمعون في موطن يستنطقون فيه فيقولون: " الله ربنا ما كنا مشركين " ولا يقرون
بما عملوا فيختم على أفواههم ويستنطق الايدي والارجل والجلود فتنطق فتشهد بكل
معصية بدت منهم، ثم يرفع الخاتم عن ألسنتهم فيقولون لجلودهم وأيديهم وأرجلهم:
" لم شهدتم علينا " فتقول: " أنطقنا
الله الذي أنطق كل شئ " ثم يجمعون في موطن يستنطق فيه
جميع الخلائق فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، ويجتمعون في موطن يختصمون
فيه ويدان لبعض الخلائق من بعض وهو القول، وذلك كله قبل الحساب، فإذا اخذ بالحساب
شغل كل بما لديه، نسأل الله بركة ذلك اليوم.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 7 / صفحة [ 313 ]
تاريخ النشر : 2024-03-23