أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/أهل البيت (عليهم السلام)/ظلامة أهل البيت (عليهم السلام) ومصائبهم والبكاء والحزن عليهم/النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
ابن الوليد عن
الصفار ، عن ابن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن ابن اذينه ، عن أبان بن أبي عياش
وإبراهيم بن عمر اليماني ، عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : سمعت سلمان الفارسي رضي
الله عنه قال : كنت جالسا بين يدي رسول الله (ص) في مرضته التي قبض فيها ، فدخلت
فاطمة عليها السلام فلما رأت ما بأبيها صلوات الله عليه وآله من الضعف ، بكت حتى
جرت دموعها على خديها فقال لها رسول الله (ص) : ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت : يا رسول
الله أخشى الضيعة على نفسي وولدي بعدك.
فاغرورقت عينا
رسول الله صلى الله عليه وآله بالبكاء ، ثم قال : يا فاطمة أما علمت أنا أهل
بيت اختار الله لنا الاخرة على الدنيا وإنه حتم الفناء على جميع خلقه ، وأن الله
تبارك وتعالى اطلع إلى الارض [ اطلاعة ] فاختارني منهم وجعلني نبيا واطلع إلى
الارض اطلاعة ثانية ، فاختار منها زوجك ، فأوحى الله إلي أن أزوجك إياه ، وأن
أتخذه وليا ووزيرا ، وأن أجعله خليفتي في امتي ، فأبوك خير أنبياء الله ورسله ،
وبعلك خير الاوصياء ، وأنت أول من يلحق بي من أهلي : ثم اطلع إلى الارض اطلاعة
ثالثة فاختارك وولدك وأنت سيدة نساء أهل الجنة ، وابناك حسن وحسين سيدا شباب أهل
الجنة ، وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة، كلهم هادون مهديون ، والاوصياء بعدي
أخي علي ثم حسن وحسين ثم تسعة من ولد الحسين في درجتي وليس في الجنة درجة أقرب إلى
الله عزوجل من درجتي ، ودرجة أوصيائي ، وأبي إبراهيم.
أما تعلمين يا
بنية أن من كرامة الله عزوجل إياك أن زوجك خير أمتي ، وخير أهل بيتي : أقدمهم سلما
وأعظمهم حلما وأكثرهم علما ، فاستبشرت فاطمة عليها السلام وفرحت بما قال لها رسول
الله صلى الله عليه وآله.
ثم قال لها : يا
بنية إن لبعلك مناقب : إيمانه بالله ورسوله قبل كل أحد لم يسبقه إلى ذلك أحد من
أمتي ، وعلمه بكتاب الله عزوجل وسنتي ، وليس أحمد من أمتي يعلم جميع علمي غير علي
عليه السلام إن الله عزوجل علمني علما لا يعلمه غيري ، وعلم ملائكته ورسله علما ،
وكلما علمه ملائكته ورسله فأنا أعلم به ، وأمرني الله عزوجل أن أعلمه إياه ، ففعلت
، فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي فهمي وحكمي غيره ، وإنك يا بنيه زوجته ، وابناه
سبطاي حسن وحسين ، وهما سبطا أمتي وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر ، وإن الله
عزوجل آتاه الحكمة وفصل الخطاب.
يا بنية إنا أهل
بيت أعطانا الله عزوجل سبع خصال لم يعطها أحدا من الاولين كان قبلكم ، ولا يعطيها
أحدا من الاخرين غيرنا : نبينا سيد المرسلين وهو أبوك ، ووصينا سيد الاوصياء وهو
بعلك ، وشهيدنا سيد الشهداء وهو حمزة بن عبدالمطلب ، وهو عم أبيك ، قال : يا رسول
الله وهو سيد الشهداء الذين قتلوا معك؟ قال : لابل ، سيد شهداء الاولين والأخرين
ما خلا الأنبياء والاوصياء ، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة مع
الملائكة وابناك حسن وحسين سبطا امتي وسيدا شباب أهل الجنة ، ومنا والذي نفسي بيده
مهدي هذه الامة الذي يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
قالت : فأي
هؤلاء الذين سميت أفضل قال : علي بعدي أفضل أمتي ، وحمزة وجعفر أفضل أهل بيتي بعد علي عليه السلام
وبعدك وبعد ابني وسبطي حسن وحسين وبعد الاوصياء من ولد ابني هذا ، وأشار إلى
الحسين ، ومنهم المهدي ، إنا أهل بيت
اختار الله عزوجل لنا الاخرة على الدنيا.
ثم نظر رسول
الله صلى الله عليه وآله إليها وإلي بعلها وإلى ابنيها فقال : يا سلمان أشهد الله
أني سلم لمن سالمهم ، وحرب لمن حاربهم ، أما إنهم معي في الجنة ثم أقبل على علي
عليه السلام فقال : يا أخي إنك ستبقى بعدي ، وستلقى من قريش شدة من تظاهرهم عليك
وظلمهم لك ، فان وجدت عليهم أعوانا فقاتل من خالفك بمن وافقك وإن لم تجد أعوانا
فاصبر ، وكف يدك ، ولا تلق بها إلى التهلكة ، فانك مني بمنزلة هارون من موسى ولك
بهارون أسوة حسنة ، إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه فاصبر لظلم قريش إياك ،
وتظاهرهم عليك ، فانك مني بمنزلة هارون من موسى ومن اتبعه ، وهم بمنزلة العجل ومن
اتبعه.
يا علي إن الله
تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الامة ، ولو شاء لجمعهم على الهدى
حتى لا يختلف اثنان من هذه الامة ، ولا ينازع في شيء من أمره، ولا يجحد المفضول ذا
الفضل فضله ، ولو شاء لعجل النقمة والتغيير حتى يكذب الظالم، ويعلم الحق أين مصيره
، ولكنه جعل الدنيا دار الاعمال ، وجعل الاخرة دار القرار « ليجزي الذين أساءوا
بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى » فقال على عليه السلام : الحمد لله شكرا
على نعمائه ، وصبرا على بلائه.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 28 / صفحة [ 52 ]
تاريخ النشر : 2025-07-19