أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/التوحيد/اثبات وجود الله تعالى ووحدانيته/الإمام الصادق عليه السلام
ماجيلويه، عن عمه،
عن البرقي، عن محمد بن علي الكوفي، عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم، عن أحمد
بن محسن الميثمي قال: كنت عند أبي منصور المتطبب فقال: أخبرني رجل من أصحابي قال:
كنت أنا وابن أبي العوجاء وعبد الله بن المقفع في المسجد الحرام فقال ابن
المقفع: ترون هذا الخلق ؟ - وأومى بيده إلى موضع الطواف - ما منهم أحد أوجب له اسم
الانسانية إلا ذلك الشيخ الجالس - يعني جعفر ابن محمد عليهما السلام - فأما الباقون
فرعاع وبهائم، فقال له ابن أبي العوجاء وكيف أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون
هؤلاء ؟ قال: لأني رأيت عنده ما لم أر عندهم، فقال ابن أبي العوجاء: ما بد من
اختبار ما قلت فيه منه، فقال له ابن المقفع: لا تفعل فإني أخاف أن يفسد عليك ما في يدك، فقال:
ليس ذا رأيك ولكنك تخاف أن يضعف رأيك عندي في إحلالك إياه المحل الذي وصفت،
فقال ابن المقفع: أما إذا توهمت علي هذا فقم إليه وتحفظ ما استطعت من الزلل، ولا تثن
عنانك إلى استرسال يسلمك إلى عقال، وسمه مالك أو عليك، قال: فقام ابن أبي العوجاء
وبقيت وابن المقفع فرجع إلينا وقال: يا ابن المقفع ما هذا ببشر، وإن كان في الدنيا
روحاني يتجسد إذا شاء ظاهرا ويتروح إذا شاء باطنا فهو هذا، فقال له: وكيف ذاك
؟ قال: جلست إليه فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني فقال: إن يكن الامر على ما يقول
هؤلاء وهو على ما يقولون - يعني أهل الطواف - فقد سلموا وعطبتم، وإن يكن الامر
كما تقولون - وليس كما تقولون - فقد استويتم وهم، فقلت له: يرحمك الله وأي شئ نقول
؟ وأي شئ يقولون ؟ ما قولي وقولهم إلا واحدا، فقال: كيف يكون قولك وقولهم واحدا
وهم يقولون: إن لهم معادا وثوابا وعقابا، ويدينون بأن للسماء إلها، وأنها عمران،
وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد. قال: فاغتنمتها منه فقلت له:
ما منعه إن كان الامر كما تقول أن يظهر لخلقه ويدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم
اثنان، ولما احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل ؟ ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الايمان
به. فقال لي: ويلك وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك ؟ نشؤك ولم تكن، وكبرك
بعد صغرك، وقوتك بعد ضعفك، وضعفك بعد قوتك، وسقمك بعد صحتك، وصحتك بعد سقمك،
ورضاك بعد غضبك، وغضبك بعد رضاك وحزنك بعد فرحك، وفرحك بعد حزنك، وحبك بعد بغضك، وبغضك
بعد حبك، وعزمك بعد إبائك، وإباؤك بعد عزمك، وشهوتك بعد كراهتك، وكراهتك بعد شهوتك،
ورغبتك بعد رهبتك، ورهبتك بعد رغبتك، ورجاؤك بعد يأسك، ويأسك بعد رجائك، وخاطرك
بما لم يكن في وهمك، وعزوب ما أنت معتقده من ذهنك. ومازال يعد علي قدرته التي في
نفسي التي لا أدفعها حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني وبينه.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 3 / صفحة [ 42 ]
تاريخ النشر : 2023-11-25