أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/التوحيد/اثبات وجود الله تعالى ووحدانيته/الإمام الصادق عليه السلام
ابن الوليد، عن
الصفار، عن ابن هاشم، عن محمد بن حماد، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس
بن عبد الرحمن، عن يونس بن يعقوب قال: قال لي علي بن منصور: قال
لي هشام بن الحكم : كان زنديق بمصر يبلغه عن أبي عبد الله عليه السلام فخرج
إلى المدينة ليناظره فلم يصادفه بها، فقيل له: هو بمكة فخرج الزنديق إلى مكة ونحن مع
أبي عبد الله عليه السلام فقاربنا الزنديق - ونحن مع أبي عبد الله عليه السلام
- في الطواف فضرب كتفه كتف أبي عبد الله عليه السلام، فقال له جعفر عليه السلام: ما اسمك
؟ قال: اسمي عبد الملك، قال: فما كنيتك ؟ قال: أبو عبد الله، قال: فمن الملك الذي
أنت له عبد، أمن ملوك السماء أم من ملوك الارض ؟ وأخبرني عن ابنك، أعبد إله السماء
أم عبد إله الارض ؟ فسكت، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: قل ما شئت تخصم.
قال هشام بن الحكم: قلت للزنديق: أما ترد عليه ؟ فقبح قولي، فقال له أبو عبد
الله عليه السلام: إذا فرغت من الطواف فأتنا، فلما فرغ أبو عبد الله عليه السلام أتاه
الزنديق فقعد بين يديه ونحن مجتمعون عنده، فقال للزنديق: أتعلم أن للأرض تحت وفوق
؟ قال: نعم، قال: فدخلت تحتها ؟ قال: لا، قال: فما يدريك بما تحتها ؟ قال: لا أدري
إلا أني أظن أن ليس تحتها شئ، قال أبو عبد الله عليه السلام: فالظن عجز ما لم
تستيقن، قال أبو عبد الله عليه السلام: فصعدت إلى السماء ؟ قال: لا، قال: فتدري ما
فيها ؟ قال: لا، قال: فعجبا لك لم تبلغ المشرق، ولم تبلغ المغرب، ولم تنزل تحت الارض،
ولم تصعد إلى السماء، ولم تجز هنالك فتعرف ما خلقهن وأنت جاحد ما فيهن وهل
يجحد العاقل ما لا يعرف ؟ فقال الزنديق: ما كلمني بهذا أحد غيرك، قال أبو عبد الله
عليه السلام: فأنت في شك من ذلك فلعل هو، أو لعل ليس هو، قال الزنديق: ولعل ذاك:
فقال أبو عبد الله عليه السلام: أيها الرجل ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم، فلا حجة
للجاهل، يا أخا أهل مصر تفهم عني فإنا لا نشك في الله أبدا، أما ترى الشمس والقمر
والليل والنهار يلجان ليس لهما مكان إلا مكانهما فإن كانا يقدران على أن يذهبا
ولا يرجعان فلم يرجعان ؟ وإن لم يكونا مضطرين فلم لا يصير الليل نهارا
والنهار ليلا ؟ اضطرا والله يا أخا أهل مصر إلى دوامهما، والذي اضطرهما أحكم منهما
وأكبر منهما، قال الزنديق: صدقت. ثم قال أبو عبد الله عليه
السلام: يا أخا أهل مصر الذي تذهبون إليه وتظنونه بالوهم فإن كان الدهر يذهب بهم لم
لا يردهم ؟ وإن كان يردهم لم لا يذهب بهم ؟ القوم مضطرون يا أخا أهل مصر، السماء مرفوعة،
والارض موضوعة، لم لا تسقط السماء على الارض ؟ ولم لا تنحدر الارض فوق طباقها
فلا يتماسكان ولا يتماسك من عليهما ؟ فقال الزنديق: أمسكهما والله ربهما وسيدهما، فآمن
الزنديق على يدي أبي عبد الله عليه السلام. فقال له حمران بن أعين: جعلت فداك
إن آمنت الزنادقة على يديك فقد آمنت الكفار على يدي أبيك. فقال المؤمن الذي آمن على
يدي أبي عبد الله عليه السلام: اجعلني من تلامذتك. فقال أبو عبد الله عليه السلام
لهشام بن الحكم: خذه إليك فعلمه. فعلمه هشام فكان معلم أهل مصر وأهل الشام، وحسنت
طهارته حتى رضي بها أبو عبد الله عليه السلام.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 3 / صفحة [ 51 ]
تاريخ النشر : 2023-11-25