أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الأخلاق والآداب/محاسن الأخلاق والآداب/الشكر/النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
أخبرنا جماعة، قالوا: أخبرنا أبو المفضل،
قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبيد الله بن راشد الطاهري الكاتب، في دار عبد
الرحمن بن عيسى بن داود ابن الجراح وبحضرته إملاء يوم الثلاثاء لتسع خلون من جمادى
الأولى سنة أربع وعشرين وثلاث مائة، قال: حملني علي بن محمد بن الفرات في وقت من
الأوقات برا واسعا إلى أبي أحمد عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، فأوصلته إليه،
ووجدته على إضاقة شديدة، فقبله وكتب في الوقت بديهة :
أياديك عندي معظمــات جلائل * طوال المدى
شكري لهن قصير
فان كنت عن شكري غنيا فإنني * إلى شــكر ما
أولـيتـــني لفقــير .
قال: فقلت: هذا - أعز الله الأمير - حسن.
قال: أحسن منه ما سرقته منه.
فقلت : وما هو؟
قال: حديثان حدثني بهما أبو الصلت عبد السلام
بن صالح الهروي، قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال:
حدثني أبي، عن جدي جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده
أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم أجمعين)، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله):
أسرع الذنوب عقوبة كفران النعمة.
وحدثني أبو الصلت بهذا الإسناد، قال: قال
النبي (صلى الله عليه وآله): يؤتى بعبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله (عز وجل)
فيأمر به إلى النار، فيقول: أي رب أمرت بي إلى النار وقد قرأت القرآن! فيقول الله:
أي عبدي إني أنعمت عليك فلم تشكر نعمتي.
فيقول: أي رب أنعمت علي بكذا فشكرتك بكذا،
وأنعمت علن بكذا وشكرتك بكذا؟ فلا يزال يحصي النعمة ويعدد الشكر، فيقول الله
(تعالى): صدقت عبدي إلا أنك لم تشكر من أجريت لك نعمتي على يديه، وإني قد آليت على
نفسي أن لا أقبل شكر عبد لنعمة أنعمتها عليه حتى يكشر من ساقها من خلقي إليه.
قال: فانصرفت بالخبر إلى علي بن الفرات،
وهو في مجلس أبي العباس أحمد ابن محمد بن الفرات، وذكرت ما جرى، فاستحسن الخبر
وانتسخه، وردني في الوقت إلى أحمد أبي عبيد الله بن عبد الله ببر واسع من بر أخيه،
فأوصلته إليه، فقبله وسر به، وكتب إليه :
شكريك معقود بايماني * حكم في سري وإعلاني
عقد ضمير وفم ناطـق * وفعل أعضـاء وأركـان .
فقلت: هذا - أعز الله الأمير - أحسن من
الأول. فقال: أحسن منه ما سرقته منه. قلت: وما هو؟
قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح
بنيشابور، قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثني أبي
موسى الكاظم، قال: حدثني أبي جعفر الصادق، قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر،
قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين السبط، قال: حدثني أبي أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم)، قال: قال النبي (صلى الله عليه
وآله): الايمان عقد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالأركان.
قال: فعدت إلى أبي العباس بن الفرات فحدثته
بالحديث فانتسخه.
قال أبو أحمد: وكان أبو الصلت في مجلس أخي
بنيشابور وحضر مجلسه متفقهة نيشابور وأصحاب الحديث منهم، وفيهم إسحاق بن راهويه،
فأقبل إسحاق على أبي الصلت، فقال: يا أبا الصلت، أي إسناد هذا ما أغربه وأعجبه!
قال: هذا سعوط المجانين الذي إذا سعط به المجنون برئ بإذن الله (تعالى).
قال أبو المفضل. حدثت عن أبي علي بن همام
عما تقدم من حديثه عن أبي أحمد، وسألني في الحديث الثاني أن أمليه عليه من أجل
الزيادة فيه والشعر فأمليته عليه.
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 449
تاريخ النشر : 2023-08-01