أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/فضل الامام ومنزلته وكرامته/الامام الكاظم عليه السلام
روى محمد بن
العباس ، عن محمد بن همام ، عن عيسى بن داود ، بإسناده يرفعه إلى أبي الحسن موسى
بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده علي عليهم السلام في قوله عزوجل « إذ يغشى السدرة ما
يغشى » قال : النبي صلى الله عليه وآله لما اسري به إلى ربه قال : وقف بي
جبرئيل عند شجرة عظيمة لم أر مثلها ، على كل غصن منها ملك ، وعلى كل ورقة منها ملك
، وعلى كل ثمرة منها ملك ، وقد تجللها نور من نور الله تعالى ، فقال جبرئيل : هذه سدرة
المنتهى ، كان ينتهي الانبياء قبلك إليها ، ثم لا يجاوزونها ، وأنت تجوزها إن شاء
الله ، ليريك من آياته الكبرى ، فاطمئن أيدك الله بالثبات حتى تستكمل كرامات ربك ،
وتصير إلى جواره ، ثم صعد بي إلى تحت العرش ، فدنا إلي رفرف أخضر ، فرفعني الرفرف
بإذن الله إلى ربي ، فصرت عنده ، وانقطع عني أصوات الملائكة ودويهم ، وذهبت
المخاوف والروعات ، وهدأت نفسي واستبشرت ، وجعلت أنتبه وأنقبض ، ووقع علي السرور
والاستبشار ، وظننت أن جميع الخلق قد ماتوا ، ولم أر غيري أحدا من خلقه ، فتركني
ما شاء ثم رد علي روحي فأفقت ، وكان توفيقا من ربي أن غمضت عيني ، فكل بصري ،
فجعلت أبصر بقلبي كما أبصر بعيني بل أبعد وأبلغ ، فذلك قوله تعالى : « ما زاغ
البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى » وإنما كنت أبصر من خيط الابرة نورا
بيني وبين ربي ، لا تطيقه الابصار ، فناداني ربي فقال الله تبارك وتعالى : يا محمد
، قلت : لبيك ربي وسيدي وإلهي لبيك ، قال : هل عرفت قدرك عندي؟ وموضعك ومنزلتك
لدي؟ قلت : نعم يا سيدى ، قال : يا محمد هل عرفت موقعك مني وموقع ذريتك؟ قلت : نعم
يا سيدي ، قال : فهل تعلم يا محمد فيم اختصم الملا الاعلى؟ قلت : يا رب أنت أعلم
وأحكم وأنت علام الغيوب ، قال : اختصموا في الدرجات والحسنات فهل تدري ما الدرجات
والحسنات؟ قلت : أنت أعلم يا سيدى وأحكم ، قال : إسباغ الوضوء في المفروضات ،
والمشي بالأقدام إلى الجماعات معك ومع الائمة من ولدك ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة
وإفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والتهجد بالليل و الناس نيام.
ثم قال : « آمن
الرسول بما انزل إليه من ربه » قلت : « والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه
ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير »
قال : صدقت يا محمد « لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت »
فقلت : « ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته
على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا و ارحمنا
أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين » قال : ذلك لك يا محمد ولذريتك ، يا محمد
، قلت : لبيك ربي وسعديك سيدى وإلهي ، قال : أسألك عما أنا أعلم به منك : من خلفت في
الارض بعدك؟ قلت ، خير أهلها أخي وابن عمي وناصر دينك والغاضب لمحارمك إذا استحلت
وهتكت غضب النمر إذا اغضب : علي بن أبي طالب ، قل : صدقت يا محمد اصطفيتك بالنبوة
، وبعثتك بالرسالة ، وامتحنت عليا بالشهادة على امتك ، وجعلته حجة في الارض معك
وبعدك ، وهو نور أوليائي ، وولي من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين يا
محمد وزوجته فاطمة ، فإنه وصيك ووارثك ووزيرك ، وغاسل عورتك ، وناصر دينك ،
والمقتول على سنتي وسنتك ، يقتله شقي هذه الامة.
قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : ثم إن ربي أمرني بأمور وأشياء ، وأمرني أن أكتمها ، ولم
يؤذن لي في إخبار أصحابي ، ثم هوى بي الرفرف فإذا أنا بجبرئيل يتناولني منه حتى صرت
إلى سدرة المنتهى ، فوقف بي تحتها ، ثم أدخلني جنة المأوى ، فرأيت مسكني ومسكنك يا
علي فيها ، فبينما جبرئيل يكلمني إذ علاني نور الله ، فنظرت من مثل مخيط الابرة
إلى ما كنت نظرت إليه في المرة الاولى ، فناداني ربي جل جلاله : يا محمد ، قلت : لبيك
ربي وإلهي وسيدي ، قال : سبقت رحمتي غضبي لك ولذريتك ، أنت صفوتي من خلقي ، وأنت
أميني وحبيبي ورسولي ، وعزتي وجلالي لو لقيني جميع خلقي يشكون فيك طرفة عين أو ينقصونك
أو ينقصون صفوتي من ذريتك لأدخلنهم ناري ولا ابالي ، يا محمد علي أمير المؤمنين ،
وسيد المسلمين ، وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم ، أبو السبطين المقتولين
ظلما ، ثم فرض علي الصلاة وما أراد تبارك وتعالى ، وقد كنت قريبا منه في المرة
الاولى مثل ما بين كبد القوسين إلى سيته ، فذلك قوله تعالى : « قاب قوسين أو أدنى
» من ذلك .
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 36 / صفحة [ 240 ]
تاريخ النشر : 2025-12-16