أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/إمامة الائمة الاثني عشر عليهم السلام/إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام/الامام الصادق عليه السلام
علي عن أبيه عن
ابن محبوب عن سلام بن عبد الله. ومحمد بن الحسن وعلي بن محمد عن سهل بن زياد. وأبو
علي الاشعري عن محمد بن حسان جميعا عن محمد بن علي عن علي بن أسباط عن سلام بن عبد
الله الهاشمي قال محمد بن علي وقد سمعته عنه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: بعث
طلحة والزبير رجلا من عبد القيس يقال له خداش إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه
وقالا له: إنا نبعثك إلى رجل طال ما كنا نعرفه وأهل بيته بالسحر والكهانة وأنت
أوثق من بحضرتنا من أنفسنا من أن تمتنع من ذلك منه، وأن تحاجه لنا حتى تقفه [تفقه
" خ ل "] على أمر معلوم واعلم أنه أعظم الناس دعوى فلا يكسرنك ذلك عنه
ومن الابواب التي يخدع الناس بها الطعام والشراب والعسل والدهن وأن يخالي الرجل
فلا تأكل له طعاما ولا تشرب له شرابا ولا تمس له عسلا ولا دهنا ولا تخل معه واحذر
هذا كله منه وانطلق على بركة الله فإذا رأيته فاقرأ آية السخرة وتعوذ بالله من
كيده وكيد الشيطان فإذا جلست إليه فلا تمكنه من بصرك كله ولا تستأنس به ثم قل له:
إن أخويك في الدين وابني عميك يناشدانك القطيعة ويقولان لك: أما تعلم أنا تركنا
الناس لك وخالفنا عشائرنا فيك منذ قبض الله عزوجل محمدا (صلى الله عليه وآله) فلما
نلت أدنى منال ضيعت حرمتنا وقطعت رجاءنا ثم قد رأيت أفعالنا فيك وقدرتنا على النأي
عنك وسعة البلاد دونك وأن من كان يصرفك عنا وعن صلتنا كان أقل لك نفعا وأضعف عنك
دفعا منا وقد وضح الصبح لذي عينين وقد بلغنا عنك انتهاك لنا ودعاء علينا فما الذي
يحملك على ذلك فقد كنا نرى أنك أشجع فرسان العرب أتتخذ اللعن لنا دينا وترى أن ذلك
يكسرنا عنك.
فلما أتى خداش
أمير المؤمنين صلوات الله عليه صنع ما أمراه فلما نظر إليه علي عليه السلام وهو
يناجي نفسه ضحك وقال: ها هنا يا أبا عبد قيس وأشار له إلى مجلس قريب منه فقال: ما
أوسع المكان أريد أن أؤدي إليك رسالة. قال: بل تطعم وتشرب وتخلي ثيابك وتدهن ثم
تؤدي رسالتك قم يا قنبر فأنزله. قال: ما بي إلى شئ مما ذكرت حاجة. قال: فأخلو بك.
قال: كل سر لي علانية. قال: فأنشدك الله الذي هو أقرب إليك من نفسك الحائل بينك
وبين قلبك الذي يعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور أتقدم لك الزبير بما عرضت عليك
؟ قال: اللهم نعم. قال: لو كتمت بعدما سألتك ما ارتد إليك طرفك فأنشدك الله هل
علمك كلاما تقوله إذا أتيتني ؟ قال: اللهم نعم. قال علي عليه السلام آية السخرة ؟
قال: نعم. قال: فاقرأها فقرأها وجعل علي عليه السلام يكررها عليه ويرددها ويفتح
عليه إذا أخطأ حتى إذا قرأها سبعين مرة قال الرجل: ما يرى أمير المؤمنين (عليه
السلام) أمره بترددها سبعين مرة ؟ قال له: أتجد قلبك اطمأن ؟ قال إي والذي نفسي
بيده. قال: فما قالا لك ؟ فأخبره فقال: قل لهما: كفى بمنطقكما حجة عليكما ولكن
الله لا يهدي القوم الظالمين زعمتما أنكما أخواي في الدين وابنا عمي في النسب أما
النسب فلا أنكره وإن كان النسب مقطوعا إلا ما وصله الله بالإسلام. وأما قولكما
إنكما أخواي فإن كنتما صادقين فقد فارقتما كتاب الله عزوجل وعصيتما أمره بأفعالكما
في أخيكما في الدين وإلا فقد كذبتما وافتريتما بادعائكما أنكما أخواي في الدين.
وأما مفارقتكما الناس منذ قبض الله محمدا فإن كنتما فارقتماهم بحق فقد نقضتما ذلك
الحق بفراقكما إياي أخيرا وإن فارقتماهم بباطل فقد وقع إثم ذلك الباطل عليكما مع
الحدث الذي أحدثتما مع أن صفقتكما بمفارقتكما الناس لم يكن إلا لطمع الدنيا زعمتما
وذلك قولكما: " قطعت رجاءنا " لا تعيبان بحمد الله علي من ديني شيئا.
وأما الذي صرفني
عن صلتكما فالذي صرفكما عن الحق وحملكما على خلعه من رقابكما كما يخلع الحرون
لجامه، وهو الله ربي لا أشرك به شيئا فلا تقولا: " [هو] أقل نفعا وأضعف دفعا
" فتستحقا اسم الشرك مع النفاق. وأما قولكما: " إني أشجع فرسان العرب
وهربكما من لعني ودعائي فإن لك موقف عملا إذا اختلفت الاسنة وماجت لبود الخيل وملأ
سحراكما أجوافكما فثم يكفيني الله بكمال القلب. وأما إذا أبيتما بأني أدعو الله
فلا تجزعا من أن يدعو عليكما رجل ساحر من قوم سحرة زعمتما. [ثم قال] اللهم اقعص
الزبير شر قتلة واسفك دمه على ضلالة وعرف طلحة المذلة وادخر لهما في الآخرة شرا من
ذلك إن كانا ظلماني وافتريا علي وكتما شهادتهما وعصياني وعصيا رسولك في قل آمين.
قال خداش آمين ثم قال خداش لنفسه والله ما رأيت لحية قط أبين خطأ منك حامل حجة
ينقض بعضها بعضا لم يجعل الله لها سماكا أنا أبرأ إلى الله منهما. [ثم] قال علي
عليه السلام: إرجع إليهما وأعلمهما ما قلت: قال: لا والله حتى تسأل الله أن يردني
إليك عاجلا وأن يوفقني لرضاه فيك ! ! ففعل فلم يلبث أن انصرف وقتل معه يوم الجمل
رحمه الله.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 32 / صفحة [ 128 ]
تاريخ النشر : 2025-08-24