العدة ، عن
البرقي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن القاسم ، عن حنان بن السراج ، عن داود بن
سليمان الكسائي ، عن أبي الطفيل ، قال : شهدت جنازة أبي بكر يوم مات ، وشهدت عمر
حين بويع وعلي عليه السلام جالس ناحية ، فأقبل غلام يهودي جميل الوجه ، بهي ،
عليه ثياب حسان ـ وهو من ولد هارون ـ حتى قام على رأس عمر ، فقال : يا أمير
المؤمنين! أنت أعلم هذه الأمة بكتابهم وأمر نبيهم؟. قال : فطأطأ عمر رأسه ، فقال :
إياك أعني .. وأعاد عليه القول ، فقال له عمر : لم ذاك؟. قال : إني جئتك مرتادا
لنفسي ، شاكا في ديني. فقال : دونك هذا الشاب.
قال : ومن هذا الشاب؟. قال : هذا
علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهذا أبو الحسن والحسين
ابني رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهذا زوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه
وآله ، فأقبل اليهودي على علي عليه السلام فقال : أكذلك أنت؟!. فقال :نعم.
قال : إني أريد
أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة.
قال : فتبسم
أمير المؤمنين عليه السلام من غير تبسم ، فقال يا هاروني! ما منعك أن تقول سبعا؟.
قال : أسألك عن ثلاث ، فإن أجبتني سألت عما بعدهن ، وإن لم تعلمهن علمت أنه ليس
فيكم عالم.
قال علي عليه السلام
: فإني أسألك بالإله الذي تعبده لئن أنا أجبتك في كل ما تريد لتدعن دينك ولتدخلن
في ديني؟.
قال : ما جئت
إلا لذاك.
قال : فسل؟.
قال : أخبرني عن
أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض ، أي قطرة هي؟ وأول عين فاضت على وجه الأرض ، أي
عين هي؟ وأول شيء اهتز على وجه الأرض ، أي شيء هو؟.
فأجابه أمير
المؤمنين عليه السلام فقال : أخبرني عن الثلاث الأخر ، أخبرني عن محمد ، كم له من
إمام عادل؟. وفي أي جنة يكون؟ ومن يساكنه معه في جنته ؟.
قال : يا
هاروني! إن لمحمد صلى الله عليه وآله اثني عشر إمام عدل لا يضرهم خذلان من
خذلهم ، ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم ، وإنهم في الدين أرسب من الجبال الرواسي في
الأرض ، ومسكن محمد في جنته ، معه أولئك الاثنا عشر الإمام العدل.
فقال : صدقت
والله الذي لا إله إلا هو ، إني لأجدها في كتب أبي هارون ، كتبه بيده وأملاه موسى
عمي عليه السلام.
قال : فأخبرني
عن الواحدة؟ أخبرني عن وصي محمد كم يعيش من بعده؟ وهل يموت أو يقتل؟.
قال : يا
هاروني! يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوما ولا ينقص يوما ، ثم يضرب ضربة هاهنا ـ
يعني على قرنه ـ فيخضب هذه من هذا.
قال : فصاح
الهاروني وقطع كستيجه ، وهو يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله ، وأنك وصيه ، ينبغي أن
تفوق ولا تفاق ، وأن تعظم ولا تستضعف.
قال : ثم مضى به
علي عليه السلام إلى منزله فعلمه معالم الدين.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 30 / صفحة [ 103 ]
تاريخ النشر : 2025-08-10