أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/إمامة الائمة الاثني عشر عليهم السلام/إمامة محمد بن الحسن المهدي عليه السلام/الإمام المهدي (عليه السلام)
عن سعد بن عبد
الله الاشعري عن الشيخ الصدوق أحمد بن إسحاق بن سعد الاشعري رحمة الله عليه انه
جاءه بعض أصحابنا يعلمه بأن جعفر بن علي كتب إليه كتابا يعرفه نفسه ويعلمه أنه
القيم بعد أخيه وأن عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج اليه وغير ذلك من العلوم
كلها ، قال أحمد بن إسحاق : فلما قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان عليه السلام
وصيرت كتاب جعفر في درجه فخرج إلي الجواب في ذلك :
بسم الله
الرحمان الرحيم أتاني كتابك أبقاك الله ، والكتاب الذي في درجه وأحاطت معرفتي
بجميع ما تضمنه على اختلاف ألفاظه وتكرر الخطاء فيه ، ولو تدبرته لوقفت على بعض ما
وقفت عليه منه والحمد لله رب العالمين حمدا لا شريك له على إحسانه إلينا وفضله
علينا ، أبي الله عزوجل للحق إلا تماما وللباطل إلا زهوقا وهو شاهد علي بما أذكره
ولي عليكم بما أقوله إذا اجتمعنا بيوم لا ريب فيه وسئلنا عما نحن فيه مختلفون وانه
لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعا امامة
مفترضة ولا طاعة ولا ذمة ، وسابين لكم جملة تكتفون بها انشاء الله.
يا هذا يرحمك
الله إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا ولا أهملهم سدى ، بل خلقهم بقدرته ، وجعل
لهم أسماعا وأبصارا وقلوبا وألبابا ، ثم بعث إليهم النبيين مبشرين ومنذرين
يأمرونهم بطاعته وينهونهم عن معصيته ، ويعرفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم ،
وأنزل عليهم كتابا وبعث إليهم ملائكة وباين بينهم وبين من بعثهم إليهم بالفضل الذي
لهم عليهم ، وما آتاهم من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة والآيات الغالبة.
فمنهم من جعل
عليه النار بردا وسلاما واتخذه خليلا ، ومنهم من كلمه تكليما وجعل عصاه ثعبانا
مبينا ، ومنهم من أحيى الموتى باذن الله وأبرأ الاكمه والابرص باذن الله ، ومنهم
من علمه منطق الطير واوتي من كل شئ ، ثم بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة
للعالمين وتم به نعمته وختم به أنبياءه وأرسله إلى الناس كافة ، وأظهر من صدقه ما
ظهر ، وبين من آياته وعلاماته ما بين.
ثم قبضه صلى الله
عليه وآله حميدا فقيدا سعيدا ، وجعل الامر من بعده إلى أخيه وابن عمه ووصيه
ووارثه علي بن أبي طالب عليه السلام ، ثم إلى الاوصياء من ولده واحد بعد واحد ،
أحيى بهم دينه وأتم بهم نوره وجعل بينهم وبين إخوتهم وبني عمهم والادنين فالادنين
من ذوي أرحامهم فرقا بينا تعرف به الحجة من المحجوج ، والامام من المأموم بأن
عصمهم من الذنوب ، وبرأهم من العيوب ، وطهرهم من الدنس ونزههم من اللبس وجعلهم
خزان علمه ومستودع حكمته وموضع سره ، وأيدهم بالدلائل ولولا ذلك لكان الناس على
سواء ، ولا دعى أمر الله عزوجل كل واحد ولما عرف الحق من الباطل ولا العلم من
الجهل ، وقد ادعى هذا المبطل المدعي على الله الكذب بما ادعاه.
فلا أدري بأية
حالة هي له رجاء أن يتم دعواه؟ أبفقه في دين الله؟ فوالله ما يعرف حلالا من حرام
ولا يفرق بين خطأ وصواب ، أم بعلم؟ فما يعلم حقا من باطل ولا محكما من متشابه ولا
يعرف حد الصلاة ووقتها ، أم بورع فالله شهد على تركه لصلاة الفرض أربعين يوما ،
يزعم ذلك لطلب الشعبدة، ولعل خبره تأدى إليكم وهاتيك طرق منكرة منصوبة وآثار
عصيانه لله عزوجل مشهورة قائمة.
أم بآية؟ فليآت
بها ، أم بحجة؟ فليقمها ، أم بدلالة؟ فليذكرها ، قال الله عزوجل في كتابه العزيز :
بسم الله الرحمن
الرحيم ، حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ، ما خلقنا السموات والارض وما
بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما انذروا معرضون ، قل أرأيتم ما تدعون
من دون الله أروني ماذا خلقوا من الارض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من
قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين ، ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا
يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء
وكانوا بعبادتهم كافرين.
فالتمس تولى
الله توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك وامتحنه واسأله عن آية من كتاب الله يفسرها
أو صلاة يبين حدودها وما يجب فيهما لتعلم حاله ومقداره ، ويظهر لك عواره ونقصانه ،
والله حسيبه ، حفظ الله الحق على أهله وأقره في مستقره وقد أبى الله عزوجل أن تكون
الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام ، وإذا أذن الله لنا في القول
الحق واضمحل الباطل وانحسر عنكم ، وإلى الله أرغب في الكفاية وجميل الصنع والولاية
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 25 / صفحة [ 182 ]