التفسير بالمأثور/الامامة/الإمام الكاظم (عليه السلام)
الكافي علي بن
محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي عليه
السلام قال : سألته عن قول الله جل وعز ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئوُا نُورَ اللهِ
بِأَفْواهِهِمْ ) قال يريدون ليطفئوا ولاية
أمير المؤمنين عليه السلام بأفواههم قلت ( وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ ) قال
والله متم الإمامة لقوله عز وجل : الذين آمنوا ( بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ
الَّذِي أَنْزَلْنا ) فالنور هو الإمام قلت ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ
بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ ) قال هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيه والولاية هي
دين الحق قلت ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) قال يظهره على جميع الأديان
عند قيام القائم قال يقول الله والله متم ولاية القائم ( وَلَوْ كَرِهَ
الْكافِرُونَ ) بولاية علي عليه السلام قلت هذا تنزيل قال نعم أما هذا الحرف
فتنزيل وأما غيره فتأويل قلت ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ) قال إن
الله تبارك وتعالى سمى من لم يتبع رسوله في ولاية وصيه منافقين وجعل من جحد وصيه
إمامته كمن جحد محمدا وأنزل بذلك قرآنا فقال يا محمد ( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ
) بولاية وصيك ( قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ
إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ ) بولاية علي (
لَكاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ )
والسبيل هو الوصي ( إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ
آمَنُوا ) برسالتك وكفروا بولاية وصيك فطبع الله ( عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا
يَفْقَهُونَ ) قلت ما معنى ( لا يَفْقَهُونَ ) قال يقول لا يعقلون بنبوتك قلت (
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ ) قال وإذا قيل
لهم ارجعوا إلى ولاية علي يستغفر لكم النبي من ذنوبكم ( لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ )
قال الله ( وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ ) عن ولاية علي ( وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ )
عليه ثم عطف القول من الله بمعرفته بهم فقال ( سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ
لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ ) يقول الظالمين لوصيك قلت ( أَفَمَنْ يَمْشِي
مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ
) قال إن الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره وجعل
من تبعه سويا على صراط مستقيم والصراط المستقيم
أمير المؤمنين عليه السلام قال قلت قوله ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ
كَرِيمٍ ) قال يعني جبرئيل عن الله في ولاية علي قال قلت ( وَما هُوَ بِقَوْلِ
شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ ) قال قالوا إن محمدا كذاب على ربه وما أمره الله
بهذا في علي فأنزل الله بذلك قرآنا فقال إن ولاية علي عليه السلام ( تَنْزِيلٌ
مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا ) محمد ( بَعْضَ الْأَقاوِيلِ
لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ) ثم عطف
القول فقال إن ولاية علي ( لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) للعالمين ( وَإِنَّا
لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ) وإن عليا ( لَحَسْرَةٌ عَلَى
الْكافِرِينَ ) وإن ولايته ( لَحَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ ) يا محمد ( بِاسْمِ
رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) يقول اشكر ربك العظيم الذي أعطاك هذا الفضل قلت قوله (
لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ ) قال الهدى الولاية آمنا بمولانا فمن آمن
بولاية مولاه ( فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً ) قلت تنزيل قال لا تأويل قلت
قوله ( إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً ) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا الناس إلى ولاية علي
فاجتمعت إليه قريش فقالوا يا محمد أعفنا من هذا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله هذا إلى الله ليس إلي
فاتهموه وخرجوا من عنده فأنزل الله ( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا
رَشَداً قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ ) إن عصيته ( أَحَدٌ وَلَنْ
أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ ) في علي
قلت هذا تنزيل قال نعم ثم قال توكيدا ( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ ) في
ولاية علي ( فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ) قلت ( حَتَّى
إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ
عَدَداً ) قال يعني بذلك القائم وأنصاره قلت ( وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ ) قال
يقولون فيك ( وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً وَذَرْنِي ) يا محمد (
وَالْمُكَذِّبِينَ ) بوصيك ( أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً ) قلت إن
هذا تنزيل قال نعم قلت ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ) قال
يستيقنون أن الله ورسوله ووصيه حق قلت ( وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً )
قال يزدادون بولاية الوصي إيمانا قلت ( وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ
وَالْمُؤْمِنُونَ ) قال بولاية علي قلت ما هذا الارتياب قال يعني بذلك أهل الكتاب
والمؤمنين الذين ذكر الله فقال ولا يرتابون في الولاية قلت ( وَما هِيَ إِلاَّ
ذِكْرى لِلْبَشَرِ ) قال نعم ولاية علي قلت ( إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ ) قال
الولاية قلت ( لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ) قال من
تقدم إلى ولايتنا أخر عن سقر ومن تأخر عنا تقدم إلى سقر إلا أصحاب اليمين قال هم
والله شيعتنا قلت ( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) قال إنا لم نتول وصي محمد
والأوصياء من بعده ولا يصلون عليهم قلت ( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ
مُعْرِضِينَ ) قال عن الولاية معرضين قلت ( كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ ) قال
الولاية قلت قوله ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) قال يوفون لله بالنذر الذي أخذ عليهم
في الميثاق من ولايتنا قلت ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ
تَنْزِيلاً ) قال بولاية علي تنزيلا قلت هذا تنزيل قال نعم هذا تأويل قلت ( إِنَّ
هذِهِ تَذْكِرَةٌ ) قال الولاية قلت ( يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ ) قال
في ولايتنا قال ( وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً ) ألا ترى أن
الله يقول ( وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) قال إن
الله أعز وأمنع من أن يظلم أو أن ينسب نفسه إلى ظلم ولكن الله خلطنا بنفسه فجعل
ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته ثم أنزل بذلك قرآنا على نبيه فقال ( وَما ظَلَمْناهُمْ
) ولكن كانوا أنفسهم يظلمون قلت هذا تنزيل قال نعم قلت ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ ) قال يقول ويل للمكذبين يا محمد بما أوحيت إليك من ولاية علي (
أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ ) قال (
الْأَوَّلِينَ ) الذين كذبوا الرسل في طاعة الأوصياء ( كَذلِكَ نَفْعَلُ
بِالْمُجْرِمِينَ ) قال من أجرم إلى آل محمد وركب من وصيه ما ركب قلت ( إِنَّ
الْمُتَّقِينَ ) قال نحن والله وشيعتنا ليس على ملة إبراهيم غيرنا وسائر الناس
منها براء قلت ( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا
يَتَكَلَّمُونَ ) الآية قال نحن والله المأذون لهم يوم القيامة والقائلون صوابا
قلت ما تقولون إذا تكلمتم قال نمجد ربنا ونصلي على نبينا ونشفع لشيعتنا فلا يردنا
ربنا قلت ( كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ) قال هم الذين فجروا
في حق الأئمة واعتدوا عليهم قلت ثم يقال ( هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ
تُكَذِّبُونَ ) قال يعني أمير المؤمنين قلت تنزيل قال نعم.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 24 / صفحة [ 336 ]
تاريخ النشر : 2025-03-08