لم تتعرض مدينة في العالم الحديث الى تدمير مستمر مثلما تعرضت له المدن الحدودية في العراق ، ولا سيما البصرة الفيحاء ، فلقد وقعت هذه المدن تحت مطرقة المزاج العبثي ايام الدكتاتورية ، فكانت جبهة عسكرية في الحرب العراقية الايرانية او في حرب اجتياح الكويت او اثناء دخول القوات الامريكية ؛ فلقد وقع العبء الاكبر من هذه الحروب على البصرة التي يفترض ان تكون ميناءً عالميا ، ومرفأ سياحيا ، لا نافذة للحرب والرصاص .
كلما زرت البصرة أدقق النظر لعلي اجد شيئا قد تغير باتجاه انتشالها من الحرمان والاهمال ؛ ولعل ما يوجب على الجهات المعنية كي تسارع باعمارها هو ان البصرة مدينة مقصودة عربيا وعالميا ، فليس من المعقول ان تكون اكبر مدينة رياضية عراقية في البصرة ، وهذه المدينة تستقطب العرب والاجانب ، لكن الطريق من مركز البصرة او من ضواحيها الى المدينة الرياضية مهمل تماما ومليء بالحفر والمطبات ، كما ان مناسبة كبيرة تستقطب العرب والاجانب من كل حدب وصوب ، واعني مهرجان المربد الشعري ، لكن ما ان يخرج الزائر من فندق الشيراتون حتى يصطدم بسوء الخدمات على كل المستويات .
مدينة بهذا المستوى من الأهمية ، وبما تحمله من تاريخ وثقل علمي وادبي ومعرفي ، لابد ان تنتشل من يد الاهمال والعبث ، ولا بد لأهلها من عيش كريم ، لأن كل العراق يأكل من تنور البصرة بينما اهلها يعانون من ابسط حقوق المواطنة والعيش الكريم ؛ فليس من المعقول ان تبقى البصرة بنفطها الغزير وثرواتها الزراعية ، منسية او تعاني من كثرة الوعود وقلة التنفيذ ؛ لقد جاء الى البصرة ادباء من مختلف انحاء العالم ، وكم تمنينا ان نصطحبهم الى اماكن تم انتشالها من يد الاهمال وتم تعميرها بعد خراب ، لكي نقول للعالم اننا اعدنا الحياة للحياة في البصرة ، لكن غصة في القلب تنبض ونحن نحاول مجرد التفكير في ذلك .
والآن ، والصيف على الابواب ، ولا شيء في الافق عن تحسن الكهرباء في البصرة ، ولا عن تحلية المياه فيها ، لنا ان نتساءل عن خطة زمنية ممنهجة لانتشال البصرة واهلها من عذابات الصيف ، ومن نقص الخدمات ، فليس من المعقول ان نبقى نتفرج على حال البصرة وننتظر مرة اخرى ذروة تظاهراتها ، وبعدها يأتي الشتاء ونبقى في هذه الدوامة كل عام ، لابد من خطة مرسومة بدقة ، ومعلنة باوقات الانجاز والتنفيذ ، لكي يتنفس المواطن البصري شيئا من الأمل في مدينة صار ابناؤها اكثر عرضة للامراض الخطيرة بسبب مخلفات الحروب ، فكيف للمريض من دون خدمات او مستشفيات ، او حتى حقه البسيط في الماء والكهرباء .







وائل الوائلي
منذ 6 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN