أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الفقه وقواعده/القضاء والشهادات/الإمام علي (عليه السلام)
من المجموع: قال شريح القاضي: كنت أقضي لعمر بن الخطاب، فأتاني يوما رجل، فقال: يا أبا أمية إن رجلا أودعني امرأتين إحداهما حرة مهيرة والأخرى سرية، فجعلتهما في دار وأصبحت اليوم وقد ولدتا غلاما وجارية، وكلتاهما تدعي الغلام وتنتفي من الجارية، فاقض بينهما بقضائك، فلم يحضرني شئ فيهما، فأتيت عمر فقصصت عليه القصة، فقال: فبما قضيت بينهما؟ قلت: لو كان عندي قضاؤهما ما أتيتك، فجمع عمر جميع من حضره من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، وأمرني فقصصت عليهم ما جئت به، وشاورهم فيه، فكلهم رد الرأي إلي وإليه، فقال عمر: لكن أعرف حيث مفزعها وأين منزعها ، قالوا: كأنك أردت ابن أبي طالب، قال: نعم وأين المذهب عنه؟ قالوا: فابعث إليه يأتيك، فقال:
لا، ثم شجنة من هاشم وأثرة من علم يؤتى لها ولا يأتي، وفي بيته يؤتى الحكم ، فقوموا بنا إليه، فأتينا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فوجدناه في حائط له يركل فيه على مسحاة ويقرأ ﴿أيحسب الانسان أن يترك سدى﴾ ويبكي، فأمهلوه حتى سكن، ثم استأذنوا عليه، فخرج إليهم وعليه قميص قد نصف أردانه، فقال يا أمير المؤمنين ما الذي جاء بك؟ فقال: أمر عرض، وأمرني، فقصصت عليه القصة، فقال: (فبم حكمت فيها؟) قلت:
لم يحضرني فيها حكم، فأخذ بيده من الأرض شيئا، ثم قال: (الحكم فيها أهون من هذا) ثم استحضر المرأتين وأحضر قدحا ثم دفعه إلى إحداهما، فقال:
(احلبي فيه) فحلبت فيه، ثم وزن القدح ودفعه إلى الأخرى، فقال:
(احلبي فيه) فحلبت فيه، ثم وزنه، فقال لصاحبة اللبن الخفيف: (خذي ابنتك) ولصاحبة اللبن الثقيل: (خذي ابنك) ثم التفت إلى عمر فقال:
(أما علمت أن الله تعالى حط المرأة عن الرجل، فجعل عقلها وميراثها دون عقله وميراثه، وكذلك لبنها دون لبنه؟) فقال له عمر: لقد أرادك الحق يا أبا الحسن، ولكن قومك أبوا، فقال: (خفض عليك أبا حفص (إن يوم الفصل كان ميقاتا).
يقول علي بن موسى بن طاووس: ورأيت في كتاب (من قدمه علمه) تأليف هلال بن المحسن الصابي في حديث طويل عن بعض الكتاب وقد سئل عن هذه المسألة: أن مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام سبق إلى الجواب عنها، وذكر عن اللبن ما ذكره عليه السلام.
المصدر : الملاحم والفتن (التشريف بالمنن في التعريف بالفتن)
المؤلف : رضي الدين علي بن طاووس
الجزء والصفحة : ص 354
تاريخ النشر : 2024-10-16