كتب التفسير/التفسير المنسوب للامام العسكري (عليه السلام)/الجنة والنار
قوله تعالى: " وقالوا لن تمسنا النار
إلا أياما معدودة " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن ولاية علي حسنة
لا تضر معها شئ من السيئات وإن جلت إلا ما يصيب أهلها من التطهير منها بمحن الدنيا
وببعض العذاب في الآخرة إلى أن ينجوا منها بشفاعة مواليهم الطيبين الطاهرين، وإن ولاية
أضداد علي ومخالفة علي عليه السلام سيئة لا تنفع معها شئ إلا ما ينفعهم بطاعاتهم في
الدنيا بالنعم والصحة والسعة فيردوا الآخرة ولا يكون لهم إلا دائم العذاب، ثم قال:
إن من جحد ولاية علي عليه السلام لا يرى بعينه الجنة أبدا إلا ما يراه مما يعرف به
أنه لو كان يواليه لكان ذلك محله ومأواه فيزداد حسرات وندمات، وإن من تولى عليا وتبرأ
من أعدائه وسلم لأوليائه لا يرى النار بعينه إلا ما يراه فيقال له: لو كنت على غير
هذا لكان ذلك مأواك، وإلا ما يباشره فيها إن كان مسرفا على نفسه بما دون الكفر إلى
أن ينظف بجهنم كما ينظف القذر بدنه بالحمام، ثم ينقل عنها بشفاعة مواليه. ثم قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: اتقوا الله معاشر الشيعة فإن الجنة لن تفوتكم وإن أبطأت بها
عنكم قبائح أعمالكم فتنافسوا في درجاتها، قيل فهل يدخل جهنم أحد من محبيك ومحبي علي
عليه السلام ؟ قال: من قذر نفسه بمخالفة محمد وعلي، وواقع المحرمات، وظلم المؤمنين
والمؤمنات، وخالف ما رسم له من الشريعات جاء يوم القيامة قذرا طفسا، يقول محمد وعلي
عليهما السلام: يا فلان أنت قذر طفس لا تصلح لمرافقة الاخيار، ولا لمعانقة الحور الحسان،
ولا الملائكة المقربين، لا تصل إلى هناك إلا بأن يطهر عنك ما ههنا، - يعني ما عليك
من الذنوب - فيدخل إلى الطبق الاعلى من جهنم فيعذب ببعض ذنوبه، ومنهم من يصيبه الشدائد
في المحشر ببعض ذنوبه ثم يلتقطة (يلقطه خ ل) من هنا من يبعثهم إليه مواليه من خيار
شيعتهم كما يلقط الطير الحب، ومنهم من يكون ذنوبه أقل وأخف فيطهر منها بالشدائد والنوائب
من السلاطين وغيرهم، ومن الآفات في الابدان في الدنيا ليدلي في قبره وهو طاهر، ومنهم
من يقرب موته وقد بقيت عليه سيئة فيشتد نزعه فيكفر به عنه، فإن بقي شئ وقويت عليه ويكون
عليه بطر أو اضطراب في يوم موته فيقل من بحضرته فيلحقه به الذل فيكفر عنه، فإن بقي
عليه شئ اتي به ولما يلحد فيتفرقون عنه فتطهر، فإن كانت ذنوبه أعظم وأكثر طهر منها
بشدائد عرصات يوم القيامة، فإن كانت أكثر وأعظم طهر منها في الطبق الاعلى من جهنم،
وهؤلاء أشد محبينا عذابا، وأعظمهم ذنوبا، إن هؤلاء لا يسمون بشيعتنا ولكن يسمون بمحبينا
والموالين لأوليائنا والمعادين لأعدائنا، إنما شيعتنا من شيعنا واتبع آثارنا واقتدى
بأعمالنا.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 8 / صفحة [ 352 ]
تاريخ النشر : 2024-09-09