أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير مجمع البيان
قال الطبرسي رحمه الله في قوله
تعالى: " واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون ": أي حين بعث
الله إليهم المرسلين " إذ أرسلنا إليهم
اثنين " أي رسولين من رسلنا " فكذبوهما " قال ابن عباس:
ضربوهما وسجنوهما " فعززنا بثالث " أي فقوينا وشددنا ظهورهما برسول
ثالث، قال شعبة: كان اسم الرسولين شمعون
ويوحنا، والثالث بولس، وقال ابن عباس وكعب: صادق وصدوق،
والثالث سلوم، وقيل: إنهم رسل عيسى وهم الحواريون، عن وهب وكعب، قالا: وإنما أضافهم
إلى نفسه لان عيسى عليه السلام أرسلهم بأمره " فقالوا إنا إليكم مرسلون * قالوا
" يعني أهل القرية: " ما أنتم إلا بشر مثلنا " فلا تصلحون للرسالة
" وما أنزل الرحمن من شئ إن أنتم إلا تكذبون *
قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون " وإنما قالوا
ذلك بعد ما قامت الحجة بظهور المعجزة فلم يقبلوها " وما علينا إلا البلاغ المبين
* قالوا " أي هؤلاء الكفار: " إنا تطيرنا بكم " أي تشاءمنا بكم
" لئن لم تنتهوا لنرجمنكم " بالحجارة أو
لنشتمنكم " وليمسنكم منا عذاب أليم * قالوا " يعني الرسل:
" طائركم معكم " أي الشؤم كله معكم بإقامتكم على الكفر بالله تعالى
" أئن ذكرتم " أي أئن ذكرتم قلتم هذا
القول، وقيل: معناه: لئن ذكرناكم هددتمونا وهو مثل الاول،
وقيل: معناه: إن تدبرتم عرفتم صحة ما قلناه لكم " بل أنتم قوم مسرفون " معناه:
ليس فينا ما يوجب التشاؤم بنا، ولكنكم متجاوزون عن الحد في التكذيب للرسل والمعصية
" وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى " وكان اسمه حبيبا النجار، عن ابن عباس وجماعة
من المفسرين، وكان قد آمن بالرسل عند ورودهم القرية، وكان منزله عند أقصى باب
من أبواب المدينة، فلما بلغه أن قومه قد كذبوا الرسل وهموا بقتلهم جاء يعدو ويشتد
" قال يا قوم اتبعوا المرسلين " وإنما علم نبوتهم لانهم لما دعوه قال: أتأخذون
على ذلك أحرا ؟ قالوا: لا، وقيل: إنه كان به زمانة أو جذام فأبرأه فآمن بهم،
عن ابن عباس. " اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون
" قيل: فلما قال هذا أخذوه فرفعوه إلى الملك،
فقال له الملك: أفأنت تتبعهم ؟ قال: " وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون
" أي تردون عند البعث " ءأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر "
أي إن أراد الله إهلاكي والاضرار بي " لا تغن
عني شفاعتهم شيئا " أي لا تدفع شفاعتهم عني شيئا " ولا
ينقذون " ولا يخلصوني من ذلك " إني إذا لفي ضلال مبين * إني آمنت بربكم
فاسمعون " أي فاسمعوا قولي واقبلوه. ثم إن
قومه لما سمعوا ذلك القول منه وطئوه بأرجلهم حتى مات،
فأدخله الله الجنة وهو حي فيها يرزق وهو قوله: " قيل ادخل الجنة " وقيل:
رجموه حتى قتلوه عن قتادة، وقيل إن القوم لما
أرادوا أن يقتلوه رفعه الله إليه فهو في الجنة
ولا يموت إلا بفناء الدنيا وهلاك الجنة، عن الحسن ومجاهد، وقالا: إن الجنة التي
دخلها يجوز هلاكها، وقيل: إنهم قتلوه إلا أن الله سبحانه أحياه وأدخله الجنة، فلما
دخلها قال: " ياليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي " تمنى أن يعلم قومه
ما أعطاه الله من المغفرة وجزيل الثواب
ليرغبوا في مثله ويؤمنوا لينالوا ذلك " وجعلني من
المكرمين " أي من المدخلين الجنة. ثم حكى سبحانه ما أنزله بقومه من العذاب
فقال: " وما أنزلنا على قومه من بعده
" أي من بعد قتله أو رفعه " من جند من السماء " يعني الملائكة،
أي لم ننتصر منهم بجند من السماء " وما كنا منزلين " أي وما كنا ننزلهم
على الامم إذا أهلكناهم، و قيل: معناه: وما أنزلنا على قومه من بعده رسالة من
السماء قطع الله عنهم الرسالة حين قتلوا رسله " إن كانت إلا صيحة واحدة
" أي كان إهلاكهم عن آخرهم بأيسر أمر صيحة واحدة
حتى هلكوا بأجمعهم " فإذا هم خامدون " أي ساكنون
قد ماتوا قيل: إنهم لما قتلوا حبيب بن موسى النجار غضب الله عليهم، فبعث جبرئيل حتى
أخذ بعضادتي باب المدينة ثم صاح بهم صيحة فماتوا عن آخرهم لا يسمع لهم حس كالنار
إذا طفئت. انتهى.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 14 / صفحة [242]