أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير علي ين ابراهيم
" وإلى عاد أخاهم هودا " قال يا قوم
اعبدوا الله مالكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون * يا قوم لا أسألكم عليه أجرا
إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون " قال: إن عادا " كانت بلادهم
في البادية من الشقوق إلى الأجفر أربعة
منازل، وكان لهم ذرع ونخل كثير، ولهم أعمار طويلة
وأجسام طويلة، فعبدوا الأصنام، وبعث الله إليهم هودا " يدعوهم إلى الإسلام وخلع
الأنداد فأبوا ولم يؤمنوا بهود وآذوه، فكف السماء عنهم سبع سنين حتى قحطوا، وكان
هود زراعا " وكان يسقي الزرع فجاء قوم إلى بابه يريدونه، فخرجت عليهم امرأته شمطاء
عوراء فقالت: من أنتم ؟ فقالوا: نحن من بلاد كذا وكذا، أجدبت بلادنا فجئنا إلى
هود نسأله أن يدعو الله لنا حتى تمطر وتخصب بلادنا، فقالت: لو استجيب لهود لدعا لنفسه
فقد احترق زرعه لقلة الماء، قالوا: فأين هو ؟ قالت: هو في موضع كذا وكذا، فجاؤوا
إليه فقالوا: يا نبي الله قد أجدبت بلادنا ولم نمطر فاسأل الله أن تخصب بلادنا
ونمطر، فتهيأ للصلاة وصلى ودعا لهم فقال لهم: ارجعوا فقد امطرتم فأخصبت
بلادكم، فقالوا: يا نبي الله إنا رأينا عجبا، قال: وما رأيتم ؟ قالوا: رأينا في
منزلك امرأة شمطاء عوراء، قالت لنا: من أنتم ؟ ومن تريدون ؟ قلنا: جئنا إلى نبي الله
هود ليدعو الله لنا فنمطر، فقالت: لو كان هود داعيا " لدعا لنفسه فإن زرعه قد احترق،
فقال هود: ذاك امرأتي وأنا أدعو الله لها بطول البقاء، فقالوا: فكيف ذلك ؟
قال: لأنه ما خلق الله مؤمنا إلا وله عدو يؤذبه وهي عدوتي، فلئن يكون عدوي ممن أملكه
خير من أن يكون عدوي ممن يملكني، فبقي هود في قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن
عبادة الأصنام حتى تخصب بلادهم وأنزل الله عليهم المطر وهو قوله عزوجل: " ويا
قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا " ويزدكم قوة إلى قوتكم
ولا تتولوا مجرمين " فقالوا كما حكى الله عزوجل: " يا هود ما جئتنا
ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك
بمؤمنين " إلى آخر الآية، فلما لم يؤمنوا أرسل
الله عليهم الريح الصرصر يعني الباردة وهو قوله في سورة القمر: " كذبت عاد فكيف
كان عذابي ونذر * إنا أرسلنا عليهم ريحا " صرصرا في يوم نحس مستمر "
وحكى في سورة الحاقة فقال: " وأما عاد
فاهلكوا بريح صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية
أيام حسوما " قال: كان القمر منحوسا " بزحل سبع ليال وثمانية أيام،
فحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن
سنان، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: الريح العقب تخرج من تحت الأرضين السبع وما خرج منها شئ قط إلا على قوم عاد
حين غضب عليهم، فأمر الخزان أن يخرجوا منها مثل سعة الخاتم فعصت على الخزنة فخرج
منها مثل مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد، فضج الخزنة إلى الله من ذلك
وقالوا: يا ربنا إنها قد عتت علينا ونحن نخاف أن يهلك من لم يعصك من خلقك وعمار
بلادك فبعث الله جبرئيل فردها بجناحه وقال لها: اخرجي على ما أمرت به، فرجعت وخرجت
على ما أمرت به فأهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 11 / صفحة [350]
تاريخ النشر : 2024-08-12