أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الفقه وقواعده/الخمس والانفال/الإمام الكاظم (عليه السلام)
علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن
بعض أصحابنا، عن العبد الصالح عليه السلام قال: الخمس من خمسة أشياء من الغنائم
والغوص ومن الكنوز ومن المعادن والملاحة يؤخذ من كل هذه الصنوف الخمس، فيجعل لمن
جعله الله تعالى له ويقسم الأربعة الأخماس بين من قاتل عليه وولي ذلك ويقسم بينهم
الخمس على ستة أسهم سهم لله وسهم لرسول الله وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم
للمساكين وسهم لأبناء السبيل.
فسهم الله وسهم رسول الله لأولي الامر من بعد رسول
الله صلى الله عليه وآله وراثة فله ثلاثة أسهم: سهمان وراثة وسهم مقسوم له من الله
وله نصف الخمس كملا ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته، فسهم لأيتامهم وسهم لمساكينهم
وسهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم على الكتاب والسنة ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل
عنهم شئ، فهو للوالي وإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده
بقدر ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل عنهم شئ فهو للوالي وإن عجز أو نقص عن
استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به وإنما صار عليه أن
يمونهم لان له ما فضل عنهم.
وإنما جعل الله هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين الناس
وأبناء سبيلهم، عوضا لهم من صدقات الناس، تنزيها من الله لقرابتهم برسول الله صلى
الله عليه وآله وكرامة من الله لهم عن أوساخ الناس، فجعل لهم خاصة من عنده ما
يغنيهم به عن أن يصيرهم في موضع الذل والمسكنة، ولا بأس بصدقات بعضهم على بعض
وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي صلى الله عليه وآله الذين ذكرهم
الله فقال: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] وهم بنو عبد المطلب أنفسهم، الذكر منهم والأنثى، ليس
فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من العرب أحد ولا فيهم ولا منهم في هذا الخمس من
مواليهم وقد تحل صدقات الناس لمواليهم وهم والناس سواء ومن كانت أمه من بني هاشم و
أبوه من سائر قريش فإن الصدقات تحل له وليس له من الخمس شئ لان الله تعالى يقول: {ادْعُوهُمْ
لِآبَائِهِمْ } [الأحزاب: 5] وللامام
صفو المال: أن يأخذ من هذه الأموال صفوها الجارية الفارهة والدابة الفارهة والثوب
والمتاع بما يحب أو يشتهي فذلك له قبل القسمة وقبل إخراج الخمس وله أن يسد بذلك
المال جميع ما ينوب من مثل إعطاء المؤلفة قلوبهم وغير ذلك مما ينوبه، فإن بقي بعد
ذلك شئ أخرج الخمس منه فقسمه في أهله وقسم الباقي على من ولي ذلك وإن لم يبق بعد
سد النوائب شئ، فلا شئ لهم وليس لمن قاتل شئ من الأرضين ولا ما غلبوا عليه إلا ما
احتوى عليه العسكر.
وليس للأعراب من القسمة شئ وإن قاتلوا مع الوالي، لان
رسول الله صلى الله عليه وآله صالح الاعراب أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على
أنه إن دهم رسول الله صلى الله عليه وآله من عدوه دهم أن يستنفرهم ، فيقاتل بهم
وليس لهم في الغنيمة نصيب وسنته جارية فيهم وفي غيرهم والأرضون التي أخذت عنوة
بخيل ورجل فهي موقوفة متروكة في يد من يعمرها ويحييها ويقوم عليها على ما يصالحهم
الوالي على قدر طاقتهم من الحق النصف [أ] والثلث [أ] والثلثين وعلى قدر ما يكون
لهم صلاحا ولا يضرهم، فإذا أخرج منها ما أخرج بدأ فأخرج منه العشر من الجميع مما
سقت السماء أو سقي سيحا ونصف العشر مما سقي بالدوالي والنواضح فأخذه الوالي، فوجهه
في الجهة التي وجهها الله على ثمانية أسهم للفقراء والمساكين والعاملين عليها
والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ثمانية أسهم،
يقسم بينهم في مواضعهم بقدر ما يستغنون به في سنتهم بلا ضيق ولا تقتير، فإن فضل من
ذلك شئ رد إلى الوالي و إن نقص من ذلك شئ ولم تكتفوا به كان على الوالي أن يمونهم
من عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا ويؤخذ بعد ما بقي من العشر، فيقسم بين الوالي وبين
شركائه الذين هم عمال الأرض وأكرتها، فيدفع إليهم أنصباؤهم على ما صالحهم عليه
ويؤخذ الباقي فيكون بعد ذلك أرزاق أعوانه على دين الله وفي مصلحة ما ينوبه من
تقوية الاسلام وتقوية الدين في وجوه الجهاد وغير ذلك مما فيه مصلحة العامة، ليس
لنفسه من ذلك قليل ولا كثير.
وله بعد الخمس الأنفال، والأنفال كل أرض خربة قد باد
أهلها وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ولكن صالحوا صلحا وأعطوا بأيديهم على
غير قتال وله رؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام وكل أرض ميتة لا رب لها وله صوافي
الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب، لأن الغصب كله مردود وهو وارث من لا
وارث له، يعول من لا حيلة له.
وقال: إن الله لم يترك شيئا من صنوف الأموال إلا وقد
قسمه وأعطى كل ذي حق حقه الخاصة والعامة والفقراء والمساكين وكل صنف من صنوف
الناس، فقال:
لو عدل في الناس لاستغنوا، ثم قال: إن العدل أحلى من
العسل ولا يعدل إلا من يحسن العدل.
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقات
البوادي في البوادي وصدقات أهل الحضر في أهل الحضر ولا يقسم بينهم بالسوية على
ثمانية حتى يعطي أهل كل سهم ثمنا ولكن يقسمها على قدر من يحضره من أصناف الثمانية
على قدر ما يقيم كل صنف منهم يقدر لسنته، ليس في ذلك شئ موقوت ولا مسمى ولا مؤلف،
إنما يضع ذلك على قدر ما يرى وما يحضره حتى يسد فاقة كل قوم منهم وإن فضل من ذلك
فضل عرضوا المال جملة إلى غيرهم والأنفال إلى الوالي وكل أرض فتحت في أيام النبي
صلى الله عليه وآله إلى آخر الأبد وما كان افتتاحا بدعوة أهل الجور وأهل العدل لان
ذمة رسول الله في الأولين والآخرين ذمة واحدة لان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: المسلمون إخوة تتكافى دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ".
وليس في مال الخمس زكاة، لان فقراء الناس جعل أرزاقهم
في أموال الناس على ثمانية أسهم، فلم يبق منهم أحد وجعل للفقراء قرابة الرسول صلى
الله عليه وآله نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس وصدقات النبي صلى الله عليه
وآله وولي الامر، فلم يبقى فقير من فقراء الناس ولم يبق فقير من فقراء قرابة رسول
الله صلى الله عليه وآله إلا وقد استغنى فلا فقير ولذلك لم يكن على مال النبي صلى
الله عليه وآله والوالي زكاة لأنه لم يبق فقير محتاج ولكن عليهم أشياء تنوبهم من
وجوه ولهم من تلك الوجوه كما عليهم.
المصدر : أصول الكافي
المؤلف : ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 538
تاريخ النشر : 2023-05-09