علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
أصناف الحديث.
المؤلف: السيّد هاشم معروف.
المصدر: دراسات في الحديث والمحدّثين.
الجزء والصفحة: ص 33 ـ 37.
2023-08-19
1173
لقد قسم الباحثون في الحديث واحوال الرواة الخبر الى قسمين متواتر وآحاد، وتحدثوا عنهما من حيث معناهما، واقسامهما وشرائط الاعتماد عليهما بإسهاب في مؤلفاتهم الموضوعة لهذه الغاية، واختلفت آراؤهم في كثير من النظريات والافكار المتعلقة بهذه المواضيع كما هو الحال في جميع المباحث التي يدخلها عنصر الاجتهاد، وما لا شك فيه ان تحديد التواتر وشروطه، واخبار الاحاد واصنافها، وما يتعلق بذلك من المواضيع التي تنصل بعلمي الرجال والدراية مباشرة، هذه المواضيع وما يتعلق بها تتسع لاختلاف الانظار وتضارب الآراء ولذلك لا يصح ان ننسب رأيا الى الشيعة أو السنة في هذه المواضيع وغيرها من المواضيع الاجتهادية الا إذا اتفق الاكثر عليه، أو كان معبرا عن رأي الاغلبية منهم، اما نسبته الى احد الفريقين الشيعة أو السنة لمجرد وجوده في كتاب، أو لمجرد كونه يعبر عن رأي بعض الافراد، أو الجماعات، فهو من الاغلاط التي وقع فيها اكثر المؤلفين.
وفي جميع الاحوال فالتواتر هو عبارة عن اخبار جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب، ولو انضمت بعض القرائن الى المخبرين بحيث كان حصول العلم مستندا الى المجموع لا يمنع ذلك من حجية التواتر.
ولو أخبر جماعة بشيء، ولكنهم لم يبلغوا الحد الموجب للعلم لا يصدق التواتر بالمعنى المصطلح عليه بينهم، كما وان العلم لو لم يستند الى الكثرة بان حصل العلم به من الخارج، أو حصل العلم من اخبار ثلاثة أو اربعة معروفين بالصدق والامانة، أو كان خبر الكثيرين موافقا لدليل مقطوع به ومعمول بمقتضاه كل ذلك ليس من التواتر المقابل للآحاد.
بل لا بد وان يكون العلم مستفادا من اخبار جماعة يستحيل عليهم بحسب العادة ان يتفقوا على الكذب وكما ذكرنا لا يمنع من حصول التواتر وجود بعض القرائن المؤيدة لأخبارهم حتى ولو كان العلم الحاصل منه مستندا الى الجميع.
وقال الشيخ الطوسي في تحديد معنى التواتر: ان الخبر إذا لم يكن من باب ما يجب وقوح العلم عند حصوله، واشتراك العقلاء، وجاز وقوع الشبهة به هو ان يراد به جماعة قد بلغت من الكثرة حدا لا يصح معه ان يتفق الكذب منها عن المخبر الواحد، ولابد بالإضافة الى ذلك من العلم بانه لم يجمعها على الكذب جامع كالتواطؤ وما يقوم مقامه، ولا بد ايضا من العلم بان المخبر الاول على يقين من امره لم يخبر وهو متردد أو غافل عما اخبر به، هذا إذا لم يكن بين الجماعة وبين المخبر الاول واسطة، فان كان بينهما واسطة لابد من مراعاة هذه الشروط في جميع الوسائط حتى ينتهي الحال الى نفس المخبر الأول (1).
ولا بد في العلم الحاصل من التواتر من الشروط التالية.
الاول ان لا يكون السامع عالما بمضمون الخبر، كما لو أخبر الجماعة شخصا عما شاهدوه وعلم به مباشرة، وقد عللوا ذلك بأن خبر الجماعة لو افاد العلم في هذه الحالة، فإما أن يكون عين العلم الحاصل له بالمشاهدة، أو غيره، فان كان عينه، يكون من تحصيل الحاصل، وان كان غيره يلزم اجتماع المثلين، ولا يصح في مثل ذلك ان نفترض كون الخبر مؤكدا ومقويا للعلم الحاصل عن طريق الحس والمشاهدة لان العلم الحاصل للسامع عن هذا الطريق يكون ضروريا، والضروري لا يقبل الترديد والتشكيك ولا الزيادة والنقصان.
الشرط الثاني ان لا يكون الخبر مسبوقا بشبهة تخالف مضمونه في ذهن السامع، وان لا يكون السامع معتقدا خلاف مدلوله تقليدا أو لسبب آخر، إذ لا يمكن حصول العلم من الخبر غالبا الا إذا كان ذهن السامع خاليا عن الشبهة والمعتقدات المخالفة له مهما بلغ رواته من الكثرة.
الشرط الثالث ان يستند المخبرون الى الحس، فلو كان أخبارهم مستندا الى حكم عقلي أو نص قرآني أو غيرهما لا يكون من التواتر المقابل للآحاد.
الرابع، أن تكون جميع الوسائط عالمة بمضمون الخبر، بنحو يستند على الطبقة الاولى الى الحس والمشاهدة، والثانية الى التواتر الحاصل بأخبار الطبقة الاولى، والثالثة من أخبار الثانية، وهكذا بالنسبة الى بقية الطبقات.
أما العدد الذي يتحقق به التواتر: فالظاهر ان أكثر المؤلفين في علم الحديث لا يشترطون عددا معينا فيه، وكل ما في الامر لابد فيه من الكثرة التي يحصل من اخبارها العلم بمضمون الخبر، والعلم فد يحصل احيانا من اخبار العشرة، وأحيانا لا يحصل من اخبار العشرين والثلاثين والاكثر من ذلك.
اما تحديدها بأكثر من اربعة كما نسب الى القاضي الباقلاني، وبأكثر من عشرة كما جاء عن (الاصطخري)، وباثني عشر مخبرا عدد نقباء بني اسرائيل، وبأكثر من عشرين كما جاء ابى الهذيل العلاف، وبسبعين كما جاء عن بعض المحدثين وبثلاثمائة عدد اصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) في بدر كما نص على ذلك بعضهم، هذه التقديرات كلها لأهل السنة، ولا وجود لها في كتب الشيعة، والظاهر اتفاقهم على عدم تحديده بعدد معين (2).
ومهما كان الحال فالخبر المتواتر، اما ان يكون متواترا بلفظه ومعناه، كما لو اتفق المخبرون على نقل الحديث بلفظ واحد، واما ان يكون متواترا من حيث المعنى، كما لو اختلفت الفاظ المخبرين مع وحدة المعنى، وحصل العلم بذلك المعنى من الفاظهم المختلفة بواسطة دلالة الخبر على المعنى بالتضمن أو الالتزام، أو بالمطابقة إذا كانت الالفاظ المختلفة مشتركة في معنى واحد، وهذا النوع من التواتر الذي اطلقوا عليه اسم التواتر المعنوي موجود ومطرد بين المرويات في الفروع والاصول، اما التواتر اللفظي في جميع مراحله ووسائطه هذا النوع من التواتر ربما يكون قليلا ونادرا بين المرويات عن الائمة والرسول (صلى الله عليه وآله) كما يبدو ذلك بعد التتبع والاستقصاء، وقد بالغ بعضهم فانكر وجوده من الاساس.
قال الشيخ عبد الصمد في رسالته التي الفها في علم الدراية: المتواتر هو ما رواه جماعة يحصل العلم بقولهم، للقطع بعدم امكان تواطؤهم على الكذب عادة، ويشترط ذلك في كل طبقاته صحيحا كان اولا، واضاف الى ذلك. وهذا لا يكاد يعرفه المحدثون في الأحاديث لقلته، وهو كالقران وظهور النبي (صلى الله عليه وآله) والقبلة والصلات وعدد الركعات، والحج ونصب الزكاة ونحو ذلك (3) وتشبيه التواتر بهذه الامور الثابتة بالضرورة من دين الاسلام، هذا التشبيه يشعر بان التواتر في الحديث يكاد ان يكون في حكم المعدوم من حيث ندرته وعدم وجوده بين المرويات عن النبي والائمة (عليه السلام).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر العدة للطوسي ص 31.
(2) انظر مقباس الهداية للمامقانيّ، والعدّة للطوسي وغيرهما من مؤلّفات الشيعة في علم الحديث.
(3) انظر الوجيزة للشيخ عبد الصمد الحارثي ص 76.