x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

علوم اللغة العربية : المدارس النحوية : المدرسة الاندلسية : أهم نحاة المدرسة الاندلسية :

أبو علي الشلوبين

المؤلف:  د. محمد المختار ولد أباه

المصدر:  تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب

الجزء والصفحة:  ص293- 301

29-03-2015

2971

و بعد ابن معطي يطالعنا الأستاذ(1) أبو علي عمر بن محمد الأزدي الاشبيلي المعروف بالشلوبين، و قد كاد المؤرخون يجمعون على الإشادة به و التنويه بمكانته العلمية، فيقول ابن عبد الملك في كتاب الذيل و التكملة، إنه كان ذا معرفة بالقراءات، آخذا بطرف صالح في رواية الحديث، حاملا للآداب و اللغات، متقدما في العربية، كثير أسانيدها باشبيلية، مبرزا في تحصيلها، مستبحرا في معرفتها، حسن الإلقاء و التعبير عن أغراضها، و له فيها مصنفات نافعة، و تنبيهات نبيلة، و شروح و استداركات و تكميلات(2).

و يقول ابن الزبير إنه كان إمام عصره في العربية بلا مدافع، آخر أئمة هذا الشأن بالمشرق و المغرب(3) و يقول ابن سعيد في اختصار القدح المعلّى، إن ذكره ملأ الشام و العراق(4)، و قال فيه أبو حيان «كان في وقته علما في العربية إليه يرحل الناس من بلاد المغرب، لا يجارى و لا يبارى قياما عليها و استبحارا فيها، و هو شيخ شيوخنا(5).

و بالرغم من هذا الإجماع فإن القفطي قد تحامل عليه فانتقص شرحه للجزولية قائلا إنه ليس فيه كبير أمر. و نسبه إلى الارتزاق بصناعة العربية و نفى عنه التمكن فيها(6). غير أن ابن مكتوم صحح هذه الصورة، و أوضح ما فيها من تحامل فقال: لم يعرف القفطي شيئا من أحوال الأستاذ أبي علي، و جهل مكانته في علم العربية، فلذلك ذكر عنه ما كتبناه. و حكى لنا شيخنا الحافظ أبو حيان أنه كان يلثغ بالسين المهملة فيجعلها ثاء مثلثة، فيقول في «الحسين» مثلا (الحثين) . ثم قال: و كان الأليق بالقفطي إذ لم يعرف أبا

ص293

علي و لا طبقته في العلم أن ينبه على اسمه و يسكت عما ذكره من ترهات القول. و قد تخرج بالأستاذ أبي علي رحمه اللّه و مهر بين يديه نحو أربعين رجلا، كأبي الحسين بن عصفور، و أبي الحسين بن أبي الربيع، و أبي عبيد اللّه بن أبي الفضل، و أبي عبد اللّه بن العلج، و أبي الحسين بن الضائع، و أبي الحسن الأبزي، و أبي علي ابن أبي الأحوص، و أبي جعفر اللبلي، و ابن يللبخت، و أبي القاسم الصفار، و أبي العباس بن الحاج و غيرهم. و كلهم أئمة علماء مصنفون في علم العربية و غيره، قد طبقوا بعلمه الآفاق، و ملأوا بفوائده و فرائده الأوراق، و أما من أخذ عنه و تمثل بين يديه للتعلم فهم علماء لا يحصون، رحمة اللّه و رضي عنه.

و حين وقفت على ما ذكره القفطي قلت من غير روية:

إن الشلوبين أبا علي                           أستاذ كل عالم نحوي 
علامة في فنه إمام                            و قدره في النحو لا يرام 
قد شهدت بفضله الدفاتر              و اعترفت بنبله الأكابر 
و ضربت بمجده الأمثال              و هجرت لقصده الأطلال 
و لم يدع في عصره لمغرب          في النحو ذكرا لا و لا في الأدب 
فكم و كم له على «الكتاب«          و غيره من كتب الإعراب 
من طرر كثيرة الفوائد                وغرر تزهى على القلائد 
و كم و كائن حل من إشكال          و أتحف الطلاب باللئالي 
و كم له من شرح أو إملاء            على علوم العرب العرباء 
و كم له من صاحب شهير            علاّمة في فنه نحرير 
قد طبقوا بذكره الآفاقا                 و نمقوا بدره الأوراقا 
و نقلوا عنه علوما جمّه               جليلة بديعة مهمّه 
أنتجها عكوفهم عليه                   و حرصهم في أخذ ما لديه 
و بحثهم عن سر ما في الكتب        بين يدي مؤيد مهذب 
فرحمة اللّه مع السّلام                  عليه من علاّمة إمام 
ما ملئت بعلمه الطروس               و ابتهجت بذكره النفوس (7)

ص294

و قد أحصى د. تركي بن سهو العتيبي للشلوبين ثلاثة و خمسين شيخا و ستة و ثلاثين تلميذا، جمع أبو حيان منهم ثلاثين و نذكر من أهم شيوخه (8) السهيلي و ابن بشكوال، و له صلاة علمية مشهورة بأبي موسى الجزولي و شرح مقدمته شرحا كشف به أسرارها و بين غوامضها. و له شرح على كتاب سيبويه، الذي كان قواما عليه، و على جمل الزجاجي، و له فيها كتاب سماه: الاعتراض و الانفصال فيما نسب فيه صاحب الجمل في كلامه إلى الاختلال. و الانفصال يعني به دفع الاعتراض على الزجاجي، و قد اعتمد ابن أبي الربيع هذا المصطلح في دفاعه عن أقوال أبي القاسم الزجاجي و في رده على ابن الطراوة. و له حواشي الإفصاح في الرد على ابن الطراوة، مع شروحه للجزولية المعروفة.

أما تلاميذه، فقد قال عنه ابن الزبير: (قل متأدب بالأندلس من أهل وقتنا لم يقرأ عليه، أو نحوي لا يستند و لو بواسطة إليه)(9).

و من أشهر تلاميذ الشلوبين: ابن الضايع، و ابن عصفور، و الابذي (ت 680 ه‍)(10)، و الصفار و ابن أبي الربيع، و ابن المرحل و المطرف الإشبيلي الوزير الذي كان يحفظ كتاب سيبويه(11) و ابن أبي الربيع. و من كتاب هذا الأخير المعروف بالبسيط في شرح الجمل، انتزعنا أقوال الشلوبين، ورده على ابن الطراوة.

و نذكر قبل عرضها أن الدكتور شوقي ضيف تناول في كتاب المدارس النحوية جملة من آرائه النحوية، كقوله بتأصل النكرة، و وفاقه للرماني في حكم خبو.

و للأعلم في «إيا» و ذكر تفرده بالقول إن «إذ» ظرف زمان في قول الشاعر:

فبينما العسر إذ دارت مياسر
و قوله إن «عيونا» في قوله تعالى:  (وَ فَجَّرْنَا اَلْأَرْضَ عُيُوناً) (القمر-الآية 12) حال، و ان لو لا تفيد الامتناع (12).

لقد كان الشلوبين على شاكلة السهيلي، من أبرز مفكري النحويين المغاربة و هو يستحق دراسة خاصة، تبرز معالم منهجه، و تبين عناصر التجديد، في نظرياته. و ما دامت هذه الدراسة لم تتم فيما نعلم فلن يتسنى لنا أن نزيد على وضع إشارات تنبه على طرق تناوله للمعارف النحوية، التي يبدو من خلالها احترامه للسماع حينما يقل النظير.

ص295

و تصوره للأصول و حرصه على مراعاتها، و منهجه في القياس و التعليل، ثم أسلوبه في الجدل و الحجاج، و أخيرا تطلعه البعيد إلى مزيد من اكتشاف خصائص اللغة.

السماع و الأصول

و الملامح البارزة في منهج الشلوبين، توحي بأنه يعتبر السماع أساسا لاعتبار القاعدة النحوية.

و بما أن نشاطه الفكري جاء بعد ما استكمل النحويون مباحث السماع، و مواطن الاستشهاد، فإنه ركز على التمسك بأولية السماع، الذي نراه يشير إليه «بالنظير» فهو في ضمن هذا التوجه لا يقبل أي صيغة، أو أي تركيب ما لم يكن له نظير مسموع عند العرب، و من مظاهر احترامه لهذا المنحى ما روى عنه ابن أبي الربيع حين قال: ظاهر كلام أبي القاسم أن المصدر يثني و يجمع إذا اختلفت أنواعه، قال الأستاذ الشلوبين يذهب أنه لا يثني و لا يجمع إلا بالسماع. . لأن اسم الخبر يقع على النوع الواحد، و على أكثر من ذلك، يقول ابن أبي الربيع، و هذا ظاهر و هو من الأحوط ألا يقوّل العربي شيئا لم يقله، و يدعى أنه من كلام العرب(13).

إن من أوضح الآراء التي يتسم بها فكر الشلوبين التزامه بالأصول الثابتة و إلغاء العوارض المتغيرة، و من أمثلة ذلك كلامه في أصول الكلم، و صرف الأسماء و في حد الإعراب و علاماته في الأسماء الخمسة، و في إلحاق تاء التأنيث بالفعل.

و يقول إن الاسم أصل للفعل و الحرف، و لذلك جعل فيه التنوين دونهما ليدل على أنه أصل و إنهما فرعان، و ذلك لأن الكلام المفيد لا يخلو من الاسم أصلا و يوجد كلام كثير لا يكون فيه فعل و لا حرف. و الفعل لا يخبر عنه، و الحرف لا عنه و لا به و الاسم به و عنه فدلّ على أنه أصل(14).

و قال إن النحويين إنما يعقدون أبدا قوانينهم على الأصول لا على العوارض. و لذلك حدّوا الإعراب بأنه تغير أواخر الكلام لاختلاف العوامل الداخلة عليها. و من الأسماء المعربة ما لا تغير فيه و لا اختلاف كالظروف و المصادر اللازمة للنصب، فإن الأصل فيها أن تتغير لكن منع من ذلك قلة تمكنها فهي في حكم ما يتغير نظرا إلى الأصل، و الغاء للعارض، و من ذلك فساد قول من قال إن الضمة من جاءني أخوك هي ضمة الرفع، و إنها منقولة عن حرف الإعراب، و كذا الكسرة في مررت بأخيك. و ذلك فيه كون الإعراب فيما قبل الاخير في الرفع و الخفض، و هذا لا نظير له إلا في الوقف على بعض اللغات فيما قبل

ص296

آخر ساكن، و الوقف عارض و العارض لا يعتد به، و هذا في الوصل، و الوصل ليس عارضا بل هو الأصل(15).

و منها قوله: إنما لحق الفعل علامة التأنيث، إذا كان فاعله مؤنثا، و لم تلحقه علامة التثنية و الجمع إذا كان فاعله مثنى أو مجموعا، لأن الأكثر لزوم التأنيث فاعتدوا به و عدم لزوم التثنية و الجمع فلم يعتدوا به لاعتدادهم باللازم، و عدم اعتدادهم بالعارض.

و من هذا الباب قوله: إذا أمكن أن يكون حرف موجود في الكلمة أصليا فيها، أو غير أصلي فكونه أصليا أو منقلبا عنه أولى، و بنى على ذلك أن حروف اللين في الأسماء الستة لا مات الكلمة لا زائدة للإشباع (16).

و قال إن الأصل في الظروف التصرف(17)، و أصل الاسماء أن لا تقتصر على باب دون باب، فمتى وجد اسم لا يستعمل إلا في باب واحد علمت أنه خرج عن أصله، و لا يوجد هذا إلا في الظروف، و المصادر، و إلا في باب النداء لأنها أبواب وضعت على التغيير. لكن مآخذ التصرف و الانصراف في الظروف هو السماع.

و قال إن الأصل في العمل كله أن لا يتقدم العامل، و الظرف و المجرور و غيرهما في هذا سواء، و الدليل على ذلك أن لا تقول اليوم إن زيدا شاخص، و تقدم الظرف المتعلق بخبر «إن» و لا تقول «بك إن زيدا مأخوذ» ، و لا يلزم من اتساع العرب في الظرف و المجرور في موضع ما أن تتسع في كل موضع. فإن الاتساع شيء جرى على غير قياس، فسبيلك أن تقصره على الموضع الذي صح فيه، و لا تتعداه و يبقى ما عداه على الأصل و القياس. و هو أن المعمول لا يتقدم إلا حيث يتقدم العامل ظرفا كان أو غير ظرف(18).

و قول من قال إن أصل عمل الحروف الجرّ خطأ، و إنما القول الصحيح أن أصل الحرف أن لا يعمل رفعا و لا نصبا لأن الرفع و النصب من محل الأفعال، من حيث كان كل مرفوع فاعلا أو مشبها به، و كل منصوب مفعولا أو مشبها به، فإذا أعملنا الحرف فإنه يعملهما لشبه الفعل، و لا يعمل عملا ليس له بحق الشبه إلا عمل الجر إذا كان مضيفا لفعل أو ما هو في معناه إلى الاسم (19).

ص297

و كان السهيلي يقول إن الواو ليست بدلا من الباء في القسم، لمخالفتها إياها في الحركة و كان الأستاذ ينفصل عنه، و يقول كأن الأصل في الباء الفتح لأن كل ما هو على حرف واحد فقياسه البناء على الفتح، و كسرت الباء لملازمتها الحرفية و الخفض (20).

التعليل

قد أعطى الشلوبين للتعليل أهمية خاصة، و اعتمد عللا اعتبر أنها من مقاييس التصرف في نسق الكلام، منها الخفة في القول و تثقيله للتعادل، و كراهة توالي الأمثال، و طلب الاقتصاد في الألفاظ بالاختصار.

فعن التعادل يقول: لما كان الاسم أخف من الفعل تصرف بحركات الإعراب فيه، و زيادة التنوين، فزيد ليثقل و ليعادل الفعل. و لما كان الجزم حذفا، و الحذف تخفيف، و التخفيف لا يليق بالخفيف جزمت الأفعال و لم تجزم الأسماء (21).

و في باب الاختصار يقول: إنه يحذف بسببه لام الطلب غالبا فبدلا من لتقم:

قيل قم و قالوا: قمت، و لم يقولوا قام أنا (22).

و من تعليلاته قوله تأييدا لرأي البصريين في تفسير:  (وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (آل عمران- الآية 97) . «من» بدل بعض من كل و الضمير محذوف أي منهم. «للّه» خبر «حج» و البيت مفعول، و المصدر مضاف إليه و الفاعل محذوف. و رأي الكوفيين أن من استطاع إليه سبيلا: فاعل حج.

مثل قول الشاعر:

أمن رسم دار مربع فمصيف             بعينيك من ماء الشؤون و كيف 
و كان الشلوبين يدفع هذا القول بأمرين: أحدهما راجع إلى المعنى: فيكون:

و للّه على الناس أن يحج البيت المستطيع و لم يتقرر هذا في الشريعة لأنه لا يطلب أن يحج غيره. و ثانيهما ما هو راجع إلى اللفظ: و هو إن إضافة المصدر إلى المفعول بحضرة الفاعل لم يجئ في فصيح الكلام و أكثر ما جاء ذلك فيالشعر. و المعروف أن الكسائي يقول في إعراب الآية إن من شرط و الجواب محذوف (23).

ص298

و منها حجاجه للمبرد في قوله: إذا قلت جاء القوم كلهم أجمعون، إنما جاء على جهة التوكيد، على حسب ما جاء كلهم. لا معنى «لأجمعين» غير ذلك. و ذهب المبرد إلى أن لأجمعين معنى زائدا و هو إفادة الاجتماع أي أنهم جاءوا في وقت واحد في المجيء فإذا قلت جاء القوم كلهم أفاد الإحاطة، و أجمعين» لنفي المجاز.

و يقول الشلوبين لو كان صحيحا لنصب على الحال فقيل مثلا جاؤوا مجتمعين (24).

الخصائص

و بما أن الشلوبين ينتمي إلى مدرسة السهيلي و الأعلم، فإن تفكيره في المباني اللغوية أدى به إلى إبراز بعض الخصائص التي لم تكن متداولة، في جل الكتابات النحوية، نذكر منها رأيه في إفادة الإضافة و في بعض الفروق الدقيقة و في بعض معاني الحروف و في الاستغناء و الحمل على اللفظ و الاتساع.

1. إفادة الإضافة:

و يقول ابن أبي الربيع: قال الأستاذ أبو علي إن لإعادة الضمير على الشيء مزايا، أولها: أنك إذا أعدته على الشيء أفاد الكلام أن الإضافة تكون على وجهين: الملك و الاستحقاق.

الثانية: انك إذا أعدته على الملك أعطى الكلام بظاهره ان الإضافة لا تكون إلا على وجه واحد، و هو خطأ.

الثالث: أن الإعادة على الأقرب أولى.

الرابعة: أن إعادة الضمير على منطوق أولى من إعادته على مضمر (25).

2. الفروق:

و من الفروق قوله إن الفرق بين بدل البعض من الكل و بدل الاشتمال، كما قال ابن الباذش، من وجهين: الأول بدل الاشتمال يكون بالمعاني و ما يتنزل منزلتها من نحو الحس و العقل، و الثاني أن بدل البعض من الكل إنما يكون جزءا من المبدل منه (26).

ص299

3-حروف المعاني:

و يقول إن حروف المعاني، إنما هي مختصر الأفعال، فهي نائبة مناب الأفعال تعطي من المعنى ما تعطيه الأفعال، إلا أن الأفعال اختصرت بالحروف فإن الأفعال تقتضي أزمنة و أمكنة، و مفعولين و فاعلين، و محال لأفعالهم و غير ذلك من معمولات الأفعال فاختصر ذلك كله بأن جعل في مواضعها ما لا يقتضي شيئا من ذلك، و لذلك كرهوا أن يجمعوا بين حرفين لمعنى واحد و لم يكرهوا ذلك في الأسماء و الأفعال لأن ذلك نقيض ما وضعت عليه للاختصار(27).

و يقول: «إذ ما» بالخصوص إنها مركبة من إذ التي هي ظرف لماض و ما، و أحدث التركيب أن نقلها إلى الحرفية إلى أن صارت تعطي الزمان المستقبل، و ذهبت دلالتها على المعنى.

4. الاستغناء:

يقول الشلوبين: إن العرب استغنوا عن تثنية أجمع بكليهما. كما استغنوا عن جمع امرئ بقوم(28)، و عن الجزم بكيف بالجزم عما هو في معناه. على عادة أن يستغنوا عن الشيء بما هو في معناه، و كان ذلك هنا ليكون التنبيه على أن الجزم بالأسماء ليس أصلا كما فعلوا في الاستغناء بتصغير المفرد و جمعه بالألف و التاء، في اللاتي، فقالوا اللتيّا. و استغنوا عن اللويتيا، لعدم التمكن في الأسماء المبهمة.

5. الاتساع:

يقول الشلوبين: اتسعت العرب في «إذن» اتساعا لم تتسعه في غيرها من النواصب، فأجازت دخولها على الأسماء نحو «إذن» عبد اللّه يقول ذلك، و على الأفعال، و أجازوا دخولها على الحال و على المستقبل، و أجازوا أن تتأخر عن الفعل، نحو أكرمك إذن. و أجازوا فصلها عن الفعل بالقسم و لا يجوز ذلك في سائر نواصب الفعل. فقويت عندهم فشبهوها بظننت و أخواتها فقط. فأجازوا فيها الإعمال و الإلغاء إلا أن ذلك يجوز في «ظننت» إذا توسطت، و «إذن» إذا توسطت وجب فيها الإلغاء لأن المشبه بالشيء لا يقوى قوته (29).

ص300

6. رده على الأخفش:

وردا على الأخفش في العطف على معمولي عاملين مختلفين، يقول ابن أبي الربيع: كان الأستاذ أبو علي ينفصل عن احتجاج الأخفش بقوله: (وَ إِنّٰا أَوْ إِيّٰاكُمْ لَعَلىٰ هُدىً أَوْ فِي ضَلاٰلٍ مُبِينٍ ( (سبأ- الآية 24) بانفصالات ثلاثة:

أحدها: أن الحرفين في الآية لمعنى واحد. لأنّ «إن» انما جيء بها لتأكيد الجملة، و كذلك اللام، فلما صار الحرفان لمعنى واحد، فكأنهما حرف واحد، فكان التشريك في حرف واحد، لأن المراد بتشريك حروف العطف التشريك في المعنى و المعنى هنا واحد، و هنا الانفصال جيد في الموضع.

الثاني: أن العرب تقول «ليس زيد بقائم و لا قاعد» فتعطف على الموضع و تشكر قاعدا مع قائم في «ليس» فإذا جاز هذا أن يعطف على خبر «إن» من غير نظر إلى اللام كما لم ينظر إلى الباب في ليس زيد بقائم و لا قاعدا. و اللام نظيرة الباء لأن الباء لتوكيد النفي، و اللام لتوكيد الإيجاب، و هذا أيضا انفصال حسن، و تنظير صحيح.

الثالث: أنه يبعد أن يشرك في شيئين ليسا بعاملين، و يمتنع التشريك في عاملين: (لأنك إذا قلت ليس زيد بقائم و لا قاعد عمرو، شركت بالواو في عاملين فقد جعلت الواو و كأنها خفضت و رفعت، من حيث وصلت الخافض و الرافع، و لا يوجد في أصول العربية ما يرفع و يخفض، فإذا لم يكن ذلك في أصول العربية فكيف يكون فيما نزل منزلة العامل، فتفطّن لهذا كله فإنه مرعى من هذه الصنعة) (30).

و لنا عودة إلى هذا النحوي البارع لنرى نموذجا من ذكائه و فطنته، و ذلك في معرض الحديث عن حكم حركة آخر الفعل المضعف مع الضمير، أو قبل الساكن.

ص301

________________________

(1) ابن ملكون ابراهيم بن محمد بن منذر، روى عن القاسم بن بقي، و أخذ عنه الشلوبين و ابن خروف، و توفي سنة 581 ه‍ ترجمته في الإنباه 190.

(2) الذيل و التكملة، ج 5.

(3) راجع بغية الوعاة،  2 / 224.

(4) اختصار القدح المعلى،  142.

(5) راجع مقدمة الشرح الكبير على الجزولية ص 43 نقلا عن ابن حيان في التدييل و التكميل.

(6) إنباه الرواة،  2 / 232-234.

(7) إنباه الرواة، 2 / 232-234.

(8) محمد بن خلف بن صاف الأشبيلي ت 586 ه‍، ترجمته في بغية الوعاة،1/ 100.

(9) صلة الصلة 7/ 71.

(10) قاسم بن علي البطليوسي الشهير بالصفار (ت بعد 630 ه‍) ، ترجمته في بغية الوعاة، 2 / 256، و فيه أنه شرح كتاب سيبويه كتابا حسنا يقال إنه أحسن شروحه و يرد فيه الشلوبين بأقبح رد.

(11) بغية الوعاة، 1 / 74.

(12) المدارس النحوية، ص 303 استنادا إلى المغنى و الهمم.

(13) البسيط، ص 473.

(14) الأشباه و النظائر، 1/ 131.

(15) الأشباه و النظائر، 2 / 269.

(16) المصدر السابق، 1/  114.

(17) البسيط، ص 482.

(18) المصدر نفسه، ص 579.

(19) الأشباه و النظائر،  2/ 250.

(20) الأشباه و النظائر، ص 926.

(21) الأشباه و النظائر، 1/  253.

(22) المرجع نفسه، 1/  76.

(23) البسيط، ص 403.

(24) البسيط، ص383.

(25) المرجع نفسه، ص185

(26) المرجع نفسه، ص 393.

(27) البسيط،  2 / 431.

(28) المرجع نفسه، 1/ 128.

(29) المصدر نفسه، ص 475.

(30) البسيط، ص354.