النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
أخرى
ابو حيان
المؤلف: شوقي ضيف
المصدر: المدارس النحوية
الجزء والصفحة: ص320- 326
4-03-2015
1614
هو أثير الدين محمد بن يوسف الغرناطي الأندلسي(1) المتوفى 745 تلميذ أبي جعفر بن الزبير وابن الضائع في النحو. وأكب بجانب ذلك على التفسير والحديث والقراءات والتاريخ، حتى أتقن ذلك كله وبرع فيه. وقد رحل عن موطنه شابا، متنقلا في شمال إفريقية، إلى أن ألقى عصا ترحاله بالقاهرة سنة 679 ولزم بهاء الدين بن النحاس تلميذ ابن مالك وأخذ عنه كتبه. وتنقل في بلاد عدة في الشام والسودان والحجاز، وعُهد إليه بتدريس النحو في جامع الحاكم بالقاهرة سنة 704 كما عهد إليه بتدريس التفسير في قبة السلطان المنصور سنة 710 وتولى منصب الإقراء بجامع الأقمر الفاطمي. وكان يقول: خير الكتب النحوية المتقدمة كتاب سيبويه, وأحسن ما وضعه المتأخرون كتاب التسهيل لابن مالك وكتاب الممتع في التصريف لابن عصفور. وقد تخرج به جيل من النحاة المصريين أمثال ابن عقيل وابن أم قاسم، وكان يعنى في دروسه بكتب النحاة الثلاثة السالفين، ويتضح ذلك مما أملاه عليها من شروح وفي مقدمتها كتاب سيبويه، وكتاب الممتع في التصريف، وكتاب المقرب في النحو لابن عصفور. وله ثلاثة
ص320
شروح على التسهيل لابن مالك مطولة ومختصرة، ومنهج السالك في الكلام على ألفية ابن مالك. وله وراء ذلك مصنفات في النحو مستقلة, أهمها: الارتشاف وهو في ستة مجلدات، ومختصره وهو في مجلدين، ويقول السيوطي في البغية: (لم يؤلَّف في العربية أعظم من هذين الكتابين ولا أجمع ولا أحصى للخلاف, وعليهما اعتمدت في كتابي جمع الجوامع). وكان ظاهري المذهب، وانتقل بأخرة إلى مذهب الشافعي، وظل المذهب الظاهري عالقا بنفسه حتى ليروى عنه أنه كان يقول: (محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من عَلِقَ بذهنه).
وقد وصل تعلقه بمذهب الظاهر بينه وبين ابن مضاء، وحقا لم يدعُ إلى إلغاء نظرية العامل في النحو، ولكنه دعا مرارا وتكرارا إلى إلغاء ما يتعلق به النحاة من كثرة التعليل للظواهر اللغوية والنحوية وجلب التمارين غير العملية، ونقل السيوطي في الهمع تعرضه لذلك في غير موضع، وأول ما يلقانا في هذا الجانب تعليقه على خلاف البصريين والكوفيين في الإعراب, وهل هو أصل في الأسماء فرع في الأفعال, أو لا؟ فقد قال: (هذا من الخلاف الذي ليس فيه كبير منفعة)(2). وعلق على تعليلهم لامتناع الجر من الفعل والجزم من الاسم ولحوق تاء التأنيث الساكنة للماضي دون أخويه بأن تعليل أمثال ذلك من الوضعيات ينبغي أن يمنع لأنه يؤدي إلى تسلسل السؤال، يقول: إنما يسأل عما كان يجب قياسا فامتنع(3). ويعرض لاختلافهم في معنى الصرف ويقول: إنه (خلاف لا طائل تحته)(4) كما يعرض لتعليلهم ضم التاء في مثل: (كلمت) للمتكلم وفتحها للمخاطب وكسرها للمخاطبة، يقول: (هذه التعاليل لا يحتاج إليها؛ لأنها تعليل وضعيات، والوضعيات لا تعلل)(5) ويقف بإزاء تعليلاتهم لتسكين الماضي وعدم فتحه حين يسند إلى التاء والنون ونا، قائلا: (الأولى الإضراب عن هذه التعاليل)(6) كما يقف عند اختلافهم في همزة أل التعريفية وهل هي همزة قطع أو وصل قائلا: (وهذا الخلاف
ص321
لا يجدي شيئا ولا ينبغي أن يُتشاغَل به)(7). ويعقب على وجوه الخلاف السبعة في رافع المضارع بقوله: (لا فائدة لهذا الخلاف؛ لأنه لا ينشأ عنه حكم تطبيقي) كما يعقب على اختلاف البصريين والكوفيين في أيهما -الفعل أو المصدر- أصل الاشتقاق قائلا: (هذا الخلاف لا يجدي كبير منفعة)(8). ومرت بنا دعوة ابن مضاء إلى إلغاء القياس مستضيئا بإلغاء المذهب الظاهري له، وقد مضى أبو حيان في إثره يقدم السماع على القياس وخاصة إذا تعارضا، على نحو ما يتضح في بعض القراءات المخالفة للقياس من مثل العطف على الضمير المتصل المجرور بدون إعادة الخافض، والفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول(9) وكان يعارض الكوفيين ومن يتابعهم أحيانا مثل ابن مالك في القياس على الشاذ والنادر قائلا: إن ذلك يفضي إلى التباس الدلالات وصور التعبير(10) . ونقل عنه السيوطي تقيده بالسماع وعدم القياس عليه في مواضع مختلفة من الهمع(11). ومع اهتمامه بالسماع كان يخالف ابن مالك في الاعتماد على الحديث في الاستشهاد؛ لأنه روي بالمعنى، ورواه أعاجم كثيرون يفشو اللحن على ألسنتهم(12)
ودائما نراه يتعبَّد لسيبويه وجمهور البصريين، مما جعله يقف في صف مقابل لابن مالك وما انتهجه لنفسه من متابعة الكوفيين كثيرا في آرائهم على نحو ما مر بنا آنفا. وليس معنى ذلك أنه رفض جميع آراء الكوفيين، فقد كان يختار من حين إلى حين بعض آرائهم، من ذلك ما ذهبوا إليه، وتابعهم فيه ابن جني، من أن عامل الرفع في المبتدأ الخبر وعامل الرفع في الخبر المبتدأ فهما مترافعان(13) وكذلك
ص322
ما ذهبوا إليه مع الأخفش من أن الفعل الماضي يقع حالا بدون (قد" بدون تقدير لها كما جاء في الذكر الحكيم: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}(14). وجعله تفسيره للقرآن الكريم في كتابه (المحيط" يتعقب الزمخشري كثيرا، من ذلك قراءة الآية: {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ} بتنوين {كَلَّا} على أنها مصدر من الكل بمعنى الإعياء أو الثقل, أي: (حملوا كَلًّا", وجوز الزمخشري أن تكون {كَلَّا} في القراءة هي نفسها حرف الردع ونُون كما نونت "سلاسلا" في آية: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا} ورد ذلك أبو حيان قائلا: إن ذلك إنما صح في "سلاسلا"؛ لأنه اسم أصله التنوين فرُجع به إلى أصله للتناسب، أو على لغة من يصرف ما لا ينصرف (15). ومن ذلك توجيه الزمخشري لقراءة المضارع بالغيبة في قوله تعالى: {وَلَا يحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} والقراءة المشهورة: {وَلَا تَحْسَبَنَّ} فقد جعل التقدير في القراءة الأولى: ولا يحسبنهم، والذين فاعل. وتصدى له أبو حيان قائلا: إن ذلك يستلزم عود الضمير على المؤخر، وكأنه فاته أن هذا المؤخر مقدم في الرتبة (16) وكان يأخذ برأي الأعلم الشنتمري في أن الإعراب معنوي لا لفظي (17) ونصر ابن الطراوة في أن بناء "سحر" لتضمنها معنى حرف التعريف مثل أمس (18) وكذلك نصر السهيلي في أنه لا بد من تعاند معطوفي لا مثل: "جاءني رجل لا امرأة" (19) وكان ابن الباذش يجوز في مثل: "الهندان هما يفعلان" تذكير المضارع، فيقال: "يفعلان" حملا على لفظ هما، ورد أبو حيان رأيه في جواز تذكير المضارع؛ لأن الأصل رد الأشياء إلى أصولها, وأيضا لأن السماع بالتاء في مثل قول عمر بن أبي ربيعة: "لعلهما أن تبغيا لك حاجة" (20) وكان ابن عصفور وتلميذه ابن الضائع يذهبان إلى أن "كلما" في مثل: "كلما استدعيتك فإن زرتني فعبدي حر" مرفوعة بالابتداء وأن جملتي الشرط والجواب خبر، ودفع قولهما أبو حيان بأنه لم تأت "كلما" في الذكر الحكيم
ص323
إلا منصوبة مثل: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} وكذلك هي في الأشعار (21).
وأكثر من كان يتصدى له أبو حيان ويخالفه في آرائه ابنُ مالك، فمن ذلك أنه كان يضعِّف رأيه في أن الإعراب جزء من ماهية الكلمة, ذاهبا مع الجمهور إلى أنه زائد على ماهيتها (22). وذهب ابن مالك إلى أن الفعل الماضي قد يدل على الاستقبال في مواضع، هي: بعد همزة التسوية مثل: "سواء علي أسافرت أم لم تسافر" وبعد أداة التحضيض مثل: "هلا ذاكرت"، وبعد كلما مثل: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ} وبعد حيث مثل: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} , وبعد الصلة مثل: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} ، وإذا وقع صفة لنكرة عامة كحديث: "نَضَّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها, فأداها كما سمعها" أي: يسمع. وأنكر أبو حيان هذه الدلالة للماضي، وقال: الذي نذهب إليه فيها جميعا الحمل على المضي لإبقاء اللفظ على موضعه، أما معنى الاستقبال فقد جاء من خارج، أو بعبارة أخرى: من قرينة خارجية (23) وكان ابن مالك يذهب إلى أن الباء قد تزاد مع الحال، مستدلا بقول أحد الشعراء:
فما رجعت بخائبة ركاب ... حكيم بن المسيب منتهاها
وقول آخر:
كائنْ دعيت إلى بأساء داهمة ... فما انبعثت بمزءُود ولا وَكِل
وخالفه أبو حيان، وخرّج البيتين على أن التقدير: بحاجة خائبة وبشخص مزءود أي: مذعور، ويريد بالمزءود نفسه على حد قولهم: "رأيت به أسدا" (24) . وكان ان مالك يجوز حذف الضمير العائد في الصلة إذا تعين الحرف, قياسا على الجملة الخبرية كقولك: "الذي سرت يوم الجمعة" أي: فيه. ورد ذلك أبو حيان قائلا: إنه لا ينبغي أن تقاس الصلة على جملة الخبر, ولا أن يُذهب إلى ذلك إلا بسماع ثابت عن العرب (25). وكان ابن مالك يذهب إلى أن حذف نون يكون
ص324
المجزومة في قولهم: "لم يَكُ" للتخفيف، ورد أبو حيان هذا التعليل ذاهبا إلى أن العلة هي كثرة الاستعمال مع شبه النون بحروف العلة(26). وذهب ابن مالك إلى أن "كل" قد تأتي توكيدا مع إضافتها إلى اسم ظاهر حال محل الضمير مثل:
كم قد ذكرتكِ لو أجزى بذكركم ... يا أشبه الناس كل الناس بالقمر
وخالفه أبو حيان ذاهبا إلى أن "كل الناس" في البيت نعت لا توكيد(27). ومر بنا أن ابن مالك كان يجوز -تبعا للأخفش- مجيء الحال مع المضاف إليه بشرط أن يكون المضاف جزءا منه أو مثل جزئه نحو: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} , ورد ذلك أبو حيان وقال: إن {إِخْوَانًا} منصوبة على المدح و {حَنِيفًا} حال من {مِلَّةَ} أو من الضمير في اتبع, محتجا بأن العامل في الحال هو العامل في صاحبها وعامل المضاف إليه اللام المقدرة أو الإضافة, وكلاهما لا يصلح أن يعمل في الحال(28) ومر بنا أيضا أن ابن مالك كان يجوز -تبعا لابن جني والزمخشري- أن تبدل الجملة من المفرد كقول بعض الشعراء:
إلى الله أشكو بالمدينة حاجة ... وبالشام أخرى كيف يلتقيانِ
فكيف يلتقيان في رأيهم بدل من حاجة وأخرى، كأن الشاعر قال: أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقائهما، وقال ابن مالك: ومنه: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ ... } فإن وما بعدها بدل من {مَا} وصلتها. ورد ذلك أبو حيان قائلا: إن البدلين جميعا استئناف(29) .
وله وراء ما قدمنا اجتهادات وتخريجات وآراء مختلفة ينفرد بها، من ذلك أنه كان يذهب إلى أن "أن المصدرية" لا توصل بالأمر، وأن "أن" الموصولة به في بعض العبارات مثل: "كتبت إليه أن قُمْ" تفسيرية، أما ما حكاه سيبويه من قولهم: "كتبت إليه بأن قم" فالباء فيه زائدة (30). وكان يذهب إلى أن اللام في مثل: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ} هي لام الابتداء مفيدة لمعنى التوكيد, ويجوز أن يكون قبلها قسم مقدر أو لا يكون (31) وكان ينكر مجيء "ما" نكرة
ص325
موصوفة، أما قولهم: "مررت بما معجبٍ لك" فما فيه زائدة (32). وكان سيبويه يذهب إلى أن قول بعض العرب: "ما أنت وزيدًا؟ " و"كيف أنت وزيدًا؟ " على تقدير كان محذوفة, أي: ما كنت وزيدا؟ وكيف تكون وزيدا؟ وذهب الفارسي وغيره من النحاة إلى أن كان المقدرة تامة، وذهب أبو حيان إلى أنها الناقصة، فما خبرها وكذلك كيف(33). ومعروف أن الجملة الموصوف بها يربطها دائما بموصوفها ضمير إما مذكور, وإما مقدر مثل: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} على تقدير: فيه محذوفة أربع مرات، وذهب أبو حيان مذهبا بعيدا قائلا: إن الأولى أن لا يقدر في الآية ضمير بل يقدر أن الأصل: واتقوا يوما يوم لا تجزى بإبدال يوم الثانية من يوم الأولى، ثم حذف المضاف، وهو تخريج ظاهر التكلف (34) واختلف البصريون والكوفيون في ألفاظ العدد المعدولة على وزن فُعَال ومَفْعَل، فوقف بها البصريون عند أُحَاد ومَوْحَد وثناء ومثنى وثلاث ومثلث ورباع ومربع وخماس ومخمس وعشار وعشر؛ لمجيئها سماعا, وقاس عليها الكوفيون: سداس ومسدس وسباع ومسبع وثمان ومثمن وتساع ومتسع، وقال أبو حيان: الصحيح أن البناءين مسموعان من واحد إلى عشرة على نحو ما حكى ذلك أبو عمرو الشيباني وغيره (35) . وكان جمهور النحاة يجيز ترخيم العلم المركب تركيب مزج مطلقا ومنع أكثر الكوفيين ترخيم ما آخره "ويه" مثل سيبويه، وذهب أبو حيان إلى أنه لا يجوز ترخيم هذا العلم بحال(36)، وكان جمهور النحاة يذهب إلى أن المنصوب في مثل: أنت الرجل علما أو أدبا أو حلما, وأنت زهير شعرا, وأنت حاتم جودا, ويوسف حسنا حال، وذهب أبو حيان إلى أنه تمييز (37) وذهب الجمهور إلى أن "نعم" في مثل: "نعم, هذه أطلالهم" للتذكير، بينما ذهب أبو حيان إلى أنها تصديق لما بعدها وقُدمت، قال: والتقديم أولى من ادعاء معنى لم يثبت لها (38)
ص326
_____________________
(1) انظر في ترجمة أبي حيان: بغية الوعاة ص121، وطبقات الشافعية للسبكي 6/ 31، وطبقات القراء 2/ 285، والدرر الكامنة لابن حجر 4/ 302، ونكت الهميان ص280 ، وفوات الوفيات 2/ 352، وشذرات الذهب 6/ 145، ونفح الطيب (طبعة دوزي) 1/ 823، والنجوم الزاهرة 10 / 112، والبدر الطالع للشوكاني 2/ 289، وتاريخ الفكر الأندلسي ترجمة حسين مؤنس ص187.
(2) الهمع 1/ 15.
(3) الهمع 1/ 21.
(4) الهمع 1/ 24.
(5) الهمع 1/ 56.
(6) الهمع 1/ 57.
(7) الهمع 1/ 79.
(8) الهمع 1/ 186، وانظر 2/ 61.
(9) انظر البحر المحيط 8/ 42، 4/ 229، وراجع 2/ 499، وكان يقول: ما قرئ به في السبعة لا يرد, ولا يوصف بضعف ولا بقلة "همع 2/ 55" وقال في قراءة الحسن البصري (وما تنزلت به الشياطون": إن ذلك تشبيه لزيادتي التكسير في الشياطين بزيادتي الجمع السالم, فنقلت من الإعراب بالحركات إلى الإعراب بالحروف على جهة التوهم, كما صنعوا في همز مصائب ومعائش. انظر الهمع 1/ 47.
(10) الهمع 1/ 50 .
(11) انظر الهمع 1/ 47، 51، 87، 143، 2/ 8، 17، 49، 76، 79، 102، 118.
(12) كان يتابع في ذلك أستاذه ابن الضائع، انظر الهمع 1/ 105.
(13) الهمع 1/ 94 وما بعدها.
(14) الهمع 1/ 247.
(15) المغني ص208.
(16) المغني ص546, وانظر في ردود أخرى على الزمخشري المغني ص39، 446.
(17) الهمع 1/ 14.
(18) الهمع 1/ 28.
(19) الهمع 2/ 137.
(20) الهمع 2/ 171.
(21) المغني ص222 وما بعدها.
(22) الهمع 1/ 15.
(23) الهمع 1/ 9.
(24) المغني ص117 وما بعدها.
(25) الهمع 1/ 90 .
(26) الهمع 1/ 122.
(27) المغني ص212.
(28) الهمع 1/ 240 .
(29) الهمع 2/ 128.
(30) المغني ص26 وما بعدها.
(31) المغني ص252.
(32) المغني ص627.
(33) الهمع 1/ 221.
(34) المغني ص557.
(35) الهمع 1/ 26.
(36) الهمع 1/ 182.
(37) الهمع 1/ 238.
(38) الهمع 2/ 77.