في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان يعاني من فقرٍ شديد. رغم ذلك، لم يشكُ يومًا ولم يطلب من أحد، بل كان دائم التوكل على الله.
في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، ضاعت ماشية أحد أغنياء القرية في الجبال. أرسل الرجل خدمه للبحث، لكنهم عادوا خائبين. حينها، تقدم هشام وعرض المساعدة، رغم فقره وقلة حيلته. سخر منه البعض، وقالوا: "كيف ستجدها وأنت لا تملك قوت يومك؟" لكنه ابتسم وقال:
((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ))
[ الطلاق: 2].
حمل هشام عصاه وخرج في العاصفة، متسلحًا بدعائه وتوكله. تسلق الجبال، وواجه الرياح والبرد، حتى رأى قطيع الماشية عالقًا بين صخورٍ خطرة. بهدوءٍ وحنكة، قاد الماشية بأمانٍ إلى القرية.
حين وصل، اندهش الجميع، خاصة صاحب الماشية، الذي شعر بالخجل من تقصيره تجاه هشام. كافأه بسخاء، لكنه لم يتوقف عند ذلك، بل دعا أهل القرية لإكرام هشام ومنحه منزلًا يليق به، قائلاً: "هذا الرجل لم يبحث عن المال، بل عن رضا الله. ونحن أولى أن نكرم من يسير في طريق النور".
عاد هشام إلى بيته الجديد، ينظر إلى السماء ويتمتم:
الحمد لله الذي لا ينسى عباده
وقرأ قوله تعالى:
(﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾
[ الطلاق: 3]
-------------------
قال الإمام علي (عليه السلام):
"وَالْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلْدَتِهِ ".