بقلم: الشيخ صالح الكرباسي.
مصطلح سوق المسلمين أو السوق المسلمة مصطلح فقهيّ يُراد به قاعدة فقهيّة تُسمى بقاعدة سوق المسلمين، وهي من القواعد الفقهيّة المهمّة التي يُنتفع بها كثيرًا في مجال تعايش المسلمين بعضهم مع البعض الآخر، وينتج من العمل بهذه القاعدة رفع الحرج والعسر عن المسلمين.
ما تعريف سوق المسلمين تحديداً؟
المراد بسوق المسلمين لدى الفقهاء في الأبحاث الفقهيّة هو المكان الذي يتم فيه البيع و الشراء في بلاد المسلمين سواءً كان ذلك المكان سوقاً أو مركزاً تجارياً أو دكاناً واحداً، أو حتّى لو تمّ التعامل في المنزل أو الفندق، أو حتّى لو لم يكن مكاناً محدّداً كما لو تمّ البيع و الشراء بواسطة البائع والمشتري المتجولان إذا كان المكان الذي يتم التعامل فيه بلداً أو حياً اسلاميّاً، فيكون سوق المسلمين أمارة ودليل شرعي على كون اللحوم والجلود ومشتقاتها محكومة بالتذكية الشرعيّة والحلية والطهارة وإن لم يحصل العلم بكونها مذكاة؛ ذلك لأنّ وجودها في سوق المسلمين مصحّح لذلك.
بل وحتّى لو تمّ البيع والشراء عبر الاسواق الالكترونية على الانترنت اذا كانت هذه الأسواق تابعة لبلاد المسلمين، أو كان البائع أو صاحب السوق الإلكتروني مسلماً .
فالحاصل أنّ المراد بسوق المسلمين في كلمات الفقهاء هو محل البيع و الشراء الحقيقي أو المجازي (الالكترونيّ) الذي يكون في البلد أو الحي المسلم باعتبار كون غالبيّة سكّانه هم من المسلمين.
قاعدة سوق المسلمين وفائدتها:
من الناحية الفقهيّة تكون البضائع المعروضة في سوق المسلمين كاللحوم ومشتقاتها التي يشترط في حليّتها وطهارتها كونها من حيوان حلال اللحم وأيضاً كونها مذكّاة حسب الطريقة الشرعيّة في حال الشك في كونها مذكّاة يُحكم عليها بكونها مذكاة، فتكون محكومة بالحلية والطهارة حسب القاعدة الفقهيّة المعروفة بقاعدة سوق المسلمين و ذلك لأن سوق المسلمين أمارة شرعية على حصول التذكية لكون صاحب البضاعة مسلماً يقوم ببيع هذه البضاعة بإعتبارها صالحة للأكل و الاستعمال الشرعيّ فيما يتشرط فيه الحليّة والطهارة كأكل اللحوم والصلاة في المصنوع من جلود الحيوانات.
وبناءً على قاعدة سوق المسلمين عليه فكل ما يباع في أسواق المسلمين من الذبائح المختلفة والدجاج والأسماك والشحوم والجلود والأطعمة المطبوخة التي تباع في المطاعم وغير ذلك مما يبيعه الباعة المتجولون وغيرهم، كلّها مندرجة تحت عنوان ما يباع في سوق المسلمين ويشملها الحكم المذكور.
سوق المسلمين في الأحاديث الشريفة:
عَنْ فُضَيْلٍ وَزُرَارَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُمْ سَأَلُوا أَبَا جَعْفَر (عليه السّلام) عَنْ شِرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الْأَسْوَاقِ وَلَا يَدْرُونَ مَا صَنَعَ الْقَصَّابُونَ؟ قَالَ: "كُلْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَسْأَلْ عَنْهُ " (1).
وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ (2) (عليه السّلام) أَنَّهُ قَالَ: "لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي الْفِرَاءِ الْيَمَانِيِ وَفِيمَا صُنِعَ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ - قُلْتُ فَإِنْ كَانَ فِيهَا غَيْرُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ - قَالَ: إِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهَا الْمُسْلِمِينَ فَلَا بَأْسَ" (3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تهذيب الأحكام : 9 / 72، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المولود بخراسان سنة: 385 هجرية، والمتوفى بالنجف الأشرف سنة: 460 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلاميّة، سنة: 1365 هجرية / شمسيّة، طهران / إيران.
(2) أي: الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)، سابع أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
(3) وسائل الشيعة (تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة): 3 / 491، للشيخ محمد بن الحسن بن علي الحُر العاملي، المولود سنة: 1033 هجرية بجبل عامل لبنان، والمتوفّى سنة: 1104 بمشهد الإمام الرضا والمدفون بها، طبعة: مؤسسة آل البيت، سنة: 1409 هجرية، قم / إيران.