وردَ في زيارةِ المولى أبي الفضلِ العبّاسِ (عليه السّلام):"وَنُصْرَتي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ" وكانَ ذلكَ بَعْدَ استشهادِهِ (عليه السّلام) فكيفَ تكونُ النصرةُ بَعْدَ الشَّهادةِ
اعلم أنَّ كلامَ المعصومِ (عليه السلام) لا يُلْقَى جُزَافًا، ولا هو تجميلٌ لغويٌّ أو تعبيرٌ عاطفيٌّ. بَل هو عِلْمٌ، وحقيقةٌ، ومَوقفٌ ممتدٌّ عِبْرَ الزَّمَنِ.
إنَّ النصرةَ في زيارةِ العبَّاسِ (عليه السلام) على نوعَيْنِ:
أوَّلًا: النصرةُ الدينيّةُ والعقائديّةُ
وتبدأُ مِن معرفةِ منهجِ آلِ محمّدٍ (عليهم السّلام) قولًا واعتقادًا وسلوكًا، حتَّى يكونَ الإنسانُ جديرًا بأن يُعَدَّ مِن أنصارِهِم.
ومِن دلائلِ أهمِّيَّةِ هذهِ النصرةِ ما وردَ في الزيارةِ: " قَتَلَ اللهُ أُمَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالأَيْدي وَالألْسُنِ".
فالقتلُ بالأَيدي معلومٌ، أمَّا القتلُ بالألسنِ فهو أخطرُ؛ لأَنَّهُ يُمَثِّلُ العِداءَ العقائديَّ، وتشويهَ الحَقِّ، ومحاربةَ خَطِّ أهلِ البَيْتِ بالكلمةِ، والافتراءِ، وتضليلِ النَّاسِ عَن نُوْرِهِم.
وأوَّلُ ما يترتَّبُ على مفهومِ النصرةِ هو الدفاعُ العقائديُّ عن مقدَّساتِ الدِّينِ، مِنَ التَّوحيدِ، إلى الإمامةِ، إلى أصغرِ تفاصيلِ الشريعةِ.
كما أنَّ العِداءَ لا يُقَاسُ بالفعل فقط، بل بالرِّضَا بِهِ أيضًا؛ فمَن سَمِعَ بِمَا جرى على الحسينِ وأهلِ بيتِهِ (عليهم السلام)، وَرَضِيَ بِهِ، فقد شَرِكَ في الجريمةِ، ولو لَم يحملْ سيفًا؛ ولهذا وردَ: "لَعَنَ اللهُ أُمَّةً سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ".
فاللسانُ الذي يسكتُ عن الحَقِّ، أو يُرَوِّجُ للباطلِ، يكونُ أداةَ قَتْلٍ لا تقلُّ خطرًا عن السيفِ.
ثانيًا: النصرةُ المستقبليّةُ
"ونصرتي لكم معدّة" أي أنَّ رُوحِي، ومَوقفِي، وولائِي، جاهزونَ في سِجِلِّ النّصرةِ إلى أن يُؤذَنَ بالثأرِ.
فمولانا العبَّاسُ وكلُّ الشهداءِ الصادقِينَ (عليهم السلام)، بايعُوا على خَطٍّ لا ينتهي عِنْدَ يَوْمِ عاشوراءَ.
دمُ الحسينِ (عليه السلام)، وجِرَاحُ العبَّاسِ، لم تَنْدَمِلْ ولن تَنْدَمِلَ حتَّى يخرجَ المهديُّ مِن آلِ محمّدٍ، فيأخذَ بثأرِهِم.
فالنّصرةُ المعدّةُ هي وقفةٌ في انتظارِ الإمامِ المهديِّ (عجّل الله فرجه) واستعدادٌ دائمٌ لأنْ نكونَ جنودَ الحَقِّ ساعةَ يُفْتَحُ بابُ الظهورِ.
اللَّهُمَّ اجعلنَا مِن أنصارِ الإمامِ المهديِّ، ومِنَ الآخذِينَ بثأرِ الحسينِ، والماضِينَ على دَرْبِ أبي الفضلِ فنكونَ مِنَ النَّاصرِينَ.







وائل الوائلي
منذ 4 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN