في رحاب عدل الله وكرمه، تروي لنا الروايات مشاهد مدهشة تكشف عن فيض رحمته وسننه التي لا تحابي أحدا. من بين تلك المشاهد، ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: {قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين}، فيقول: "يا رب، فكيف وأنت العدل الذي لا يجور، فثواب عملي بطل وهنا يأتي الجواب الإلهي الذي يجسد قمة العدل: "لا، ولكن سلني من أمر الدنيا ما شئت ثوابا لعملك أعطك".
وهكذا، يسأل إبليس البقاء إلى يوم القيامة، فيمنح ذلك، ثم يطلب التسلط على بني آدم، فيعطى، ثم أن يجري فيهم مجرى الدم، فيلبى طلبه، وصولا إلى أن يولد له مع كل مولود لآدم، ويرى البشر دون أن يروه، ويتشكل في أي صورة يريد، حتى يختار صدور الناس وطنا له، ويمنح كل ذلك. وعندها، يكتفي إبليس، مؤكدا أنه سيغوي البشر جميعا إلا المخلصين.
ميزان العدل الإلهي
قد يبدو الأمر غريبا، كيف يمنح عدو الله هذه القوة لكن سنن الله لا تحابي أحدا، فإبليس كان له عمل عبد الله فيه أربعة آلاف سنة، والله لا يضيع أجر عامل، حتى لو انقلب بعد ذلك على عقبيه، فيعطى جزاءه في الدنيا ، وهنا تتجلى عدالة الله المطلقة، حيث لا يظلم أحد، ولا يهضم حق، حتى لو كان هذا الحق صغيرا.
لكن العدل لا يعني فقط منح الحقوق، بل يعني أيضا إعطاء كل نصيبه وفق اختياره، فقد اختار إبليس طريق الغواية رغم العطاء، كما يختار البشر الخير أو الشر، فيجازى كل بما قدم.
فيض الكرم الإلهي
إذا كان إبليس قد نال هذا الثواب لقاء ركعتين، فكيف بمن يسجد خاشعا، ويذكر الله صادقا، ويعمل صالحا إن كرم الله لا يحد، فهو الذي يضاعف الحسنات، ويجازي بالقليل كثيرا، ويمنح العبد فوق ما يتصور، يكفي أن يمد الإنسان يده إلى الله بعمل مخلص، حتى يغمره الله بعطائه الذي لا ينضب.
البشارة الخفية
هذه الرواية تحمل في طياتها بشارة عظيمة: لا تحتقر أي عمل صالح، فالله لا ينظر إلى حجمه بل إلى صدق نيتك فيه. كلمة طيبة، ركعة في جوف الليل، صدقة صغيرة، كل ذلك له عند الله وزن عظيم، وكما لم يضع الله ثواب إبليس، فلن يضيع أجر عبد يخلص له.
{وما تفعلوا من خير يعلمه الله} وهنا يكمن سر الأمل، وسر العدل، وسر الرحمة التي لا تنتهي.







وائل الوائلي
منذ 4 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN