بسم الله الرحمن الرحيم وأفضل الصلاة وأتمّ السلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين السلام على مولى الموحدين وإمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام ورحمة الله وبركاته السلام على الإمامين الكاظمين الجوادين موسى الكاظم ومحمد الجواد ورحمة الله وبركاته السلام على مولانا صاحب العصر والزمان ورحمة الله وبركاته. حضورنا الكريم مع حفظ المقامات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،ومرحباً بكم في رحاب هذه العتبة المقدسة. قال تعالى في كتابه العزيز : بسم الله الرحمن الرحيم ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) الحمد لله الذي جعل كمال دينه وتمام نعمته بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الحمد لله الذي عرّفنا فضل هذا اليوم،وبصّرنا حرمته، وكرّمنا به،وشرّفنا بمعرفته، وهدانا بنوره، اللهم أقرر به عيوننا، واجمع به شملنا، ولاتضلنا بعد إذ هديتنا، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين يا أرحم الراحمين. دأبت الأمم والشعوب على أن تجعل لها أعياداً ومناسبات تشير إلى حدث مهم في حياة تلك الأمة أو ذلك الشعب، ولايرتاب أحدٌ بأنّ أفضل الأعياد ما كان له ارتباط بالخالق عزّ وجلَّ وشُرّعَ من قبله سبحانه ومن هذا المنطلق كانت أعيادنا الإسلامية قد امتازت بهذه المزية الشريفة إنَّ أهميّة عيد الغدير تكمن في تعيين الولاية الإلهية وانتخاب الشخصية المثلى والوجود المقدس والأسوة الكاملة للمجتمع الأنساني والمثال الذي يُحتذى به. إنَّ عليأ عليه السلام هو الذي أضفى على الغدير قيمةًً وشرفاً لأَنَّ مقامه السامي كان السبب الرئيس في اختيار السماء له،ونحن لا نحتفي بالغدير من أجل قيمته العقائدية فحسْب بل من أجل أن نعرف كيفية الاقتداء بمنهج أمير المؤمنين عليه السلام، وإنّ علينا في الوقت نفسه أن لا ننسى أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام يريد منّا أن نكون على قدْرٍ من المسؤولية التي تحتِّم مراعاة القيم والمعايير التي يريدها الباري جَلّ شأنه. لقد كانَ يوم الغدير إظهاراً لأمر الله أُعلن عنه في هذا اليوم, ولم يتطرق دعاء النبي (صلى الله عليه واله وسلم) : "اللهمّ والِ مَنْ والاه وعادِ مَنْ عاداه" الى بيان خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام) ولماذا يكون في هذا المنصب بل اِنّ الامر مفروغ منه وقد اكتفى صلى الله عليه وآله وسلم بالدعاء. ما نفهمه من ولاية امير المؤمنين اَنَّ الأمر لا يقتصر على الزّعامة السياسية بل اِنّ الولاية الكاملة بجوانبها المختلفة التي هي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو (أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم) تنتقل كما هي الى أمير المؤمنين (عليه السلام) ,ولا عجب إذ هو نفس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بنص آية المباهلة. ما المقصود من اللهمّ والِ من والاه؟ هل هي كلماتٌ ننطقها؟ أم جوهرها سلوك يومي, وكيف تكون المعاداة؟ هل بإبراز السيف فقط؟ ام بالابتعاد عن خطّه الذي هو خط الاسلام الحقيقي؟ ولمناسبة عيد الغدير, عيد الله الأكبر, عيد آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وكما احتفل خدم الإمامين الجوادين (عليهما السلام) قبل سنتين في مثل هذا اليوم المبارك بتجديد تذهيب طارمة باب المراد, وفي هذا اليوم بحضوركم المبارك ومشاركتكم الكريمة ومن يُتابعنا من خلال وسائل الاعلام المختلفة نحتفل بإزاحة الستار عن المنائر الثلاث التي تم تجديد تذهيبها بعد الانتهاء من هذا المشروع المشترك بين العتبة المقدسة ومؤسسة الكوثر لإعمار العتبات المقدسة, ونأمل ببركة محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أَن نوفّق قريباً إلى الانتهاء من مشروع تجديد تذهيب طارمتي باب القبلة وباب قريش, ولايفوتني اَنْ أتوجّه بالشكر والتقدير الى معالي السيد علاء الموسوي رئيس ديوان الوقف الشيعي والدوائر المختلفة فيه على دعمهم لمشاريع العتبة المقدسة, والى مؤسّسة الكوثر ممثلّةً برئيسها المهندس الحاج حسن بولارك والعاملين فيها, وبشكل خاص مجموعة العاملين في مشروع التذهيب ومعهم خدم الجوادين عليهما السلام في قسم الشؤون الهندسية ومنهم العاملين في وحدة طلاء الذهب وبقية الاقسام والشعب والوحدات الأخرى الساندة وخاصة العاملون في الهندسة الكهربائية والكاميرات والصوتيات والنجارة. لقد استغرق المشروع مايقارب السنتين, وقد هيّأت العتبة المقدّسة الذهب ومجموعة من العاملين وخبرات خارجية وبقية المواد المطلوبة, ووفرّت مؤسسة الكوثر المهندسين والخبرات اللازمة, وخضعت الاعمال الطلائية الى فحوصات مختبرية في الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية, وتم نصب المنظومات ذاتِ الصلة واجراء الصيانة لبدن كل منارة بما في ذلك صحنها. وفي الختام .. نقف وقفة إجلال وإكرام, لمن لبّى نداء المرجعية العليا, صانها الله من كل مكروه, وأن يحشر شهدائنا الأبرار في أعلى عليين, ويمُنّ على الجرحى منهم بالشفاء العاجل, ويسدّد خطى المرابطين في سوح الجهاد, ويمُنّ على العراق واهله وسائر بلاد المسلمين بالأمن والأمان, وأنْ يوفّقنا للسير على نهج علي (عليه السلام) كما اشكركم على حضوركم, وتجشمكم عناء السفر, للتشرف برحاب الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) والشكر موصول لخدم الامامين (عليهما السلام) لما بذلوه في الاستعداد لهذا الحفل المبارك, وآخر دعوانا اَنْ الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآلهِ الطيبين الطاهرين.