بسم الله الرحمن الرحيم
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى اَكْرَمَنا بِهذَا الْيَوْمِ وَجَعَلَنا مِنَ الْمُوفينَ بِعَهْدِهِ اِلَيْنا، وَميثاقِهِ الّذي واثَقَنا بِهِ مِنْ وِلايَةِ وُلاةِ اَمْرِهِ وَالْقوّامِ بِقِسْطِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْنا مِنَ الْجاحِدينَ وَالْمُكَذِّبينَ بِيَوْمِ الدِّينَ والصلاة والسلام على سيد العالمين محمد المصطفى خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله الأخيار الطيبين الطاهرين السلام على الإمامين الهمامين موسى بنِ جعفرٍ الكاظمِ ومحمدِ بنِ عليٍّ الجوادِ ورحمة الله وبركاته..
السادةُ الحضور.. الضيوفُ الأكارم.. مع حفظِ المقامات والألقاب.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
من جوار القبتين الزاهرتين الطاهرتين والمئاذن الباسقات الشامخات ومن الرحاب القدسية للإمامين الهمامين الكاظمين الجوادين (عليهما السلام) نرفع إلى مقام صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه الشريف وإلى مراجعنا العظام والعالم الإسلامي كافة وإليكم أيها الحضور الكريم أزكى التهاني والتبريكات بعيد الله الأكبر يوم الغدير الأغر.. هذا اليوم الذي يعد محطة للتأمل ومرتكزا لقاعدة الإيمان المحض إذ يفرض علينا التفكر مليا ونحن نجدد عهد الحب والولاء والبيعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فالمحب لمن أحب مطيعُ.. وعلى هذا الحب والولاء يجب أن نربي أولادنا كي ينمو معهم هذا الشعور السامي ولله در الشاعر اليماني إبراهيم بن أحمد الحضراني عندما قال:
لا عــــذب الله أمي إنهــا شــربــــت حــب الوصـي وغـذتـنيـــــه باللـبن
وكان لي والــــد يهـوى أبـا حـســـن فصرت من ذي وذا أهوى ابا حسن
الحفل البهيج.. عندما يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره، بنصب أخي علي بن أبي طالب علماً لأمتي، يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم فيه النعمة، ورضى لهم الإسلام ديناً). نعرف أن هذا العيد هو الأفضل والأكبر لارتباطه بأصول الدين.. فبعد أن أقر الناس لله عز وجل بالتوحيد ولمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة فلا بد من الإقرار بالإمامة لاكتمال الدين وإتمام النعمة، إذ يقول رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (تمام نبوتي، وتمام دين الله في ولاية علي بعدي". فعيد الغدير هو الأفضل من بين أعياد الأمة الإسلامية وذلك لارتباطه بأصل من أصول الدين والمتمثل بالإمامة.. وفي حديث الإمام الرضا عليه السلام لأبي نصر البزنطي أنه قال: وأفضِل على إخوانك في هذا اليوم وسُرّ فيه كل مؤمن ومؤمنة، والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كل يوم عشر مرّات.. قال الشاعر صادق درباش
تُبورك اسمك الــزاهي عليّا ... بأمر الله اصبحت الــوصيّا
وقال الله يـــوم الحج مهلا ... فـــأني الآن نصبتُ الوليّا
امير المؤمنين ابـــو ترابٍ ... لــه الايمان والآيات طيا
وقــال المصطفى هذا وزيري ... سناه لأمتي بعـــدي هديا
عليٌّ حبّه سيمـاء عـــدل ٍ ... ومن عـــاداه لا يلقى النبيا
فلم يسجد لدى الاصنـام يوما ... ولم يدنو ولم يــــركع جثـيّا
به الاســـلام مدّ الفجر مدّا ... به الـــرحمن أبقى الدين حيّا
وشمس الحق اشرق غدير خمّ ... واضحـى يومها عيــدا ً بهيّا
الحضور الكريم.. إن يوم غدير خم ليس حدثا تأريخيا عابرا مرت عليه قرون وقرون بل عقيدة لازمة الإيمان ما زلنا نعيش ألطاف ذلك اليوم البعيد زمانيا والقريب مكانيا على قلوبنا وضمائرنا.. فلولا ذلك اليوم الأغر ما سجل أبناء علي وموالوه على صفحات التاريخ أعظم انتصاراته بتضحيات أبنائنا من الحشد الشعبي بعد أن لبوا نداء المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله الوارف في فتوى الدفاع الكفائي فبذلوا أرواحهم رخيصة دفاعا عن البلاد والعباد وفداءً للمقدسات بعيدا عن أي مقابل دنيوي.. تركوا بيوتهم وعوائلهم وراحتهم من أجل علي عليه السلام.. وأبناء هؤلاء الشهداء هي أمانة بأعناق كل من يؤمن بإمامة علي عليه السلام فهؤلاء اليتامى عندما فقدوا أباءهم.. فنحن بالمقابل وجدنا وطنا خاليا من داعش.. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟.. فكما بايع الناس عليا يوم الغدير فأبناؤنا من الحشد الشعبي بايعوا إمام زمانهم عجل الله تعالى فرجه الشريف وهبوا لحفظ بيضة الإسلام تمهيدا لظهوره المبارك إيمانا منهم بأن الأمة لن ترفع رأسها حتى ترفع اليد التي رفعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الغدير.. فولاية علي عليه السلام حصن الله كما جاء في الحديث القدسي (ولاية علي بن أبي طالب حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي) وقد ترجم الشيخ صالح الحريري هذا المعنى قائلا:
ولايتي لأمير النحل تكفيـــــني عند الممات وتغســيلي وتكفينـــي
وطينتي عجنت من يوم تكويني بحــب حــيدر كيف النار تكويني
اللهم نسألك اَنْ تَجْعَلَنا فى هذَا الْيَوْمِ الَّذى عَقَدْتَ فيهِ لِوَلِيِّكَ الْعَهْدَ فى اَعْناقِ خَلْقِكَ، وَاَكْمَلْتَ لَهُمُ الّدينَ مِنَ الْعارِفينَ بِحُرْمَتِهِ، وَالْمُقِرّينَ بِفَضْلِهِ مِنْ عُتَقآئِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النّارِ، اللهـُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَة وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْنا حَتّى تُسْكِنَهُ اَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً برحمتك يا أرحم الراحمين
والحمد لله رب العالمين أبدا وصلاته وسلامه على رسوله وآله سرمدا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته