اشاد خطيب جمعة كربلاء المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) خلال خطبته الثانية التي القاها في الصحن الحسيني الشريف يوم الجمعة 20 / ربيع الاول / 1437هـ الموافق 1 / كانون الثاني / 2016م ، بالملاحم البطولية التي سطرها مقاتلو القوات المسلحة ومن يساندهم من مقاتلي العشائر الاصيلة ، عاديا اياها انعكاسا لما تحّلوا به من مقومات الانتصار وما يمتلكونه من ارادة وطنية وعقيدة دينية تدفهم لذلك ، وهي ـ الانتصارات ـ نتاج طبيعي لما مهد له المتطوعين ورجال العشائر من بطولات ، أختلت على أثرها قدرات داعش الإرهابية ، وبذلك فأنهم فندوا مزاعم افتقار الجيش العراقي لإرادة القتال وعدم قدرته على تحقيق التقدم على ارض المعركة ، مثبتين العكس من ذلك تماما ، خصوصا عندما تتوفر لهم قيادة حكيمة وشجاعة ، ومعدات ضرورية ، عندئذ يسكون النصر حلفهم لا محالة .
الشيخ الكربلائي ، وفي معرض حديثه عن الانتصارات التي تحققت مؤخرا في مدينة الرمادي ، أبدى اسفه عما لحق بهذه المدينة من دمار ـ حاثا في الوقت ذاته ـ القيادات العسكرية ومن يساندهم من المتطوعين ومقاتلي العشائر وابناء المناطق المحررة ، على ضرورة استثمار الهزيمة النفسية والعسكرية لداعش لوضع خطط محكمة وسريعة لتحرير بقية المناطق ، بما يفّوت على الاطراف المغرضة ، تحقيق مكاسبها غير مشروعة ، فضلا عن مطالبته بضرورة إعادة الاستقرار الى المناطق المحررة وإعادة إعمارها سيما بناها التحتية والخدمية ، فضلا عن إعادة نازحيها بالتنسيق مع القوات الامنية والاهالي بما يحرز عدم عودة من ساهم في الأرهاب لئلا يكون نواة لخلايا نائمة قد تشكل خطرا ما في المستقبل .
كما جدد سماحته مطالبته للأطراف الداخلية والخارجية التي تتخذ من العنف وسيلة لتحقيق مراميها السياسية بوسائل قذرة كالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والانتحاريين ، محاولة منها لإشاعة الفوضى واشغال الاجهزة الامنية وتعطيل العملية السياسية واخرها تجربتها الهزيلة داعش ، بإعادة النظر في مواقفها هذه والابتعاد عن هذا المنهج الخبيث .
وطالب سماحته ، القوى السياسية التي تمسك بزمام السلطة ، مراجعة سياستها وادائها للفترة السابقة ، وان تساهم في اقامة الحكم الرشيد المبني على المساواة بين الجميع .
واستنكر الكربلائي ما تعانيه محافظة البصرة من استمرار ظاهرة النزاعات العشائرية المسلحة التي تخدش بأمن واستقرار المدينة ، فضلا عما اذهبته من ضحايا ابرياء ليس لهم ذنب سوى صلتهم العشائرية بالجاني ، عادّا اياها مخالفة شرعية ووطنية واخلاقية ، محرما بذلك كل عملية قتل او ترحيل قسري من هذا القبيل ، مع دعوته الصريحة للقوات الامنية بضرورة مسك زمام الامور ومحاسبة المخالف أيا كان .
هذا وقد جاء فيها ما يلي :
الأمر الاول :
لقد تحرر في الايام الاخيرة معظم مدينة الرمادي مركز محافظة الانبار ، حيث سطر فيها مقاتلو القوات المسلحة ومن يساندهم من مقاتلي العشائر الاصيلة ، ملاحم البطولة والتضحية ، التي عكست ما يتحلى به هؤلاء المقاتلون الشجعان من مقومات الانتصار بامتلاك الارادة الوطنية والعقيدة الدينية للدفاع عن العراق ومقدساته مهما غلت التضحيات .
ان هذا الانتصار الكبير ، انما هو حصيلة تضحيات وبطولات الآلاف من احبتنا في الجيش والشرطة الاتحادية وابناء العشائر الغيورة ، بالاضافة الى ما مهّد له اعزتنا من المتطوعين ورجال العشائر بمختلف عناوينهم خلال الاشهر السابقة ، حيث دارت معارك شرسة امتدت على مساحات واسعة في المناطق المحيطة بمدينة الرمادي ، استنزفت كثيراً من قدرات عصابات داعش الارهابية .
ويأتي هذا الانتصار المهم ليفند مزاعم البعض من عدم امتلاك الجيش العراقي لإرادة القتال ، وانه لا يتمكن من تحقيق تقدم مهم على الارض ، فقد ثبت انه متى توفرت القيادة الحكيمة والشجاعة وتهيأت المعدات الضرورية لأية معركة وان كانت كبيرة ، فإن رجال القوات المسلحة ومن يساندهم من المقاتلين الآخرين ، سيخوضونها بكل ما اوتوا من عزم وارادة ، وسيكون الانتصار حليفهم لا محالة .
ونحن اذ نبارك لهؤلاء الابطال ، انتصارهم على الارهابيين ونبدي حزننا وأسفنا لما تسببت فيه المعارك الاخيرة من دمار مناطق واسعة من مدينة الرمادي ، نحثّ القيادات العسكرية في قواتنا المسلحة ومن يساندهم من المتطوعين ومقاتلي العشائر وابناء المناطق الرازحة تحت سطوة عصابات داعش على ان يستثمروا ظروف الهزيمة النفسية والعسكرية لهذه العصابات ويضعوا وينفذوا خططاً محكمة لتحرير بقية المناطق ، خصوصاً المدن المهمة لكي تخلّص اهاليها وتفوّت الفرصة على بعض الاطراف في محاولتهم تحقيق مكاسب غير مشروعة في العراق بالتحكم ببعض مناطقه .
ومع انقضاء عام وبدء عام جديد يجدر بالجميع ان يستلهموا الدروس والعبر مما مرّ على العراق والمنطقة برمتها في السنين السابقة، وبهذا الصدد نذكر اموراً :
قد آن الاوان للأطراف الداخلية والخارجية التي حاولت ان تتخذ من العنف وسيلة لتحقيق اهدافها السياسية من خلال استهداف المدنيين بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والمجرمين الانتحاريين لغرض اشاعة الفوضى واشغال الاجهزة الامنية وتعطيل العملية السياسية ثم جربت الظاهرة الداعشية كوسيلة لتحقيق هذه الاهداف وقد فشلت في كل ذلك .
لقد آن الاوان لهذه الاطراف ان تعيد النظر في حساباتها وتترك هذه المخططات الخبيثة التي لم تؤدِ ولا تؤدي الا الى مزيد من الدمار ووقوع افدح الخسائر واعظم الاضرار في الارواح والممتلكات..
لاشك ان بعض السياسات الخاطئة التي انتهجتها بعض الاطراف الحاكمة وسوء الادارة وتفشي الفساد قد وفر اجواءً مساعدة لنمو وتفاقم الظاهرة الداعشية ومن هنا فقد آن الاوان للقوى السياسية التي تمسك بزمام السلطة ان تعزم على مراجعة سياساتها وادائها للفترة السابقة وان تدرك انه لا سبيل امامها لانقاذ البلد من المآسي التي تمر به الا المساهمة في اقامة الحكم الرشيد المبني على تساوي جميع المواطنين في الحقوق والواجبات .
ان من الضروري لإعادة الاستقرار الى المناطق التي تحررت من الارهاب الداعشي هو وضع خطة لإعمارها خصوصاً البنى التحتية والخدمات الاساسية كالمستشفيات والمدارس ومحطات الكهرباء والماء ونحوها وايضا اعادة النازحين وفق آلية ينسق فيها بين القوات الامنية واهالي هذه المناطق وعشائرها بما يضمن عدم تمكين العصابات الارهابية من العودة اليها من جديد وتشكيل خلايا نائمة يمكن ان تشكل خطراً عليها وعلى ما جاورها من المناطق .
الأمر الثاني :
تتوالى الشكاوى من اهالي محافظة البصرة وغيرها من استمرار النزاعات العشائرية المسلحة التي تخل بالأمن والاستقرار ويذهب ضحيتها العشرات من المواطنين الابرياء الذين لا دخل لهم بارتكاب جرائم القتل وغيرها ولكن يتم استهدافهم لكونهم من ابناء عشيرة المجرم ونحو ذلك .
ونحن اذ نجدد ادانتنا واستنكارنا لهذه الممارسات المخالفة لجميع المعايير الشرعية والوطنية والاخلاقية ونؤكد على حرمة كل عمليات القتل والترحيل القسري ونحوها ، ندعو القوات الامنية الى ان تمسك بزمام الامور وتمنع من كل ما يخل بأمن واستقرار المواطنين أياً كان مصدره .
اللهم اجعل عامنا هذا عاما تفرج فيه عن كرباتنا وتنصرنا فيه على اعدائنا وتصلح فيه احوالنا ، انك على كل شيء قدير .