يمثّل ارتفاع تكاليف إنتاج الهيدروجين ونقله، إلى جانب مخاطر تسرب الوقود، عائقًا أمام انتشار استعماله في قطاع النقل.
وكان واضحًا، منذ مدة طويلة، أن الكهربة المباشرة أو البطاريات لجميع وسائل النقل البري سوف تهيمن، حسب تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وأصبح الأمر، حاليًا، أكثر وضوحًا مع انخفاض أسعار البطاريات، وزيادة كثافة طاقتها، وشراء الأسواق العالمية للمركبات الكهربائية العاملة بالبطاريات.
وفي قطاع الشحن البحري، كان من الواضح أن البطاريات والمركبات الهجينة وسفن الوقود الحيوي سوف تهيمن، على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان الميثانول الحيوي أو الديزل الحيوي سينتهي بهما الأمر إلى الهيمنة.
استعمال الهيدروجين في قطاع الطيران
بالنسبة للطيران؛ فإن استعمال الهيدروجين السائل داخل جسم الطائرة خلف الركاب سيجمّدهم بسرعة قبل أن ينفجر في حالة الاصطدام، إضافة إلى إلقاء ثقل الطائرة في أثناء الرحلة؛ ما يؤدي مباشرة إلى تلك الحوادث.
وستكون هناك حاجة إلى إعادة تصميم كاملة لجميع جوانب الطيران لبناء أجنحة طائرة بمسافة كافية بين الإنسان والهيدروجين من أجل السلامة الكافية المحتملة، وإعادة بناء المطارات لاستيعابها، وإيجاد طريقة متطورة لتوصيل كميات هائلة من الهيدروجين السائل إلى المطارات.
وكما هو الحال مع الشحن البحري؛ فإن أنظمة الدفع التي تعمل بالبطاريات الكهربائية والهجينة والكيروسين الحيوي سوف تهيمن على السوق.
أحلام استعمال الهيدروجين في النقل
كانت جميع أحلام استعمال الهيدروجين في النقل، بل كل خطط استعمال الهيدروجين في الطاقة، مبنية على الوهم بأن الهيدروجين سيكون رخيص الثمن، بحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع.
في المقابل، فإن إنتاج الهيدروجين الأخضر رخيص الثمن يتطلب أن تكون الكهرباء والمحللات الكهربائية مجانية ويجب تصنيعها عند نقطة الاستهلاك؛ لأن نقلها يكلف الكثير.
تجدر الإشارة إلى أن الواقع مختلف؛ فالمحللات الكهربائية ليست مجانية، وقد ثبت أنها تتطلب كهرباء مستقرة، ولا يزال توازن المصنع يكلف الكثير، وقد ثبت أن الكهرباء المستقرة تكلف أضعاف التكاليف المفترضة للكهرباء المقطوعة، ولا يزال نقل الهيدروجين مكلفًا للغاية.
وأظهرت السنوات القليلة الماضية أن ما كان واضحًا من التحليلات التقنية الاقتصادية الواضحة كان صحيحًا في العالم الحقيقي.
بدورها، زادت وحدة الأبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس (BNEF) أكثر من 3 أضعاف تقديراتها السابقة لتكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في عام 2050.
وهي تتوقع الآن أن تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر ستنخفض من النطاق الحالي من 3.74 دولارًا إلى 11.70 دولارًا للكيلوغرام إلى ما بين 1.60 دولارًا و5.09 دولارًا للكيلوغرام بحلول عام 2050.
ويرجع هذا التعديل في المقام الأول إلى ارتفاع التكاليف المستقبلية المتوقعة لأجهزة التحليل الكهربائي.
في الوقت الحالي، يُستَعمل أكثر من 85% من الهيدروجين مادةً خامًا صناعية عند نقطة تصنيعه.
تسرب الهيدروجين
تشير الدراسات التي أجريت على تسرب الهيدروجين من السيارات العاملة بخلايا الوقود إلى أن هذه المركبات لديها ميل قوي للتسرب؛ إذ وجدت الدراسات التي أجرتها كوريا الجنوبية على حافلاتها وسياراتها التي تعمل بخلايا الوقود أن 15% منها كانت تُسرِّبه.
وحُدِّد تأثير تسرب الهيدروجين في تحلل الميثان في عام 2000، ونُشر أول حساب لإمكان الاحتباس الحراري العالمي قبل 4 سنوات.
ويشير المحللون إلى أن تسرب الهيدروجين يشبه القول "إن الماء مبلل"؛ لأنه أصغر جزيء ثنائي الذرة في الكون ويجب تخزينه ونقله في درجات حرارة أو ضغوط شديدة من شأنها أن تجعل أي شخص بالقرب من محطة التزود بالوقود أو السيارة يرتجف.
ويبدو أن هذا الأمر يستغرق وقتًا طويلًا للوصول إلى آذان صناع السياسات، في حين تتعمد شركات إنتاج الهيدروجين الكبرى تجاهل هذا الأمر.
التزوّد بوقود الهيدروجين
تُعد محطات التزود بوقود الهيدروجين غير موثوقة؛ فقد توقّفت محطة التزود بالوقود في مقاطعة كيبيك الكندية عن العمل لما يعادل ثلث مدة اختبار سيارة الهيدروجين، التي أجرتها الحكومة على مدى 4 سنوات.
وفي كاليفورنيا، خلال مدة 6 أشهر عندما كان من المفترض أن تكون محطات التزود بالوقود في أعلى مستويات موثوقيتها، كانت خارج الخدمة لمدة 2000 ساعة أكثر من ضخ الهيدروجين، أي نحو 20% أكثر. شهدت محطات التزود بالوقود بالهيدروجين في كوريا الجنوبية 1100 يوم تعطل تراكمي بين عامي 2022 و2023.