من ذُرى المجد والولاء من ديار كرم الإمامة وفيضها الزاخر، من بقعة الطهر المُفعمة بالقداسة والإيمان، رحاب الإمامين موسى بن جعفر الكاظم ومحمد بن علي الجواد "عليهما السلام"، وبرعاية مباركة من قبل رئيس ديوان الوقف الشيعي الدكتور حيدر حسن الشمّري، انطلقت صباح الأربعاء 27 كانون الأول 2023 مسابقة النخبة الوطنية السنوية بنسختها الرابعة عشر لحفظ القرآن الكريم وتلاوته المؤهلة للمسابقات الدولية، التي أقامها المركز الوطني لعلوم القرآن في ديوان الوقف الشيعي، وبالتعاون مع الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة، تحت شعار: ( تمثيل العراق شرف للجميع) بحضور نخبة من ممثلي المؤسسات والروابط القرآنية والمهتمين بالشأن القرآني في ربوع محافظات العراق كافة.
استهل حفل افتتاح المسابقة بتلاوة آيٍ من الذكر الحكيم بصوت الفائز الأول بمسابقة النخبة الوطنية الثالثة عشر/ فرع التلاوة القارئ فلاح زليف عطية، ثم قراءة سورة الفاتحة المباركة ترحماً على أرواح شهدائنا الأبرار. تلتها كلمة المركز الوطني لعلوم القرآن الكريم وألقاها مديره الدكتور رافع العامري بين خلالها قائلاً: نجتمع هذا اليوم في رحاب الإمامين الكاظمين "عليهما السلام" لنعيش هذه الأجواء القرآنية الرائعة.
موضحاً: أن هؤلاء الحفّاظ والقرّاء تم جَمعهم من مديريات وملاحظيات أوقاف المحافظات العزيزة عن طريق مسابقات أشرفت عليها لِجان تحكيمية لأكثر من (56) حكماً من أساتذة المراكز والجهات القرآنية في عموم العراق، وبعد تسجيل أكثر من (325) قارئاً وحافظاً، اشترك ما يقارب (200) منهم بين حافظ وقارئ في هذه التصفيات.
وأشار إن المركز الوطني لعلوم القرآن الكريم عمد على إجراء مسابقات وطنية خاصة بالنساء وأخرى لطلبة العلوم الدينية وللمكفوفين، وكذلك لطلبة المدارس الثانوية من الذكور والإناث وإرسال الأوائل منهم إلى المسابقات الدولية، ونغتنم هذه المناسبة لنحث خلالها المشاركين والمتنافسين لبذل المزيد من الابداع لأجل إظهار كلام الخالق بأروع حُلّة، وبدورنا ندعم جميع هذه الطاقات الوهّاجة من شبابنا القرآني.
أعقبها كلمة رئاسة ديوان الوقف الشيعي وألقاها الوكيل الديني والثقافي الدكتور إحسان جعفر، جاء فيها قائلاً: يشرّفنا اليوم أن نكون في هذه البقعة الطاهرة جنة الإمامين الضرغامين موسى والجواد "عليهما السلام"، وهذا المحضر المبارك من حملة القرآن الكريم. وأشار إلى أن ديوان الوقف الشيعي يولي اهتماماً كبيراً بكل الأنشطة والبرامج القرآنية التي يقيمها المركز الوطني لعلوم القرآن والمؤسسات القرآنية الأخرى في العتبات المقدسة والمزارات الشريفة في عموم العراق بما ينعكس ايجاباً على مستوى الأداء في عمل المركز من جهة وعلى المشتغلين في حفظ القرآن وتلاوته من جهة أخرى.
مؤكداً على أهمية التنسيق العالي بين جميع الفعاليات القرآنية في العراق لرصّ الصفوف وتحديد الأهداف وتوزيع الأدوار والعمل كفريق واحد للارتقاء بالمشاريع القرآنية إلى مصاف الدول الإسلامية المتقدّمة في هذا الجانب.
بعدها كلمة العتبة الكاظمية المقدسة، وألقاها مستشار الأمانة العامة للشؤون الدينية والثقافية فضيلة الشيخ عماد الكاظمي استهلها بقوله تعالى: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) .. الحمد لله الذي شرّفنا بالثقلين كتاب الله والعترة .. أهلا بالإخوة الأفاضل من القرّاء والحفظة وهم في رحاب كتاب الله عزّ وجل، إذ لا يخفى عليكم عظمة وشرف هذا اللقاء، ونؤكد أن حقيقية هذه المسابقات مهمة جداً بل نستطيع أن نصفها بأحد الروافد التي ترفد الأمة بعطاء الله تبارك وتعالى.
وأضاف فضيلته: أن القرّاء مسؤولون بالدرجة الأساس في إيصال تعاليم الله تعالى إلى المجتمع، فينبغي أن لا يكون القارئ مجرد صوت حَسن، وإنما عليه أن يجسد تعاليم القرآن الكريم في الأمة وهذا يحتاج إلى جهود مكثفة من خلال العلم والعمل، وكذلك على المؤسسات القرآنية وبالخصوص الحكومية والدينية مسؤولية أكبر لاحتضان هؤلاء القرّاء لتكون رسالتهم تكاملية. فلولا القرآن لضاعت الأمة مستشهداً بقول النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله وسلم": (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) فالتمسك بالقرآن ينجي الأمة، والأمة تحتاج إلى هذا النجاة وتحصينها من الانحرافات.
كما شهد حفل الافتتاح عرض فلم وثائقي عن دور المركز الوطني لعلوم القرآن الكريم والنشاطات والبرامج التي أقامها خلال السنوات السابقة، وتخلّل مشاركة لفرقة إنشاد الجوادين بأنشودة (القرآن .. ملاذ المؤمنين)، ليختتم الحفل القارئ سجاد المالكي بتلاوة من الذكر الحكيم.
لتبدأ بعدها على بركة الله تعالى الاختبارات التنافسية للمشاركين في المسابقة والتي احتضنتها قاعة سيدنا الحمزة بن عبد المطلب "عليه السلام" في الصحن الشريف وتستمر فعالياتها لمدة أربعة أيام متتالية بإذنه تعالى.