أعلنت العتبة العباسية المقدسة عن استعدادها لتكون حلقة ربط بين مؤسسات الدولة والباحثين، وتخصيص ميزانية سنوية للبحث العلمي. وألقى مدير مكتب المتولي الشرعي للعتبة المقدسة الدكتور أفضل الشامي كلمةً بهذا الخصوص، أدناه نصّها: يشرّفني أن أنقل إلى موقعكم الموقّر هذا سلام وتحيات المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه)، والأمين العام للعتبة المقدسة السيد مصطفى آل ضياء الدين، وإخوتكم في هيأة التعليم العالي في العتبة المقدسة، مقرونة بأطيب التمنيات لنجاحكم وتسديد خطواتكم لتحقيق الأهداف المرجوّة التي انعقد من أجلها هذا المؤتمر، نهنئ في الوقت نفسه جامعة الكفيل الموقرة رئاسةً وأساتذةً وملاكات وظيفيّة وطلبة، لانعقاد هذا المؤتمر في دورته الرابعة، آملين مساهمتكم في حلّ مشاكل عديدة بالتخصصات ذات الصلة وفي الرقيّ بمستوى هذه الجامعة الواعدة، التي يعقد الأمل عليها وعلى أختها جامعة العميد ليُصبحا في مصافّ الجامعات المتميزة والرصينة في العراق والمنطقة. لا يخفى على حضراتكم ما تخصّصه الحكومات في موازناتها المالية سنوياً لنشاط البحث العلمي، لما في ذلك من أهمية في تقدّمها ورقيّها الاقتصادي والاجتماعي وثقلها السياسي والعسكري تبعاً لذلك، حيث أخذ البحث العلمي عندهم مكانه الطبيعي في حلّ المشكلات التي تعصف بالبلدان على الصعد كافة، فلقد أشارت بعض الإحصاءات ذات العلاقة، أن الاتحاد الأوروبي مثلاً أنفق أكثر من 334 مليار دولار في عام 2014 من موازنته على البحث العلمي، أما الصين فقد أنفقت 409 مليارات دولار على البحث العلمي في عام 2015، واليابان أنفقت مبلغاً مقداره 170 مليار دولار من موازناتها للبحث العلمي في العام نفسه، فيما تفوّقت كوريا الجنوبية على مثيلاتها في التخصيص للبحث العلمي من موازنتها. وهنا أودّ التساؤل أين نحن من ذلك كله؟ وكيف نتعامل مع البحوث العلمية التي يقدّمها خيرة رجالنا وباحثينا وخيرة نسائنا؟ حيث يقتصر منها في الغالب على تحقيق الترقية العلمية للباحث أو رفع مستوى التصنيف للجامعات، ومع أهمية ذلك، إلّا أن دور هذه البحوث في حل مشاكل البلاد ومعالجة الخلل الذي ضرب مفاصل كثيرة منه متواضعٌ جداً للأسف الشديد. بودّي هنا أن أذكّر نفسي وأذكركم ما كان يلقى في ما يخصّ الموضوع بخطب الجمعة في الصحن الحسيني الشريف قبل عدة سنوات، والذي كان يحثّ على الاهتمام بالباحثين والعلماء والعقول العراقية لحلّ مشاكل بلدنا العزيز، لقد جاء في خطبة الجمعة التي كانت بتاريخ 10/5/2013، على لسان سماحة السيد الصافي (دام عزّه)، ما نصّه دعوة للمعنيين في الحكومة المركزية والحكومات المحلية الحالية أو تلك التي تمخّضت عنها انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، إلى الاستفادة من إمكانات الأساتذة والمختصين العراقيين، إذ أن منهم من يمتلك خبرات كبيرة تستطيع حلّ الكثير من هذه المشاكل. ربما كانت الكارثة الأخيرة في المحافظات الجنوبية من الممكن تلافيها، لو أن الحكومات المحلية استعانت بخبرات هؤلاء في مجال الريّ والبنى التحتية وفي مواجهة الفيضانات، ولربما تحول الأمر بدل الكارثة والفيضان إلى الاستفادة من المياه الزائدة في مجالات أُخَر، فكثير من الكفاءات يعرضون خبراتهم ولكنهم لا يجدون آذاناً صاغية. وهذا مقطعٌ آخر جاء على لسان سماحته بعد سنتين تقريباً من الخطبة الأولى في السياق نفسه بتاريخ 17/6/2015، ما نصّه أنّه قد ذكرنا في أكثر من مناسبة أن هناك عقولاً عراقية مبدعة في مجالات شتّى خصوصاً في الوسط العلمي في الجامعات والمعاهد ومراكز البحوث، وإن هذه الأوساط تزخر بالكثير من العلماء الذين يمكن الاستفادة منهم في حلّ جملة من المشاكل الاقتصادية، والمالية والعسكرية وغيرها، ومن المهمّ إشراك هؤلاء الأساتذة في حل هذه المشاكل كمشكلة شحة المياه التي تهدّد البلد، وكذلك بعض المشاكل الاقتصادية والنقدية، إن الاستفادة من خبرة هؤلاء من أهل الاختصاص سيوفّر على الدولة الكثير من الجهد والمال، وفي نفس الوقت من المؤمل أن تؤدّي إلى وضع حلول مناسبة لعديد من المشاكل التي تعاني منها البلاد. إنّ مؤسسات الدولة مدعوة للاستعانة بهؤلاء الأساتذة، وطرح أمهات المسائل عليهم، مع توفير الإمكانات والوسائل اللازمة لهم في سبيل حلها، وفي ما يخص توجّه العتبة المقدسة فإن الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة قد خصّصت ميزانية سنوية لنشاط البحث العلمي في جامعتي العميد والكفيل ومستشفى الكفيل، للمساهمة في حل مشكلات كثيرة عن طريقها، وهي تبدي استعدادها لتكون حلقة رابطة بين مؤسسات الدولة والباحثين لحلّ المشاكل التي تحدّد من قبلهم، وطلب الاستعانة بالإمكانات العلمية لباحثينا الأشاوس، المخلصين في داخل العراق وخارجه شريطة التزام مؤسسات الدولة بالدعم وتنفيذ التوصيات العلمية النافعة والناجحة، لعل في ذلك الوصول إلى حلولٍ علمية رصينة لا حلول ارتجالية وتوافقية ومجاملاتية على حساب وطننا ومواطنينا.