أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2017
![]()
التاريخ: 2025-03-30
![]()
التاريخ: 20-7-2018
![]()
التاريخ: 13-1-2017
![]() |
موجز الخصائص الحضارية:
أول ما نذكر أن ننبه إلى ما يكون قد انطبع في ذهن القارئ مما اوجزناه عن التأريخ السياسي والحربي للآشوريين من أن ذلك التأريخ لم يكن سوى سلسلة من الحملات والحروب الدموية المدمرة، من جانب شعب طغى عليه هوس العظمة الحربية. ومع أننا لا ننكر أن الآشوريين كانوا في الواقع أمة حربية في جميع عهودهم، وتميزوا عن أقربائهم البابليين في هذه الناحية، وسجلوا بأنفسهم الفظائع والمظالم التي ارتكبها ملوكهم وقواد حربهم، إلا أنه يصح القول مع ذلك، وأرجو ألا يحمل مني ذلك على أني أدافع عن الحرب والتدمير، إن الآشوريين لم ينفردوا في هذه الأمور عن الأمم الحربية الأخرى، قديمها وحديثها، بل إن من الأمم الحديثة ولا سيما الأوروبية من فاقت الآشوريين في إحلال الدمار والهلال بالشعوب المغلوبة. ونأخذ من الأمم القديمة على سبيل المثال الدولة الرومانية، سواء كانت في عهدها الجمهوري القديم المضاهي للعصر الآشوري الوسيط أم في العهد الامبراطوري، المضاهي أيضاً لعصر الامبراطورية الآشورية، فلم يكن الرومان أقل براعة من الآشوريين بل فاقوهم في أفانين التدمير والتعذيب، واللهو بقتل الأسرى، أو أنهم يدعون الأسرى بقتل بعضهم بعضاً أو تفترسهم الوحوش الضارية في ملاعبهم الأسرى بقتل بعضهم بعضاً او تفترسهم الوحوش الضارية في ملاعبهم المشهورة (امفيثياتر) حيث النساء والشيوخ والأطفال يتسلون بمشاهد العذاب والدماء. ومع ذلك فالغريب في الأمر أن ينفرد الآشوريون دون سائر الامبراطوريات القديمة بشهرة الظلم والقسوة، مما جعل اسمهم مرادفاً للصفات والنعوت البغيضة ولا سيما بين الشعوب الأوروبية. وعندي أن مرد ذلك إلى الدعاية والتشهير اللذين نالهما الآشوريون على أيدي مدوني التوراة، من جراء العلاقات العدائية بينهم وبين العبرانيين، والضربات الماحقة التي وجهها إليهم الآشوريون. ولا يخفى أن التوراة تأتي في مقدمة وسائل الدعاية في العالم الحديث، حيث يقرأها المسيحيون صغارهم وكبارهم ليل نهار، في حين نسيت مظالم الدول العسكرية الأخرى إلا لدى من يقرأ تأريخها.
وثمة ميزة تفردت بها الحضارة الآشورية استتبعت اتساع الفتوح الآشورية. فإن الثقافة الآشورية إلى جانب صلتها بالحضارة "الأم" (السورية والبابلية) أثرت وتأثرت بدورها بثقافات شعوب أخرى كثيرة اتصل بها الآشوريون عن طريق الحرب والسلم، بحيث يصح أن يطلق على الآشوريين "ورثاء العصور". وكانت اتصالات الآشوريين الواسعة عاملاً مهماً في التقاء الثقافات والحضارات المختلفة واختلاطها. وإذا تذكرنا ما تميز به الملوك الآشوريون من الولع بتدوين أخبارهم الحربية والسلمية تدويناً مفصلاً في حولياتهم ورسائلهم ووثائقهم الرسمية المختلفة أدركنا أهمية أخبار الدولة الآشورية على أنها من أهم المصادر التأريخية، ونذكر على سبيل المثال الأخبار المهمة عن الأرمن وملوكهم وعن قبائل الجبلية المختلفة في شمال العراق وشماله الشرقي وبعض القبائل العربية البدوية في بوادي الشام. ومثل هذا يقال حتى بالنسبة إلى الامم الاخرى ذات التأريخ المدون، كالعبرانيين والمصريين والعيلاميين والحثيين والبابليين، وشعوب آسية الصغرى من بعد الحثيين. فإن ما وصل إلينا في المدونات الآشورية الرسمية يضيف إلى مصادر معرفتنا بتأريخ مثل هذه الشعوب أموراً على غاية من الأهمية.
والآشوريون حتى من بعد سقوطهم السياسي وزوال دولتهم تفرقوا واختلطوا بالشعوب المجاورة، فاستخدم الفرس الأخمينيون الكثير من أصحاب الحرف والمهن والفنانين الآشوريين في تشييد مدنهم وتجميل قصورهم، فاستمر الكثير من تراث الحضارة الآشورية، وأخذت عنهم الأقوام الأخرى عناصر مهمة من النظم العسكرية والإدارية والسياسية. ولعل أبرز من اخذ عنهم الدولة البابلية الأخيرة، أي سلالة نبو بولاصر وابنه نبوخذ نصر. واقتبست الامبراطورية الفارسية الأخمينية الشيء الكثير من التنظيمات الإدارية والعسكرية. ويجدر أن نذكر بهذا الصدد اتصال الآشوريين في عهد امبراطوريتهم الأخيرة بالإغريق ولا سيما الأيونيين منهم منذ زمن سنحاريب (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر:
King, "Sennacherib and the Ionians" in journal of the Hellenic Studies, XXX, 327 ff.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
جامعة بغداد: ذاكرة الألم رسالة حيّة تحمل في طياتها تحذيرًا من مخاطر الكراهية
|
|
|