رغم أزمة الطاقة التي تعيشها الدول الأوروبية فإن البرلمان الأوروبي مرر قرارًا يدعو شركة "توتال إنرجي الفرنسية" وشركاءها في مشروع خط أنابيب النفط شرق إفريقيا "إيكوب"، لتأجيل المشاريع لمدة عام واحد لمعالجة المخاوف البيئية وحقوق الإنسان.
واستدعى البرلمان الأوربي الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي، باتريك بويانيه، إلى بروكسل لتبرير المشروع الذي ندد به المشرعون، وسيمثل أمام اللجنة البرلمانية للبيئة والغذاء والموارد الطبيعية وكذلك لجنة حقوق الإنسان لبحث خطورة خط "إيكوب" على البيئة .
وفي 15 سبتمبر الجاري، مرر البرلمان الاوربي قرارًا يدعو شركة النفط الفرنسية الكبرى وشركاءها في المشروع المشترك لتأجيل المشاريع لمدة عام واحد، لمعالجة المخاوف البيئية بما في ذلك شواطئ بحيرة ألبرت.
وتقول المنظمات البيئية غير حكومية مثل "أصدقاء الأرض" إن خط أنابيب "إيكوب" يهدد بتلويث إمدادات المياه وإلحاق الضرر بالحياة البرية، بما في ذلك حوض بحيرة فيكتوريا، الذي يعتمد عليه أكثر من 40 مليون شخص لمياه الشرب وإنتاج الغذاء، وسيؤدي إلى نزوح أكثر من 100 ألف شخص.
كما قال عشرون بنكًا و13 شركة تأمين، بما في ذلك مجموعة أليانز للتأمين العالمية، و"سويس ري" للتأمين العالمية "مقرها سويسرا"، ومجموعة "إتس إس بي سي "، بنك استثماري بريطاني، وبنك "بي ان بي باربيا " الفرنسي، إنها لن تدعم خط الأنابيب، لكن هناك من عبر عن معارضته للمشروع، مثل بنك سانتاندر ومجموعة "بانكو بيلباو فيزكايا أرجنتاريا" الإسبانيين، وبنك أميركا "Bank of America" ومجموعة "غولدمان ساكس" الأميركية.
غضب أوغندي
مجلس النواب الأوغندي اعتبر أن القرار الأوروبي ينتهك سيادة أوغندا، وقال نائب رئيس البرلمان الأوغندي، توماس تايبوا، إن قرار البرلمان الأوروبي يستند إلى معلومات مضللة وتحريف متعمد للحقائق الأساسية المتعلقة بالبيئة وحماية حقوق الإنسان، ويمثل أعلى مستوى في الاستعمار الجديد والإمبريالية ضد سيادة أوغندا وتنزانيا.
وحول الاتهامات بتهديد البيئة، قال "تايبوا" إن خط أنابيب النفط شرق إفريقيا "إيكوب"، لن يمثل 0.5 بالمئة من الانبعاثات العالمية.
كما قال الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي، خلال توقيع اتفاقية إطلاق خط انابيب النفط شرق إفريقيا في فبراير الماضي، إن المشروع يأتي ضمن أهداف الشركة التي تلزمها باعتماد المشروعات منخفضة التكلفة والانبعاثات.
من جانبه، قال الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني على "تويتر": "سيستمر المشروع على النحو المنصوص عليه في العقد المبرم مع توتال والشركة الوطنية الصينية للنفط البحري سينوك"؛ مضيفا أن الشركة الفرنسية إذا استمعت للبرلمان الأوروبي، فسنجد شريكًا آخر للعمل معه".
خط أنبوب شرق إفريقيا
مشروع خط انابيب النفط الخام لشرق افريقيا "إيكوب"، هو خط أنابيب سينقل النفط المنتج من حقول بحيرة ألبرت في أوغندا إلى ميناء تنغا في تنزانيا ومنه للأسواق العالمية.
ويمتد أنبوب النفط الخام في شرق إفريقيا على مسافة 1443 كيلومترًا من كابالي، من منطقة هويوما الأوغندية إلى ميناء تنغا التنزاني، و80٪ من خط الأنابيب يقع في الأراضي التنزانية.
وتستهدف أوغندا تصدير نفطها بحلول 2025 عبر خط "إيكوب" وبإنتاج تراكمي متوقع يصل إلى 230 ألف برميل يوميًا.
وينفذ المشروع شركة توتال انرجي الفرنسية ، والشركة الوطنية الصينية للنفط البحري "سينوك"، وشركة النفط الأوغندية "يو إن أو سي"، وشركة النفط التنزانية "تي بي دي سي"، وذلك بعد توقيف الاتفاق لإنتاج ونقل النفط بين الشركات الأربع في فبراير الماضي.
وقدر إجمالي الاستثمار في خط "إيكوب" 10 مليارات دولار، مقسمة إلى توتال الفرنسية 56.67 بالمئة، سينوك الصينية 28.33 بالمئة، وشركة النفط الأوغندية 15 بالمئة.
عوائد اقتصادية
يقول الخبير الطاقة والمناخ الأوغندي والأمين العام كبار المدونين، آرثر ديدان موسينغوزي، لـ"اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن مشروع خط النفط يشكل مصدرا اقتصاديا مهما للحكومة الأوغندية، حيث من المتوقع أن يوفر نحو 80 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ومن المتوقع أن يتم إنفاق أكثر من 700 مليون دولار في أوغندا على التدريب وبناء القدرات.
وتم استثمار أكثر من 2.4 ملايين دولار أميركي في عدة مبادرات لنقل التكنولوجيا والمعرفة والمهارات مع أكثر من 500 مستفيد (تدريب واعتماد عمال اللحام والسائقين ومفتشي مراقبة الجودة ومنح الماجستير الدولية وتدريب المسؤولين الحكوميين) بحسب "أرثر".
إطلاق العنان لموارد النفط والغاز سيكون له تأثير كبير للغاية على التنمية الاقتصادية في أوغندا وتنزانيا، حيث يعيش أكثر من 20٪ من السكان على أقل من دولارين في اليوم (55 دولارًا في الشهر)، وهو ما يحسن الوضع الاقتصادي للمواطنين في أوغندا وتنزانيا، وفقا لـ"أرثر".
كما سيسهم مشروع خط "إيكوب" في إعادة استثمار جزء كبير من أرباح موارد النفط والغاز الأوغندية محليًا، على سبيل المثال في تطوير الطاقات المتجددة لتعزيز كهربة البلاد.
وتشارك بالفعل أكثر من 160 شركة أوغندية بشكل مباشر في أنشطة المشروع مثل إدارة المخيمات، والتموين، والخدمات الطبية، والاتصالات، والأمن، والأعمال المدنية، وخدمات القوى العاملة والتدريب، والخدمات الاجتماعية والبيئية وغيرها، وفقا لـ"أرثر".
وحول المعارضة للمشروع، قال "آثر" إنه بصرف النظر عن الأشخاص المتأثرين بالمشروع فإن المشروع له تأثير إيجابي على أكبر عدد ممكن من الأشخاص، فقد تم تطوير العديد من المبادرات مثل الوصول إلى المياه (مشروع Kirama) والتدريب الزراعي وتحسين الرعاية الصحية (مركز Avogera الصحي) والوصول إلى التعليم من خلال المنح الدراسية، من بين أمور أخرى، مضيفا أن الحكومة والشركات المنفذة تولي اهتمامًا خاصًا لحماية الأشخاص المعرضين للخطر وحقوق المرأة من خلال ضمان وجودهم ومشاركتهم في الخطوات الرئيسية لعملية الاستحواذ على الأراضي.
واختتم قائلا إن التطوير المستمر لمشاريع النفط والغاز هو فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر والعديد من الأوغنديين يشاركون بالفعل في هذه الأنشطة. يحتاج جميع أصحاب المصلحة إلى مواصلة العمل بشكل تعاوني لضمان النمو المستدام والمشاركة الوطنية داخل القطاع والتي ستسهم في التنمية الشاملة للاقتصاد.
وتتوقع هيئة البترول الأوغندية أن يدر إنتاج وتصدير النفط للبلاد ما بين 1.5 و3 مليارات دولار سنويًا في ذروة الإنتاج، اعتمادًا على الأسعار العالمية، وهو ما يساعد أوغندا على التخلص من المساعدات الخارجية ويعزز أمن الطاقة.
وتقدر احتياطيات أوغندا من النفط القابلة للاستخراج بما لا يقل عن 1.4 مليارات برميل، وهو ما يكفي لتحويل البلاد إلى أحد أكبر عشرة منتجين في إفريقيا.
وقد تم اكتشاف النفط لأول مرة عن طريق التنقيب في منطقة بحيرة ألبرت في أوغندا في عام 2006.
وتشير التقديرات إلى أن شركات النفط العالمية تدرس زيادة استثمارات في النفط والغاز في القارة الإفريقية بقيمة إجمالية قدرها 100 مليار دولار.