في تشرين الأوّل من عام (2020) شرعت الأيادي العراقيّةُ بصناعة شبّاك مرقد السيّدة زينب (عليها السلام)، وفقاً لتصاميم فنّية وهندسيّة مستوحاة من عبق التراث الفنّي الإسلاميّ، نفّذتها ملاكاتُ قسم صناعة شبابيك الأضرحة وأبوابها التابع للعتبة العبّاسية المقدّسة. بدايات التُحفة بدأ القسمُ في (13/ تشرين الأوّل- أكتوبر/ 2020) بوضع معالم الشبّاك الشريف، بعد أن انتهى مسبقاً من تصنيع التاج والسقف العلويّ له وتثبيته عليه، وفقاً لرئيس القسم السيّد ناظم الغرابي، إذ يقول "استوحينا التصاميم من الشبّاك الموجود حاليّاً وبلمساتٍ فنّية، وكان الهيكل الخشبيّ للشبّاك نقطة الانطلاق والشروع لباقي الأجزاء، وهو من أفضل أنواع الخشب (البورمي)، وبطريقة تثبيتٍ حرفيّة تتلاءم والأوزان التي ستُثبّت عليه". الهيكل الخشبيّ يتألّف الهيكل من أربعة أعمدةٍ ركنيّةٍ رئيسيّة، وعشرة أعمدةٍ وسطيّة تُحاذي مشبّكات الشبّاك (الدهنات)، وأربعة جسورٍ خشبيّة سُفلى تربط الأعمدة الأركان فيما بينها من الأسفل، وتكون رابطةً لها ومغلّفةً بمعدن (الستانلس ستيل) النقيّ وبسُمْك (5 ملم) ليُعطيها متانةً وعمراً أطول، إضافةً إلى أربعة جسورٍ خشبيّة عُليا ستربط الأعمدة الركنيّة فيما بينها من الأعلى وتكون رابطةً لها"، بحسب الغرابي. ويضيف "تكوّنت أغلبُ الأجزاء المعدنيّة المصنَّعة من نقوشٍ وزخارف يديويّة، وصُنّعت من معدنَيْ الذهب والفضّة، إضافةً إلى الستانلس ستيل والنحاس، وتُستخدم هذه المعادن حسب كلّ قطعةٍ وطريقة صناعتها وتشكيلها". ويوضح، أنّ "العمل يتطلّب دقّةً متناهيةً لاستخلاص المعادن، وجميعها تمتاز بمتانتها وزيادة سُمْكها قياساً بالشبّاك الحاليّ، إضافةً إلى النقوش والزخارف التي تحتويها كلّ قطعة، فقد امتازت بدقّة وجماليّة نقوشها التي جمعت وتناغمت بين الزخارف الموجودة في شبّاك مرقد أبي الفضل العبّاس، وشبّاك مرقد أخته السيّدة زينب (عليهما السلام)". الكتيبة الشعريّة من الأجزاء التصنيعيّة المميّزة في الشبّاك الشريف، هي الكتيبةُ الشعريّة (الشريط الكتابيّ الشعريّ)، التي تعتلي مشبّكات الشبّاك (الدهنات) من الأعلى وهي واحدةٌ من شريطَيْن كتابيَّيْن، فالشبّاكُ يحتوي على كتيبةٍ قرآنيّة وأخرى شعريّة يفصل بينهما جزءٌ زخرفيّ يسمّى بـ(الكلوي) هذا ما بينّه الغرابي، موضّحاً أنَّها تتألّف من (28) قطعةً تُحيط بالشبّاك من جهاته الأربع، بواقع قطعتَيْن فوق كلّ مشبّك، خُطّت عليها قصيدةٌ للشاعر علي الصفّار الكربلائيّ بعنوان: (هي زينب)، ومطلعُها: هي زينبٌ بنتُ الهدى .. بحرُ المكارِمِ والندى بنتُ النبيّ المصطفى .. روحي لمَقدَمِها فِدى ووُزِّعت أبياتُ هذه القصيدة بحيث يكون صدر البيت في قطعة وعجزه في قطعةٍ أخرى، وخُطّت بخطّ الثُلث، وسيُلوَّن الخطّ بالذهب الخالص وقاعدته بالمينا الخضراء. توثيق حكوميّ قبل التحضير لتسليم الشبّاك الشريف إلى العتبة الزينبيّة المقدسّة، زار وفدٌ من دارِ الكتبِ والوثائق في وزارةِ الثقافةِ والسياحةِ والآثارِ موقعَ التصنيع، لتوثيق مراحل الإنجاز وفقاً لمديرة المركز الوطنيّ للوثائق هدى أحمد نصيف، وأضافت "لم نتوقّع أن نشاهد هذا المستوى من الروائع المُنجَزة، بالرغم من اعتقادنا أنّ العمل أوّليّ"، مبيّنةً أنّ "ما اطّلعنا عليه رائعٌ جدّاً ومتكامل". بزوغ الإنجاز يوم الجمعة الأوّل من تموز/ يوليو 2022، وقّعت العتبةُ الزينبيّةُ المطهّرة متمثّلةً بالمسؤول عن إدارتها السيّد محسن حرب، على محضر استلام شبّاك مرقدها الطاهر. ويقول السيّد حرب أنّ الشبّاك "سيكون تحفةً فنّيةً رائعة قُدِّمت من أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) لعقيلة الطالبيّين أخته السيّدة زينب(عليها السلام)". وفي يوم الثلاثاء (5 تموز/ يوليو 2022) انتهت ملاكاتُ العتبة العبّاسية المقدّسة، من جميع الأعمال الخاصّة برزم أجزاء وقطع شبّاك مرقد السيّدة زينب(عليها السلام)، وذلك بعد الانتهاء من تفكيكها بحضور مسؤول إدارة مرقد العتبة الزينبيّة السيّد محسن حرب، والمُشرِف على القسم الحقوقيّ كاظم عبادة. ورُزِمت ما تمّت صناعتُه بتغليفِهِ ووضعِه في الصناديق الخاصّة بكلّ قطعة، والتهيّؤ لنقله إلى مرقد السيّدة زينب(عليها السلام) إذ تولّت فرقةُ العبّاس(عليه السلام) القتاليّة هذه المَهمَّة. وسيتولّى فريقان فنّيان من العتبة العبّاسية المقدّسة العمل على نقل الشبّاك الجديد، وتفكيك الشبّاك القديم لمرقد السيّدة زينب(عليها السلام) ونصبه في مكانه، والذي تبرّع به أحدُ المؤمنين وقد صُنِع بالكامل داخل العراق. الاحتفاء بالإنجاز الفذّ وجّهت الأمانةُ العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة دعوةً لجميع المحبّين والموالين، لحضور حفل الاحتفاء بإنجاز الشبّاك الجديد لمرقد السيّدة زينب(عليها السلام)، الذي أنجزته ملاكاتُ وخَدَمَةُ العتبة العباسية المقدسة قُبيلَ نقلِه إلى مرقدها المطهّر في سوريا. وسيُقام الحفلُ فِي الباحة المطلّة على بوّابة القبلة لمرقد أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)، بعد نقله من مصنع الشبابيك والأضرحة في الساعة الخامسة مساءَ يوم الثلاثاء (30 صفر 1444هـ) الموافق لـ(27/ 9/ 2022م).