أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وبالتعاون مع شبكة الإعلام العراقي/ إذاعة الفرقان ندوة تثقيفية لمواجهة خطر الوباء العالمي "فيروس كورونا" تحت شعار: (حفظ الأرواح مسؤولية شرعية ووطنية وأخلاقية) وذلك في رحاب الصحن الكاظمي الشريف.
وشهد المحور الأول للندوة الذي تحدث فيه الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة الأستاذ الدكتور حيدر حسن الشمري شرحاً بيّن فيه حجم الأزمة الصحية الكبيرة التي يمرّ بها العالم الإنساني قائلاً: بعد تصنيف منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا " وباءً عالمياً "، حيث أن قرار هذه المنظمة الإنسانية يعتبر إنذار لكل دول العالم، لا نريد أن نبعث الرعب في النفوس، ولكن علينا مسؤولية شرعية وإنسانية وأخلاقية باعتباري أميناً عاماً للعتبة الكاظمية المقدسة من جهة، وطبيب استشاري في علم الامراض من جهة أخرى، وهذا الإعلان أوجب على كلّ الدول أن تتخذ إجراءات صحية وقائية من هذا الفيروس القاتل، والأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة التزمت بتوصيات المرجعية الدينية الرشيدة في النجف الأشرف بعدما ما أوصت بعدم التجمعات البشرية خشية انتقال هذا الفيروس، وبدورنا تم توظيف هذا الجانب مهنياً واختصاصياً، والقيام بمجموعة إجراءات نجدها وهي الواجبة شرعياً ومهنياً من خلال غلق أبواب الضريح الشريف للإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام" لاجراءات التعفير والتطهير حفاظاً على الزائرين الكرام، وخشية من المسافات غير الصحية التي تُسهم في انتشار الفيروس لا ريب.
وأضاف: أن الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة رفعت شعارها هذا العام هو (يا طبيب بغداد)، ومن اهم بل اساس واجبات الطبيب هو الوقاية ومن ثم العلاج، كما الوقاية خير من العلاج واليوم نعمل بمبادئ طبيب بغداد الوقائية واتخاذ الإجراءات التي تحقق هذا المضمون، كما تم رفع السِجاد في صحون العتبة المقدسة كونها أوساط لنقل العدوى بين المصلين والزائرين، وتعفير العتبة لأكثر من مرة على مدار الساعة، كما ستعمل الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة على غلق الأبواب بين حين وآخر لتعفير الصحن الشريف بشكل مستمر ومتواصل، وسيتم تحديث تلك الإجراءات حسب توجيهات ومقررات منظمة الصحة العالمية، ومؤشرات وتوصيات وزارة الصحة والبيئة.
كما نتقدم بالشكر والتقدير لأصحاب المواكب الحسينية والزائرين الكرام حيث نقدس ما يقدسونه من شعائر دينية وهذه الشعائر بالنسبة لنا خطوطاً حمراء لا نسمح لأحدٍ التجاوز عليها، ولكن هذا العام له خصوصية ترشيد هذه الزيارة واتخاذ الإجراءات الوقائية وهي من ثوابت الدين الإسلامي وليس اجتهاداً شخصياً، نحن اليوم في تزاحم بين الواجب والمُستحب، فالواجب الحفاظ على الأرواح والأنفس والمستحب هي الزيارة المباركة التي يمكن أن نقيمها عن بُعد، فهنا ضرورة السيطرة على هذا الوباء ومن خلال هذه الإجراءات الصحي الوقائية وبخلافه سوف يفتك هذا الوباء بملايين البشر في العالم والعراق جزء من هذه المنظومة والشعب العراقي يعي هذه الخطورة.
وتحدث الشيخ عماد الكاظمي الباحث في الشأن الإسلامي في محور آخر من الندوة بيّن المسؤولية الشرعية في الحفاظ على الأرواح موضحاً: فيما يتعلق بالعقيدة لدينا روايات متعددة للوصول إلى مراقد أهل البيت "عليهم السلام"، والمؤمنون متمسكون بذلك على الرغم من الظروف الصعبة التي مرت عليهم في العقود الماضية فعن الحسين بن بَشّار الواسطيّ « قال : سألت أبا الحسن الرّضا عليه السلام ما لِمَن زارَ قبر أبيك صلوات الله عليه؟ قال : فقال : زوروه ، قال : قلت : فأيُّ شيء فيه مِنَ الفضل ؟ قال : فقال فيه من الفضل كفضل من زارَ والده ـ يعني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، قلت : فإن خِفْتُ ولم يمكن لي الدُّخول داخلاً ؟ قال : سلّم من وراءِ الجدار».
بيّن الشيخ الكاظمي خلال حديثه أن الإمام موسى بن جعفر "عليه السلام" مرّ بظروف عصيبة جداً أبعدته عن شيعته وأهله ومحبيه في غياهب السجون وظلم المطامير، فموضوع التقية لها موارد وأحكام متعددة لا يمكن للإنسان البسيط أن يشخصها متى تستحب أو تحرم أو ما يحدد ذلك مستشهداً في ذلك بقوله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، لذا حرصت المرجعية الدينية العُليا وكانت السباقة في الحفاظ على الأرواح بمنع التجمعات وهنا ضرورة كبرى للامتثال إلى تعاليم الشريعة والمتخصصين بالشأن الصحي.
من جانب آخر تحدث الأستاذ سعد معن المتحدث باسم وزارة الداخلية وعضو لجنة الأمر الديواني (55) لسنة 2020 عن أبرز الإجراءات التي امتزجت فيها العقيدة بالبعد الصحي، مبيناً هناك عمل جهادي دؤوب لهذه اللجنة وخير ما وصلت إليه في هذه المرحلة هو تقييم المرجعية الدينية العُليا لها، ولجميع الملاكات الطبية في تصديها لهذه المهمة، وهذه الشهادة أعطتنا زخماً كبيراً جداً بأن نواصل هذه الجهود ضد هذا الفيروس القاتل، حيث أن هناك الكثير من الأعمال على المستوى اللوجستي والتنفيذي والتثقيفي التوعوي، وأشار خلال حديثه إلى عدد الإصابات والبالغ عددها (154) إصابة، (41) حالة تماثلت للشفاء، (11) حالة وفاة، والموضوع يتطلب من الجميع وقفة جدية حيث أن هذه الأعداد يمكن أن تتضاعف في حال إذا فقدنا السيطرة وعدم التزام المواطن والزائر الكريم بالتعليمات الصادرة من الجهات الصحية.
وفي محور الندوة الأخير تحدث الأستاذ جمعة عبد الله الباحث والمفكر العراقي عن سقوط الأنظمة الصحية في الدول الأوربية المتقدمة في الوقت الراهن، وينبغي أن يكون الإنسان إيجابياً من خلال تمسكه بمدرسة أهل البيت "عليهم السلام" التي عمدت على إخراج الإنسان من القصور الذاتي من خلال التكليف، والعدل الاجتماعي، والتقدّم، والنجاة.
يذكر أن هذه الندوة التي أدارها د.فراس العتابي تهدف الى توعية المواطنين تجاه خطر الوباء العالمي فيروس كورونا وبيان كيفية مواجهته من الجانب الطبي والديني والأمني والإعلامي.