تطرق ممثل المرجعية الدينية العليا في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف بحديثه لما وصفه بالموضوع الاجتماعي الذي بات يشغل بال الكثير.
وقال السيد احمد الصافي اليوم الجمعة (28 /12 /2018)، ان الامم عادة تفتخر بما عندها من ذخيرة علمية او ثروات او غير ذلك، والبعض تفتخر بتاريخها وهنالك من تفتخر بحاضرها، لافتا الى اننا كأمة لو اردنا ان نجمع مصادر القوة والخير عندنا لكنا في المراكز المتقدمة حضاريا.
واضاف ان الذخيرة التي يفتخر بها تتمثل بشريحة الشباب الذين هم عنوان الفتوة والحياة في كل امة، مبينا انه كلما كان الشباب بحالة من الفتوة والحركة فان ذلك يدل على ان البلد هو بلد حي وليس بلد عجائز لا يوجد فيه نمو، مؤكدا على ان البلد فيه الكثير من الشباب الواعي الا ان هنالك مشكلة اجتماعية يفترض ان لا تكون.
ووجه ممثل المرجعية الدينية العليا حديثه لكل من له تأثير سواء أكان الاب ام الام او من يحتل مواقع ادارية او اقتصادية او علمية او سياسية، قائلا لهم "الى اين انتم ذاهبون بشبابنا"، مشيرا الى ان الشاب يقضي عمره الذهبي في المدارس التي تتلقفه من عمر سبع سنوات وحتى بلوغه سن (22) عاما او (24) عاما، اي ان زهرة شبابه ستكون في المدارس، وان المدرسة ستكون عبارة عن مصنع او مكان تصنع فيه الرجال وكذلك عبارة عن تربية لابد ان يتحملها هذا الشاب حتى يأتي والامل معقود به.
ويرى السيد الصافي ان الشباب هم الامل والغاية والسواعد التي تمكن ان تبني اي بلد، لافتا الى ان ما موجد حاليا لا يلبي الطموح لان بعض الاسرة باتت تعاني من فلتان ابناءها وبعض المدارس تعاني من كسل طلابها، مبينا ان هذه الحالات وإن كانت قليلة بدأت تتفشى في المجتمع.
وطالب المسؤولين عن التربية بما يحملوه من عنوان (مقدس) بضرورة ان يرن هذا العنوان في اذان كل من يتصدى لعملية التعليم، مبينا ان التربية حالة مقدسة يربى فيها على الفضيلة والخلق والقيم، متسائلا عن سبب التضحية بالشباب.
واوضح ان هنالك من الاسر التي تعيش حالة من التفكك بسبب ضياع الهدف عند الشاب، الذي اصبح عقله فارغا لغاية وغاية.
وقال السيد الصافي في خطابه الذي وجهه للشباب "أيها الشباب انتم الان في عمر قد لا تتفهمون جدوى هذا الكلام، لكنكم ستحفظونه في المستقبل، عليكم ان تكونوا بمستوى وعي كبير، الوقت يمضي ويضيع لكن انتم لا تضيعون، انتم ايها الشباب ذخيرة البلد عليكم عدم الانجرار وراء عوامل تحبط من ارادتكم انتم المعدن الطيب والامل وانت الان تعقد عليكم الامال، وعليكم ان تعلموا حجم الالام التي بذلت من ابائكم حتى تصلون الى ما وصلتم اليه".
ولفت الى ان المدارس الان امامها مسؤولية تاريخية واخلاقية واجتماعية وعليها ان تصوغ الولد او البنت الذي يأتي اليها صياغة يكون من خلالها عنصرا نافعا، مطالبا في نفس الوقت ان لا تؤثر المدرسة سلبا على الطالب، مؤكدا وجود عدد كبير من الامثلة على ذلك.
واكد ان هنالك الكثير من الشكاوى بخصوص عدم التربية الصالحة وعدم الاهتمام بمراحل التربية للطلاب والتسيب الذي يحصل، مبينا لاتوجد امة لا تراقب ذخيرتها .
كما توجه بخطابه للمعلم والمربي قائلا له "انت ايها المعلم والمربي والفاضل ارجوك ان تحفظ هذا العنوان عندك ولا تتنازل عنه، انت مربي ونحن نقف اجلالا لهذه الوظيفة، انت مربي والتربية تحتم عليك وظيفة اخلاقية وشرعية وعرفية ووطنية ان تربي هذا الطفل على محبة البلد واحترام القيم وان يكون عنصرا نافعا، وان يكون عالما، ازرع فيه محبة العلم، هؤلاء ابناءنا، علموهم كيف يقضون الاوقات، هذا طفل اذا نشأ نشأة سيئة سيكون عالة علينا، علموا الاولاد ان يهتموا بالاسر ولاتجعلوهم يتحللوا عن الاسر، الاسرة عماد وامر نفتخر به، ان يكون الحديث عن الابناء والبنات والاخوة والاخوات والاباء بكل عبارات التجليل والتعظيم، لابد ان تكونوا بمستوى تحمل هذه الالفاظ، لا نترك وظيفتنا، نعم توجد مشاكل ولا اقول ان الامر مفروش بالورد ولكن الرجال الرجال الذي يصنعون في المشاكل ويجعلونها خلف ظهرانيهم، وقد رأينا وسمعنا ان اناس وشباب كانت فيهم قوة تعادل ما شاء الله من الشباب وفي ظروف جدا صعبة، لكنهم جعلوا الظروف خلفهم واندفعوا بكل ما يملكون وهم عناصر مهمة لبلدهم ولاسرهم ولابائهم ولامهاتهم ولمجتمعهم".
واستدرك في خطبته ليوجه كلمته لاولياء الامور قائلا لهم "ايها الاب ارجوك واقبل اياديك اعطي وقتا لولدك، ايتها الام اقبل رأسك من وراء حجاب اعطي وقتا لابنتك، مارسوا عملية التربية في هذا الظرف الذي نعيشه ولا تفرّطوا بالعِقد الأهم في حياتنا وهم الأبناء، لاتقول مشغول وليس لي وقت، تباً لهذا الشُغل الذي يُقصيك عن أولادك ولهذا الشغل الذي هو أهم من شغل ابنائك!، فأيُّ شغل أهم من ابنائك وأيُّ مسؤولية أهم من الابناء ؟!".
واضاف "اعطوا وقتاً لأبنائكم، فالامور تسير بطريقة سيئة وبعض الامور يندى لها الجبين، نعم هُناك اُسر جزاهم الله خير وهُم كُثر يهتمون اهتماماً بالغاً في الأولاد هنيئاً لكم وسترون آثار هذه التربية على أولادكم سريعاً في كل معاني الخير والمودّة والرحمة وستُفتح كل ابواب الخير في وجوههم".
وتابع "انا اتحدّث عن قلّة لكن هذه القلّة كالسرطان، وكدودة الارض انما تسري سرياناً سيئاً علينا".
واردف "انتبهوا ايها الاولاد، انتبهوا استنصحوا انتم في عمر الفتوّة كثير من الامور غائبة عنكم استنصحوا لا تخجلوا من النصيحة الانسان اذا استنصح الاخرين معنى ذلك شاركهم في عقولهم، ومن شاور الناس شاركهم في عقولهم، تعلّم على ان تتعلم من الكبير ومن الذي أكثر خبرة، عَوّد نفسك على ان تختار الصحيح، وانتم ايها المربّون اُعيد لأن هذا هو العنصر المهم كثير من الاولاد يتأثرون بالمُربّي أكثر مما يتأثرون بالأب، والكثير من بناتنا يتأثرّن بالمُربيات اكثر مما يتأثرّن بالأم، فعلى المربّي والمربية ومقصودي بالمربي بالعنوان العام المعلم والمدرّس أينما يكون عليكم ان تفرحوا بهذا العنوان وتحمدوا الله على هذا العنوان لكن لابد من إعطاءه حقّهِ".