نظريات علم الدلالة الحديثة (دلالة العوالم الممكنة عند (فريجة Frege -)) |
585
10:22 صباحاً
التاريخ: 19-8-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-8-2017
483
التاريخ: 21-8-2017
423
التاريخ: 14-8-2017
438
التاريخ: 25-4-2018
430
|
لم يرتق (فريجة) بأفكاره حول تصور المعنى إلى مستوى النظرية، وإنما لأهمية ما طرحه في هذا المجال ارتأينا الإشارة إليه.
ما يميز فكر (فريجة) في بحثه حول المعنى هو افتراضه لوجود عالم دلالي مستقل. كيف وصل (فريجة) إلى ذلك؟.. لقد تبلورت فكرته هذه منذ أن أثبت التمييز بين معنى اسم العلم وإشارته، بحيث فرق بين الاسم ومسماه من جهة ودلالته من جهة ثانية، وخلص إلى أن المسمى ليس هو المعنى، وهو ما استقر لدى علماء الألسنية والدلالة المحدثين فيما يخص الأسماء كلها الدالة على معنى أو على ذات، ارتقى (فريجة) إلى التمييز بين الصورة الحسية التي تنشأ عن إدراك ضمني سابق لشيء ما أوتوهم هذا الإدراك، وهذه الصورة تختلط بالمشاعر والانطباعات الذاتية، ولذلك يختلف الإدراك الحسي من شخص لآخر فكانت عندئذٍ الصورة الحسية ذاتية، أما المعنى فله موضوعيته واستقلاله ومن هنا تأتي فكرة (فريجة) من افتراض عالم المعاني(2)
بحيث يكون السعي لاكتشافه لا لخلقه، وهو ما طرحه العالم الفرنسي (غريماس) في موضوعه "البنية الدلالية"(3)، وقد ميز (فريجة) في العالم الدلالي ثلاثة عوالم هي:
العالم المادي (عالم الأشياء) والعالم الذاتي (عالم التصورات والأفكار)، وعالم المعاني. إلا أن افتراض (فريجة) بوجود دلالة العوالم الممكنة (possible world semantics) (4) قد قوبل بالانتقاد وذلك لاستحالة الحديث عن عالم غامض لا نعرف كيف نكتشفه. وقد كان (فريجة) نفسه قد أعلن أن المعاني ليست في حاجة إلى البحث عن معيار بفضله نستطيع تحديد معنى كلمة أو جملة ما، ولكن يجب أن ننطلق من مبدأ أن فكرة معنى كلمة هي فكرة معروفة لدى كل من يتكلم اللغة، وبالتالي فهي متروكة لاعتبارات أخرى تتضح بفعل الاستخدام لعناصر اللغة والتعامل في مجال الإبلاغ والتواصل.
ص104
وجملة القول، أن البحث عن ماله معنى في اللغة وما لا معنى له، قد أخذ من فكر العلماء المحدثين كثيراً وما استقر لديهم هو صعوبة المسلك نحو تحديد معنى الجملة، تحديداً تاماً، واستحالة إقامة معيار صارم ثابت يمكن بواسطته رصد دلالة الجملة، وما يمكن تسجيله:
أ ـ إن البحث في دلالة الجمل أو القضايا، بحث يتسم بالخطورة وذلك لطبيعة اللغة التي تنزع نحو التطور والتجدد وترفض أبداً منطق "المعيارية"..
ب ـ إن ما توصل إليه العلماء في مجال بحثهم عن المعنى، يفتقر إلى طابع الشمولية والعموم ولذلك وجدت ثغرات في نظرياتهم التي ضعفت على إثرها وزال تأثيرها..
ج ـ إن اعتماد معيار التحقيق أو مطابقة الواقع أو معيار الاتّساق أو معيار التدعيم كما نادى بذلك العلماء ـ الذين استعرضنا أفكارهم ـ يربط اللغة بالتحقيق المادي للدلالة، والملاحظة المباشرة للمعنى وهو ما فتح المجال لاعتماد معيار "الصدق والكذب"، بالنسبة للقضايا أو الجمل..
د ـ إن النزوع نحو هدف إثبات معنى محدد للكلمة أو الجملة، كان دأب علماء اللغة والفلسفة والمنطق، آخذين في سبيل ذلك، بمستويين اثنين هما: مستوى التركيب ومستوى المضمون وهما معياران أساسيان ولكنهما لا يكفيان لتحديد شامل كامل لدلالة الجملة أو الكلمة، وإنما وجب تظافر عدة أنظمة تأخذ في اعتبارها عالم المتكلم وعالم المتلقي وطبيعة الخطاب وعناصره، والمقام الذي يجمع ذلك كله…
ص105
_________________________
(1) د. محمود فهمي زيدان، في فلسفة اللغة: الصفحة 115-116-117.
(2) أخذت السيميولوجيا الحديثة أبعادها الفلسفية على يد الفيلسوف (فريجة) خاصة، انظر علم الإشارة، السيميولوجيا، بيار جيرو، ص 15.
(3) انظر مقالة "البنية الدلالية" في مجلة الفكر العربي المعاصر، عدد 18/19، سنة 1982، ص 97.
(4) د. عبد القادر الفاسي الفهري، انظر اللسانيات واللغة العربية، ص 351..
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|