المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Amniote Egg
9-10-2015
العنقود الكروي
18-7-2017
الشعور برضا اللَّه‏ يملئ سكان الجنان
3-12-2015
مرض الانثراكنوز في الفلفل
5-1-2023
ولاية عمر باشا لبغداد.
2023-06-08
أنواع الظهار
8-5-2017


شمائل وصفات رسول الله (صلى الله عليه واله)  
  
4605   03:04 مساءً   التاريخ: 11-12-2014
المؤلف : الشيخ عباس القمي
الكتاب أو المصدر : منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل
الجزء والصفحة : ج1,ص31-42.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /

 

اعلم انّ ذكر اوصاف النبي (صلّى اللّه عليه و آله)و بيان شمائله بمنزلة من يريد شرب ماء البحر بالقدح، أو كالذي يريد ادخال قرص الشمس من نافذة في بيته، و لكن نزين الكتاب بذكر جملة منها.

«كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)فخما مفخمّا، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر اطول من المربوع، و أقصر من المشذّب‏ ، عظيم الهامة، رجل الشعر، ان انفرقت عقيقته فرق‏ ، و الّا فلا يجاوز شعره شحمة أذنية، اذا هو وفرة .

أزهر اللون، واسع الجبين، أزجّ الحواجب، سوابغ في غير قرن، بينهما له عرق يدرّه‏

الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشمّ‏ ، كثّ اللحية، سهل الخدّين، ضليع‏  الفم، أشنب‏ ، مفلج الاسنان، دقيق المسربة ، كأنّ عنقه جيد دميه في صفاء الفضّة، معتدل الخلق، بادنا متماسكا، سواء البطن و الصدر بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس‏ ، أنور المتجرّد ، موصول ما بين اللّبة و السرّة بشعر يجري كالخطّ، عاري الثديين و البطن ممّا سوى ذلك، أشعر الذراعين و المنكبين، و أعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، شثن الكفّين و القدمين، سائل الاطراف، سبط القصب، خمصان الأخمصين، مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء، اذا زال زال قلعا، يخطو تكفّؤا ، و يمشي هونا، ذريع المشية ، اذا مشى كانّما ينحطّ في صبب و اذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره الى الارض اطول من نظره الى السماء، جل نظره الملاحظة، يبدر من لقيه بالسلام، مواصل الاحزان، دائم الفكر، ليست له راحة و لا يتكلّم في غير حاجة، يفتتح الكلام و يختمه بأشداقه، يتكلّم بجوامع الكلم فصلا، لا فضول فيه و لا تقصير، دمثا ليس بالجافي و لا بالمهين، تعظم عنده النعمة و إن دقّت، لا يذمّ منها شيئا غير انّه كان لا يذمّ ذواقا و لا يمدحه لا تغضبه الدنيا و ما كان لها، فاذا تعوطي الحقّ لم يعرفه احد، و لم يقم لغضبه شي‏ء حتى ينتصر له، اذا أشار بكفّه كلها، و اذا تعجّب قلّبها، و اذا تحدّث اتّصل بها، يضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، و إذا غضب أعرض و أشاح، و اذا فرح غضّ طرفه، جلّ ضحكه التبسّم، يفترّ عن مثل حبّ الغمام.

و كان من سيرته في جزء الأمة ايثار أهل الفضل باذنه و قسمه على قدر فضلهم في الدين، فيتشاغل بهم و يشغلهم فيما أصلحهم و الأمّة من مسألته عنهم و أخبارهم بالذي ينبغي، و يقول:

«ليبلّغ الشاهد منكم الغائب، و أبلغوني حاجة من لا يقدر على ابلاغ حاجته» لا يقيد من احد عثرة، يدخلون روّادا و لا يفترقون الّا عن ذواق و يخرجون أدلّة، يحذر الناس و يحترس منهم من غير أن يطوي عن احد بشره و لا خلقه و يتفقّد اصحابه، لا يغفل مخافة ان يغفلوا أو يميلوا، و لا يقصر عن الحقّ و لا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمّهم نصيحة للمسلمين، و أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة و موازرة.

لا يجلس و لا يقوم الا على ذكر، و لا يوطن الأماكن و ينهى عن إيطانها، و اذا انتهى الى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس و يأمر بذلك، و يعطي كل جلسائه نصيبه، و لا يحسب احد من جلسائه أنّ احدا اكرم عليه منه، من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع الّا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه، و صار لهم أبا، و صاروا عنده في الحقّ سواء، مجلسه مجلس حلم و حياء و صدق و أمانة، لا ترفع فيه الاصوات و لا تؤبن فيه الحرم و لا تنثى فلتاته، متعادلين متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين يوقّرون الكبير، و يرحمون الصغير، و يؤثرون ذا الحاجة، و يحفظون الغريب.

كان دائم البشر، سهل الخلق، ليّن الجانب، ليس بفظّ و لا صخّاب و لا فحّاش و لا عيّاب و لا مدّاح، يتغافل عمّا لا يشتهي، فلا يؤيس منه و لا يخيّب فيه مؤمّليه، كان لا يذمّ احدا، و لا يعيره، و لا يطلب عورته و لا عثراته» .

و في خبر انّه جاء شاب الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله)فقال له: أ تأذن لي بالزنا، فنهره الاصحاب و اغلظوا عليه، فادناه النبي (صلّى اللّه عليه و آله)منه و قال له: ا تحبّ أن يزنى بأمّك أو أختك أو بنتك أو خالتك أو عمّتك؟ قال: لا يا رسول اللّه، فقال له: كلّ الناس كذلك، ثمّ وضع يده المباركة على صدره‏

و قال: «اللّهم اغفر ذنبه و طهّر قلبه و حصّن فرجه».

ينقل ابن هشام في سيرته انّه: «هجم جند الاسلام على جبل طي و فتحوه و اخذوا الاسرى الى المدينة فكانت بنت حاتم الطائي فيهم، فمرّ بها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)فقامت إليه و قالت: يا رسول اللّه (هلك الوالد و غاب الوافد فامنن عليّ منّ اللّه عليك)، فلم يجبها الرسول صلّى اللّه عليه و آله، ففي اليوم الثالث أشار لها علي بن أبي طالب (عليه السّلام)أن تعيد طلبتها، فقالت: يا رسول اللّه هلك الوالد و غاب الوافد فامنن عليّ منّ اللّه عليك، فعفى النبي (صلّى اللّه عليه و آله)عنها و قال: لا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك الى بلادك» .

نعم، هكذا كانت سيرته (صلّى اللّه عليه و آله)مع الكفّار.

و كان النبي (صلّى اللّه عليه و آله)اذا بعث سريّة يجمعهم و يقول لهم:

«اغزوا بسم اللّه، و في سبيل اللّه تعالى، قاتلوا من كفر باللّه، و لا تغدروا، و لا تغلّوا، و لا تمثّلوا، و لا تقتلوا وليدا، و لا متبتلا في شاهق، و لا تحرقوا النخل، و لا تغرقوه بالماء، و لا تقطعوا شجرة مثمرة، و لا تحرقوا زرعا، لانكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه، و لا تعقروا من البهائم ممّا يؤكل لحمه الّا ما لا بد لكم من أكله ...» .

و كان (صلّى اللّه عليه و آله)ينهى عن القاء السمّ في بلاد المشركين، فكان هذا دأبه مع الاعداء و المشركين و كان جهاد النفس عنده أكبر الجهاد حيث قال (صلّى اللّه عليه و آله)لأصحابه حين رجوعهم من سريّة:

«مرحبا بقوم قضوا الجهاد الاصغر، و بقي عليهم الجهاد الاكبر فقيل يا رسول اللّه: ما الجهاد الاكبر؟ قال: جهاد النفس» .

و في رواية معتبرة السند: «قال رجل: يا رسول اللّه أسرع إليك الشيب، قال: شيّبتني هود و الواقعة و المرسلات و عمّ يتساءلون» .

و في رواية: «انّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)لم يورث دينارا و لا درهما و لا عبدا و لا وليدة و لا شاة و لا بعيرا و لقد قبض (صلّى اللّه عليه و آله)و انّ درعه مرهونة عند يهودي من يهود المدينة بعشرين صاعا من شعير، استلفها نفقة لأهله» .

و عن الرضا (عليه السّلام)قال:  قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)أتاني ملك، فقال: يا محمّد انّ ربك يقرئك، السلام و يقول: ان شئت جعلت لك بطحاء مكة ذهبا، قال: فرفع رأسه الى السماء و قال: يا ربّ اشبع يوما فاحمدك و أجوع يوما فأسألك ...

و قال (عليه السّلام)أيضا: ما شبع النبي (صلّى اللّه عليه و آله)من خبز بر ثلاثة أيام حتى مضى لسبيله» .

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «كنّا مع النبي (صلّى اللّه عليه و آله)في حفر الخندق اذ جاءت فاطمة و معها كسيرة من خبز، فدفعتها الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله)فقال النبي: ما هذه الكسيرة؟ قالت: خبزته قرصا للحسن و الحسين جئتك منه بهذه الكسيرة فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: يا فاطمة أما انّه اول طعام دخل جوف ابيك منذ ثلاث» .

و روي عن ابن عباس انّه قال:

«كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)يجلس على الارض و يأكل على الارض، يعتقل الشاة و يجيب دعوة المملوك على خبز الشعير» .

و في حديث انّه (صلّى اللّه عليه و آله)كان يقول في كلّ يوم ثلاثمائة و ستين مرّة: الحمد للّه رب العالمين كثيرا على كل حال، و كان يقول سبعين مرّة: استغفر اللّه، و سبعين مرّة: اتوب الى اللّه.

و في رواية ابن الخولي انّه: «جاءه (صلّى اللّه عليه و آله)ابن خولي بإناء فيه عسل و لبن فأبى أن يشربه فقال: شربتان في شربة و إناءان في إناء واحد فأبى أن يشربه ثم قال: ما أحرّمه و لكني اكره الفخر و الحساب بفضول الدنيا غدا و أحبّ التواضع، فان من تواضع للّه رفعه اللّه» .

و في رواية بسند صحيح عن الصادق (عليه السّلام)انّه قال: «كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)يصوم حتى يقال لا يفطر و يفطر حتى يقال لا يصوم ثم صام يوما أو أفطر يوما، ثم صام الاثنين و الخميس ثم آل من ذلك الى صيام ثلاثة أيام في الشهر؛ الخميس في أول الشهر و أربعاء في وسط الشهر و الخميس في آخر الشهر ...» ، و كان يصوم شعبان حتى قبض صلّى اللّه عليه و آله.

قال ابن شهرآشوب: «امّا آدابه: فقد جمعها بعض العلماء و التقطها من الاخبار، كان النبي (صلّى اللّه عليه و آله)احكم الناس و أحلمهم و أشجعهم و أعدلهم و أعطفهم، لم تمسّ يده يد امرأة لا تحلّ، و أسخى الناس لا يثبت عنده دينار و لا درهم، فان فضل و لم يجد من يعطيه و يجنّه الليل لم يأو الى منزله حتى يتبرأ منه الى من يحتاج إليه، لا يأخذ مما أتاه اللّه الّا قوت عامه فقط من يسير ما يجد من التمر و الشعير و يضع سائر ذلك في سبيل اللّه، و لا يسأل شيئا الا اعطاه ثم يعود الى قوت عامه فيؤثر منه حتى ربما احتاج قبل انقضاء العام ان لم يأته شي‏ء، و كان يجلس على الارض و ينام عليها و يأكل‏ عليها، و كان يخصف النعل، و يرقع الثوب، و يفتح الباب، و يحلب الشاة، و يعقل البعير فيحلبها، و يطحن مع الخادم اذا أعيى، و يضع طهوره بالليل بيده و لا يتقدمه مطرق، و لا يجلس متكئا، و يخدم في مهنة أهله، و يقطع اللحم، و اذا جلس على الطعام جلس محقّرا.

 

و كان يلطع أصابعه و لم يتجشّأ قط، و يجيب دعوة الحرّ و العبد و لو على ذراع أو كراع، و يقبل الهديّة و لو انّها جرعة لبن، و يأكلها و لا يأكل الصدقة، و لا يثبت بصره في وجه احد، يغضب لربه و لا يغضب لنفسه، و كان يعصّب الحجر على بطنه من الجوع، يأكل ما حضر و لا يرد ما وجد، لا يلبس ثوبين، يلبس بردا حبرة يمنيّة و شملة جبة صوف و الغليظ من القطن و الكتان، و اكثر ثيابه البياض، و يلبس العمامة تحت العمامة، يلبس القميص من قبل ميامنه،
و كان له ثوب للجمعة خاصة و كان اذا لبس جديدا أعطى خلق ثيابه مسكينا، و كان له عباء يفرش له حيث ما ينقل تثنى تثنيتين، يلبس خاتم فضة في خنصره الأيمن، يحبّ البطيخ، و يكره الريح الردية و يستاك عند الوضوء، و يردف خلفه عبده أو غيره، و يركب ما أمكنه من فرس أو بغلة أو حمار و يركب الحمار بلا سرج و عليه العذار ، يمشي راجلا و حافيا بلا رداء و لا عمامة و لا قلنسوة و يشيّع الجنائز و يعود المرضى في أقصى المدينة، يجالس الفقراء و يؤاكل المساكين و يناولهم بيده، و يكرم أهل الفضل في اخلاقهم و يتألّف أهل الشرف بالبر لهم، يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على غيرهم الّا بما أمر اللّه.

 

و لا يجفو على احد، يقبل معذرة المعتذر إليه، و كان اكثر الناس تبسّما ما لم ينزل عليه القرآن و لم تجر عظة، و ربما ضحك من غير قهقهة، لا يرتفع على عبيده و إمائه في مأكل و لا في ملبس، ما شتم احدا بشتمة و لا لعن امرأة و لا خادما بلعنة، و لا لاموا احدا الّا قال دعوه، و لا يأتيه احد حرا و عبدا و أمة الّا قام معه في حاجته، لا فظ و لا غليظ و لا صخّاب في الاسواق، و لا يجزي بالسيّئة السيّئة و لكن يغفر و يصفح، و يبدأ من لقيه بالسلام، و من رامه بحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف، ما أخذ أحد يده فيرسل يده حتى يرسلها، و اذا لقى مسلما

بدأه بالمصافحة، و كان لا يقوم و لا يجلس الا على ذكر اللّه، و كان لا يجلس إليه احد و هو يصلّي الّا خفّف صلاته و أقبل عليه و قال: أ لك حاجة؟ و كان اكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعا، و كان يجلس حيث ينتهي به المجلس، و كان اكثر ما يجلس مستقبل القبلة، و كان يكرم من يدخل عليه حتى ربما بسط ثوبه و يؤثر الداخل بالوسادة التي تحته، و كان في الرضا و الغضب لا يقول الّا حقّا، و كان يأكل القثّاء بالرطب و بالملح، و كان أحب الفواكه الرطبة إليه البطيخ و العنب، و اكثر طعامه الماء و التمر و كان يتمجّع اللبن بالتمر و يسمّيها الأطيبين، و كان أحب الطعام إليه اللحم، و يأكل الثريد باللحم، و كان يحبّ القرع و كان يأكل لحم الصيد و لا يصيده.

و كان يأكل الخبز و السمن، و كان يحبّ من الشاة الذراع و الكتف و من القدر الدبا ، و من الصباغ الخلّ، و من التمر العجوة و من البقول الهندباء و البادروج و البقلة الليّنة» .

قال الشيخ الطبرسي: انّ من تواضع النبي (صلّى اللّه عليه و آله)انّه كان يوم خيبر و يوم قريضة و النضير على حمار مخطوم‏  بحبل من ليف تحته اكاف‏  من ليف، و كلما مرّ (صلّى اللّه عليه و آله)على طفل أو امرأة سلّم عليهم، و أتى ذات يوم إليه رجل يكلمه فأرعد، فقال: هوّن عليك فلست بملك.

يقول أنس بن مالك: «كانت لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)شربة يفطر عليها، و شربة للسحر، و ربّما كانت واحدة و ربّما كانت لبنا، و ربّما كانت الشربة خبزا يماث، فهيّأتها له (صلّى اللّه عليه و آله)ذات ليلة فاحتبس النبي (صلّى اللّه عليه و آله)فظننت انّ بعض اصحابه دعاه، فشربتها حين احتبس فجاء (صلّى اللّه عليه و آله)بعد العشاء ساعة، فسألت بعض من كان معه هل كان النبي أفطر في مكان أو دعاه أحد؟ فقال: لا، فبتّ بليلة لا يعلمها الا اللّه من غم أن يطلبها منّي النبي (صلّى اللّه عليه و آله)و لا يجدها فيبيت جائعا، فأصبح صائما و ما سألني‏ عنها و لا ذكرها حتى الساعة» .

و قال أيضا خدمت النبي (صلّى اللّه عليه و آله)عشر سنين، فلم يقل أف، و لم يطلب منّي شيئا و لم يؤاخذني على فعل.

يقول المطرزي في المغرب: كان لمالك بن أنس أخ من أمّه يسمّى أبو عمير، فرآه النبي (صلّى اللّه عليه و آله)ذات يوم مهموما مغموما، فسأل عن سببه، قيل: مات نغيره (عصفوره الصغير) فجعل (صلّى اللّه عليه و آله)يقول (مازحا): يا ابا عمير ما فعل النغير .

«و روي عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله)انّه امر أصحابه بذبح شاة في سفر فقال رجل من القوم: عليّ ذبحها، و قال الآخر: عليّ سلخها، و قال الآخر: عليّ قطعها، و قال الآخر: عليّ طبخها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عليّ أن ألقط لكم الحطب، فقالوا: يا رسول اللّه لا تتعبنّ- بآبائنا و امهاتنا أنت- نحن نكفيك قال صلّى اللّه عليه و آله: عرفت انكم تكفوني و لكن اللّه عز و جل يكره من عبده اذا كان مع اصحابه أن ينفرد من بينهم» .

و ربّما أتوه في الايام الباردة بالظروف و فيها الماء- ليضع يده فيها للبركة- و كان (صلّى اللّه عليه و آله)يفعل من دون كراهة.

«و كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)يؤتى إليه بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة، أو يسمّيه فيأخذه فيضعه في حجره تكرمة لأهله، فربّما بال الصبي عليه فيصيح بعض من رآه حين يبول، فيقول صلّى اللّه عليه و آله: لا تزرموا بالصبي، فيدعه حتى يقضي بوله ثم يفرغ له من دعائه أو تسميته و يبلغ سرور اهله فيه و لا يرون انه يتأذى ببول صبيّهم، فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعده» .

و في رواية: «انّ أمير المؤمنين (عليه السّلام)صاحب رجلا ذمّيا، فقال له الذمّي: أين تريد يا عبد اللّه؟

فقال عليه السّلام: أريد الكوفة، فلمّا عدل الطريق بالذمّي عدل معه أمير المؤمنين (عليه السّلام)فقال له الذمّي: أ لست زعمت انّك تريد الكوفة؟ فقال له: بلى، فقال له الذمّي: فقد تركت الطريق، فقال له: قد علمت، قال: فلم عدلت معي و قد علمت ذلك؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: هذا من تمام حسن الصحبة ان يشيّع الرجل صاحبه هنيئة اذا فارقه و كذلك أمرنا نبينا (صلّى اللّه عليه و آله)فقال له الذمي: هكذا قال؟ قال: نعم، قال الذمّي: لا جرم إنمّا تبعه من تبعه لأفعاله الكريمة فأنا أشهدك انّي على دينك، و رجع الذمّي مع أمير المؤمنين (عليه السّلام)فلمّا عرفه أسلم» .

و لنعم ما قال البوصيري:

محمّد سيد الكونين و الثقلين‏              و الفريقين من عرب و من عجم‏

فاق النبيين في خلق و في خلق‏           و لم يدانوه في علم و لا كرم‏

و كلهم من رسول اللّه ملتمس‏             عرفا من البحر أو رشفا من الديم‏

فهو الذي تمّ معناه و صورته‏             ثم اصطفاه حبيبا بارئ النسم‏

فمبلغ العلم فيه انّه بشر                     و انّه خير خلق اللّه كلهم‏

                  

و عن أنس بن مالك انّه قال:

«خدمت النبي (صلّى اللّه عليه و آله)تسع سنين‏  فما اعلمه قال لي قط: هلا فعلت كذا و كذا؟ و لا عاب عليّ شيئا قط، فلم اشمّ نكهة أطيب من نكهته و ما أخرج ركبتيه بين جليس له قط، و أدركه اعرابي فأخذ بردائه فجبذه جبذة  شديدة حتى نظرت الى صفحة عنق الرسول (صلّى اللّه عليه و آله)و قد أثرت به حاشية الرداء من شدّة جبذته ثم قال له: يا محمد مر لي من مال اللّه الذي عندك، فالتفت إليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)فضحك و أمر له بعطاء» ، و لهذه الاخلاق الكريمة نزلت‏ {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] ‏ .

وروي عن ابن عباس انّه: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنا أديب اللّه و عليّ أديبي، أمرني ربّي بالسخاء و البر و نهاني عن البخل و الجفاء» .

و يقول أمير المؤمنين اسد اللّه الغالب عليه السّلام- في شجاعته- صلّى اللّه عليه و آله:

«كنّا اذا احمرّ البأس و لقي القوم القوم، اتقينا برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)فما يكون أحد أقرب الى العدوّ منه» .

و عن ابن عباس قال: «كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)اذا حدّث الحديث أو سأل عن الامر كرّره ثلاثا ليفهم و يفهم عنه» .

«و كان (صلّى اللّه عليه و آله)لا يأكل الثوم و لا البصل و الكراث، و ما ذمّ رسول اللّه طعاما قط، كان اذا أعجبه أكله و اذا كرهه تركه، و يأكل بثلاثة أصابع و مما يليه و لا يتناول من بين يدي غيره فاذا كان الرطب و التمر جلّت يده، و يؤتى بالطعام فيشرع قبل القوم ثم يشرعون، و كان (صلّى اللّه عليه و آله)يلحس الصفحة، و اذا فرغ من طعامه لعق أصابعه الثلاث التي أكل بها و اذا أكل غسل يديه غسلا جيدا ثم مسح بفضل الماء الذي في يده وجهه، و كان لا يأكل وحده ما يمكنه، و كان (صلّى اللّه عليه و آله)اذا شرب بدأ فسمّى و حسا حسوة و حسوتين ثم يقطع فيحمد اللّه، ثم يعود فيسمّي ثم يزيد في الثالثة، و ربّما شرب بنفس واحد حتى يفرغ و كان (صلّى اللّه عليه و آله)يشرب في الاقداح التي يتخذ من الخشب و في الجلود و يشرب في الخزف و يشرب من أفواه القرب و الاداوي و كان (صلّى اللّه عليه و آله)اذا غسل رأسه و لحيته غسلهما بالسدر، و كان يحبّ الدهن و يكره الشعث و اذا استأذن، استأذن‏ ثلاثا، و كان يأكل بأصابعه الثلاث و ربّما استعان بالرابعة و كان يأكل بكفها كلها و لم يأكل باصبعين ...» ، و كان يغلب ريح عرقه، ريح كل العطور و كان بصاقه ذا بركة و يشفي المريض و كان يقرأ و يكتب مع انّه امّي و لم تهرم دابة ركبها.

«لم يشمّ (صلّى اللّه عليه و آله)به منذ خلقه اللّه تعالى رائحة كريهة، كان ينطق بلغات كثيرة، كان لا يمرّ على شجرة الا سلّمت عليه و لم يجلس عليه الذباب، و لم تدن منه هامة، و لا سامة، كان اذا مشى على الارض السهلة لا يبين لقدمه أثر و اذا مشي على الصلبة بان أثرها» .

 

كان يقول صلّى اللّه عليه و آله: «خمس لا ادعهنّ حتى الممات، الاكل على الحضيض مع العبيد، و ركوبي الحمار مؤكفا، و حلبي العنز بيدي، و لبس الصوف، و التسليم على الصبيان».
«و كان (صلّى اللّه عليه و آله)يمزح و لا يقول الا الحق، فقد استدبر رجلا من ورائه و أخذ بعضده و قال: من يشتري هذ العبد- يعني عبد اللّه- و إنّه قال لامرأة و ذكرت زوجها: أ هذا الذي في عينيه بياض؟ فقالت: لا ما بعينيه بياض، و حكت لزوجها فقال: أ ما ترين بياض عيني اكثر من سوادها؟ و قالت عجوز من الانصار للنبي صلّى اللّه عليه و آله: ادع لي بالجنّة فقال: انّ الجنّة لا يدخلها العجز، فبكت المرأة فضحك النبي و قال: أ ما سمعت قول اللّه تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا } [الواقعة: 35، 36].

 

و مزاحه (صلّى اللّه عليه و آله)مع العجوز الأشجعية و بلال و العباس معروفة  و روى ابن شهرآشوب: انّه قبّل جدّ خالد القسري امرأة، فشكت الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله)فأرسل إليه فاعترف و قال: ان شئت أن تقتص فلتقتص، فتبسّم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)و أصحابه، فقال: أو لا تعود؟ فقال: لا و اللّه يا رسول اللّه، فتجاوز عنه‏ .

يقول المؤلّف: كل عاقل متدبر لو نظر الى اخلاقه و سيرته (صلّى اللّه عليه و آله)بنظر الانصاف و التدبر يتيقن حقيقة نبوته (صلّى اللّه عليه و آله)فانّ هذه الاخلاق الشريفة لا تصدر الّا بالاعجاز، لأنه نشأ في بيئة لم يكن لها الى الصلاح و الاخلاق سبيل، و تدور اخلاقهم مدار العصبية و الجاهلية و العناد و النزاع و التغاير و التحاسد و الفساد، و كانوا يطوفون حول البيت عرايا كالحيوانات ليس عليهم ثياب مع الصفير و التصفيق، كما قال تعالى في وصفهم:

{وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } [الأنفال: 35].

قوم هذه عبادتهم فكيف تكون سائر اعمالهم؟و الآن بعد مضي اكثر من ثلاثمائة و الف سنة من بعثة النبي و قبولهم الاسلام طوعا أو كرها، لو ذهب الذاهب الى صحاري مكة و بواديها و ما حولها، لرآهم في أيّ درجة من الانسانية يعيشون و في أيّ درجة من الانحطاط يغوصون.

فالنبي (صلّى اللّه عليه و آله)نشأ و عاش في هذا المجتمع المنحط و البيئة السافلة، و ظهرت له هذه الاخلاق و المحامد و المحاسن، من علم و حلم و كرم و سخاء و عفاف و شجاعة و مروءة و سائر الاوصاف الكمالية التي عجز عن احصائها علماء الفريقين و لم يذكر في كتبهم من فضائله و سجاياه (صلّى اللّه عليه و آله)عشر معشارها، ثم اعترفوا بالعجز عن احصائها و تدوينها، و اللّه العالم.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.