أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015
2322
التاريخ: 19-7-2021
8324
التاريخ: 17-6-2017
6618
التاريخ: 17-6-2017
2998
|
تحدّث الباحثون كثيراً عن وضع الشعر في العصر الإسلامي وفي عصر النبوّة بصورة خاصّة، فرأوا أنّ الإسلام وقف موقفاً غير مشجّع، أو أنّه موقف متعنّت من الشعر والشعراء. وبنوا على هذا نتيجة أسموها ضعف الشعر؛ لأنّ الإسلام في نظرهم قد هجا الشعر، وحطّ من شأن الشعراء في القرآن الكريم. وبالغ آخرون بأن عدّوا الإسلام مناصباً للشعراء العداء. كلّ هذه الأقوال تقتضي الوقوف بشكل مفصّل عند الآيات الكريمة التي تخصّ الشعر والشعراء والأحاديث النبوية الشريفة بشأنهما. لقد اتّهم المشركون الرسول بأنّه شاعر، لأنّهم ما أرادوا الإيمان به نبياً ورسولاً يوحى إليه، فنفت الآية الكريمة ادّعاءهم بقوله تعالى:
{وما علّمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلّا ذكر وقرآن مبين} [يس: 69].
وقال تعالى {وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون} [الحاقّة: 41]. وقوله تعالى: {بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر} [الأنبياء: 5].
وقد أعلن الجاحظ باستنتاج منطقي رائع عدم تحريم الشعر أو تهجينه بقوله: (فإذا وجب أنّ الكلام غير محرّم فإنّ وزنه وتقفيته. لا يوجبان تحريما).
أنّ تنزيه الآيات الكريمة الرسولo عن أن يكون شاعراً جعل السيوطي يعدّد جملة أسباب:
1ــ إنّ للشعر شرائط ولا يسمّى الإنسان بغيرها شاعراً، وذلك إنّ إنساناً لو عمل كلاماً مستقيماً موزوناً، يتعدّى فيه الصدق من غير أن يفرط، أو يتعدّى أو يمين، أو يأتي بأشياء لا يمكن كونها سبّة، لما سمّاه الناس شاعراً. وقد قال بعض العقلاء وقد سئل عن الشاعر فقال: إن هزل أضحك، وإن جدّ كذب. فالشاعر بين كذب وإضحاك، وإذا كان كذلك فقد نزّه الله نبيهo عن هاتين الخصلتين، وعن كلّ أمر دنئ. [41]
2ــ إنّا لا نكاد نرى شاعراً إلّا مادحاً ضارعاً أو هاجياً ذا قذع. وهذه أوصاف لا تصلح لنبي، فإن قال: (فقد يكون في الشعر الحكمة، كما قال رسول اللهo (إنّ من البيان لسحراً وأنّ من الشعر لحكمة أو قال لحكما). قيل له: إنّما نزّه الله نبيّهo عن قول الشعر، ولما ذكرناه. فأمّا الحكمة فقد آتاه الله من ذلك القسم الأجزل، والنصيب الأوفر في الكتاب والسنّة).
3ــ ومعنى آخر في تنزيههo عن قول الشعر أنّ أهل العروض مجمعون على أنّه لا فرق بين صناعة العروض وصناعة الإيقاع إلّا أنّ صناعة الإيقاع تقسّم الزمان بالنغم، وصناعة العروض تقسّم الزمان بالحروف المسموعة. فلمّا كان الشعر ذا ميزان يناسب الإيقاع، والإيقاع بالحروف ضرب من الملاهي لم يصلح لرسول اللهo.
وقد حاول بعض الباحثين تعليل سبب تنزيه الرسولo عن ان يكون شاعراً بأنّه بسبب كون العرب ــ وشأنهم في ذلك شأن الشعوب الأُخرى ــ في نظرتهم إلى الأُدباء والفنّانين كانوا يظنّون بعقول الشعراء، فيعتقدوا أحياناً أنّ بهم ما يشبه الجنون، ولهذا قال الله تعالى على لسان المشركين: {ويقولون أئنّا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون} [الصافات: 36]. أو أنّ بعض الشياطين يوحون إليهم بما يجري على ألسنتهم من شعر. ومن المعروف كذلك أنّ كثيراً من الشعراء قبل الإسلام قد عرفوا بمسلك خلقي يتّسم بكثير من الإسراف واللهو والإقبال على الملذّات المادّية من خمر وميسر وغير ذلك.
ورأى باحث آخر متبنّياً رأي السيوطي السابق بأنّ سبب تنزيه الرسولo عن الشعر لكون الشعراء معروفين منذ القدم بالغلو والكذب، وفي تجاوزهم الحقّ في المديح في استخدامهم القول اللاذع في الهجاء، وأنّهم منذ القدم يتعرّضون لأعراض الناس وحرماتهم، وذلك لا يليق بالرسولo.
إنّ النظرة الشاملة إلى شعر ما قبل الإسلام تجعلنا نقول إنّ الشعراء ما كانوا جميعاً بمثل هذه الصورة التي يرسمها مؤرّخوا الأدب، لينزّه عنها الرسولo فللشعر مكانته الكبيرة عند العرب، وللشعراء مكانتهم المرموقة مادحين مبالغين، أو هجّائين [42] مفحشين وسنجد هذه المكانة بشكل واضح وموجّه من خلال علاقاتهم بالرسولo.
إنّ تنزيه الرسولo عن الشعر متأت من ادّعاء الشعراء أنفسهم بأُمور غيبية تلهمهم الشعر، أو لم يدّعوا أنّ لكلّ شاعر جنياً يلهمه الشعر؟ حتّى إذا كثر عدد الشعراء وكثر عدد الجنّ الذين يوحون لهم بالشعر، راحوا يبحثون في مخيّلتهم عن مكان يأوي إليه جنّ الشعراء ويستوطنونه، فاخترعوا وادي (عبقر) الذي نسب إليه فيما بعد كلّ شيء فائق الجمال و الصنعة، وكأنّه من صنع الجنّ لا البشر وادّعى الكهّان والسحرة بأنّ لكلّ واحد منهم ئياً يوحي له بالقول، ويعلّمه الغيب إذا احتكمت العرب إليه.
إنّ تنزيه الله سبحانه وتعالى الرسولo من أن يكون شاعراً، مثل تنزيهه تعالى للرسولo من أن يكون ساحراً أو كاهناً. القرآن الكريم كلام الله الذي أنزله على النبيo وهو لا يشبه أي ضرب من ضروب الإبداع البشري، {إن هو إلّا وحي يوحى} [النجم: 4] فنفي الشعر والشاعرية عنهo توكيد للوحي والنبوّة، وكون القرآن الكريم ليس كلام بشر، وإنّما هو وحي من الله تعالى. مع كلّ محاولات التعليل هذه لا يمكن أن نفهم من الآيات الكريمة السابقة حطّاً من شأن الشعر والشعراء، أو نظرة فيها احتقار وسخرية لكونها نزّهت الرسالة السماوية أن تكون نمطاً من أنماط الإبداع الأدبي البشري، وما الإبداع الذي بهر العرب آنذاك إلّا شعر الشعراء وطلاسم السحرة والكهّان.
وقد بيّن ابن رشيق هذا الموقف حين رفض أن تكون هذه الآيات حطّاً لمكانة الشعر أو الشعراء، والتفت التفاتة ذكية حين قال: (ولو أنّ كون النبيo غير شاعر غضّاً من الشعر لكانت أُمّيتهo غضاً من الكتابة).
وقد نفى الله سبحانه وتعالى عن النبي معرفته الكتابة لئلّا يتّهم بقراءة كتب الأوّلين، ولتثبيت حقيقة النبوّة، وكونها وحياً يوحى من الله تعالى. أمّا قوله تعالى: {والشعراء يتبهم الغاوون * ألم تر أنّهم في كلّ واد يهيمون * وأنّهم يقولون ما لا يفعلون [43]
* إلّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} [الشعراء: 224 ــ 227].
لقد فهم المفسّرون الأوائل أنّ المقصود من هذه الآيات الكريمة نوع معيّن من الشعراء الذين يذهبون كالهائم على وجهه من غير قصد جائراً عن الحقّ وطريق الرشاد وقصد السبيل، فهم يقولون ما لا يفعلون، بينما استثنت الآيات الكريمة الشعراء الذين يذكرون الله كثيراً، وينتصرون ممّن هجا المسلمين من المشركين.
إنّه موقف الإسلام بشكل عام، يدعو الناس إلى التفكير، والتدبّر، وتقسيمهم على مؤمن وكافر حيث اقترن العمل الصالح بالإيمان في آيات القرآن الكريم كلّها: فالذين آمنوا وعملوا الصالحات سيكون جزاؤهم الثواب، والجنّة. وشأن الشعراء في هذه النظرة شأن البشر جميعاً إذا كانوا ضعيفي الإيمان يدعون الناس إلى الغواية، فمصيرهم الحساب ثمّ العقاب ... إذن آية الشعراء توجّه الشاعر المسلم بشكل عام، وليس فيها حطّ من شأن الشعر عامّة.
وقد قيل في سبب نزول هذه الآيات بأنّها نزلت في عبدالله ابن الزبعري، وهبيرة بن وهب، ومسافع بن عبد مناف، وأبي عزّة الجمحي، وأُميّة بن أبي الصلت، وكلّهم من شعراء المشركين، وأنّهم كانوا يجتمعون، ويقولون: نحن نقول مثل قول محمّد وكانوا يهجونه، ويجتمع إليهم الأعراب، يستمعون أشعارهم، وأهاجيهم، ولذلك فهم الغاوون الذين يتبعونهم.
وقد ذكر انّ شعراء المسلمين الثلاثة: عبدالله بن رواحة، وحسّان بن ثابت، وكعب بن مالك توجّهوا إلى الرسولo وهم يبكون قالوا: قد علم الله حين أنزل هذه الآية أنّا شعراء فتلا النبيo: {إلّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}. قال: أنتم {وذكروا الله كثيراً} قال: أنتم {وانتصروا من بعد ما ظلموا} قال أنتم.
وقد عدّد الزمخشري الأغراض، والمعاني التي يمكن للشاعر المسلم أن يقول فيها، ويكون من الضرب الثاني الموعود بالجنّة كأن يقول في توحيد الله والحكمة والموعظة [44]
والزهد والآداب الحسنة، ومدح الرسولo والصحابة وصلحاء الأُمّة، وما لا بأس به من المعاني.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|