المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
نظرية زحزحة القارات وحركة الصفائح Plate Tectonic and Drifting Continents
2024-11-24
نظرية ثاني اوكسيد الكاربون Carbon dioxide Theory
2024-11-24
نظرية الغبار البركاني والغبار الذي يسببه الإنسان Volcanic and Human Dust
2024-11-24
نظرية البقع الشمسية Sun Spots
2024-11-24
المراقبة
2024-11-24
المشارطة
2024-11-24



سفير النبيّ في أرض مصر  
  
3574   12:46 مساءً   التاريخ: 15-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص369-372.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /

تعتبر مصر مهد الحضارات والمدنيات العريقة، ومركز سلطان الفراعنة، وموضع سيادة الاقباط.

ويوم أشرقت شمس الاسلام على أرض الحجاز كانت مصر  قد فقدت استقلالها، وقوتها، وكان المقوقس قد فوض إليه حكم مصر من قبل قيصر الروم لقاء 19 مليون دينار يدفعها الى قيصر.

وكان حاطب بن أبي بلتعة  احد الستة الذين كلّفوا بابلاغ كتب رسول الله (صلى الله عليه واله) إلى الملوك والرؤساء يومذاك وقد أمره رسول الله (صلى الله عليه واله) بإيصال كتابه إلى المقوقس حاكم مصر.

وإليك نص كتاب رسول الله (صلى الله عليه واله) إلى المقوقس :

بسم الله الرحمن الرحيم من محمّد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى.

أما بعد فإني أدعوك بدعاية الاسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرّتين، فإن تولّيت فإنّما عليك إثم القبط ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد الاّ الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون .

فخرج حاطب  بكتاب رسول الله (صلى الله عليه واله) حتى قدم مصر ، وأراد الدخول على حاكمها، المقوقس  علم بأنه يسكن في أحد قصوره الشامخة على ضفاف النهر، في الإسكندرية، فركب زورقا، نقله إلى قصر المقوقس.

فلما وصل حاطب إلى قصر المقوقس أكرمه وأخذ كتاب رسول الله (صلى الله عليه واله) وقرأه، وفكّر في مضمونه بعض الوقت، ثم قال لسفير النبي (صلى الله عليه واله) : ما منعه إن كان نبيّا أن يدعو على من خالفه ( أي من قومه ) وأخرجوه من بلده إلى غيرها أن يسلّط عليهم.

فقال حاطب وكان حكيما فهيما : ألست تشهد أن عيسى بن مريم رسول الله؟ فماله حيث أخذه قومه فأرادوا أن يقتلوه أن لا يكون دعا عليهم أن يهلكهم الله تعالى حتى رفعه الله إليه؟

فأعجب المقوقس ـ الذي لم يكن يتوقع أن يجابه بهذا المنطق القوى المفحم ـ برد حاطب وقال له : أحسنت، أنت حكيم جاء من عند حكيم.

فتجرأ حاطب لما رأى هذا الموقف الخاضع من ملك مصر وقال : إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى ( يعني فرعون ) فأخذه الله نكال الآخرة والاولى، فانتقم به، ثمّ انتقم منه فاعتبر بغيرك، ولا يعتبر غيرك بك، ان هذا النبيّ (صلى الله عليه واله) دعا الناس فكان أشدّهم عليه قريش، وأعداهم له اليهود، وأقربهم منه النصارى ولعمري ما بشارة موسى بعيسى عليهما الصلاة والسلام إلاّ كبشارة عيسى بمحمّد (صلى الله عليه واله) وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلاّ كدعائك أهل التوراة إلى الانجيل، وكل نبي أدرك قوما فهم امّته، فالحق عليهم أن يطيعوه، فانت ممّن أدرك هذا النبيّ، ولسنا ننهاك عن دين المسيح (عليه السلام) ولكنا نأمرك به.

وهو يقصد بكلامه الأخير أن الاسلام هو الصورة الاكمل لدين المسيح.

انتهى الحوار بين حاطب سفير النبي (صلى الله عليه واله) والمقوقس حاكم مصر إلاّ أن المقوقس لم يعطه جوابا قاطعا في ذلك المجلس، فكان على حاطب أن يلبث في مصر مدة حتى يتلقى جواب كتاب رسول الله (صلى الله عليه واله).

ثم طلب المقوقس حاطبا ذات يوم وانفرد به في قصره، وسأله عن ما جاء به رسول الله وإلى مَا يدعو؟ فقال له حاطب : إلى أن نعبد الله وحده، ويأمر بالصلاة، خمس صلوات في اليوم والليلة ويأمر بصيام رمضان، وحج البيت، والوفاء بالعهد، وينهى عن أكل الميتة والدم.. و... و...

فقال له المقوقس : صفه لي.

قال حاطب : فوصفت فأوجزت.

فقال المقوقس : مصدّقا ما ذكره حاطب من أوصاف رسول الله (صلى الله عليه واله) : هذه صفته، وكنت أعلم أن نبيّا قد بقي، وكنت اظن أن مخرجه بالشام وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله، فأراه قد خرج في أرض العرب، في أرض جهد وبؤس، والقبط لا تطاوعني في اتّباعه، وسيظهر على البلاد، وينزل أصحابه من بعد بساحتنا هذه، حتى يظهروا على ما هاهنا.

ثم طلب المقوقس من حاطب أن يكتم أمر هذا الحوار الذي دار بينه وبين حاطب عن قومه قائلا : وأنا لا أذكر للقبط من هذا حرفا واحدا، ولا أحب أن يعلم بمحادثتي ( أو بمحاورتي ) إياك.

ثم إنه اكرم حاطبا مدة اقامته بمصر إكراما بالغا، وأحسن قراه، وضيافته.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.