أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-5-2017
3628
التاريخ: 16-10-2014
3428
التاريخ: 16-10-2014
3064
التاريخ: 2024-09-27
257
|
يتصدر قائمة التفسير بالمنقول، التفسير بالحديث الشريف بما هو المؤدي الى السنة النبوية الشريفة وهي باي معنى كانت – قولية او فعلية، او المضائية- اذا ثبتت صحة صدروها عنه صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت جهة الصدور فيها على نحو البيان، احتج بها مبينة او مؤسسة، فهي المصدر الثاني للتشريع (اذ لولاها لما اتضحت معالم الإسلام، ولتعطل العمل بالقرآن، ولما امكن ان يستنبط منه حكم واحد بكل ما له من شرائط وموانع، لان احكام القرآن لم يرد اكثرها لبيان جميع خصوصيات ما يتصل بالحكم، وانما هي واردة في بيان اصل التشريع، وربما لا نجد فيه حكما واحدا قد استكمل جميع خصوصياته قيودا وشرائط وموانع)(2) فما اجمل من القرآن ولم يمكن بيانه من موضع آخر منه فيلتجا الى السنة النبوية الشريفة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، وروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله): (ألا اني اوتيت القرآن ومثله معه)(3) يعني السنة(4).
والسنة أيضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن الا انها لا تتلى كما يتلى القرآن، كما هو واضح من قول الحق عز وجل:
{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4].
وعلى ذلك داب المفسرون في الاستعانة بالسنة النبوية الشريفة بعد القرآن الكريم متتبعين مظانها في المجامع الحديثية، بيد انه لابد من تمحيص ما نقل من الاحاديث المنسوبة الى الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) ليعتمد ما يصح الاعتماد عليه من الاحاديث بحسب ما يقتضيه المقام من تفسير او ذكر مناسبة نزول او بيان حكم في آية او غير ذلك، اذ لا يمكن التساهل في الاستناد الى كل ما نسب الى الرسول الكريم (صلى الله عليه واله) من دون التحري عن صدق النسبة وعدمه، وملاحظة ما يترتب عليه اثر شرعي كإثبات عقيدة، او تأسيس حكم او نسخه او تخصيصه، او بيانه، فيحتاج الى مزيد تثبت، اما ما كان من قبيل المؤيد لتفسير معين او بيان فضيلة ولا تتنافى مع الشرع والعقل، او يكون مما يشهد له القرآن الكريم، او تشهد له السنة الصحيحة، او يشهد له العقل، فيمكن ايراده مع الإشارة الى ذلك. فقد يكون مما دخل الحديث من الموضوعات، او طرا عليه التصحيف، او نقل بالمعنى، فاستدعى ذلك اتباع أسس منهجية تضبط توظيف الحديث الشريف في العملية التفسيرية وعلى وفق القواعد المفادة من علوم الحديث ومصطلحاته.
ويقسم البحث هذه الأسس على ثلاثة اقسام:
1- الأسس الضابطة لطريق الحديث، وتتمثل بالإسناد والسند.
2- الأسس الحاكمة لمفردات المتن وجمله.
3- الأسس الضابطة لتوظيف الدلالة.
الأسس الضابطة لطريق الحديث، وتتمثل بالإسناد والسند
ان نسبة الحديث وعزوه الى قائله يعد من الخصائص المهمة التي انفردت بها رواة المسلمين في الروايات التاريخية فضلا عن الروايات التي تتضمن المسائل الدينية من أصول العقائد والاحكام، فامتاز المسلمون عن غيرهم من الأمم التي لا تخرج رواياتهم عن كونها صحفا قد خلطوها بإخبارهم، وكلام علمائهم واحبارهم، من دون تمييز بين ما نزل من الوحي وبين كلامهم.
حيث أولى علماء المسلمين اهتماما بالغا بتمحيص الحديث وتحري ما رواه الثقة المعروف في زمانه بالصدق والأمانة، والمشهور في حينه بالورع والاستقامة ثم عن مثله، وهكذا في جميع سلسلة السند ممن رواه حتى يبلغوا به قائله. واذا حدث احدهم بشيء لم يكونوا قد سمعوه من قبل كانوا يسالونه عن اسناده، فان اخبرهم اواحالهم على اصل معروف من المجامع الحديثية، نظروا بذلك الأصل، والا رفضوه وحكموا بضعفه.
وقد عنى المفسرون بالأسانيد في بدايات امرهم، فملؤوا كتبهم التفسيرية بأسماء الرواة، الا انهم لم يتعرضوا كثيرا لتقييس الاحاديث وتعديل رواتها او جرحهم، اذ انهم يوردون هذه الاحاديث كاقوال تفسيرية، لما تحتمل من وجوه الجري والتطبيق، وخلف من بعدهم خلف من المفسرين استثقلوا تلك الاسانيد، فاكتفوا بايراد راوي التفسير الأول، من دون عزوه، فلم يعرف سند ذلك التفسير اهو متصل ام منقطع، بل لم يعرف اسناده من عدمه، أي اهو موقوف على قائله ام مرفوع الى المعصوم، كقولهم: عن ابن عباس، في كثير من الموارد التفسيرية(5)، ولعل ذلك اتكالا على ورود ذلك التفسير في المجامع الحديثية، او المصنفات التفسيرية السابقة. فاكثروا من نقل الاقوال من دون التفرقة بين الصحيح وغيره، مما قلل من الوثوق بأقوالهم التفسيرية لاحتياجها الى مراجعة مواردها الحديثية، حتى نقل عن الشافعي (ت 204هـ) قوله: (لم يثبت عن ابن عباس في التفسير الا شبيه بمائة حديث)(6)، وهو عدد لا يكاد يذكر اما ما يروى عن ابن عباس في التفسير، وهذا يدل على مبلغ ما دخل في التفسير من الروايات الموضوعة والإسرائيلية، ولقد كانت كثرة المرويات اكبر عامل في صوف همة العلماء الى البحث والتمحيص في بيان المرفوع من الموقوف، ونقد الرواة بالنظر الى الجرح او التعديل(7). فينبغي أولا استيضاح حد الاسناد والسند.
فالأسناد: رفع الحديث الى المعصوم(8).
والسند: طريق المتن(9).
ويتميز الاسناد بما يلحقه من الاوصاف كالاتصال والانقطاع والاضطراب والارسال، ويقابل الاسناد الوقف، فالحديث اما مرفوع واما موقوف.
فالمرفوع ما عزاه راويه الى المعصوم، والموقوف ما لم يعزه، في حال ان السيد يوصف بما يكتسبه من اوصاف الرواة من العدالة او الضبط وعدمها(10).
وقد يطلق الاسناد على السند بلحاظ انهما طريق الى المتن، فيقال- مثلا-: اسناد هذا الحديث صحيح، وذلك من جهة ان المتن اذا ورد فلابد له من طريق موصل الى قائله، بلحاظ كونه سندا ورائده معتمدا في الصحة والضعف يسمى سندا، وبلحاظ
تضمنه رفع الحديث الى قائله يسمى اسنادا(11).
ويكتسب الحديث صفته من الصحة والحسن والقوة والضعف من مما يتصف به الاسناد والسند.
وعلى ذلك فالتفسير المنقول:
اما موقوف فينظر في سنده الى الموقوف عليه، ثم ينظر في الذي وقف عليه، فما ورد موقوفا على مثل ابن عباس (ت 69هـ) المشهود له بسمو المكانة في التفسير، ليس كالموقوف على كعب الاحبار (ت 32هـ) الذي عرف بموضوعاته في التفسير.
واما مرفوع فيتحقق من أحوال رجال سنده من الراوي الأخير الى المعصوم.
فهناك اوصاف كلية ترجع اليها سائر اقسام الحديث، لا محيص للمفسر من التعرف على حدودها وملاحظة انطباقها على مصاديقها ليفيد من ذلك ما يمكن ان يوظف في الكشف عن مراد الخطاب القرآني، بعد التأمل في ما يحتاج الى شدة التدقيق في الحديث المفسر مما يترتب عليه اثر شرعي كآيات العقائد، كما ورد في تفسير قوله تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82].
حيث استدل اكثر المفسرين بما صح عن رسول الله (صلى الله عليه واله) من تفسير الظلم بالشرك، حيث شق ذلك على المسلمين فقالوا: يا رسول الله، واينا لا يظلم نفسه، قال: (ليس ذلك، انما هو الشرك)(12)، فاتضح ان المراد ههنا الذين آمنوا بالله ولم يثبتوا لله شريكا في المعبودية. ويعضده ان سيقا الآيات وارد في نفي الشركاء والاضداد والانداد، وليس فيها ذكر الطاعات والعبادات، فوجب حمل الظلم ههنا على ذلك(13).
وكذا في آيات الاحكام، كما في بيان ذوي القربى في قوله تعالى:
{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41].
(ومعلوم انه لم يرد بها أقرباء سائر الناس فصار اللفظ مجملا مفتقرا الى البيان))(14) ومن جهة ذلك الاجمال قال بعض الصحابة من الاقرباء لرسول الله (صلى الله عليه واله) نحن وبنو المطلب في النسب اليك سواء فاعطيتهم دوننا فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): (ان بني المطلب ما فارقونا في جاهلية ولا اسلام، وبنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد...)(15)، فاتضح بذلك (ان المراد بذي القربى هم بنو هاشم وبنو المطلب، دون بني عبد شمس وبني نوفل)(16). فلابد من مراعاة صلاحية مثل هذه الاحاديث ليتم استيضاح المراد والقطع به.
ومن الاحاديث ما لايستدعي تلك الدقة في الاسانيد – وان كانت مطلوبة- كالشواهد الحديثية للقصص القرآني، كالذي جاء في قصة خروج آدم (عليه السلام) من الجنة كما في قوله تعالى:
{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} [البقرة: 36].
حيث اشير الى بعض الاحاديث المبينة للقصة، كحديث سليمان بن منصور بن عمار حدثنا علي بن عاصم عن سعيد عن قتادة عن ابي بن كعب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (لما ذاق آدم من الشجرة فر هاربا فتعلقت شجرة بشعرة فنودي: يا آدم افرارا مني؟ قال: بل حياء منك، قال: يا آدم اخرج من جواري فبعزتي لا يساكنني فيها من عصاني ولو خلقت مثلك ملء الأرض خلقا ثم عصوني لاسكنتهم دار العاصين). ومثل هذا الحديث ان ذكر على نحو الاحتمال فلا مانع منه، مع ذكر ما يكتنفه من ضعف في سنده، كما أشار الى ذلك ابن كثر (ت 774هـ)، حيث عقب عليه قائلا: (هذا حديث غريب وفيه انقطاع بل اعضال بين قتادة وابي بن كعب رضي الله)(17)، فهو من الحديث المعضل الذي هو نوع من أنواع الحديث الضعيف، فالمعضل (هو ما سقط من اسناده اثنان فصاعدا)(18)، فهو لقب لنوع خاص من المنقطع فكل معضل منقطع وليس كل منقطع معضلا(19)، فالاعضال في الحديث يوجب فقدان بعض حلقات سلسلة رواته، مما يفقد الثقة بصدوره عن المعصوم، فيسقط عن الاعتبار، فإنما يذكر في التفسير كأحد الوجوه المحتملة، بشرط ذكر حاله من الضعف، وعلى ان لا يخرج عن الغاية المرجوة من القصص القرآني من الأغراض السامية لها مدلولها الموضوعي لها اثر طيب في مسيرة المجتمع الإنساني، وما تحمله من نهج تربوي، كتربية الانسان على الايمان بالغيب او خضوعه للحكمة الإلهية او التزامه بالأخلاق الإسلامية والاعتبار او الاقتداء بسيرة الماضين(20).
وكذا روايات أسباب النزول التي تفيد بعض تطبيقات الوقائع والنصوص القرآنية على افرادها او مصادقيها او الإفادة من ظروفها الزمانية والمكانية، فمن ذلك ما افيد من سبب نزول قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54].
حيث يفاد انها نزلت في امير المؤمنين علي ابن ابي طالب (عليه السلام)، لما صح عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه قال بحقه يوم خيبر: (لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله)(21)، وأشار الرازي الى هذا في جملة ما يوجه به سبب النزول، قائلا: (انه عليه السلام لما دفع الراية الى علي عليه السلام يوم خيبر قال: (لأدقعن الراية غدا الى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله)، وهذا هو الصفة المذكورة في الآية)(22)، فامكن الإفادة من هذا الحديث وجها تفسيريا ينفع في تطبيق الآية على مصداقها، مع النظر الى ظرف النزول وما الى ذلك مما يعين المفسر على استكشاف المراد، وهذا الحديث انطبقت عليه موازين الصحة، اذ روي في معتمدات المجامع الحديثية عند المسلمين عموما.
وكذا الروايات التاريخية، كما في تفسير ام القرى من قوله تعالى:
{وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الأنعام: 92].
اذ فسرت بمكة بالإفادة مما روي عن الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) انه قال: (دحيت الأرض من مكة ولذلك سميت ام القرى)، وهذا الحديث نسبه الطوسي(23) (ت 460هـ) الى النبي (صلى الله عليه واله) من دون اسناد، ورواه الطبرسي(24) (ت 548هـ) وابن الجوزي(25) (ت 597هـ) موقوفا على ابن عباس. فهذا الحديث مع ضعفه في الاسناد يمكن ان يستشف منه وجها من الوجوه التفسيرية على ضوء بيانه التاريخي من ابتدأء دحو الأرض من مكة المكرمة، ليقال بانها سميت ام القرى لذلك.
وكذا روايات المغازي كما في تفسير قوله تعالى:
{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ } [التوبة: 64].
حيث افاد المفسرون مما روي مرسلا في غزوة تبوك(26)، قال الطبرسي (ت 548هـ): (ان جماعة من المنافقين قالوا في غزوة تبوك: يظن هذا الرجل ان يفتح قصور الشام وحصونها، هيهات هيهات، فاطلع الله نبيه محمد (صلى الله عليه واله) ، فقال: احبسوا علي الركب. فدعاهم، فقال لهم: قلتم كذا وكذا؟ فقالوا: يا نبي الله انما كنا نخوض ونلعب، وحلفوا على ذلك... وقل: كان ذلك عند منصرفه من غزوة تبوك الى المدينة، وكان بين يديه أربعة نفر، او ثلاثة، يستهزؤون ويضحكون، واحدهم يضحك ولا يتكلم، فنزل جبريل، واخبر رسول الله (صلى الله عليه واله) بذلك، فدعا عمار بن ياسر، وقال: ان هؤلاء يستهزؤون بي وبالقرآن، اخبرني جبرائيل بذلك، ولئن سالتهم ليقولن كنا نتحدث بحديث الركب. فاتبعهم عمار، وقال لهم: مم تضحكون؟ قالوا: نتحدث بحديث الركب. فقال عمار: صدق الله ورسوله، احترقتم احرقكم الله. فاقبلوا الى النبي (صلى الله عليه واله) يعتذرون)(27)، ومع ان هذا الحديث ضعيف بالإرسال، الا ان ايراده بوصفه وجها بيانيا تفسيريا كما أشار الطبرسي، او لذكر الشخوص الذين انطبقت عليهم الآية او نزلت فيهم، كما افاده ابن كثير (ت 774هـ) في تفسيره(28).
او الاحاديث المختصة بالمواعظ والأخلاق، كما في تفسير قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: 90].
حيث افيد تفسير الاحسان من قول الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله): (الاحسان ان تعبد الله كأنك تراه)(29)، فممن أشار الى ذلك البغوي(30) (ت 510هـ)، وأفاد ابن زمنين(31) (ت 399هـ) من الامر بإيتاء ذي القربى في الآية، الموعظة التي تضمنها قول النبي الأعظم (صلى الله عليه واله): 0ما من ذنب اجدر ان يعجل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)(32).
فهذه التوظيفات وغيرها مما لا يترتب عليها سوى استجلاء المحتملات التفسيرية من دون الجزم بها، او المواعظ والأخلاق التي تنسجم ومقاصد الشريعة فيستانس بها سواء اكانت صحيحة الاسناد ام ضعيفته ما لم تعارض بحديث ارجح منها.
وتجدر الإشارة الى ان الحديث المفسر اذا استجمع الصفات التي تجعله حجة في التفسير او النسخ او التخصيص وغيرها من الوظائف التي يستعان بها في استكشاف المراد، اخذ به ما لم يتعارض مع ضرورات الدين او العقل او حديث ارجح منه بحسب موازين الترجيح.
اما اذا لم يستجمع الحديث المفسر لوازم الحجية او القرائن المحتفة به التي يمكن ان تنهض به الى مكانة الاعتماد في التفسير، فللمفسر ان يسوقه بوصفه شاهدا لاحد الوجوه المحتملة في معنى الآية، بشرط ان يشير الى كون هذا التفسير مجرد وجه اذ ان مستنده حديث ضعيف، لئلا يوهم بجزمه بالمراد، فالتفسير يعني بيان خطاب الله تعالى، ولا يمكن القطع به من دون دليل تام. فقد يعرض للمنقول التفسيري مشكلات داخلية وخارجية توجب تركه تارة كالحديث المنسوخ، وتجعله في مراتب المحتملات الاخر، كالمنقول بالمعنى، فمن أسباب هذه المشكلات التي تعرض للحديث، والتي أشار اليها المرجع الأعلى السيد السيستاني (دام ظله)(33) ، وقد لخصها استاذنا الدكتور محمد حسين علي الصغير، مجملة بالآتي:
ابرز أسباب المشكلات الداخلية التي تعرض للمنقول التفسيري:
1- نسخ الحديث او تخصيصه او تقييده بحديث مثله.
2- انقسام الحديث من حيث انقسام جهة، اذ قد يكون الحكم قانونيا، وقد يكون اجتماعيا عاما.
3- خفاء بعض الوقائع المكتنفة للحديث.
4- الكتمان، بالتورية او بالتعريض، اذ قد يستدعي ظرف الحديث الاجمال وعدم التصريح.
5- الاختلاف في أسلوب تبليغ الراوي، نصا، او تعليما، او افتاء.
ومن المشكلات الخارجية:
1- الدس في النصوص بين الزيادة والنقصان.
2- النقل بالمعنى وما يترتب عليه من أخطاء قد تؤدي الى صرف النص لمعنى غير مراد.
3- الادراج، بالحاق لفظ او كلام في متن الحديث وهو ليس منه، كقيام بعض رواة الحديث او شراحه بادراج تعليقة على الحديث في ضمن متنه، من دون فرز او تمييز بينهما.
4- تقطيع نصوص الاحاديث، بحسب الحاجة، مما يفوت ما تحمله وحدة السياق من دلالة.
5- الخلظ بين حديثين مستقلين بسند واحد، اثناء الاستدلال او التفسير(34).
وهذه المشكلات مما استدعت اسسا منهجية اتبعها كثير من المفسرين، وان لم يفردوا لها بابا، انما وظفوها بحسب المقام التفسيري وما يلحظ فيه، فالحديث المنسوخ يترك في مقام الأداء التفسيري الفقهي، بلحاظ ان الحديث الناسخ أوقف عمله، بالنظر الى امكان النسخ بين الاحاديث الشريفة(35) كوقوع النسخ في القرآن الكريم، فلابد من ملاحظة المتقدم والمتأخر، وما الى ذلك من ضوابط الناسخ والمنسوخ، ومثله الحديث المخصص او المقيد بحديث آخر، اذ لابد من مراعاة دلالته بعد التقييد او التخصيص والإفادة منها بعد ذلك في الأداء التفسيري.
وكذلك ملاحظة انقسام الحديث من جهة انقسام الحكم الذي اشتمله، اذ قد يكون الحكم قانونيا بلحاظ ما يجب على الفرد من جهة علاقته بالمجتمع، وقد ينظر الحكم الى الفقه الاجتماعي العام، فينظر لما يحمل الحديث من العمومية او الخصوصية بحسب مناسبة حكمه وموضوعه ولحاظ مقام الولاية العامة للنبي او من يقوم مقامه كالأوامر الصادرة عن رسول الله (صلى الله عليه واله) بعنوان السلطنة الإلهية، كبيان ولاية امير المؤمنين (عليه السلام)، حيث افاد المفسرون من حديث الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) في حق الامام عليه السلام، انطباق الآية عليه، روى العياشي (ت 320هـ) بسنده عن زيد بن الحسن عن جده (عليهم السلام) قال: (سمعت عمار بن ياسر يقول: وقف لعلي بن ابي طالب (عليه السلام) سائل وهو راكع في صلاة تطوع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل فأتى رسول الله (صلى الله عليه واله) فاعلمه بذلك، فنزل على النبي (صلى الله عليه واله) هذه الآية:
{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55].
الى آخر الآية فقراها رسول الله (صلى الله عليه واله)، ثم قال: (من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه)(36)، فهذا الحديث نقله أئمة الحديث في مجامعهم الحديثية وقال الحاكم النيسابوري معلقا على احد طرق هذا الحديث (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين)(37) وعلى طريق آخر للحديث نفسه (صحيح على شرطهما)(38) بل صحح اكثر طرق هذا الحديث(39)، فينبغي للمفسر اتباع مفاد الحديث الصحيح في مثل هذا الحكم الهام لتوظيفه في تفسير النص القرآني.
ومن الأسس الضابطة لتوظيف المنقول في تفسير النص القرآني استجلاء الوقائع الخفية التي يمكن ان تكتنف الحديث الشريف اذ قد يروى الحديث بألفاظ معينة او بيان معين لا تظهر منها بعض الدلالات الا بالتأمل في ظروفه مثل التفريق بين المكي منها والمدني او ما كان في الغزوات او غيرها، كظروف حديث (لا ضرر ولا ضرار)(40) وما تعطيه من دلالات يمكن ان توظف في فهم المراد في الآيات التي وردت فيها مادة (ضر) اذ لو لا ملاحظة ما اكتنف الحديث من وقائع خفية تستجلى من خلال ملاحظة من قيل بحقه، وكيفية تعامله، وما الى ذلك، لما افاد تلك التوظيفات التي وظفها المفسرون في الأداء التفسيري(41)، كما قد يشتمل الكتمان، بالتورية او بالتعريض، اذ قد يستدعي ظرف الحديث الاجمال وعدم التصريح وذلك ان ظروف بداية الدعوة اقتضت من النبي (صلى الله عليه واله) ان يجمل من اجل تدرج الاحكام او مداراة بعض المنافقين. روي عن الامام جعفر بن محمد الصادق (عليها السلام)، في تفسير قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا } [البقرة: 83] ، انه قال: (وقولوا للناس كلهم، حسنا، مؤمنهم ومخالفهم: اما المؤمنون فيبسط لهم وجهه وبشره. واما المخالفون فيكلمهم بالمداراة لاجتذابهم الى الايمان، فان ييأس من ذلك يكف شرورهم عن نفسه، وعن اخوانه المؤمنين)(42)، وكذا دواعي التقية اذا كان الحديث (مع الكفار او بين اظهرهم، فيتقيهم بلسانه، ولا مودة لهم في قلبه)(43)، وتختلف طرق الكتمان فمنها السكوت، والتورية بقسميها البديعية والعرفية، والتورية العرفية على أنواع أيضا، فمنها: العدول عن سؤال السائل الى بيان مطلب آخر، ومنها: الإجابة بالمجمل(44).
وكذا الاختلاف في أسلوب تبليغ الراوي، نصا، أي بالحفاظ على المتن كما هو، او تعليما، كشرح الحديث بالمرادفات وتفسير مشكلات المتن وغوامضه، او بيان الكبريات الشرعية فيه، او افتاءا، كإعطاء نتيجة تطبيق الكبرى على الصغرى من دون إشارة لعملية التطبيق المذكور، وذلك ببيان ما يتعلق بالحكم الجزئي لا الكلي، واختلاف أسلوب التبليغ سبب في اختلاف الحديث(45).
كما ان للمؤثرات الخارجية التي تعرض للحديث الشريف أهمية كبيرة في احتياج الأسس المنهجية الضابطة لاستجلاء ما هو مدسوس في الحديث، او مدرج فيه وهو ليس منه بل من كلام الراوي، او ما اضطرب ف بالإسناد او المتن، او ما تغيرت كلمة من متنه بالتصحيف، او اجتزئ من نصه بحسب الحاجة، بحيث تخفى دلالة السياق، او ما اختلط بين نص متنه ونص حديث آخر بسند واحد، اثناء الاستدلال او التفسير، فيما اخذ من الكتب الفقهية او التفسيرية.
فينبغي التضلع في علوم الدراية لان النقد المتعلق بالاسناد دقيق غامض(46)،
فلابد من الوقوف على معرفة المرفوع من الموقوف، وتقصي الوثاقة في الرواة، والتمرس في معرفة الفاظ المعصوم اذ انها تتميز بأسلوب خاص يعرفه من خاض غمار الحديث ومدارسته، فان معرفة المدرج وامثاله تتاتى بلحاظ استحالة كون هذا الحيدث يصدر من المعصوم، لركاكة الفاظ الحديث او لمنافاته مع الذوق الشرعي العام، او الذوق اللغوي، او بورود الحديث لفظ في احد مصادر الحديث وبزيادة لفظ آخر في مصدر آخر فيستكشف الدرج فيه(47)، وكذا في التصحيف والمزيد فيه فالزيادة ان شذ بها صاحبها فلها حكم الشاذ، والا قبلت الا ان تشتمل على منافاة بين المزيد وغيره، وحينئذ فلها حكم المتعارضين والترجيح ثم الجمع. ثم الزيادة قد تكون في متصل الاسناد بزيادة راو في اثناء الاسناد، وشرطه ان يقع التصريح بالسماع في موضع الزيادة اذا كان معنعنا مثلا، ترجحت الزيادة حينئذ. والمرجوحية في المزيد في متصل الاسناد اذا كان الراوي غير المزيد اتقن من المزيد، ولو كان المزيد اتقن فلا مرجوحية حينئذ(48)، اما الحديث الموضوع، وهو المصنوع المكذوب المختلق(49)، فيمكن معرفته بإقرار واضعه او معنى اقراره، او ركاكة لفظه، او قرينة في الواضع او الموضوع له، وذلك بملاحظة شخصية الراوي وظروفه الاجتماعية والسياسية، او أحوال من وضع له الحديث، او مباينة الحديث للمعقول او مخالفته المنقول او منقاضته الأصول(50).
فلابد من الإحاطة بعلوم الحديث وتقصي أحوال الرواة، وملاحظة القرائن المحتفة بالحديث، حتى تحصل للمفسر ملكة قوية، يميز بها ما يمكن توظيف مفاده في العملية التفسيرية.
الأسس الحاكمة لمفردات المتن وجمله
ان الأسس التي تتعلق بالمتن مرجعها الى المباحث اللغوية، وهو ما يستدعي النظر في اللفظ وما يترتب عليه من معطيات في المعنى، وفي العلاقة القائمة بين الالفاظ والتراكيب، وما الى ذلك مما يتعلق بالنحو والصرف والبلاغة، لما لها من جليل الأثر في تغيير المعنى المراد وما يفاد منه من دلالة (51)، فيجري فيه ما ذكره البحث في الأسس الضابطة للمباحث اللغوية والبيانية.
فالمتن هو لفظ الحديث الذي يقوم به المعنى، وهو مقول المعصوم(52)، فهو غاية السند وهو الكلام او النص الذي انتهى اليه السند.
فلابد من مراعاة الفاظ المتن وجمله لدخالته في الصحة أيضا، فانه لا يلزم من صحة الاسناد صحة المتن، لاحتمال صحة الاسناد مع ان في المتن شذوذا او علة تمنع من صحته، مما يتنافى مع الدين او العقل، او الركاكة المشعرة بالوضع، او الغرابة في لفظة غير ظاهرة المعنى تحتاج الى تتبع استعمالات تلك اللفظة، للوقوف على المعنى الذي يمكن الإفادة منه في التفسير، فالغرابة في لفظ الحديث (عبارة عما وقع في متون الاحاديث من الالفاظ الغامضة البعيدة عن الفهم لقلة استعمالها)(53)، فالحديث الغريب لفظا: هو الحديث الذي اشتمل متنه على كلمة او اكثر مما عد غريبا عند اهل اللغة، (وهو من المهمات المتعلقة بفهم الحديث والعلم والعمل به، لا بمعرفة صناعة الاسناد وما يتعلق به)(54)، فينبغي التأمل في اللفظة الغريبة قبل الحكم بمراد الحديث المطلوب الإفادة منه في التفسير، وعدم انكار اللفظة او التسرع في الحكم على معنى معين، اذ ان الغرابة قد تنشا من تفاوت الاستعمال بين زمن اطلاقها والزمن المتأخر عنه(55)، او نتيجة لتغاير المخاطبين اذ ان الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله)، كان يخاطب العرب بحسب لهجاتهم في بعض المناسبات، او لعل الغرابة كان جراء ما يكتنف اطلاقها من ظروف استدعت استعمالها في غير ما وضعت له نحو دواعي التعريض والكناية والمجاز، فالتدقيق في ذلك لاستكشاف استعمالات تلك اللفظة زمن اطلاقها، والوقوف على مناسبة الحديث، ومعرفة لهجات المخاطبين ودراسة ظروف الخطاب، للوقوف على المعنى المراد، كي يصح توظيف الحديث في العملية التفسيرية. فمن ذلك لفظة (خبنة) التي جاءت في الحديث الشريف (من دخل حائطا فليأكل ولا يتخذ خبنة)(56)، حيث افاد المفسرون حد اكل المضطر، في تفسير قوله تعالى:
{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173].
وذلك بعد استيضاح معنى لفظة (الخبنة) وهي (ما تحمله في حضنك)(57)، (يقال اخبن الرجل اذا خبا شيئا في خبنة ثوبه او سراويله)(58)، قال القرطبي (ت 671هـ): (يقال منه: خبنت اخبن خبنا. قال أبو عبيد: وانما يوجه هذا الحديث انه رخص فيه للجائع المضطر الذي لا شيء معه يشتري به الا يحمل الا ما كان في بطنه قدر قوته)(59).
فلابد للمفسر ان يتأمل في المتن اذ ان علماء الحديث لم يتعرضوا لاستيفاء النقد
فيما يتعلق بالمتن كما تعرضوا لذلك في الاسناد، فانهم وان تعرضوا للنقد من جهة المتن الا ان ذلك قليل جدا بالنسبة لما تعرضوا له من النقد من جهة الاسناد(60). اذ ان المتن عبارة عن تراكيب لفظية توظف في استجلائها المباحث اللغوية من المفردات المعجمية ودلالاتها، والقواعد النحوية، والتغيرات الصرفية لأبنية الكلم، والأداء البلاغي والبياني، مع مراعاة الشواهد الأدبية من شعر ومثل وحكمة، وغير ذلك مما عرض اليه البحث في الأسس المنهجية لتوظيف المباحث اللغوية والبيانية في تفسير النص القرآني.
الأسس الضابطة لتوظيف دلالة الحديث
الدليل لغة: من (دللت بهذا الطريق: عرفته، ودللت به ادل دلالة)(60)، (والدليل أيضا فاعل الدلالة مشتق من فعله)(62)، والدلالة هي: (ابانة الشيء بإمارة تتعلمها)(63).
اما في الاصطلاح: فقيل (هو المرشد الى معرفة الغائب عن الحواس وما لا يعرف باضطرار)(64)، او (هو الذي اذا تأمله الناظر المستدل اوصله الى العم بالمدلول)(65)، (وقد يطلق على ما فيه دلالة وارشاد. وهذا هو المسمى دليلا في عرف الفقهاء، وسواء كان موصلا الى علم او ظن. والاصوليون يفرقون بين ما أوصل الى العلم، وما أوصل الى الظن، فيخصون اسم الدليل بما أوصل الى العلم، واسم الامارة بما أوصل الى الظن)(66).
وينقسم الدليل الى (ما يكون حجة في نفسه مطلقا، وما يكون حجة عند عدم قيام حجة على خلافه فتكون حجة في نفسه لا مطلقا.. فان الدليل على الوجه الثاني غير قابل لمزاحمة شيء من الأدلة على الوجه الأول، اذ المفروض كونه دليلا حيث لا دليل)(67).
فاتضح ان المقصود بالدليل في الاصطلاح ما يمكن ان يستدل به على مراد الشارع سواء اكان في الاحكام ام غيرها(68)، الا ان المقصود من الدلالة في الاحاديث المفسرة اعم من الاصطلاح الاصولي والمنطقي، اذ ان المراد بها ليست هي خصوص الدلالة اللفظية المنحصرة في المطابقية والتضمنية والالتزامية، ولا الدلالة الخاصة بالأحكام الشرعية، بل المراد بها مطلق ما يسعين بها المفسر لاستكشاف المراد من النص القرآني، من بيان المفردة القرآنية، او الارشاد الى قرائن خاصة بفهم الاية، او بيان اجمال، او تشخيص مصداق، او تخصيص عام، او تقييد مطلق.. فيكون ذلك الكاشف دليلا، ليستنير به في استجلاء مراد الخطاب القرآني.
فدلالة السنة النبوية الشريفة باي معنى كانت – قولية، او فعلية، او تقريرية- اذا ثبتت صحة صدورها عنه (صلى الله عليه واله)، وكانت جهة الصدور فيها على نحو البيان، احتج بها مبينة او مؤسسة لحكم على نحو الوجوب او الاستحباب او الحرمة او الكراهة او الاباحة الشرعية، فهي المصدر الثاني للتشريع (اذ لولاها لما اتضحت معالم الإسلام، ولتعطل العمل بالقرآن، ولما امكن ان يستنبط منه حكم واحد بكل ما له من شرائط وموانع، لان احكام القرآن لم يرد اكثرها لبيان جميع خصوصيات ما يتصل بالحكم، وانما هي واردة في بيان اصل التشريع، وربما لا نجد فيه حكما واحدا قد استكمل جميع خصوصياته قيودا وشرائط وموانع)(69) فما اجمل من القرآن ولم يمكن بيانه من موضع آخر منه فيلتجا الى السنة النبوية الشريفة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، وروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله): (الا اني اوتيت القرآن ومثله معه)(70) يعني السنة.
فالسنة الشريفة تنزل على الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) بالوحي كما ينزل القرآن الا انها لا تتلى كما يتلى القرآن، كما هو واضح من قول الحق عز وجل:
{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4].
وعلى ذلك داب المفسرون في الاستعانة بالسنة النبوية الشريفة بعد القرآن الكريم(71).
تولى ما صدر عن النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) التفسير والشرح لنصوص الكتاب العزيز، ودل على ذلك قوله تعالى : {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].
فهي تفصيل لمجمله، وبيان لمشكله، وبسط لمختصره، وذلك لانها بيان له. وقد عنى اكثر المفسرين بأقوال المصطفى (صلى الله عليه واله) في تفاسيرهم، وحيث ان
التفسير بما اثر عنه يتوقف على توفر شرائط الحجية فيه احتيج الى أسس منهجية، وهي متناثرة في كتب التفسير وعلوم القرآن، الا ان الخبر الوارد عنه (صلى الله عليه واله) اذا كان ناظرا بيان الإفادة من النص القرآني ومشيرا الى قرائن موجودة فيها، فتلحظ كيفية الإفادة من الدلالة (فعلى فرض صحة الاستنتاج يؤخذ بالنتيجة، وان كان الخبر غير واجد للشرائط)(72) التي تتم بها حجية الخبر، بشرط ان لا يتنافى ما افيد من الخبر وضرورات الدين والعقل.
واذا كان التفسير مما يبنى على التعبد فلابد من ملاحظة صحة ذلك الحديث ودخوله في السنة الشريفة، ليستند اليه، وذلك بعد الفراغ من اعتبار الشارع لحجية السنة، وبعد اثبات حجية السنة، لابد من التحقق من صدورها، ثم التأمل فيما دلت عليه لان النظر في الدلالة فرع ثبوت الحديث وصحة سنده. ومما يستشهد به من توظيف المفسرين لدلالة الحديث الشريف في رفع الاجمال في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى } [البقرة: 238].
فلفظ الوسطى يحتمل ان يكون بمعنى الفضلى او بين صلاتين او غيره، فهل هي الظهر او العصر او المغرب او غير ذلك مما ذكره المفسرون والفقهاء(73)، فيفاد من دلالة قوله (صلى الله عليه واله)، يوم الأحزاب: (شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر)(74)، ان الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، فبعد فرض صحته (فهو صريح فيها)(75)، فهذا الحديث واضح الدلالة على المراد من الوسطى في الآية الكريمة.
وكذا في استثناء بعض الافراد بتخصيص حكم عام في قوله تعالى:
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3].
بدلالة ما ورد عن النبي (صلى الله عليه واله) انه قال: احل لكم ميتتان ودمان)(76)، قال اهل الأصول: لا ينبغي الاشكال في جواز تخصيص العام الكتابي بالخاص الخبري، ومجرد كون الكتاب قطعي الصدور لا يمنع عن ذلك، فان اصالة الظهور في طرق الخاص تكون حاكمة على اصالة الظهور في طرف العام، لان الخاص يكون بمنزلة القرينة على التصرف في العام. لان الظهور في الخاص بالوضع وذلك بالإطلاق، والظهور الوضعي اقوى من الظهور الاطلاقي، فان تخصيص العام يقتضي تضييق دائرة كشفه وحكايته فالتخصيص يكشف لا محالة عن عدم كون عنوان العام تمام المراد، بل المراد هو ما وراء الخاص، فالصحيح ان الاخصية بنفسها ملاك للقرينية عرفا، بدليل ان أي خاص نفترضه لو تصورناه متصلا بالعام لهدم ظهوره التصديقي من الأساس وهذا كاشف عن القرينية، فان ما دل على الحرمة وان كان اخص من العام الكتاب فاللازم تخصيص العام الكتابي به- بناء على ما هو الحق من جواز تخصيص العام الكتاب بالخبر، ويجب تقديم الخصوص على العموم لان تقديم العموم عليه يفضي الى الغائه بالكلية اما تقديمه على العموم فلا يفضي الى الغاء العموم بالكلية فكان ذلك أولى كما في سائر المخصصات(77)، فلما ورد عن النبي (صلى الله عليه واله).انه قال: (احل لكم ميتتان ودمان)(78)، خصص هذا الحديث عموم ما في قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3].
فخرجت بعض الافراد- السمك والجراد- من عموم الحكم بحرمة الميتة في الآية الكريمة بدلالة الحديث الشريف، فالمراد بالميتتين، السمك والجراد، أي تحل ميتة السمك والجراد، يعنى من غير التذكية المعهودة، وان كان لكل واحد تذكية مخصوصة، واما الدمان: فالمراد بهما الكبد والدم المتخلف في الذبيحة (وهو الدم الذي يبقى في خلل اللحم بعد الذبح وما يبقى منه في العروق)(79).
وبالجمع الدلالي بين مفاد الحديث الشريف والنص القرآني يمكن ان يستكشف المراد من الاخبار الذي يرد في بعض الآيات، اذ لا يمكن ان يجزم المفسر بمفاده الا بتوجيه دلالة الحديث الشريف الذي لم يكن ناظرا لتفسير الآية عند اطلاقه، لكن المفسر يستثمر دلالته موظفا إياها في العملية التفسيرية، كما في تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55].
افيد مما روي عن الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) انه قال: (كيف انتم اذا نزل ابن مريم فيكم، وامامكم منكم)(80)؟ ان المراد به: اني قابضك برفعك من الأرض الى السماء من غير وفاة بموت، وقابضك بالموت بعد نزولك من السماء(81).
وذلك بعد توجيه دلالة الحديث بان عيسى (عليه السلام) لم يمت وانه راجع قبل يوم القيامة(82)، وانه ينزل من المساء بعد الظهور المبارك، فيتحصل بان الآية تعني بالوفاة التوفي بالرفع الى السماء، والقبض بالموت بعد النزول من المساء، اذ لو كان معنى الوفاة هو الموت لعبر النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) بالبعث دون النزول.
ولما كانت الاحاديث الشريفة لها الأولوية في تفسير النص القرآني اذ ان أقواله (صلى الله عليه واله)، انما هي بالوحي الإلهي، فهو يبلغ عن الحق تعالى:
{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [النجم: 3، 4].
وقال (صلى الله عليه واله): (ألا إني اوتيت القرآن ومثله معه)(83)، فلابد من ملاحظة ما روي عنه جملة، وتوجيه دلالتها وتظيفها في العملية التفسيرية، وتدقيق النظر فيما يظهر من دلالاته والجمع مهما امكن فيما يظهر منه التنافي او التوقف اذا تعذر الجميع، لئلا يقع المفسر في محذور الجمع التبرعي الذي هو تأويل كيفي لا يساعد عليه عرف اهل المحاورة، ولا شاهد عليه من دليل ثالث(84)، مع مفاد الآيات من دون سبق نظر الى الدلالات التي يمكن ان تترتب على هذا الجمع(85).
ثم ان الاخبار الصحيحة يمكن ان ينسخ المتأخر المتقدم منها، وانه لا معارضة بينهما حال التفاوت الزمني، فلا معارضة بينهما البتة لاختلاف زمنهما، فينبغي طلب المخلص بدلالة التاريخ، فانه يؤخذ بالآخر، فالآخر من امر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(86)، وكذا فيما اذا تعارضت دلالة قطعية في حديث صريح مع دلالة ظنية في آية، فيؤخذ بصراحة الحديث(87).
ثم ان الحديث الصحيح قد تتنافي دلالته وموجبات العقول فيعلم بطلانه، لان الشرع انما يرد بمجوزات العقول واما بخلاف العقل فلا(88). كما لابد من استيضاح دلالة الحديث مع الابتعاد عن المرتكزات العقائدية غير الثابتة، كي لا تغريه الدلالات الموهومة الباطلة التي لا يجوز الاستدلال بها في العقيدة(89)، في استبيان دلالات النصوص القرآنية.
كما لابد من اعمال الفكر في الدلالة بين الاحاديث، قبل توظيفها في العملية التفسيرية، اذ قد يكون فهم المعنى من جهة كون احد الدليلين قرينة على ما هو المراد من الآخر، او بملاحظة ترجيح احد المتعارضين لقوة الدلالة فيه او غيرها، او الاخذ بالمرجح من حيث الدلالة مثل تقديم الخاص على العام او تقديم النهي على امر لقوة الدلالة، اما اذا تساويا في القوة، فان كان المبين مجملا، كفى في تعيين احده احتمالية ادنى ما يفيد الترجيح، وان كان عاما او مطلقا، فلابد وان يكون المخصص والمقيد في دلالته اقوى من دلالة العام على صورة التخصيص، ودلالة المطلق على صورة التقييد، فتخصيص العام وتقييده حال المساواة في قوة الدلالة أولى، لما في ذلك من اعمال الدليلين(90).
ـــــــــــــــــ
1) ينظر: محمد حسين علي الصغير- تاريخ القرآن: 129.
2) السيد محمد تقي الحكيم: الأصول العامة للفقه المقارن: 124.
3) احمد بن حنبل- مسند احمد: 4/131.
4) الزركشي -البرهان: 2/ 176.
5) ينظر: الطوسي- التبيان: 1/ 20 و30 و47 وج7/11 و12 و21 وج10/28 و31 والطبرسي- جوامع الجامع: 1/51 و121 وج2/85 و297 وابن جزي- التسهيل في علوم التنزيل: 1/100 و137 و164 و171 وأبو حيان الاندلسي- البحر المحيط: 1/156 و157 و187.
6) السيوطي- الاتقان: 2/189.
7) ينظر: ابن كثير- تفسير ابن كثير: 1/18، مقدمة التحقيق- احمد محمد شاكر.
8) ينظر: الشهيد الثاني- شرح البداية في علم الدراية: 82.
9) ينظر: السيوطي- تدريب الراوي: 5 والشهيد الثاني- شرح البداية في علم الدراية: 79.
10) ينظر: حسن الصدر- نهاية الدراية: 93-94.
11) ينظر: المصدر نفسه.
12) احمد بن حنبل – مسند احمد: 1/424 والبخاري- صحيح البخاري: 4/137 ومسلم- صحيح مسلم: 1/80 وابن البطريق- العمدة: 174.
13) ينظر: الصنعاني- تفسير الصنعاني: 2/213 والطبري- جامع البيان: 7/231 والثعلبي- تفسير الثعلبي: 4/166 والطوسي- التبيان: 4/190 والطبرسي- مجمع البيان: 4/99-100 والرازي- تفسير الرازي: 13/61 والزركشي- البرهان: 2/184 والسيوطي- الاتقان: 1/90 والدر المنثور: 3/27.
14) الجصاص: احكام القرآن 3/82.
15) احمد- مسند احمد: 4/81 والبخاري- صحيح البخاري: 4/155 وج5/79 وابن البطريق- العمدة: 53.
16) المقداد السيوري- كنز العرفان: 1/367.
17) تفسير ابن كثير: 1/84.
18) احمد محمد شاكر- الباعث الحثيث: 51.
19) ينظر: ابن الصلاح-المقدمة ابن الصلاح: 52.
20) ينظر: محمد حسين علي الصغير- الصورة الفنية في المثل القرآني: 56.
21) احمد بن حنبل- مسند احمد: 5/333 والبخاري- صحيح البخاري: 4/20 و207 والكليني- الكافي: 8/351 والصدوق- الامالي: 604 والخصال: 311.
22) الرازي- تفسير الرازي: 12/20.
23) التبيان: 1/ 131.
24) مجمع البيان: 4/410.
25) زاد المسير: 3/58.
26) ينظر: الواقدي- مغازي الواقدي: 3/1066- 1067.
27) مجمع البيان: 5/81-82.
28) ينظر: تفسير ابن كثير: 2/381-382.
29) احمد بن حنبل- مسند احمد: 1/51 والبخاري -صحيح البخاري: 1/18 والطوسي- امالي الطوسي: 526 والطبرسي-مكارم الاخلاق: 459.
30) تفسير البغوي: 3/81.
31) تفسير ابن زمنين: 2/415-416.
32) احمد بن حنبل- مسند احمد: 5/38 وابن ماجه – سنن ابن ماجه: 2/148 والفتال النيسابوري- روضة الواعظين: 388.
33) ينظر: الرافد في علم الأصول: 26-29.
34) ينظر: محمد حسين علي الصغير- المبادئ العامة لتفسير القرآن الكريم: 69-70.
35) ينظر: يحي بن علي القرشي- غرر الفوائد المجموعة: 289.
36) العياشي- تفسير العياشي: 1/ 326 . وتخريج الحديث: احمد بن حنبل – مسند احمد: 4/373 والكليني- الكافي: 1/294 والصدوق- من لايحضره الفقيه: 1/269 والحاكم النيسابوري- المستدرك: 3/109.
37) المستدرك: 3/109.
38) المصدر نفسه.
39) ينظر: المستدرك: 3/109-111.
40) احمد بن حنبل – مسند احمد: 5/327 وابن ماجه: 2/784 والكليني- الكافي: 5/293 والطوسي- التهذيب: 7/147.
41) ينظر: الرازي- تفسير الرازي: 20/58 والقرطبي- تفسير القرطبي: 5/48 وج8/454.
42) الفيض الكاشاني- التفسير الصافي: 1/151- 152 وينظر: الجصاص- احكام القرآن: 1/46.
43) أبو حيان الاندلسي- البحر المحيط: 2/442.
44) ينظر: الرافد في علم الأصول: 28.
45) ينظر: المصدر نفسه.
46) ينظر: محمود أبو رية- أضواء على السنة المحمدية: 291.
47) ينظر: احمد محمد شاكر- الباعث الحثيث: 74-78.
48) ينظر: حسن الصدر- نهاية الدراية: 306.
49) ينظر: احمد محمد شاكر- الباعث الحثيث: 78.
50) ينظر: السيوطي- تدريب الراوي: 1/277.
51) ينظر: محمد تقي الرازي- هداية المسترشدين: 2/599.
52) ينظر: الشهيد الثاني- شرح البداية في علم الدراية: 81.
53) ابن الصلاح- مقدمة ابن الصلاح: 164.
54) احمد محمد شاكر- الباعث الحثيث: 167.
55) ينظر: الصنعاني- توضيح الأفكار: 2/235.
56) الترمذي- سنن الترمذي: 2/377.
57) الجوهري- الصحاح: 5/2107.
58) ابن الاثير- النهاية في غريب الحديث: 2/9.
59) القرطبي- تفسير القرطبي: 2/ 227.
60) ينظر: محمود أبو رية- أضواء على السنة المحمدية: 292.
61) ابن منظور- لسان العرب: 11/ 249.
62) أبو هلال العسكري- الفروق اللغوي: 235.
63) ابن فارس- معجم مقاييس اللغة: 2/259.
64) الباقلاني- التمهيد: 33-34.
65) الجصاص- الفصول: 4/7.
66) الآمدي- الاحكام: 1/9.
67) محمد تقي الرازي- هداية المسترشدين ج3- ص316.
68) ينظر: رزاق محسن محمد شريف- النظرية العامة للفقه المقارن: 104، رسالة ماجستير.
69) محمد تقي الحكيم: الأصول العامة للفقه المقارن: 124.
70) احمد بن حنبل: مسند احمد 4/131.
71) الباحث – المقداد السيوري وجهوده التفسيرية: 90 رسالة ماجستير.
72) جعفر السبحاني- المناهج التفسيرية في علوم القرآن: 156.
73) الطبري- جامع البيان: 2/750 والنحاس- معاني القرآن: 1/239 والطوسي- التبيان: 2/276 والراوندي- فقه القرآن: 1/113- 140 والقرطبي: تفسير القرطبي: 3/209.
74) احمد بن حنبل- مسند احمد: 1/113 ومسلم – صحيح مسلم: 2/112 والنسائي- سنن النسائي: 1/ 136 وابن ابي جمهور- عوالي اللئالي: 2/22.
75) المقداد السيوري: كنز العرفان: ج1/178.
76) ابن ماجه- سنن ابن ماجه: 2/ 1102 وفيه: (احلت) وابن ابي جمهور- عوالي اللئالي: 1/239.
77) ينظر: الرازي- المحصول: 3/86 ومحمد علي الكاظمي- فوائد الأصول: 4/719 و747 و792 ومحمد باقر الصدر- دروس في علم الأصول: 3/228.
79) ابن ماجه- سنن ابن ماجه: 2/ 1102 وفيه: (احلت) وابن ابي جمهور- عوالي اللئالي: 1/239.
3) الجصاص- احكام القرآن: 2/ 381.
80) البخاري- صحيح البخاري: 4/143 ومسلم- صحيح مسلم: 1/ 194 وابن البطريق- العمدة: 16-432.
81) ينظر: الطبرسي- مجمع البيان: 2/305-306.
82) ينظر: ابن ابي حاتم – تفسير ابن ابي حاتم: 4/1110 وابن كثير -تفسير ابن كثير: 1/374 والسيوطي- الدر المنثور: 2/36.
83) احمد بن حنبل: مسند احمد: 4/131.
84) ينظر: محمد رضا المظفر- أصول الفقه: 3/230.
85) ينظر: الآلوسي- تفسير الآلوسي: 15/336 وج22/138.
86) ينظر: السرخسي- أصول السرخسي: 2/20 والسيوطي- الدر المنثور: 4/69 والشنقيطي- أضواء البيان: 2/451- 453.
87) ينظر: الشافعي- اختلاف الحديث: 494.
88) ينظر: الخطيب البغدادي- الفقيه والمتفقه: 1/132.
89) ينظر: محمد تقي الرازي- هداية المسترشدين: 2/59.
90) ينظر: الرازي- تفسير الرازي: 5/171 والآمدي- الاحكام: 3/31.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|