أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-21
1140
التاريخ: 7-11-2014
2726
التاريخ: 3-12-2015
2846
التاريخ: 28-01-2015
9518
|
قال تعالى : {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 90 - 93] .
بالرغم مِن وضوح الآيات أعلاه، وأنّها غير معقَّدة، وأنَّ طلبات المشركين من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واضحة، وكذلك سبب تعامل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) السلبي مع هؤلاء معلوم أيضاً، إِلاَّ أنَّ الآيات أصبحت ذريعة بيد بعض المتذرعين في عصرنا الذين يصرّون على نفي أي معجزة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
و هؤلاء يعتبرون هذه الآيات من أوضح الأدلة على نفي الإعجاز عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث طلب المشركون منه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأتي ستة أنواع من المعاجز سواء من الأرض أو السماء وسواء كانت مفيدة لهم أو قاضية بموتهم، إلاّ أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يستطيع تنفيذ أيّ منها، جوابه الوحيد لهم كان {سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 93] نحن نقول : إذا لم يكن متذرعوا اليوم كأسلافهم، فإنّ ما ورد في الآيات يكفيهم جواباً على ما أوردوا، إذ ينبغي أن نلاحظ ما يلي :
1 ـ البعض من الطلبات الهزيلة، كمثل طلبهم إحضار الخالق جلّ وعلا والملائكة، أو المجيء برسالة من السماء فيها أسماؤهم وعناوينهم! البعض
الآخر مما طلبوا، فيها أجابهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه، سوف لن يبقى أثر لهم، وبالتالي لن تكون قضية المعجزة ذات أثر في إيمانهم أو عدمه، مثل قولهم أن يسقط عليهم كسفاً من السماء، أي أن تنزل عليهم صخور من السماء.
أمّا بقية الطالبات المقترحة فتشمل الحصول على المزيد من وسائل الحياة المرفّهة والأموال والثروات الكبيرة، في حين أنّ الانبياء لم يأتوا لتحقيق هذه الاُمور.
وإذا افترضنا خلو ما اقترحه المشركون من المآخذ، فإنّنا نعلم ـ كما تخبر بذلك الآيات ـ أنّ ما طلبوه كان من نمط التحجّج والتذرّع أمام دعوة الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس من مسؤولية رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يجيبهم إلى ذرائعهم وتحججاتهم هذه، بل إنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقدّم المعجزة بمقدار ما يثبت صدق دعوته، ولا شيء أكثر من ذلك.
2 ـ بعض تعابير هذه الآيات توضح بنفسها ـ بصراحة شديدة ـ مدى عناد وتذرّع هؤلاء بمثل هذه الطلبات، فمثلاً هم يقترحون على رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)الصعود الى السماء، ولكنّهم يقولون له، بأنّنا لا نصدّق صعودك إن لم تأتنا برسالة من السماء.
إذا كان هؤلاء طُلاّب معجزة ـ فقط ـ فلماذا لا يكفيهم صعود الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)السماء، ثمّ هل هُناك دليل أوضح مِن هذا على عدم واقعية هؤلاء القوم وعدم مَنطقية عروضاتهم؟
3 ـ إِضافة إِلى كلّ ما مر، فإِنّنا نعلم أنَّ المعجزة مِن عمل الخالق جلَّ وعلا وليست مِن عمل الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، في حين يظهر واضحاً مِن كلامهم أنّهم كانوا يعتبرون المعجزة مِن فعله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لذا كانوا ينسبون جميع الأعمال إِليه مثل قولهم : {تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ... أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ}[الإسراء : 90-92] وما إِلى ذلك مِن طلبات. الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعتقد بأنَّ عليه أن يزيل هذه الأوهام مِن عقولهم، ويُثبت لهم بأنَّهُ ليس هو الله ولا هو شريكهُ، والمعجزة مِن الله دون سواه، فأنا بشرٌ مِثلكم، والفارق أنَّ الوحي ينزل عليّ، وبمقدار ما يلزم الأمر فإِنَّ الله يُنزل المعاجز على يدي، ولا أستطيع أن أفعل أكثر مِن هذا، وقوله (سبحان ربّي) شاهد على هذا المعنى، إِذا أنَّ الخالق مُنزَّه عن أي شريك وشبيه.
وبالرغم مِن أنَّ القرآن ذكر معاجز مُتعدِّدة لعيسى(عليه السلام) مِثل إِحياء الموتى وشفاء المرضى وغير ذلك، إِلاَّ أنَّ هذه المعجزات جميعاً كانت مُلحقة بكلمة «بإِذني» أو «بإِذن الله» أي إِنّها تتم ـ فقط ـ بإِذن الخالق، وأجريت على يد المسيح(عليه السلام) (1).
4 ـ أيّ إِنسان يصدّق بأنّ انساناً يدّعي النّبوة، بل يعتبر نفسهُ خاتم النّبيين، ويذكر في كتابه المعاجز الكثيرة للأنبياء السابقين، إِلاَّ أنَّهُ نفسهُ لا يستطيع أن يأتي بمعجزة؟!
ثمّ إِنَّ الناس على هذا الفرض، ألا يعترضون على مثل هذا النّبي ويقولون لهُ : كيف تكون نبيّاً في حين أنّك تعجز عن القيام بمعاجز مثل معاجز الأنبياء الآخرين ... فإِن كُنت تدّعي أنّك أفضل مِنهم جميعاً وخاتمهم، فكيف إِذن تستقيم الدعوة مع عدم الإِتيان بالمعجزات؟
إِنَّ هذا الواقع ـ بحدِّ ذاته ـ دليل على أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد جاءَ ـ عند الضرورة واللزوم ـ بالمعجزات، ومن هُنا يتّضح أن عدم استسلام رسول الهدى (صلى الله عليه وآله وسلم) لطلبات المشركين الآنفة إِنّما يعود لعلمه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدم جدواها في إثبات ما يلزم مِن نبوته، وأنّها انطلقت ـ فقط ـ على سبيل التحجج والتذرُّع مِن قبل عتاة قريش وكُبرائها، لذلك أهمل (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الكلام ولم يستجب لإِقتراحاتهم غير المنطقية وغير المعقولة.
_____________________
1. يمكن في هذا الصدد مراجعة الآيات 110 من سورة المائدة و49 من سورة ال عمران .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|