المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16575 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الاية (221) من سورة البقرة  
  
10209   05:15 مساءً   التاريخ: 1-3-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الباء / سورة البقرة /


قال تعالى : {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَو أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَو أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَ يُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [البقرة: 221].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي  في تفسير هذه  الآية (1) :

لما تقدم ذكر المخالطة ،  بيّن تعالى من يجوز مخالطته بالنكاح فقال {ولا تنكحوا المشركات} أي لا تتزوجوا النساء الكافرات {حتى يؤمن} أي يصدقن بالله ورسوله وهي عامة عندنا في تحريم مناكحة جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم وليست بمنسوخة ولا مخصوصة واختلفوا فيه فقال بعضهم لا يقع اسم المشركات على أهل الكتاب وقد فصل الله بينهما فقال لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين وما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين وعطف أحدهما على الآخر فلا نسخ في الآية ولا تخصيص وقال بعضهم الآية متناولة جميع الكفار والشرك يطلق على الكل ومن جحد نبوة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقد أنكر معجزه وأضافه إلى غير الله وهذا هو الشرك بعينه لأن المعجز شهادة من الله له بالنبوة.

 ثم اختلف هؤلاء فمنهم من قال أن الآية منسوخة في الكتاب بالآية التي في المائدة والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب عن ابن عباس والحسن ومجاهد ومنهم من قال أنها مخصوصة بغير الكتابيات عن قتادة وسعيد بن جبير ومنهم من قال أنها على ظاهرها في تحريم نكاح كل كافرة كتابية كانت أو مشركة عن ابن عمر وبعض الزيدية وهو مذهبنا وسيأتي بيان آية المائدة في موضعها إن شاء الله {ولأمة مؤمنة خير من مشركة} معناه مملوكة مصدقة مسلمة خير من حرة مشركة {ولو أعجبتكم} ولو أعجبتكم بمالها أو حسبها أو جمالها وظاهر هذا يدل على أنه يجوز نكاح الأمة المؤمنة مع وجود الطول فأما قوله فمن لم يستطع منكم طولا الآية فإنما هي على التنزيه دون التحريم.

{ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا} معناه ولا تنكحوا النساء المسلمات جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم حتى يؤمنوا وهذا يؤيد قول من يقول أن قوله {ولا تنكحوا المشركات} يتناول جميع الكافرات وقوله {ولعبد مؤمن خير من مشرك} أي عبد مصدق مسلم خير من حر مشرك ولو أعجبكم ماله أوحاله أو جماله والفرق بين ولو أعجبكم وبين وإن أعجبكم أن لو للماضي وإن للمستقبل وكلاهما يصح في معنى الآية وهومن العجب الذي هو بمعنى الاستعظام وليس من التعجب {أولئك} يعني المشركين {يدعون إلى النار} يعني إلى الكفر والمعاصي التي هي سبب دخول النار وهذا مثل التعليل لأن الغالب أن الزوج يدعو زوجته إلى دينه {والله يدعو إلى الجنة} أي إلى فعل ما يوجب الجنة {والمغفرة} من الإيمان والطاعة {بإذنه} أي بأمره يعني بما يأمر ويأذن فيه من الشرائع والأحكام عن الحسن والجبائي وقيل بإعلامه وقوله {ويبين آياته للناس} أي حججه وقيل أوامره ونواهيه وما يحظره ويبيحه للناس {لعلهم يتذكرون} أي لكي يتذكروا أو يتعظوا .

___________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج1 ، ص84-85.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآية (1) :

{ ولا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ولأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ ولَو أَعْجَبَتْكُمْ ولا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ولَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ ولَو أَعْجَبَكُمْ} .

هذه الآية من آيات الأحكام ، وتدخل في باب الزواج ، وقبل بيان المضمون نمهد بتفسير لفظ النكاح والمشركين ، والأمة والعبد .

يطلق النكاح على عقد الزواج ، وعلى الوطء ، تقول : فلان نكح فلانة ، أي عقد عليها ان كانت خلية ، وتقول : نكح زوجته ، أي وطأها ، والمفهوم من قوله تعالى : {ولا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ} ان المسلم لا يجوز له أن يتخذ المشركة زوجة له ، كما ان المفهوم من قوله : {ولا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ} ان المشرك لا يحق له أن يتخذ المسلمة زوجة له ، وعليه يكون المراد من النكاح الزواج بحقيقته وجميع ملابساته .

أما لفظ المشركين فقيل : انه يشمل كل من لا يؤمن بنبوة محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، وعلى هذا القول يدخل أهل الكتاب ، وهم النصارى واليهود في عداد المشركين ، وقيل : ان القرآن لا يطلق لفظ المشركين على أهل الكتاب ، وان قالوا بربوبية عيسى ، وان اللَّه ثالث ثلاثة ، واستدل الذاهبون إلى هذا القول بالآية 105 من سورة البقرة : {ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ولَا الْمُشْرِكِينَ} .

والآية 1 من البينة : {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ والْمُشْرِكِينَ} .

حيث عطف المشركين على أهل الكتاب ، والعطف يستدعي التعدد والتغاير ، لأن الشيء لا يعطف على نفسه .

ويطلق لفظ الأمة على المملوكة ، والحرة ، تقول للحرة يا أمة اللَّه ، أي يا عبدة اللَّه ، وكذلك العبد ، لأن الآدميين عبيد اللَّه ، والآدميات إماؤه . .

ومحصل المعنى لا تتزوجوا أيها المسلمون من مشركة ما دامت على الشرك ، وتزوجوا امرأة منكم ، وان كانت دون المشركة خلقا وخلقا ، ولا تزوجوا مشركا ما دام على شركه ، وزوجوا رجلا منكم ، وان كان دون المشرك مالا وجاها .

{أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ}. أولئك إشارة إلى المشركين والمشركات ، ويدعون إلى النار بيان للحكمة الموجبة لعدم الزواج أخذا وعطاء من أهل الشرك ، والحكمة هي ان الصلة الزوجية بهم تؤدي إلى فساد العقيدة والدين - وعلى الأقل - إلى الفسق والتهاون بأحكام اللَّه .

والذي نشاهده في هذا العصر ان الكثير من شبابنا وشاباتنا ليسوا بأحسن حالا من أهل الكفر والشرك من حيث الاستخفاف والتهاون بالدين ، والتحرر من قيوده وآثاره ، وتنشئة أبنائهم تنشئة لا دينية ولا أخلاقية . . ولولا شهادتهم للَّه بالوحدانية ، ولمحمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) بالرسالة لوجب أن نعاملهم معاملة الملحدين والمشركين ، ولكن لهذه الكلمة تأثيرها في حقن الدماء ، وصيانة الأموال ، وصحة الزواج والميراث ، حتى ولو جاءت عن طريق التقليد والوراثة ، بل والايمان المزيف (2) .

{واللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ والْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} . هنا دعوتان : الأولى دعوة المشركين إلى فعل ما يوجب دخول النار ، وغضب اللَّه سبحانه . والثانية دعوة اللَّه إلى فعل ما يوجب المغفرة ودخول الجنة ، ومن هذا الفعل الزواج بالمؤمنة دون المشركة ، وتزويج المؤمن دون المشرك . . وليس من شك ان المؤمنين هم الذين يلبون دعوة اللَّه ، وينالون بذلك مفخرته ، ويدخلون جنته بإذنه ، أي بهدايته وتوفيقه .

_______________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1، ص332-333.

2-  ان الزواج والميراث يترتبان على اظهار الإسلام ، لا على الإسلام واقعا ، وبحثنا ذلك مفصلا في كتاب أصول الإثبات ، فصل الدعوى ومخالفة الشرع ، فقرة الإسلام .

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآية (1) :

قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} ، قال الراغب في المفردات،: أصل النكاح للعقد ثم استعير للجماع، ومحال أن يكون في الأصل للجماع ثم استعير للعقد لأن أسماء الجماع، كلها كنايات، لاستقباحهم ذكره كاستقباح تعاطيه، ومحال أن يستعير من لا يقصد فحشا اسم ما يستفظعونه لما يستحسنونه، انتهى، وهو جيد غير أنه يجب أن يراد بالعقد علقة الزوجية دون العقد اللفظي المعهود.

والمشركات اسم فاعل من الإشراك بمعنى اتخاذ الشريك لله سبحانه، ومن المعلوم أنه ذو مراتب مختلفة بحسب الظهور والخفاء نظير الكفر والإيمان، فالقول بتعدد الإله واتخاذ الأصنام والشفعاء شرك ظاهر، وأخفى منه ما عليه أهل الكتاب من الكفر بالنبوة - وخاصة - أنهم قالوا: عزير ابن الله أو المسيح ابن الله، وقالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه وهو شرك، وأخفى منه القول باستقلال الأسباب والركون إليها وهو شرك، إلى أن ينتهي إلى ما لا ينجو منه إلا المخلصون وهو الغفلة عن الله والالتفات إلى غير الله عزت ساحته، فكل ذلك من الشرك، غير أن إطلاق الفعل غير إطلاق الوصف والتسمية به، كما أن من ترك من المؤمنين شيئا من الفرائض فقد كفر به لكنه لا يسمى كافرا، قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} .. إلى أن قال {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } [آل عمران: 97] ، وليس تارك الحج كافرا بل هو فاسق كفر بفريضة واحدة، ولو أطلق عليه الكافر قيل كافر بالحج، وكذا سائر الصفات المستعملة في القرآن كالصالحين والقانتين والشاكرين والمتطهرين، وكالفاسقين والظالمين إلى غير ذلك لا تعادل الأفعال المشاركة لها في مادتها، وهو ظاهر فللتوصيف والتسمية حكم، ولإسناد الفعل حكم آخر.

على أن لفظ المشركين في القرآن غير ظاهر الإطلاق على أهل الكتاب بخلاف لفظ الكافرين بل إنما أطلق فيما يعلم مصداقه على غيرهم من الكفار كقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 1] ، وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] ، وقوله تعالى: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ } [التوبة: 7] ، وقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً } [التوبة: 36] ، وقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] ، إلى غير ذلك من الموارد.

وأما قوله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [البقرة: 135] ، فليس المراد بالمشركين في الآية اليهود والنصارى ليكون تعريضا لهم بل الظاهر أنهم غيرهم بقرينة قوله تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [آل عمران: 67] ، ففي إثبات الحنف له (عليه السلام) تعريض لأهل الكتاب، وتبرئة لساحة إبراهيم عن الميل عن حاق الوسط إلى مادية اليهود محضا أو إلى مثنوية النصارى محضا بل هو(عليه السلام) غير يهودي ولا نصراني ومسلم لله غير متبع له يكن المشركين عبدة الأوثان.

وكذا قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106] ، وقوله تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 6، 7] ، وقوله تعالى: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ } [النحل: 100] ، فإن هذه الآيات ليست في مقام التسمية بحيث يعد المورد الذي يصدق وصف الشرك عليه مشركا غير مؤمن، والشاهد على ذلك صدقه على بعض طبقات المؤمنين، بل على جميعهم غير النادر الشاذ منهم وهم الأولياء المقربون من صالحي عباد الله.

فقد ظهر من هذا البيان على طوله: أن ظاهر الآية أعني قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات}، قصر التحريم على المشركات والمشركين من الوثنيين دون أهل الكتاب.

ومن هنا يظهر: فساد القول بأن الآية ناسخة لآية المائدة وهي قوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } [المائدة: 5] .

أو أن الآية أعني قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات}، وآية الممتحنة أعني قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] ، ناسختان لآية المائدة، وكذا القول بأن آية المائدة ناسخة لآيتي البقرة والممتحنة.

وجه الفساد: أن هذه الآية أعني آية البقرة بظاهرها لا تشمل أهل الكتاب وآية المائدة لا تشمل إلا الكتابية فلا نسبة بين الآيتين بالتنافي حتى تكون آية البقرة ناسخة لآية المائدة أو منسوخة بها، وكذا آية الممتحنة وإن أخذ فيها عنوان الكوافر وهو أعم من المشركات ويشمل أهل الكتاب، فإن الظاهر أن إطلاق الكافر يشمل الكتابي بحسب التسمية بحيث يوجب صدقه عليه انتفاء صدق المؤمن عليه كما يشهد به قوله تعالى {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98]إلا أن ظاهر الآية كما سيأتي إن شاء الله العزيز أن من آمن من الرجال وتحته زوجة كافرة يحرم عليه الإمساك بعصمتها أي إبقاؤها على الزوجية السابقة إلا أن تؤمن فتمسك بعصمتها، فلا دلالة لها على النكاح الابتدائي للكتابية.

ولو سلم دلالة الآيتين أعني: آية البقرة وآية الممتحنة على تحريم نكاح الكتابية ابتداء لم تكونا بحسب السياق ناسختين لآية المائدة، وذلك لأن آية المائدة واردة مورد الامتنان والتخفيف، على ما يعطيه التدبر في سياقها، فهي آبية عن المنسوخية بل التخفيف المفهوم منها هو الحاكم على التشديد المفهوم من آية البقرة، فلو بني على النسخ كانت آية المائدة هي الناسخة.

على أن سورة البقرة أول سورة نزلت بالمدينة بعد الهجرة، وسورة الممتحنة نزلت بالمدينة قبل فتح مكة وسورة المائدة آخر سورة نزلت على رسول الله ناسخة غير منسوخة ولا معنى لنسخ السابق اللاحق.

قوله تعالى: {ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم}، الظاهر أن المراد بالأمة المؤمنة المملوكة التي تقابل الحرة وقد كان الناس يستذلون الإماء ويعيرون من تزوج بهن، فتقييد الأمة بكونها مؤمنة، وإطلاق المشركة مع ما كان عليه الناس من استحقار أمر الإماء واستذلالهن، والتحرز عن التزوج بهن يدل على أن المراد أن المؤمنة وإن كانت أمة خير من المشركة وإن كانت حرة ذات حسب ونسب ومال مما يعجب الإنسان بحسب العادة.

وقيل: إن المراد بالأمة كالعبد في الجملة التالية أمة الله وعبده وهو بعيد.

قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن} "إلخ"، الكلام فيه كالكلام في الجملة السابقة.

قوله تعالى: {أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه} ، إشارة إلى حكمة الحكم بالتحريم، وهو أن المشركين لاعتقادهم بالباطل، وسلوكهم سبيل الضلال رسخت فيهم الملكات الرذيلة المزينة للكفر والفسوق، والمعمية عن إبصار طريق الحق والحقيقة فأثبتت في قولهم وفي فعلهم الدعوة إلى الشرك، والدلالة إلى البوار، والسلوك بالآخرة إلى النار فهم يدعون إلى النار، والمؤمنون - بخلافهم - بسلوكهم سبيل الإيمان، وتلبسهم بلباس التقوى يدعون بقولهم وفعلهم إلى الجنة والمغفرة بإذن الله حيث أذن في دعوتهم إلى الإيمان، واهتدائهم إلى الفوز والصلاح المؤدي إلى الجنة والمغفرة.

وكان حق الكلام أن يقال: وهؤلاء يدعون إلى الجنة "إلخ"، ففيه استخلاف عن المؤمنين ودلالة على أن المؤمنين في دعوتهم بل في مطلق شئونهم الوجودية إلى ربهم، لا يستقلون في شيء من الأمور دون ربهم تبارك وتعالى وهو وليهم كما قال سبحانه: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } [آل عمران: 68].

وفي الآية وجه آخر: وهو أن يكون المراد بالدعوة إلى الجنة والمغفرة هو الحكم المشرع في صدر الآية بقوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} "إلخ"، فإن جعل الحكم لغرض ردع المؤمنين عن الاختلاط في العشرة مع من لا يزيد القرب منه والأنس به إلا البعد من الله سبحانه، وحثهم بمخالطة من في مخالطته التقرب من الله سبحانه وذكر آياته ومراقبة أمره ونهيه دعوة من الله إلى الجنة، ويؤيد هذا الوجه تذييل هذه الجملة بقوله تعالى: {ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون} ، ويمكن أن يراد بالدعوة الأعم من الوجهين، ولا يخلو حينئذ السياق عن لطف فافهم.

_______________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج2 ، ص 172-175.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآية (1) :

حرمة الزواج مع المشركين :

هذه الآية وطبقاً لسبب النزول المذكور أعلاه بمثابة جواب عن سؤال آخر حول الزّواج مع المشركين فتقول {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ} ثمّ تضيف مقايسة وجدانيّة فتقول {ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم}.

فصحيح أنّ نكاح الجواري وخاصّة الجواري اللاّتي ليس لهنّ مال ولا جمال غير محبّب في عرف النّاس ولا محمود لاسيّما إذا كانت هناك امرأة مشركة في مقابل ذلك تتمتّع بجمال وثروة ماديّة، ولكنّ قيمة الإيمان تجعل الكفّة تميل لصالح الجواري، لأنّ الهدف من الزواج ليس هو اللّذة الجنسيّة فقط، فالمرأة شريكة عمر الإنسان ومربيّة لأطفاله وتشكّل قسماً مهمّاً من شخصيّته، فعلى هذا الأساس كيف يصحّ استقبال الشرك وعواقبه المشؤومة لاقترانه بجمال ظاهري ومقدار من الأموال والثروة.

ثمّ أنّ الآية الشّريفة تقرّر حكماً آخر وتقول {ولا تنكحوا المشركين حتّى يؤمنوا ولعبدٌ مؤمن خيرٌ من مشرك ولو أعجبكم}.

وبهذا الترتيب منع الإسلام من زواج المرأة المؤمنة مع الرجل المشرك كما منع نكاح الرجل المؤمن من المرأة المشركة حتّى أنّ الآية رجّحت العبد المؤمن أيضاً على الرجال المشركين من أصحاب النفوذ والثروة والجمال الظاهري، لأنّ هذا المورد أهم بكثير من المورد الأوّل وأكثر خطورة، فتأثير الزوج على الزوجة أكثر عادةً من تأثير الزوجة على زوجها.

وفي ختام الآية تذكر دليل هذا الحكم الإلهي لزيادة التفكّر والتدبّر في الأحكام وتقول {أولئك ـ أي المشركين ـ يدعون إلى النّار والله يدعو إلى الجنّة والمغفرة بإذنه} ثمّ تضيف الآية {ويُبيّن آياته للنّاس لعلّهم يتذكّرون}.

_______________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج1 ، ص541-541.

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .