أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2017
15002
التاريخ: 28-2-2017
15182
التاريخ: 20-10-2017
3599
التاريخ: 17-10-2017
3119
|
قال تعالى : {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [المائدة : 4].
لما قدم سبحانه ذكر المحرمات ، عقبه بذكر ما أحل ، فقال :
{ يَسْأَلُونَكَ} يا محمد { مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ} معناه : أي شيء أحل لهم أي : يستخبرك المؤمنون ما الذي أحل لهم من المطاعم والمآكل . وقيل : من الصيد والذبائح { قُلْ} يا محمد { أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} منها ، وهي الحلال الذي أذن لكم ربكم في أكله من المأكولات ، والذبائح ، والصيد ، عن أبي علي الجبائي ، وأبي مسلم . وقيل : مما لم يرد بتحريمه كتاب ، ولا سنة . وهذا أولى لما ورد أن الأشياء كلها على الإطلاق والإباحة ، حتى يرد الشرع بالتحريم . وقال البلخي : الطيبات ما يستلذ { وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} أي : وأحل لكم أيضا مع ذلك صيد ما علمتم من الجوارح أي :
الكواسب من سباع الطير ، والبهائم . فحذف المضاف لدلالة قوله { مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} عليه ، ولأنه جواب عن سؤال السائل عن الصيد .
وقيل : الجوارح هي الكلاب فقط ، عن ابن عمر ، والضحاك ، والسدي ، وهو المروي عن أئمتنا عليهم السلام ، فإنهم قالوا : هي الكلاب المعلمة خاصة ، أحله الله إذا أدركه صاحبه ، وقد قتله ، لقوله { فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} . وروى علي بن إبراهيم في تفسيره بإسناده عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
سألته عن صيد البزاة ، والصقور ، والفهود ، والكلاب ، فقال : لا تأكل إلا ما ذكيت إلا الكلاب . فقلت : فإن قتله؟ قال : كل فإن الله يقول : { وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} ثم قال عليه السلام : كل شيء من السباع تمسك الصيد على نفسها ، إلا الكلاب المعلمة ، فإنها تمسك على صاحبها ، وقال : إذا أرسلت الكلب المعلم ، فاذكر اسم الله عليه ، فهو ذكاته ، وهو أن تقول : " بسم الله ، والله أكبر " .
ويؤيد هذا المذهب ما يأتي بعد من قوله {مُكَلِّبِينَ} أي أصحاب الصيد بالكلاب . وقيل : أصحاب التعليم للكلاب {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} أي لأن تؤدبونهن حتى يصرن معلمة مما ألهمكم الله بعقولكم ، حتى ميزتم بين المعلم ، وغير المعلم . وفي هذا دلالة أيضا على أن صيد الكلب غير المعلم حرام ، إذا لم يدرك ذكاته . وقيل : معناه تعلمونهن كما علمكم الله ، عن السدي . وهذا بعيد ، لأن من بمعنى الكاف ، لا يعرف في اللغة ، ولا تقارب بينهما ، لان الكاف للتشبيه ، ومن للتبعيض . واختلف في صفة الكلب المعلم فقيل : هو أن يستشلى (2) لطلب الصيد ، إذا أرسله صاحبه ، ويمسك عليه إذا أخذه ، ويستجيب له إذا دعاه ، ولا يفر منه ، فإذا توالي منه ذلك ، كان معلما ، عن سعد بن أبي وقاص ، وسلمان ، وابن عمر .
وقيل : هو ما ذكرناه كله ، وأن لا يأكل منه ، عن ابن عباس ، وعدي بن حاتم ، وعطا ، والشعبي ، وطاووس ، والسدي ، فروى عدي بن حاتم ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : إذا أكل الكلب من الصيد ، فلا تأكل منه ، فإنما أمسك على نفسه . وقيل :
حد التعليم أن يفعل ذلك ثلاث مرات ، عن أبي يوسف ، ومحمد . وقيل : لا حد لتعليم الكلاب ، وإذا فعل ما قلناه ، فهو معلم . ويدل على ذلك ما رواه أصحابنا أنه إذا أخذ كلب المجوسي ، فعلمه في الحال ، فاصطاد به ، جاز أكل ما يقتله ، وقد تقدم أن عند أهل البيت لا يحل أكل صيد غير الكلب ، إلا ما أدرك ذكاته . ومن أجاز ذلك قال : إن تعلم البازي ، هو أن يرجع إلى صاحبه ، وتعلم كل جارحة من البهائم والطير ، هو أن يشلى على الصيد ، فيستشلى ، ويأخذ الصيد ، ويدعوه صاحبه ، فيجيب ، فإذا كان كذلك ، كان معلما ، أكل منه أو لم يأكل ، روي ذلك عن سلمان ، وسعد بن أبي وقاص ، وابن عمر .
وقال آخرون : ما أكل منه فلا يؤكل ، رووه عن علي عليه السلام ، والشعبي ، وعكرمة . وقوله {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} أي : مما أمسك الجوارح عليكم ، وهذا يقوي قول من قال : ما أكل منه الكلب ، لا يجوز أكله ، لأنه أمسك على نفسه . ومن شرط في استباحة ما يقتله الكلب أن يكون صاحبه قد سمى عند إرساله ، فإذا لم يسم لم يجز له أكله ، إلا إذا أدرك ذكاته ، وأدنى ما يدرك به ذكاته ، أن يجده تتحرك عينه ، أو أذنه ، أو ذنبه ، فتذكيته حينئذ بفري الحلقوم ، والأوداج . {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} أي : قبل الإرسال ، عن ابن عباس ، والحسن ، والسدي . وقيل :
معناه اذكروا اسم الله على ذبح ما تذبحونه ، وهذا صريح في وجوب التسمية . والقول الأول أصح .
{وَاتَّقُوا اللَّهَ} أي اجتنبوا ما نهاكم الله عنه ، فلا تقربوه ، واحذروا معاصيه التي منها أكل صيد الكلب غير المعلم ، أو ما لم يمسكه عليكم ، أو ما لم يذكر اسم الله عليه من الصيد والذبائح {إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} قد مر تفسيره .
______________________________
1 . تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 277-279 .
2 . استشلى : تهيج .
{يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ} . الطيب ضد الخبيث ، والخبيث ما نص الشارع على تحريمه بالخصوص كالميتة ولحم الخنزير ، أو بالعموم ، وهو ما فيه ضرر وفساد بجهة من الجهات . وقد ذكر سبحانه هذه الجملة بلفظها أو معناها في 15 مكانا من كتابه العزيز .
{وما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} . واتفقت كلمة المذاهب على ان صيد الكلب يحل أكله بالشروط الآتية ، واختلفت في صيد غيره كالفهد والصقر وما أشبه إذا كان معلما يفقه ما يفقهه الكلب ، قال الشيعة : لا يحل . وقال غيرهم :
يحل . واستدل الشيعة بأن لفظ مكلبين خاص بصيد الكلب المعلم ، ومهما يكن ، فلا يحل صيد الجوارح إلا مع توافر الشروط التالية :
1- أن يكون الجارح معلما إذا أمره صاحبه يأتمر ، وإذا زجره ينزجر .
وهذا هو معنى قوله تعالى : {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} .
2- ان يرسله صاحبه بقصد الصيد ، فلو انطلق من تلقائه ، وأتى بالصيد مقتولا فلا يحل .
3- أن يكون الصائد مسلما عند الشيعة .
4- أن يسمي الصائد عند إرسال الجارح ، فيقول : اذهب على اسم اللَّه ، وما أشبه ، وهذا معنى قوله تعالى : {واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} .
5- أن يدرك الجارح الصيد حيا ، وان يسند الموت إلى جرحه ، فلو أدركه ميتا لم يحلّ ، وكذا إذا أدركه حيا ، ولكن مات بسبب آخر غير الجارح .
________________________
1. تفسير الكاشف ، ج3 ، ص 16-17 .
قوله تعالى : { يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ } سؤال مطلق أوجب عنه بجواب عام مطلق فيه إعطاء الضابط الكلي الذي يميز الحلال من الحرام ، وهو أن يكون ما يقصد التصرف فيه بما يعهد في مثله من التصرفات أمرا طيبا ، وإطلاق الطيب أيضا من غير تقييده بشيء يوجب أن يكون المعتبر في تشخيص طيبه استطابة الأفهام المتعارفة ذلك فما يستطاب عند الأفهام العادية فهو طيب ، وجميع ما هو طيب حلال .
وإنما نزلنا الحلية والطيب على المتعارف المعهود لمكان أن الإطلاق لا يشمل غيره على ما بين في فن الأصول .
قوله تعالى : { وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ } قيل : إن الكلام معطوف على موضع الطيبات أي وأحل لكم ما علمتم من الجوارح أي صيد ما علمتم من الجوارح ، فالكلام بتقدير مضاف محذوف اختصارا لدلالة السياق عليه .
والظاهر أن الجملة معطوفة على موضع الجملة الأولى . و { ما } في قوله : { وَما عَلَّمْتُمْ } شرطية وجزاؤها قوله { فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ } من غير حاجة إلى تكلف التقدير .
والجوارح جمع جارحة وهي التي تكسب الصيد من الطير والسباع كالصقر والبازي والكلاب والفهود ، وقوله : { مُكَلِّبِينَ } حال ، وأصل التكليب تعليم الكلاب وتربيتها للصيد أو اتخاذ كلاب الصيد وإرسالها لذلك ، وتقييد الجملة بالتكليب لا يخلو من دلالة على كون الحكم مختصا بكلب الصيد لا يعدوه إلى غيره من الجوارح.
وقوله : { مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ } التقييد بالظرف للدلالة على أن الحل محدود بصورة صيدها لصاحبها لا لنفسها .
وقوله : { وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ } تتميم لشرائط الحل وأن يكون الصيد مع كونه مصطادا بالجوارح ومن طريق التكليب والإمساك على الصائد مذكورا عليه اسم الله تعالى .
ومحصل المعنى أن الجوارح المعلمة بالتكليب ـ أي كلاب الصيد ـ إذا كانت معلمة واصطادت لكم شيئا من الوحش الذي يحل أكله بالتذكية وقد سميتم عليه فكلوا منه إذا قتلته دون أن تصلوا إليه فذلك تذكية له ، وأما دون القتل فالتذكية بالذبح والإهلال به لله يغني عن هذا الحكم .
ثم ذيل الكلام بقوله : { وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ } إشعارا بلزوم اتقاء الله فيه حتى لا يكون الاصطياد إسرافا في القتل ، ولا عن تله وتجبر كما في صيد اللهو ونحوه فإن الله سريع الحساب يجازي سيئة الظلم والعدوان في الدنيا قبل الآخرة ، ولا يسلك أمثال هذه المظالم والعدوانات بالاغتيال والفك بالحيوان العجم إلا إلى عاقبة سوأى على ما شاهدنا كثيرا .
__________________________
1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 173-174 .
الحلال من الصيد :
أعقبت الآية الأخيرة آيتين سبق وأن تناولتا أحكاما عن الحلال والحرام عن اللحوم ، وقد بيّنت هذه الآية نوعا آخر من اللحوم أو الحيوانات التي يحل للإنسان تناولها، وجاءت على صيغة جواب لسؤال ذكرته الآية نفسها بقولها : {يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ ...}.
فتأمر الآية النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ أوّلا ـ بأن يخبرهم إنّ كل ما كان طيبا وطاهرا فهو حلال لهم، حيث تقول : {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ...} دالة على أنّ كل ما حرمه الإسلام يعتبر من الخبائث غير الطاهرة ، وإن القوانين الإلهية لا تحرم ـ مطلقا ـ الموجودات الطاهرة التي خلقها الله لينتفع بها البشر ، وإن الجهاز التشريعي يعمل دائما بتنسيق تام مع الجهاز التكويني وفي كل مكان.
ثمّ تبيّن الآية أنواع الصيد الحلال ، فتشير إلى الصيد الذي تجلبه أو تصيده الحيوانات المدربة على الصيد ، فتؤكد بأنّه حلال ، بقولها : {وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ} (2) .
وعبارة جوارح مشتقة من المصدر «جرح» الذي يعني أحيانا «الكسب» وتارة يعني «الجرح» الذي يصاب به البدن ، ولذلك يطلق على الحيوانات المدرّبة على الصيد ، سواء كانت من الطيور أو من غيرها ، اسم «جارحة» وجمعها «جوارح» أي الحيوان الذي يجرح صيده ، أو بالمعنى الآخر الحيوان الذي يكسب لصاحبه ، وأمّا إطلاق لفظة «الجوارح» على أعضاء الجسم فلأن الإنسان يستطيع بواسطتها إنجاز الأعمال أو الاكتساب.
وجملة {وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ} تشمل كل الحيوانات المدرّبة على الصيد ، ولكن كلمة «مكلبين» التي تعني تدريب الكلاب للقيام بأعمال الصيد ، والمشتقة من مادة «كلب» أي الكلب ، تقيد هذه الجملة وتخصصها بكلاب الصيد ، ولذلك فإنّها لا تشمل الصيد بحيوانات غير هذه الكلاب مثل الصقور المدرّبة على الصيد.
ولذلك ذهب فقهاء الشيعة إلى تخصيص الصيد الحلال بما يصاد من قبل كلاب الصيد ، لكن جمعا من علماء السنّة ومفسّريهم ذهبوا إلى جواز الكل وأعطوا تفسيرا واسعا لعبارة «مكلبين» ولم يخصصوا ذلك بكلاب الصيد فقط .
إلّا أنّنا نرى أنّ المصدر الأساس لهذه الكلمة المشتقة إنما يدل على أنّها مخصصة بكلاب الصيد فقط ، وبديهي أنّ الصيد الذي تجلبه حيوانات مدرّبة أخرى ، يعتبر حلالا في حالة جلبه حيّا وذبحه وفق الطريقة الشرعية.
أمّا عبارة {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ} فإنّها تشير إلى عدّة أمور هي
١ـ إنّ تدريب مثل هذه الحيوانات يجب أن يستمر ، فلو نسيت ما تعلمته وقتلت حيوانا كما تفعله بعض الكلاب السائبة ، فلا يعتبر عند ذلك ما قتلته صيدا ، ولا يحل لحم هذا الحيوان المقتول في مثل هذه الحالة ، والدليل على هذا القول هو كون فعل «تعلمونهن» فعلا مضارعا ، والفعل المضارع يدل على الحال والاستقبال.
٢ـ يجب أن يتمّ تدريب هذه الكلاب وفق الأصول الصحيحة التي تتلاءم مع مفهوم العبارة القرآنية {مِمَّا عَلَّمَكُمُ ...}.
إنّ العلوم كلها ـ سواء كانت بسيطة أم معقدة ـ مصدرها هو الله ، وإنّ الإنسان لا يملك بنفسه شيئا ما لم يعلمه الله.
إضافة إلى ما ذكر فإنّ كلاب الصيد يجب أن تدرب بحيث تأتمر بأمر صاحبها ، أي تتحرك بأمره وتعود إليه بأمره أيضا.
وبديهي أنّ الحيوان الذي تصيده كلاب الصيد ، يجب أن يذبح وفق الطريقة الشرعية إن جلب حيّا ، وإن مات الحيوان قبل دركه فلحمه حلال وإن لم يذبح.
وأخيرا أشارت الآية الكريمة إلى شرطين آخرين من شروط تحليل مثل هذا النوع من الصيد .
أوّلهما : أن لا يأكل كلب الصيد من صيده شيئا ، حيث قالت الآية : {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ...}.
وعلى هذا الأساس فإن الكلاب لو أكلت من الصيد شيئا قبل إيصاله إلى صاحبها ، وتركت قسما آخر منه ، فلا يحل لحم مثل هذا الصيد ويدخل ضمن حكم {ما أَكَلَ السَّبُعُ} الذي ورد في الآية السابقة ، ومثل هذا الكلب الذي يأكل الصيد لا يعتبر في الحقيقة كلبا مدربا ، كما لا يعتبر ما تركه من الصيد مصداقا لعبارة {مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} لأنّه في هذه الحالة يكون (أي الكلب) قد صاد لنفسه (لكن بعض الفقهاء لم يروا في هذا الموضوع شرطا ، مستندين إلى روايات وردت في مصادر الحديث وذكرتها كتب الفقه بالتفصيل) .
ومجمل القول هو أن كلاب الصيد يجب أن تدرب بحيث لا تأكل من الصيد الذي تمسكه .
والأمر الثّاني : هو ضرورة ذكر اسم الله على الصيد بعد أن يتركه الكلب ، حيث قالت الآية : {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ ...}.
ولكي تضمن الآية رعاية الأحكام الإلهية ـ هذه ـ كلها ، أكّدت في الختام قائلة:{وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ} داعية إلى الخوف من الله العزيز القدير ، ومن حسابه السريع (3) .
* * *
________________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 426-428 .
2. هناك محذوف مقدر في بداية هذه الجملة القرآنية ، حيث إن الأصل يفترض أن يكون «وصيد ما علمتم» وذلك استدلالا بالقرينة الواردة في جملة (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) ... (فليلاحظ ذلك) .
3. لقد شرحنا معنى جملة «سريع الحساب» في الجزء الثّاني من تفسيرنا هذا.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|