أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-08-2015
904
التاريخ: 6-08-2015
881
التاريخ: 5-07-2015
1255
التاريخ: 11-4-2018
885
|
قال العلامة رحمه اللّه، اعلم أن أبا الحسن الأشعري و أتباعه لما لزمهم هذه الأمور الشنيعة، و الالزامات الفظيعة و الأقوال الهائلة، من إنكار ما علم بالضرورة ثبوته، وهو الفرق بين الحركات الاختيارية و الحركات الجمادية و ما شابه ذلك، التجأ إلى ارتكاب قول توهم هو و أتباعه الخلاص من هذه الشناعات و لات حين مناص، فقال مذهبا عجيبا غريبا لزمه بسببه إنكار العلوم الضرورية، كما هو دأبه و عادته فيما تقدم من إنكار الضروريات، فذهب إلى إثبات الكسب للعبد فقال: اللّه تعالى موجد الفعل والعبد يكتسب، فإذا طولب بتحقيق الكسب و ما هو، وأي وجه يقتضيه، وأي حاجة تدعو إليه، اضطرب هو و أصحابه في الجواب عنه فقال بعضهم: معنى الكسب خلق اللّه تعالى الفعل عقيب اختيار العبد للفعل، وعدم الفعل عقيب اختياره العدم، فمعنى الكسب اجراء العادة بخلق الفعل عند اختيار العبد. وقال بعضهم الكسب أن اللّه تعالى يخلق الفعل من غير أن يكون للعبد فيه أثر النسبة، لكن العبد يؤثر في وصف كون الفعل طاعة أو معصية، فأصل الفعل من اللّه تعالى، ووصف كونه طاعة أو معصية من العبد. وقال بعضهم إن هذا الكسب غير معقول و لا معلوم مع أنه صادر من العبد، و هذه الأجوبة فاسدة.
أولا: لأن الاختيار و الإرادة من جملة الأفعال، فإذا جاز صدوره عن العبد فليجز صدور أصل الفعل منه، وأي فرق بينهما و أي حاجة و ضرورة إلى التحمل بهذا و هو أن ينسب القبائح بأسرها إلى اللّه تعالى، وان ينسب اللّه تعالى إلى الظلم و الجور و العدوان وغير ذلك و ليس بمعلوم و أيضا دليلهم آت في نفس هذا الاختيار، فإن كان صحيحا امتنع إسناده إلى العبد و كان صادرا عن اللّه تعالى، وإن لم يكن صحيحا امتنع الاحتجاج به، و أيضا إذا كان الاختيار الصادر عن العبد موجبا لوقوع الفعل و كان الفعل مستندا إلى فاعل الاختيار إما العبد أو اللّه فلا وجه للتخلص بهذه الواسطة، و إن لم يكن موجبا لم يبق فرق بين الاختيار و الأكل مثلا في نسبتهما إلى إيقاع الفعل و عدمه، فيكون الفعل من اللّه تعالى لا غير، من غير شركة للعبد فيه، و أيضا العادة غير واجبة الاستمرار فجاز أن يوجد الاختيار ولا يخلق اللّه الفعل عقيبه و يخلق اللّه الفعل ابتداء من غير تقدم اختيار فينتفي التخلص بهذا العذر.
ثانيا: لأن كون الفعل طاعة أو معصية، إما أن يكون نفس الفعل في الخارج، أو أمرا زائدا عليه، فإن كان الأول كان أيضا من اللّه، فلا يصدر عن العبد شيء البتة فيبطل العذر، و إن كان الثاني كان العبد مستقلا بفعل هذا الزائد، و إذا جاز استناد هذا الفعل فليجز استناد أصل الفعل، و أي ضرورة للتمحل بمثل هذه المعاذير الفاسدة التي لا تنهض بالاعتذار، و أي فارق بين الفعلين و لم كان أحدهما صادرا عن اللّه تعالى و الآخر صادرا عن العبد، أيضا دليلهم آت في هذا الوصف فإن كان حقا عندهم امتنع اسناد هذا الوصف إلى العبد، وإن كان باطلا امتنع الاحتجاج به، وأيضا كون الفعل طاعة هو كون الفعل موافقا لأمور الشريعة، و كونه موافقا لأمر الشريعة إنما هو شيء يرجع إلى ذات الفعل، إن طابق الأمر كان طاعة و إلا فلا، و حينئذ لا يكون الفعل مستندا إلى العبد لا في ذاته و لا في شيء من صفاته، فينتفي هذا العذر أيضا كما انتفى عذرهم الأول. أيضا الطاعة حسنة و المعصية قبيحة، و لهذا ذم اللّه تعالى ابليس و فرعون على مخالفتهما أمر اللّه و كل فعل يفعله اللّه تعالى فهو حسن عندهم، إذ لا معنى للحسن عندهم سوى صدوره من اللّه تعالى، فلو كان أصل الفعل صادرا من اللّه تعالى امتنع وصفه بالقبح وكان موصوفا بالحسن، فالمعصية التي تصدر من العبد إذا كانت صادرة منه تعالى امتنع وصفها بالقبح، فلا تكون معصية فلا يستحق فاعلها الذم و العقاب، فلا يحسن من اللّه تعالى ذم إبليس و أبي لهب و غيرهما، حيث لم يصدر عنهم قبيح و لا معصية، فلا تتحقق معصية من العبد البتة، وأيضا المعصية قد نهى اللّه عنها إجماعا، والقرآن مملوء من المناهي و التوعد عليها، و كل ما نهى اللّه عنه فهو قبيح، إذ لا معنى للقبيح عندهم إلا ما نهى اللّه عنه مع أنها قد صدرت من إبليس و فرعون و غيرهما من البشر، وكل ما صدر من العبد فهو مستند إلى اللّه تعالى، و الفاعل له هو اللّه تعالى لا غير عندهم فيكون حسنا حينئذ، و قد فرضناه قبيحا.
ثالثا: فهو باطل بالضرورة إذ إثبات ما لا يعقل غير معلوم، فإن هذا الدفع وصف من الصفات، و الوصف إنما يعلم بعد علم الذات، فإذا لم يفهموه كيف يجوز لهم الاعتذار به.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|