أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-2-2017
4519
التاريخ: 14-2-2017
6056
التاريخ: 10-2-2017
6810
التاريخ: 10-2-2017
15099
|
قال تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء : 76] .
شجع [الله] المجاهدين ، ورغبهم في الجهاد بقوله {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله} : أي في طاعة الله ، وفي نصرة دينه ، وإعلاء كلمته ، وابتغاء مرضاته ، بلا عجب ، ولا صلف (2) ، ولا طمع في غنيمة {والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت} وطاعته . {فقاتلوا أولياء الشيطان} يعني جميع الكفار . وهذا يقوي قول من قال : إن الطاغوت الشيطان {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} دخلت {كان} هاهنا مؤكدة لتدل على أن الضعف لكيد الشيطان لازم في جميع الأحوال والأوقات ، ما مضى منها ، وما يستقبل ، وليس هو عارضا في حال دون حال ، وإنما وصف سبحانه كيد الشيطان بالضعف ، بالإضافة إلى نصرة الله المؤمنين ، عن الجبائي .
وقيل : لأنه أخبر بأنه سيظهر عليهم المؤمنين ، عن الحسن . وقيل : لضعف دواعي أولياء الشيطان إلى القتال ، إذ لا بصيرة لهم ، وإنما يقاتلون بما تدعو إليه الشبهة ، والمؤمنون يقاتلون بما تدعو إليه الحجة .
______________________
1. مجمع البيان ، ج3 ، ص 133 .
2. صلف صلفا : تمدح بما ليس فيه أو عنده وادعى فوق ذلك إعجابا وتكبرا .
{ الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ والَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ } .
أمر سبحانه المؤمنين في الآية 71 أن ينفروا ويخرجوا للحرب سرايا أو كافة ، وفي الآية 74 أمرهم بالقتال في سبيل اللَّه ، وفي الآية 75 بالحث على خلاص المستضعفين . . وقسم في هذه الآية المقاتلين إلى مؤمنين يقاتلون من أجل الحق والعدل ، والى كافرين يقاتلون من أجل السيطرة والسلب والنهب ، وهؤلاء هم أولياء الشيطان . . وقد أمر اللَّه المؤمنين بجهادهم ، وإعلان الحرب عليهم ، وعدم مهادنتهم بحال ، لأن قتالهم خير وصلاح للإنسانية ، ومهادنتهم شر وفساد .
والخلاصة ان الآيات التي أشرنا إليها وغيرها الواردة في القتال كلها تهدف إلى شيء واحد ، إلى الصلابة والثبات في جهاد المبطلين والمستغلين ، ولا تختلف آيات الجهاد إلا بالأسلوب والتعبير . . « عباراتنا شتى وحسنك واحد » .
{ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً } . وتسأل : ان المعنى الظاهر من هذه الآية ان المحقين ينتصرون دائما على أهل الباطل . . والعكس هو الواقع في أغلب الأحيان ، فما هو السر ؟ .
وسبق نظير هذا السؤال مع جوابه مفصلا عند تفسير الآية 137 من سورة آل عمران ، فقرة نكسة حزيران ، ونجيب هنا بأسلوب آخر ، استوحيناه من خطبة للإمام (عليه السلام) في نهج البلاغة بعنوان « من خطبة له عليه السلام في المكاييل والموازين » . وخلاصة الجواب ان الحشرة السامة لا تحيا وتنمو إلا في القذارة والأوساخ . . وهكذا الشيطان لا يجد منفذا لكيده إلا حيث يفسد المجتمع ، فهنا تقوى عدته ، وتمتلئ شباكه ، ويظهر من قول الإمام ان مهمة إبليس تنجح ، حيث يكون في المجتمع فقراء بائسون ، وأغنياء متمردون ، وهذا ما قاله بالحرف :
« هذا أوان فيه قويت عدة الشيطان ، وعمت مكيدته ، وأمكنت - أي سهلت - فريسته ، اضرب بطرفك ، حيث شئت من الناس ، فهل تبصر إلا فقيرا يكابد فقرا ، أو غنيا بدّل نعمة اللَّه كفرا ، أو بخيلا اتخذ البخل بحق اللَّه وفرا ، أو متمردا كأنّ بإذنه عن السمع وقرا ، أين خياركم وصلحاؤكم ؟ . وأين أحراركم وسمحاؤكم ؟ وأين المتورعون في مكاسبهم ، والمتنزهون في مذاهبهم - إلى ان قال - أفبهذا تريدون أن تجاوروا اللَّه في دار قدسه ، وتكونوا أعز أوليائه عنده . .
لعن اللَّه الآمرين بالمعروف التاركين له ، والناهين عن المنكر العاملين به » .
___________________________
1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 379-380 .
قوله تعالى : { الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ } إلى قوله { الطَّاغُوتِ } مقايسة بين الذين آمنوا والذين كفروا من جهة وصف قتالهم ، وبعبارة أخرى من جهة نية كل من الطائفتين في قتالهم ليعلم بذلك شرف المؤمنين على الكفار في طريقتهم وأن سبيل المؤمنين ينتهي إلى الله سبحانه ويعتمد عليه بخلاف سبيل الكفار ليكون ذلك محرضا آخر للمؤمنين على قتالهم .
قوله تعالى : { فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً } الذين كفروا لوقوعهم في سبيل الطاغوت خارجون عن ولاية الله فلا مولى لهم إلا ولي الشرك
وعبادة غير الله تعالى ، وهو الشيطان فهو وليهم ، وهم أولياؤه .
وإنما استضعف كيد الشيطان لأنه سبيل الطاغوت الذي يقابل سبيل الله ، والقوة لله جميعا فلا يبقى لسبيل الطاغوت الذي هو مكيدة الشيطان إلا الضعف ، ولذلك حرض المؤمنين عليهم ببيان ضعف سبيلهم ، وشجعهم على قتالهم ، ولا ينافي ضعف كيد الشيطان بالنسبة إلى سبيل الله قوته بالنسبة إلى من اتبع هواه ، وهو ظاهر .
______________________
1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 358 .
هذه الآية نلاحظ أنّها تحث المجاهدين على القتال ، وتبيّن أهدافهم ، مؤكّدة أنّهم يقاتلون في سبيل الله ولمصلحة عباد الله ، وأن الكافرين يقاتلون في سبيل الطاغوت المتجبر : {الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} أي أنّ الحياة في كل الأحوال لا تخلو من الكفاح والصراع ، غير أن جمعا يقاتلون في طريق الحق ، وجمعا يقاتلون في طريق الشيطان والباطل.
لذلك تطلب الآية من أنصار الحق أن ينبروا لقتال أنصار الشيطان دونما رهبة وخوف : {فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ} .
كما توضح هذه الآية حقيقة مهمّة ، هي أنّ الطاغوت والقوى المتجبرة ـ مهما امتلكت من قوة ظاهرية ـ ضعيفة في نفسها وجبانة في باطنها ، وبهذا تطمئن الآية المؤمنين كي لا يخافوا من هؤلاء الطواغيت مهما أوتوا من عدّة أو عدد ، لأنّهم خالون من الهدف فارغون من الإيمان ، ولذلك كانت خططهم كلها ضعيفة خاوية كقدرتهم ولأنّهم لا يعتمدون على منشأ القدرة الأزلية الأبدية الذي هو الله العزيز القدير ، بل يعتمدون على قدرة الشيطان الضعيفة الجوفاء : {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً} .
أما سبب قوة المؤمنين من أنصار الحق فيعود إلى أنهم يسيرون في طريق أهداف وحقائق تنسجم مع قانون الخليقة والوجود ، وتتمتع بالصفة الأزلية الأبدية ، فهم يجاهدون في سبيل تحرير الإنسان ومحو آثار الظلم والعدوان بينما الطاغوت وأنصاره يقاتلون من أجل منافعهم الشخصية أو يعملون في خدمة الطواغيت والمستكبرين من أجل استغلال البشر إرضاء لشهواتهم الفانية الزائلة ، الأمر الذي يدفع في النهاية بالمجتمع إلى الانحطاط والزّوال ، لأنّ عمل الطواغيت يتناقض وسرّ الوجود ويتعارض مع قوانين الفطرة والطبيعة ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن المؤمنين باعتمادهم على القوى الروحية يتمتعون بثقة عالية بالنفس وبهدوء باطني يمهّد لهم سبيل النصر والفوز على العدو ، بل ويهبهم القوّة والقدرة على الاندفاع لمواجهة الأعداء ، بينما العدو والكافر لا يعتمد على أساس قوي أبدا .
وتجدر الملاحظة هنا أنّ الآية قرنت الطاغوت بالشيطان ، وهذا يدل على أن القوى الطاغوتية المتجبرة إنّما تستمد القوة والعون من منبع ضعيف يتمثل في القوى الشيطانية والجوفاء .
هذا المضمون تذكره ـ أيضا ـ الآية (٢٧) من سورة الأعراف : {إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} .
__________________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 208-209 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|