أقرأ أيضاً
التاريخ:
2179
التاريخ:
2462
التاريخ: 20-5-2021
2153
التاريخ: 1-12-2016
4923
|
الحياة الدينية:
تعدد الالهة:
كانت الحياة الدينية في بلاد الرافدين تقوم على تعدد الالهة وكان يقدر عددها بالألاف وفي العصر البابلي بلغ عددها خمسة وستون الها. وكان لكل مدينة سومرية اله تخضع لحمايته كما كانت لأنواع النشاط البشري الهة توحي للناس ما يجب ان يفعلوه وتدبر لهم مختلف شئونه وتقوم بحمايتهم. كما كان لكل ظاهرة طبيعة اله خاص مثل الاله (اتو) (اله السماء) والاله (انليل) (اله الهواء)، والاله سن(اله القمر)، والاله (ادد) (اله العواصف) والاله (ابا) وهو الاله المحلي لمدينة اريدو في اقصى الجنوب وكان يقتسم مع انو وانليل وحكم العالم ويسطر على المياه المحيطة بالعالم والمياه في اسفل العالم، كما كان المسؤول عن طرد الارواح الشريرة.
وكان الاله مردوخ اشهر الالهة عند البابليين ويصنف ضمن الالهة القديمة وفي عصر سيادة مدينة بابل ارتفعت مرتبته الى اله رفيع المستوى ونسب اليه خلق البشر وتنظيم الكون اما الاله (اشور) الذي سميت على اسمه مدينة اشور عاصمة الاشوريين وفي عصر الامبراطورية الاشورية اضيفت على الاله اشور اعظم النعوت منها (سيد العالم والخالق ومنظم الكون وولي الالهة).
ومن الالهة الاقل شانا (نركال)و(تموز)وكان (نركال) اله مدينة كوشه التي كانت تقع في وسط بلاد بابل وكان حاكم مملكة الاموات ومصدر الوباء هو وزوجته (ايريش- كيطال) سيدة العالم السفلي اما الاله (تموز) فكان يمثل شخصية كهنوتيه وعلى اثر موته واختفائه عم الحداد والمناحات الحزينة بين طبقات معينة من السكان الاوائل في بلاد ما بين النهرين. وكان السومريون يصورون الهتهم على شكل حيوانات ، فاله مدينة (لكش) مثلا كان يصور على شكل نسر كبير له راس اسد بينما كان اله مدينة(اور) يصور على شكل ثور ضخم.
وهنالك(الاله الافعى) الذي اخذ شكل افعى ومنذ الالف الثاني قبل الميلاد ظهرت تماثيل لألهة ذات اشكال بشرية وكانت مساوية لأحجام البشر وذات نسب دقيقة ومعظم التماثيل كانت مصنوعة من الخشب الثمين ومرصعة بالذهب وبالأحجار الكريمة .
بناء المعابد وتقديم القرابين للالهة ودور الكهنة:
كانت المعابد تقام في وسط المدن وتشيد حولها المساكن. وكانت المعابد ذات شكل وحجم مختلفين، فبعضها كان مجرد مصليات صغيرة تتكون من صف من الدور وتشتمل على فناء مكشوف يضم محرابا وقاعدة للتمثال المقدس وكان هنالك معابد اخرى تضم عدة اقبية وغرف ثم اقيمت المعابد الضخمة ذات التركيبات المعقدة وتخص الالهة الاعظم وكانت تضم غرفا لإيواء الكهنة والعامليين في المعبد.
وكافة المعابد الرئيسية كانت تشترك في خصائص معينة حيث اشتمل كل منها على فناء كبير تحيط به غرف صغيرة تستخدم للإقامة او كمكتبات ومدارس للكهنة وورش ومخازن واصطبلات.
وفي الاعياد الكبيرة كانت تتجمع نصب الالهة التي تجلب من المعابد الاخرى في الفناء الواسع الذي يبقى مفتوحا للجميع في الايام الاعتيادية وكان يعج بالحركة والضوضاء مثل السوق الاعتيادية ويزدحم بالناس من التجار الذين يتعاملون مع المعبد ومن الرجال والنساء الذين يقدمون له النذور ويطلبون المساعدة منه المساعدة والنصح.
والمركز الرئيسي للمعبد مخصص للكهنة ولا يدخله غيرهم وكان القسم الرئيسي من المعبد يشتمل على ثلاث غرف متوالية هي الدهليز وما قبل المقدس ثم المقدس او قدس الاقداس وتحتوي غرفة المقدس على تمثال الاله او الالهة المكرس لها المعبد.
وفي غرفة ما قبل المقدس كانت توضع نصب الالهة والمعبودات الاخرى بالاضافة الى المسلات التذكارية للملوك. وكانت تستخدم مواد نادرة وغالية الثمن في بناء هذا القسم من المعبد فترفع السقوف على الاعمدة من خشب الارز وتصنع الابواب من الخشب الثمين المطعم بشرائط من النحاس او البرونز ولحماية المعبد كانت تنصب فوقها تماثيل لاسود او ثيران او لكائنات خرافية من مصنوعة من الحجر او الفخار او الخشب .
وكانت الطقوس والصلوات والاحتفالات الدينية تقام كل يوم في المعبد، كما تكرس عدة ايام شهريا وفي عيد راس السنة لإقامة احتفالات مقدسة خاصة بهذه المناسبات وكان الاعتقاد السائد وقتذاك ان الالهة تعيش حياة مادية خالصة فهي بحاجة الى ان تنظف وتغسل وتزكى بالعطور والطيب وتلبس وتطعم يوميا. وكانت ترسل الى المعبد اجود منتجات الحقول الزراعية والبساتين وقطعان الماشية والاغنام والماعز حيث كان يقدم جزء منها كطعام لتمثال الاله ويشمل الخبز والزبد والعسل والفواكه واللحم والخمر.
وذكر في نص تفصيلي من العهد السلوقي انه كانت تقدم لتماثيل الالهة وجبتان من الطعام يوميا في معبد اوروك، الوجبة الاولى تقدم في الصباح عند فتح المعبد والوجبة الثانية كانت تقدم قبل غلق ابواب المعبد مباشرة.
وبعد تقديم وجبة الطعام الى تمثال الالهة ترسل الاواني الى الملك لكي يأكل منها وخاصة في بعض المناسبات وكان الطعام المقدم الى الاله يعتبر مباركا وتنتقل البركة الى الملك الذي يأكل منه وعند الانتهاء من وجبة الطعام الرئيسية للاله كان يقدم الماء في اناء لتنظيف اصابع تمثال الاله وهذا الماء كان يعتبر ايضا مباركا.
وفي تطور طقوس لعملية تقديم الطعام الى تمثال الاله كانت المائدة التي يوضع عليها الطعام تحاط بستار من الكتان وكذلك تمثال الاله في الوقت الذي يفترض فيه ان الاله يتناول فيه الطعام وكذلك عندما يغتسل الاله اصابعه بعد الفراغ من تناوله الطعام وبعد ذلك ترفع هذه الستائر وذلك لإخفاء هذه الممارسات عن عيون البشر.
وكانت تخصص كميات كبيرة من الطعام من الخبز والفاكهة واللحوم والخمر لتوزيعها على العاملين في المعبد وعلى بعض الاداريين واصحاب الحرف. وكان الكهنة يحظون بمكانة سامية لدى الجماهير اذ كانوا يعتبرون وسطاء بين الناس والالهة العظيمة وهم يتلون الصلوات والادعية ويرتلون الاناشيد بقصد التخفيف عن المرضى والحزانى والمذنبين التائبين.
وفي العصر البابلي كان الملك لا يمتلك صفة شعبيه الا اذا خلع عليه الكهنة سلطته الملكية في حفل عام يجوب فيه الملك شوارع المدينة وهو ممسك بصورة الاله (مردوخ) وعقب ذلك يصبح سيد مطاع.
وكان الكهنة يتظاهرون بمقدرتهم على قراءة المستقبل المجهول ولذلك كان يقصدهم عامة الناس وحتى الملوك لطلب النصح وللاستشارة او تقديم فتوى معينة.
وقد استغل كثير من الكهنة مكانتهم بين الناس اسو استغلال فابتزوا الاموال مقابل الطقوس التي يقمون بها ومن المتقاضيين في القضايا التي كانت تعرض عليهم ، بالاضافة الى استثمار ثروة المعابد من الهبات والضرائب المتنوعة كما كانوا يروجون الاساطير الدينية وسيطروا بذلك على عقول الناس.
وكانت المعابد الكبيرة تضم عدد كبير من الكهنة وعلى راسهم الكاهن الاعلى وكان بينهم عدد من الاناث ومن بين الكهنة المتخصصين من يقراء التعازيم والذي يطيب الاله بالزيت ومنشد المراثي وطارد الارواح الشريرة ومفسر الاحلام وقارئ الطالع .
وبعض الكاهنات كان باستطاعتهن الزواج ولكن ليس من حقهن الانجاب من في خدمة المعبد.
ومن الفئات الاخرى من النساء اللائي كرسن انفسهن لخدمة المعبد من احترفن مهنة (البغاء المقدس) وهذه المهنة لم تكن مهنة غير مخجلة في ذلك الوقت وكانت تمثل احد اشكال الاتصال بين الناس والالهة.
الجزاءات التي تقدمها الالهة لمن يفعلون الخير ولذوي الاخلاق الطيبة:
كان الناس في بلاد ما بين النهرين يعتقدون ان من يفعلون الخير ويتمسكون بالأخلاق الطيبة تكافئهم الالهة بالسعادة وطول العمر والثروة وكثرة الاولاد وتحميمهم من الاخطار المختلفة.
ومن الاساطير التي كانت واسعة الانتشار في بلاد سومر وسيطرت على عقول ونفوس الناس الاسطورة التي تقول ان الالهة خلقت الانسان منعما وسعيدا ولكنه ارتكب الخطايا وضل عن سواء السبيل مما اسخط الالهة. ولقد صبت الالهة نقمتها على البشر المذنبين بان ارسلت عليهم طوفانا مروعا اهلك الحرث والنسل.
ولم تكن النذور والقرابين والالتزام بالأصول الدينية هو كل ما تطلبه الالهة من المؤمنين بها ولم يكن ذلك كافيا بحد ذاته وانما ينزل عطف وبركات الالهة على أولئك الذين يحيون (حياة طيبة) وهم الاباء الصالحون والابناء البررة والجيران والطيبون والمواطنون الصالحون الذين يلتزمون بالمعروف ويأتون الاعمال الصالحة .
وكانت الالهة تدعوا الى اتباع العطف والرحمة والاخلاص والعدل واحترام القوانيين والنواميس الاجتماعية، وتوصى احدى (نصائح الحكمة) البابلية بالقول:
(اعبد كل يوم الهتك، واظهر العطف للضعفاء ، لاتهن المساكين، قم بالاعمال الصالحة، وقدم العون في كل ايامك، لا تشهر بالأخرين، وحدث بالحسنات ، لا تقل اشياء خبيثة، وقل في الناس قولا جميلا)(1).
وكانت الالهة تقدم للإنسان الملتزم بالايمان الصادق والسلوك القديم، المساعدة والحماية والسعادة والثروة والابناء الكثيرين والعمر الطويل وبذلك كان . وبذلك كان الدين حافزا للإنسان على التمسك بآداب الفضيلة وفعل الخير والخضوع للالهة.
الاعتقاد في الحياة بعد الموت:
كان الاعتقاد السائد بين سكان بلاد الرافدين ان الالهة وحدها عي الخالدة، وان موت الانسان امر لا مفر منه .
وفي ذلك تقول ملحمة (كلكامش):
(وحدها الالهة تعيش ابدا تحت الشمس، اما البشر فأيامهم معدودة، وكل ما يجزونه ريحا ذو هبة)(2).
وبعد الموت من خلال القبور العديدة بأدواتها وتجهيزاتها الجنائزية يثبت الاعتقاد السائد عند سكان وادي الرافدين بوجود الحياة الاخرى ومن اجل ذلك كان الناس يجهزون المتوفي احسن تجهيز ويلبسون افخر الثياب ويدفنون مع موتاهم احسن انواع الاواني والادوات واجود انواع الطعام والشراب والاحتياجات الشخصية الاخرى .وقد كشف التنقيب عن مقابر ملوك (اور) ان عددا من افراد حاشية الملك المتوفى كانوا يقتلون ويدفنون مع سيدهم في نفس اليوم لخدمته في الحياة الاخرة.
ويتجلى ذلك من الكشف على مقبرة الملك (مس- دك) ومقبرة زوجته (شوب- آد) حيث تكدست بأفخر الحلي والادوات المصنوعة من الذهب . كما امتلأتا بجثث التابعين من افراد الحاشية، وكانت موضوعة بالقرب او البعد من جثة الملك او الملكة حسب وضيفة كل منهما في حياته .ولكن هذه العادة لم تستمر طويلا فلم يعثر في مقابر الملوك بعد ذلك بفترة على جثث لأفراد الحاشية مدفونة مع جثث الملك ووجدت المقبرة الملكية خالية من أي جث سوى جثث الملك ولا تتسع لغيرها.
وكان البابليون يعتقدون ان المتوفي سواء كان صالحا او شريرا سيذهب الى مكان مظلم في جوف الارض يسمونه (ارالو) في هذا المكان تقيد ايدي الموتى وارجلهم ابد الدهر ومن كان منهم كثير الذنوب لقى في ارالو اشد العذاب وسلطت عليه افتك الامراض.
____________
(1) جورج رو ترجمة حسين علوان حسين : العراق القديم، ص144
(2) جورج رو ترجمة حسين علوان حسين : العراق القديم، ص145.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|