المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6767 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



ذ14- العلاقات الخارجية للدولة الكيسية (الكيشية)  
  
2011   11:24 صباحاً   التاريخ: 1-12-2016
المؤلف : عبد العزيز صالح.
الكتاب أو المصدر : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق
الجزء والصفحة : ص479-485.
القسم : التاريخ / العصر البابلي القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-10-2016 2273
التاريخ: 20-9-2016 2043
التاريخ: 1-12-2016 1818
التاريخ: 23-9-2016 2198

العلاقات الخارجية:

سارت العلاقات الخارجية السلمية للدولة الكاسية في نطاق عادي محدود. فسارت قوافلها التجارية في مسارتها التقليدية مع بلاد الشام ومصر، وكانت النصوص المصرية قد ذكرت اسم بابل مرتين خلال عصور دولتها الحديثة حتى عهد تحوتمس الثالث(1)، ثم أغفلته تمامًا، ربما بعد انتقال أزمة الحكم إلى الكاسيين، واستخدمت بلده كلمة سنجار لمدلول يتسع عن المدلول الإقليمي لكلمة بابل "كما ذكرت اسم جبل سنجار، وهو جبل يقع غربي الموصل"(2). واكتست العلاقات المصرية البابلية بطابع الصداقة الشخصية خلال القرن الرابع عشر ق. م، وتمخضت هذه الصداقة عن مصاهرة البيتين الحاكمين أكثر من مرة، ومما يذكر في هذا زواج أمنحوتب الثالث بابنة الملك البابلي كاردونياش وطمعه فيما بعد في الزواج من بنت أخيها كادشمان خاربي "أو كادشمان إنليل"، مع ضنه في الوقت بتزويجه إحدى بناته أو إحدى أميرات بيته الفرعوني المالك. وعندما اضطرب حبل الأمن بين الأموريين والكنعانيين في الشام خلال عهد الفرعون المصري آخناتون، وتأثرت المتاجر البابلية بفوضى الطريق في أرض كنعان، لم يجد الملك الكاسي البابلي غير الفرعون المصري يستصرخه لتأمين تجارته ويقول له "كنعان أرضك ... وأمراؤها مواليك" وأرسل له مع رسالته هدية ثلاث مينات من اللازورد وخمسة جياد وخمس عربات.

وظل الكاسيون يؤلفون الطبقة الحاكمة في قلب العراق ما يقرب من خمسة قرون "من أوائل القرن 16 إلى أواخر القرن 12ق. م"، ولم يجد المؤرخون بأسًا في أن يعتبروا أسرتهم، فيما أسلفنا، الأسرة البابلية الثالث، على الرغم من أنهم كانوا أغرابًا في أصلهم عن بابل وعن محيطها كله. ولكن لم يخلص لهم أمر بلاد النهرين تمامًا خلال قرونهم الخمسة، ففضلا عن دولة البحر التي نازعتهم السيادة على المناطق الجنوبية في بداية عصرهم حتى تغلبوا عليها، تحكم الآشوريون في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية من نهر دجلة، وتحكم الحوريون في المناطق الغربية والشمالية الغربية من نهر الفرات، بغير حدود صريحة فاصلة بين امتداد هؤلاء أو هؤلاء. ثم ظهر بعدهم الميتانيون.

مع آشور:

لم كتن آشور ذات شأن كبير في بداية الأمر، وقد اقتطع الحوريون جزءًا من أرضها، وعاملها الكاسيون على حذر. وحدث أن تصاهر البيتان الحاكمان في آشور وبابل لبعض الوقت، فتزوج الملك البابلي "كارونداش" من ابنة الملك الآشوري "آشور أون بالليط"، وجعل ولدها ولي عهده، فعز على الأمراء الكاسيين أن يسري الدم الآشوري في عروق صاحب عرشهم ويصبح ذلك سببًا لتدخل الآشوريين في شئون دولتهم، فاغتالوا ولي العهد وولوا غيره مكانه. ولا تعنينا هذه المصاهرة وذالك الاغتيال من حيث هما حادثان فرديان، ولكن تعنينا دلالتهما على عدم توافر الثقة بين الدولتين. وحدث أن خرج الآشوريون عن نطاقهم الإقليمي، وأوفدوا سفارة إلى الفرعون المصري آخناتون، فاحتج الملك البابلي على هذه الجرأة وكتب إلى الفرعون المصري بأنه لم يكن يحق للآشوريين أن يتصلوا به اتصالًا مباشرًا وأنه لا يزال يعتبرهم من أتباعه(3).

مع الحوريين:

كان الحوريون فرعًا من الفروع الهندوآرية اتخذوا طريقهم إلى الشرق بنفس السبيل الذي اتخذه غيرهم من فروع الهجرات الكبيرة، أي عن طريق التسلل البطيء ثم عن طريق الهجرة العنيفة في ظل ظروف مناسبة(4). واعتبر بعض الباحثين أقدم أمرائهم المعروفين في الشرق أميرًا يُدعى نيزادا حكم منطقة أوركيس في القرن الثالث والعشرين ق. م، غير أن هذا التقدير لا يخلو من شك كبير، وأقرب منه إلى الصحة ما يعرف عن ظهور أعمالهم وأخيلتهم الدينية في نصوص ماري منذ أوائل القرن السابع عشر ق. م، وظهور تأثيرهم في الدولة الحالية "الحيثية" منذ عهد ملكها نتيليس الأول، وذلك مما يحتمل معه إرجاع وصولهم إلى المشرق إلى القرن الثامن عشر ق. م أو ما هو قريب منه(5). ثم امتد نشاطهم في قلب بلاد النهرين حتى منطقة أرانجا "كركوك" ونوزي "يورجان تبة الحالية" جنوب شرق نينوى(6). كما امتدوا غربًا في المناطق السورية، ولو أن هذا الامتداد كان فيما يغلب على الظن امتدادًا تجاريًّا وتسربًا سلميًّا يرتبط بالنفوذ الاقتصادي والنفوذ الحضاري أكثر مما يرتبط بالنفوذ الحربي أو السياسي. وقد أخذوا بالحضارة البابلية في العراق وكتبوا لغتهم الحورية بخطها المسماري، ولم يكونوا بغير أثر في حياتها العامة، لا سيما فيما شغلته فيما بعد دولة آشور "كما سنرى فيما بعد".

وعرف المصريون القدماء أقرب مناطق الحوريين إليهم بمترادفات: نهري، ونهرن، ونهرينا(7)، وعرف البابليون المنطقة نفسها باسم "ماتونخريما" "وماتوناريما". وليس ما يعرف إن كان الاسم المصري "نهرينا" ومرادفه البابلي "نخريما"، يدل على معنى "أرض النهر"، ويدل ذلك على "بعض" أراضي الفرات، أم يدل على صيغة التثنية ويعني نهرين معينين ويدل بذلك على ما يمتد بين نهر الفرات وبين فرعه نهير الخابور. وعلى أية حال فقد عنت النصوص المصرية بكلمة نهرن ومترادفاتها أراضي تمتد حول ضفتي الفرات.

مع الميتان:

وفدت على الحوريين وافدة جديدة من بني عمومتهم الهندوآريين حوالي القرن السادس عشر ق. م، واشتهر هؤلاء الوافدون باسم مثن والميتان والميتانيين، وذكرت النصوص المصرية بلادهم باسم "تاومثن" واسم "خاسوت متن"، أي أراضي مثن، وبراري "أو أقطار" متن. وقد أخذوا بالنظام الفيدرالي الذي اعتاده أغلب الهندوآريين ذوي الأصول الرعوية، وهو نظام كان يجعل السادية في أيدي طبقة من النبلاء المحاربين يسمون "ماريانو" ويعتبرون أنفسهم أقرانًا بعضهم لبعض ويعتبرون ملكهم رأس أقرانه. وذكرت النصوص المصرية أقدم ملوكهم المعروفين لها باسم سوشاتار.

واتخذ المتيانيون عاصمتهم في مدينة تسمى واسوكاني "أو أشوكاني"، وهي مدينة صعب تحديد مكان أطلالها وإن ذهب الظن إلى تقريبها إلى الفخارية على نهير الخابور شرق تل حلف وحران. وحاولوا أن يسودوا الحوريين، وربما نجحوا في ذلك وجعلوا أغلبهم من رعاياهم، كما شتتوا فريقًا منهم إلى أطراف الشام حيث تضمنت الرسائل المسمارية لأمراء جنوب الشام المرسلة إلى البلاط المصري أسماء قريبة من الأسماء الحورية.

واحتفظ الحوريون والميتانيون من أربابهم الهندو آريين بالأرباب إندرا، وفارونا، وميثرا، وربما تيشوب رب الزوابع، وهبة ربة الشمس أيضًا، ولكنهم جمعوا إلى أولئك الأرباب بعض أرباب بلاد النهرين الساميين وقدسوهم، لا سيما إشتار التي صوروها في أساطيرهم تناصر الخير وتقف في وجه مارد شرير يُدعى خيدامو.

واتسعت دولة الميتان فيما جارها من أرض العراق وأرض الشام وضغطت لفترة ما على نشاط جيرانها الآشوريين والخاتيين، وحاولت أن يكون لها ضلع في زعامة الشرق فتنازعت مصر في زعامتها التي حققتها لنفسها منذ أوائل دولتها الحديثة حين امتد نفوذها فيما بين الشلال الرابع جنوبًا وبين ضفاف الفرات شمالًا بشرق. ومر في ص216 وما بعدها كيف بدأ الميتان تنفيذ أطماعهم بطريق غير مباشر، فألبوا بعض أمراء الشام على المصريين منذ أواخر عهد الملكة المصرية حاتشبسوت وخلال أوائل عهد الفرعون تحوتمس الثالث، كيف تصدت لهم جيوش هذا الفرعون وأفسدت مشاريعهم ومشاريع حلفائهم، وكيف استمرت العلاقات بين الدولتين، مصر والميتان، علاقات عدائية حتى نهاية عهد الفرعون أمنحوتب الثاني، ثم مالت الدولتان إلى سياسة التقارب. وليس من المستبعد أن يكون التقارب قد بدأ من ناحية الميتان بعد أن أحسوا ببداية استيقاظ الآشوريين في شرقهم وبداية استعداد الخاتيين "الحيثيين" في شمالهم الغربي، وتمخض التقارب بين الدولتين عن مصاهرة بيتيهما الحاكمين منذ عهد الفرعون المصر تحوتمس الرابع وفي عهد ولده أمنحوتب الثالث، وعهد حفيده آخناتون. واستقرت حينذاك صداقة الدولتين، وراسل حكامهما بعضهم بعضًا بلفظ الأخوة، واعتاد كل منهم على أن يسأل الآخر في رسائله عن أهله وداره وخيوله وأتباعه. وتسامح المصريون مع ديانة أصدقائهم، ولم ير أمنحوتب الثالث بأسًا في أن يتقبل في قصره تمثالين صغيرين للمعبودين العراقيين شمش وإشتار أرسلهما الملك الميتاني مع ابنته عروس أمنحوتب لتستعين ببركتهما على إقرار حبها في قلبه، ولم يجد بأسًا في أن يتقبل تمثالًا آخر لإشتار أتاه هدية من صديقه الميتاني ليتبرك به في مرضه. ويبدو أنه كانت لبلاد النهرين في جملتها شهرة خاصة في الطب والسحر تعادل شهرة مصر فيهما؛ إذ تكررت نفس الظاهرة مع الحيثيين في عصر لاحق لهذا العصر، وطلب الملك الحيثي موتاللو من معاصره البابلي أن يوفد إليه طبيبًا وساحرًا، وإن كان قد طلب نفس الطلب من مصر أيضًا فأرسلت إليه تمثالًا لمعبودها رب الشفاء خنسو ومعه كاهن ملازم له. وليس من المستبعد حين يتم الكشف عن عاصمة الميتان القديمة أن يتضح مدى تأثر إنتاجهم الفني بالفن المصري القديم، وتتميز من آثارهم المعروفة أوانٍ فخارية لطيفة ذات صبغة صفراء وخطوط سوداء غليظة ورسوم تخطيطية بيضاء(8).

وعلى أية حال، فقد ظلت دول العراق تتطلع إلى مصر خلال هذه العهود على أنها أكبر دول الشرق كله، بحكم ضخامة إمكانياتها المادية والبشرية والفكرية، وأسلفنا في بحثنا للتاريخ المصري "ص221" كيف ظل ملوك الشرق وأمراؤه يرجون فرعون مصر أن يفيض عليهم من ذهبها نظير هداياهم من الأرقاء والجواري والمركبات والجياد والأحجار الكريمة، تساوي في ذلك ملوك الميتان وملوك بابل وملوك آشور، فضلًا عن أمراء الشام وحكام قبرص. وكيف أنه على الرغم من ترحيب ملوك الشرق وأمرائه بمصاهرة أمنحوتب المصري، ظل ضنينًا عليهم بأميرات بيته، بحجة أنه لم يسبق أن تزوجت أميرة مصرية بشخص أجنبي.

لم يطل أمد السلام الذي حققه الميتان لأنفسهم، فبدأ الخاتيون ينافسونهم في المنطقة الشامية العراقية التي تلي الأناضول وتمتد فيما بين الفرات وبين ساحل البحر المتوسط، وكان لهم ضلع ذات مرة في إزاحة أحد الملوك الميتان عن عرشه وتنصيب أحد عملائهم وصيًّا على وريث العرش الصغير. وظلت الحال مائعة بين الدولتين حتى ولي عرش الخاتيين ملكهم الطموح سوبيلوليوما فهاجم بجيوشه أرض الميتان ولكن ملكهم توسراتا استعان بصهره الفرعون المصري أمنحوتب الثالث فأعانه بجيوش ردت الخاتيين على أدبارهم، واحتجز الملك الميتاني عربة وخيلًا من الغنائم لصهره أمنحوتب المصري، وبعض الحلي لأخته "زوجة أمنحوتب"(9) ثم شغلت مصر مشاكلها الخاصة عن حليفتها، وعمل الملك الخاتي من ناحيته على تأليب بعض الأمراء الميتان على ملكهم وعلى استمالة ود الآشوريين في نضاله معهم، ثم ضرب ضربته فهاجم بجيوشه عاصمة الميتان وكاد أن يقضي على دولتهم لولا أن شغلته عنهم ثورة في أملاك دولته بشمالي الشام، وعندما انسحب بجيوشه من العراق، استغل أصدقاؤه الآشوريون تخلخل الموقف لصالحهم، فاتبعوا طريقته واستمالوا بعض الأمراء الميتان إلى صفوفهم، وهاجموا العاصمة الميتانية واستردوا منها كنوزًا كان الميتان قد اغتصبوها من أرضهم، ولكن آشور كانت على الرغم من ذلك لا تزال في بداية نهضتها ولهذا لم تستمر في الشوط إلى نهايته. وعادت أزمة الموقف السياسي إلى أيدي الخاتيين وساعدهم أن اغتيل خصمهم الميتاني العنيد توسراتا، فأجبروا ولده "ماتي يوزا" على عقد معاهدة معهم اعترف فيها بخضوعه لهم(10). وما لبثت دولة الميتان حتى توارت من مسرح الحرب والسياسة، حوالي عام 1365ق. م. وتشتت أهلها الآريون في نواحي الأناضول وسواحل الشام، ولم يعودوا يعرفون باسم الميتان وإنما باسمهم القديم "الحوريين" أو "الخوريين"، وكان لهم أثر لا ينكر في نقل ثقافة بلاد النهرين وأساطيرها إلى المناطق التي نزلوها سواء حين قوتهم أم حين تظاقهم.

الأفول حتى نهاية الأسرة البابلية السابعة:

لم تستفد دولة بابل الكاسية كثيرًا بزوال الضغط الميتاني على حدودها، بل على العكس من ذلك وجدت نفسها وجهًا لوجه أمام قوتين ناهضتين طموحتين، وهما دولة آشور ودولة الخاتيين، فضلًا عن دولة إلام "عيلام" منافستها العتيدة.

واستعرضت بابل عضلاتها مع إلام، وتحدت كل منهما الأخرى، ورُوي أن الملك العيلامي تحدى معاصره البابلي كوريجالزو تحديًا شخصيًّا، وقال له "أقبل، ندخل المعركة ... أنت وأنا"، وحالف الحظ البابلي فتقدم بجيوشه حتى العاصمة العيلامية سوسه، وشجعه هذا النصر على أن يجرب حظه مع آشور، ولكنه فشل معها. وظلت كفة النصر متأرجحة بين بابل وبين جارتيها إلام وآشور فطورًا يسود الهدوء، وطورًا يغلب البابليون وطورًا يغلبون، على حين أدى انشغال الخاتيين بمنافسة المصريين تارة ومنافسة الآشوريين تارة أخرى، إلى بقاء علاقات الود الظاهري قائمة بينهم وبين البابليين، بحيث طلب الملك الخاتي "الحيثي" خاتوسيل ذات مرة من حليفه البابلي "كادشمان إنليل الثالث؟ " أن يتعاون معه في مهاجمة عدو مشترك، قد يكون من الآشوريين أو من الهجرات الأرامية التي بدأت حينذاك تهدد سبل التجارة بين الدولتين.

وعلى أية حال، فسوف نوجز هذه الوجوه المختلفة للعلاقات بين بابل وبين جيرانها، في أن بابل فقدت روحها الجريئة الخلاقة في أغلب عهود الكاسيين، وسارت أمورها رتيبة مقلدة في أغلب أحوالها، فيما خلال هزات قليلة متباعدة، كان أعنفها بالنسبة لبابل مهاجمة جيوش الملك الآشوري توكلتي نينورتا الأول لها وتدميرها إياها وسلبها كنوزها. وبرر الكتبة الآشوريون هذه القسوة بادعائهم أن أرباب المدن البابلية كانوا قد هجروها استياء من مسلك كاشتيليات ملك بابل ولعنوها. ثم رحبوا بالفاتح الآشوري الذي انتقم لهم بتأديب مدنهم(11)، "وهذا هو منطق المنتصر في كل زمان، مع تغيير ألفاظه بما يتناسب مع عصره". ولكن ما لبث البابليون حتى أخذوا بثأرهم من آشور وحاصروا عاصمتها عقب اغتيال ملكها الفاتح العنيف توكلتي نينورتا في أواخر القرن 13ق. م.

وكان احتدام التنافس بين بابل وبين آشور فرصة الإلاميين، فتجرءوا على جنوب العراق وهاجموا بابل نفسها، وطالت اشتباكاتهم معها حتى دمروها أكثر من تدمير الآشوريين لها، وقضوا على الحكم الكاسي فيها في أواخر القرن الثاني عشر ق. م وغنموا ما بقي من كنوزها ونقلوا أغلب آثارها الفنية إلى عاصمتهم سوسه، سواء حبًّا في الغنم والنهب، أو لحرمانها من كل ما يذكرها بأيام مجدها، وكان من هذا الآثار ما يتعلق بملوك قدماء أحرزوا النصر عليها، مثل: نصب سرجون الأكدي، ونصب نرام سين، وعمود "أو مسلة" مانيشتوسو، ونصب تشريعات حمورابي الذي ظل في عاصمتهم حتى عثر عليه في أوائل القرن الحالي، ونصب أخرى كاسية وغير كاسية كثيرة، يغلب على الظن أنهم أجبروا الأسرى البابليين على نقلها بأنفسهم رغم ضخامتها وشدة ثقلها.

غير أن بابل ذات الماضي المجيد لم تكن لتموت بسهولة، وإن ترنحت طويلًا تحت ضربات خصومها، فتحاملت حتى نهضت وتزعمها ملوك ناضلوا في سبيل تحرير أرضهم من ربقة السيطرة الإلامية، وعرفت أسرتهم اصطلاحًا باسم الأسرة البابلية الرابعة، ومدت جيوش أشهر ملوكهم نبوخذ روسر "نبوخذ نصر الأول"(12) جناحيها شرقًا للانتقام من الإلاميين وغربًا لإرهاب بقايا الأموريين وخلفائهم الأراميين، لولا أن هذه النهضة البابلية لم يطل أمدها، وتعرضت بابل مرة أخرى لهزات عنيفة أتتها من قبل دولة آشور التي نضج كيانها في المرحلة الثانية من عصرها الوسيط، وهزات أخرى أتتها من قبل الأراميين الذين فرضوا وجودهم على العراق فرضًا.

وشقت بابل طريقها على وهن، بالحرب تارة وبالمهادنة والمصاهرة والرضا بالأمر الواقع تارة أخرى، حتى بلغ عرشها أحد الأراميين في النصف الأول من القرن الحادي عشر ق. م، واستطاع أن يصاهر معاصره الملك الآشوري ويضمن مهادنته، ولكنه لم يستطع أن يكفل الأمن الداخلي في دولته. وأحدثت التحركات الأرامية القبلية الداخلية كثيرًا من الاضطراب حتى تعاقبت ثلاث أسر حاكمة "من الخامسة إلى السابعة" في نحو نصف قرن، وكانت الأسرة الثامنة التي تلتها أفضل حظًّا في طول أمد حكمها، ولكن كان عليها أن تنتظر مصيرها المحتوم على أيدي الآشوريين في عصرهم الحديث، مما سنعرض لذكره مرة أخرى في سياق الفصل التاسع عشر.

__________

(1) وذكره أحد النصوص المصرية باسم ببر" ولم تكن الحروف الهجائية المصرية تتضمن حرف اللام وإنما تعبر عنه بالنون والراء أو بإحديهما".

See, Urk. IV, 668, 12.

(2) H. Gauthier, Dict. Geog., Ii, 20 F.; Ed. Meyer, Festschrift Fur Ebers, 63 F.; Muller, Egyptian Researches, Ii, 92.

(3) ويضيف ديلاورت أن الملك الآشوري كان قد غار من إهداء الفرعون إلى توسراتا الميتاني عشرين وزنة من الذهب، وتساءل عن سبب عدم حظوته بمثل هذه المعاملة.

(4) Cf. E.A. Speiser, Introduction to Hurrian, New Haven, 1940, 1941; I. J. Gelb, Hurrians and Subarians, Chicago, 1944.

(5)See, S. Moscati, Op. Cit., 189; A. Pohl, Khurriti, Encyclopaedia Cattolica, VI, Citta Del Vaticano, 1951, Coll. 1511-12.

(6)  A.H. Gardiner Ancient Egyptian Onomastica, I, 185.

(7) Urk. IV, 697, 3-4, Wb. Ii, 286, 11; Zaes, Lxix, 24 F.; Davies, Tombe of Two Officials, Pl. 28; Urk. IV, 891, 8; 710, 4, 15; 711, 5; Papyrus Anastasi, IV, 15, 4.

(7)عثر على نماذج هذه الأواني في مناطق عدة مثل: نوزي وآشور ونينوى وتل حلف وتل العطشانة.

(8) Cf. A. Parrot, Archeologie Mesopotamienne, I, Paris, 1946.

(9) ديلابورت: المرجع السابق - ص295.

(10) نفس المرجع - ص296 - 297.

Cf. Goetze, Der Hethiterreich, In Der Alte Orient, 1928, 26 F.; L. Delaporte, Les Hittites, 93 F.

(11)  See, A.F.O, Xviii, 33 F., 42; Maog, Xii, 2, 7, 23 F.

(12)See, W.J. Hinke, a New Boundary Stone of Nebuchadnezzor I, Philadelphia, 1907.

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).