أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-12-2017
789
التاريخ: 13-12-2017
835
التاريخ: 7-11-2017
1071
التاريخ: 18-11-2017
705
|
الجواب :
أولاً: اننا لا نستطيع وصف رسول الله [صلى الله عليه وآله] بالجهل، فإنه تعبير مرفوض ومدان..
ثانياً: قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48] ...
إن هذه الآية الشريفة تعطي: أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يقطع دابر أية فرصة للإساءة إليه [صلى الله عليه وآله]، وإلى نبوته، فيزيل أي ريب أو شبهة يمكن أن تثار حول نبوة نبيه الأكرم [صلى الله عليه وآله]، وتتأثر بها نفوس الضعفاء.
وما يوجب الريب هو أن يكون [صلى الله عليه وآله] قد قرأ كتب السابقين عند البشر، أو تعلم منهم، وأخذ عنهم.. فإذا تحقق لدى الناس أنه لم يقرأ قبل بعثته عند أحد، فإذا جاء بهذا الدين، وصار يعرف القراءة والكتابة بصورة إعجازية، من دون معلم، فإن ذلك يضطرهم إلى الإيمان والتسليم..
فالمهم إذن هو أن لا يكون قد تعلم شيئاً عند أحد، فإذا حصلت له هذه العلوم كفى ذلك لتحقق مصداق قوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ)، ولا بد لهم في هذه الحالة من الإيمان والتصديق به بمجرد أن يبعث، ويرونه قد أصبح عارفا بالقراءة والكتابة، وبكل هذه العلوم والمعارف والتشريعات، التي يعجز البشر عن نيلها.
ولا حاجة بعد ذلك إلى أن يبقى النبي [صلى الله عليه وآله] عاجزاً عن القراءة والكتابة بنظرهم وإلى أن يموت، فإن ذلك سيكون من حالات النقص في شخصيته عندهم. وقد ثبت بالبراهين والأدلة العقلية والنقلية، أنه منزه عن كل عيب ونقص.
فإذا كانت المعارف والعلوم حاضرة لدى الرسول [صلى الله عليه وآله] ويراها رأي العين. وهو يخبرهم بها، ويرون صدقه بصدقها، فإن البحث عن وسيلة أخرى عاجزة عن إحضارها لديه، وعن إراءتها له.. بل هي توجد له حالة تخيل وتصور لها لا أكثر،(1) ـ إن البحث عن هذه الوسيلة العاجزة ـ، يصبح سفها غير مقبول.. ويكون بذلك كالذي يجد حبيبه إلى جنبه، ثم يطلب النوم لعله يراه في عالم الرؤيا. أما الأدلة على أنه [صلى الله عليه وآله] لم يكن يقرأ ويكتب، فهي غير دالة على مطلوبهم، ونحن نذكر أجوبتها فيما يلي:
الدليل الأول:
قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48].
ونقول: إن الاستدلال بالآية: لا يصح لأنها إنما تدل على أنهم كانوا يعلمون أنه لم يتعلم القراءة والكتابة عند أحد قبل أن يبعث، وأنه لم يكن يقرأ كتباً، ولا كتب شيئاً منها، أو عنها..
وهذا لا يمنع من أن يبعثه الله نبيا فيفاجئهم بعلوم الأولين والآخرين، وهو لم يطلع على كتب أحد..
ويفاجئهم بأنه في نفس هذه اللحظة قد أصبح يعرف القراءة والكتابة بكل الألسن واللغات، ومن جملتها منطق الطير، وتسبيح الحصى، وغير ذلك مما ذكر في الروايات الآتية، هذا.. مع علمهم به، ومشاهدتهم له، وعيشهم معه طيلة حياتهم، بصورة جعلتهم عالِمين بعدم اتصاله بأحد، وأنه لم يتعلم شيئاً عند أي كان من الناس..
فطريق حصوله على المعارف والعلوم منحصر بالطريق الغيبي والوحي، وسيكون هذا الأمر من أظهر الشواهد على نبوته، واتصاله بالغيب.
فيقينهم بعدم معرفته بالقراءة والكتابة قبل النبوة، وسام عظيم له. وهو خير وأوضح دليل على نبوته، ولكن علمهم باستمرار عجزه عن القراءة والكتابة حتى بعد النبوة، سيجعلهم ينظرون له بعين النقص، وسيرى الكتّاب والعارفون بالقراءة أن لهم عليه امتيازا وفضلا ظاهراً..
وسيكون علمه بالقراءة والكتابة بصورة إعجازية وعن طريق جبرائيل أدعى للطمأنينة، وأوفق وأشد أثراً في رسوخ اليقين والإيمان.
الدليل الثاني:
إن الآيات القرآنية قد وصفت النبي [صلى الله عليه وآله] بالأمي، قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف: 157].
وقال: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} [الأعراف: 158] .
والأمي هو الذي بقي كما ولدته أمه، لا عهد له بعلم، ولا بقراءة، ولا كتابة.
ونقول في جوابه:
ألف: إن نفس ما أوردناه لرد الاستدلال بالآية السابقة يرد به الاستدلال بهذه الآية. وأما وصفه بالأمية واعتبارها وساماً له، فإنما هو بلحاظ ما قبل البعثة، أما بعدها فلعل العكس هو الصحيح، أي أن استمرار الأمية هو الذي يعد نقصاً بنظر الناس.
ب: إن كلمة أمي كما تأتي بمعنى من لا يعرف القراءة والكتابة، كذلك هي تأتي لبيان الانتساب إلى أم القرى، وهي مكة. وسيأتي عن أبي جعفر [عليه السلام] أن المقصود بالأمي هو هذا المعنى..
ولهذه الكلمة أيضاً معان أخر، لا تلائم معنى عدم معرفته القراءة والكتابة، مثل كونه منسوباً إلى أمة لم تنزّل عليها كتب سماوية، ونحو ذلك
الدليل الثالث:
ما جرى في الحديبية:
بقي أن نشير إلى أن ما جرى في الحديبية قد يعتبره البعض صالحا للاستدلال به على استمرار أمية الرسول [صلى الله عليه وآله]، على اعتبار أن النبي [صلى الله عليه وآله] طلب من علي أن يمحو وصف «رسول الله» من الكتاب، فلم يرض [عليه السلام] بذلك، فقال له الرسول [صلى الله عليه وآله]: ضع يدي عليها. فوضعها، فمحاها [صلى الله عليه وآله] بيده(2).
فلو كان [صلى الله عليه وآله] عارفا بالقراءة لقرأ هو [صلى الله عليه وآله] الكتاب، ووجد الكلمة، ومحاها من دون الحاجة إلى الاستعانة بعلي..
ويروى أن تميم بن جراشة قدم على النبي [صلى الله عليه وآله] في وفد ثقيف وسألوه أن يكتب لهم كتاباً يحل فيه لهم الربا والزنى، فكتب لهم خالد بن سعيد بن العاص كتاباً، ثم ذهبوا به إلى النبي [صلى الله عليه وآله]، فقال للقارئ: اقرأه.
فلما انتهى إلى الربا قال: ضع يدي عليها في الكتاب، فوضع يده فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 278] الآية، ثم محاها.
وألقيت علينا السكينة فما راجعناه. فلما بلغ الزنى وضع يده عليها وقال: { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء: 32] الآية. ثم محاه(3).
ونقول في الجواب:
إن هذا الاستدلال لا يصح، وذلك لما يلي:
أولاً: روى النجدي ما جرى في الحديبية فقال: «فأخذ رسول الله [صلى الله عليه وآله] الكتاب فكتب: هذا ما قاضى محمد بن عبد الله»(4).
وفي نص آخر قالوا: «فأخذ النبي [صلى الله عليه وآله] الكتاب، وليس يحسن أن يكتب، فكتب مكان رسول الله: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله: أن لا يدخل الخ..»(5).
فهذه الرواية تدل على أن النبي [صلى الله عليه وآله] قد كتب بنفسه ذلك، على سبيل الإعجاز.. لا أنه طلب من علي [عليه السلام]، أن يضع يده على الكلمة، فمحاها، ثم كتب علي، كما ذكرته الرواية الأخرى.
ثانياً: قد ذكرنا في بحث لنا سابق(6) عدم صحة قولهم: إن علياً [عليه السلام] قد امتنع عن محو اسم النبي [صلى الله عليه وآله] من الصحيفة. بل النصوص تدل على أنه [عليه السلام] قد امتثل كل ما أمره به الرسول [صلى الله عليه وآله], فراجع.
لكن قد ذكرت الروايات أن علياً [عليه السلام] إنما واجه ذلك المشرك الذي اعترض وحاول أن يفرض أمرا غير مرضي ولا مقبول. وقد كان موقف النبي [صلى الله عليه وآله] هو التأييد لعلي [عليه السلام] والتسديد له في موقفه هذا، فراجع ذلك البحث تجد تفصيل ذلك..
وبذلك يكون ما ذكروه من أن النبي [صلى الله عليه وآله] قد طلب منه أن يضع يده على الكلمة التي يريد أن يمحوها ليس له أساس يصح التعويل عليه..
ثالثاً: إن قوله [صلى الله عليه وآله]: ضع يدي عليها، لا يستلزم عدم معرفته بالقراءة والكتابة، إذ قد يكون مجلسه بعيداَ عن مجلس علي بحيث لا يتمكن من قراءة ما في الصحيفة بصورة مباشرة، فيقول له من بعيد: ضع يدي عليها، لأن علياً [عليه السلام] هو المتمكن من قراءة الصحيفة.
ولو قيل: لماذا لم يستعمل النبي [صلى الله عليه وآله] في هذه الحالة أيضاً قدراته الغيبية والإعجازية.. فالجواب هو أن ذلك يتبع المصالح التي تقتضي ذلك، وهو [صلى الله عليه وآله] أعلم بها وأعرف بمواقعها.
رابعاً: روي عن ابن عباس: أنه قال للحرورية [الخوارج] في جملة حديث له معهم وهو يحتج عليهم بفعل رسول الله [صلى الله عليه وآله] في الحديبية؛ ويحدثهم بما جرى: «قالوا: لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك, ولكن اكتب اسمك واسم أبيك.
فقال: اللهم إنك تعلم أني رسولك. ثم أخذ الصحيفة، فمحاها بيده، ثم قال: يا علي اكتب: هذا ما صالح عليه الخ»(7).
خامساً: لنفترض: أن ذلك لم يقنع الباحث، فإنه سيجد نفسه غير قادر على الاستدلال بهذه الرواية التي رويت بصور مختلفة ومتناقضة نعلم بتعمد التصرف فيها، والتلاعب بمضامينها، فلا بد له من البحث عن أدلة أخرى، وهي متوفرة ولله الحمد، وسيطلع القارئ الكريم على شطر منها في ضمن الفقرات التالية في هذا البحث..
آراء علمائنا:
وبعدما تقدم نقول:
إننا إذا رجعنا إلى ما قاله علماؤنا الأبرار فإننا نلاحظ: أن عددا منهم رضوان الله تعالى عليهم قد صرح بأنه [صلى الله عليه وآله] كان يعرف القراءة والكتابة بعد بعثته.
ويظهر من الشيخ الطوسي [رحمه الله]: أن ذلك هو مذهب علمائنا. رحمهم الله كافة؛ فإنه قال: «والنبي عليه وآله السلام ـ عندنا ـ كان يحسن الكتابة بعد النبوة، وإنما لم يحسنها قبل البعثة»(8).
وقال السيد جواد العاملي: «والنبي معصوم مؤيد بالوحي: وكان عالماً بالكتابة بعد البعثة، كما صرح به الشيخ، وأبو عبدالله الحلي، واليوسفي، والمصنف في التحرير. وقد نقل أبو العباس، والشهيد في النكت، عن الشيخ، وسبطه أبي عبد الله الحلي الساكتين عليه»(9).
وعلى كل حال، فإن الأدلة قد دلت على أن النبي [صلى الله عليه وآله] كان يقرأ ويكتب، قبل البعثة وبعدها.
أما بالنسبة لعدم قراءته وكتابته [صلى الله عليه وآله] قبل البعثة بصورة فعلية، فإن ذلك لا يعني عدم قدرته على ذلك، بل كان قادراً على ذلك، لكنه لم يظهر ذلك للمشركين ولا لغيرهم بصورة فعلية؛ وذلك كي تقوم الحجة عليهم، وليدركوا الإعجاز الإلهي في ذلك..
ولعل علماءنا الأبرار قد استندوا في ما ذهبوا إليه في هذا الأمر إلى ما صرحت به بعض النصوص من أنه [صلى الله عليه وآله] قد مارس القراءة أحيانا والكتابة أحياناً، فلاحظ ما يلي:
فما دل على أن النبي [صلى الله عليه وآله] كان يقرأ:
1 ـ ما رواه الشعبي من أنه [صلى الله عليه وآله] قد قرأ صحيفة لعيينة بن حصن، وأخبر بمضمونها(10).
2 ـ عن أنس قال: قال [صلى الله عليه وآله]: رأيت ليلة أسري بي مكتوبا على باب الجنة: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر(11).
ومما دل على أن النبي [صلى الله عليه وآله] كان يقرأ ويكتب:
ولكن نصوصاً أخرى قد صرحت بأنه [صلى الله عليه وآله] كان يقرأ ويكتب بعد بعثته، وذلك مثل:
3 ـ ما روى الصدوق [رحمه الله] بسنده عن جعفر بن محمد الصوفي، عن أبي جعفر الجواد[عليه السلام]: « فقلت: يا بن رسول الله، لم سمي النبي الأمي؟!
فقال: ما يقول الناس؟
قلت: يزعمون: أنه إنما سمي الأمي؛ لأنه لم يحسن أن يكتب.
فقال [عليه السلام]: كذبوا عليهم لعنة الله، أنّى ذلك، والله يقول في محكم كتابه: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 2].
فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟. والله، لقد كان رسول الله [صلى الله عليه وآله] يقرأ ويكتب باثنين وسبعين لساناً، أو قال: بثلاثة وسبعين لساناً، وإنما سمي الأمي، لأنه كان من أهل مكة. ومكة من أمهات القرى، وذلك قول الله عز وجل: {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الشورى: 7] » (12).
4 ـ عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال أبو عبد الله [عليه السلام]: إن النبي [صلى الله عليه وآله] كان يقرأ ويكتب، ويقرأ ما لم يكتب(13).
5 ـ وروى الصدوق بسنده عن علي بن اسباط وغيره، رفعه عن أبي جعفر [عليه السلام] قال: قلت: إن الناس يزعمون: أن رسول الله [صلى الله عليه وآله] لم يكتب ولا يقرأ.
فقال: كذبوا لعنهم الله أنّى يكون ذلك، وقد قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [الجمعة: 2] .
فكيف يعلمهم الكتاب والحكمة وليس يحسن أن يقرأ ويكتب؟!
قال: فلم سمي النبي الأمي ؟
قال: لأنه نسب إلى مكة، وهو قول الله عز وجل: (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا)، فأم القرى مكة، فقيل أمي لذلك(14).
6 ـ وعن الشعبي أنه قال: ما مات النبي [صلى الله عليه وآله] حتى كتب(15).
وقال المجلسي: قال الشعبي وجماعة من أهل العلم: ما مات رسول الله [صلى الله عليه وآله] حتى كتب وقرأ. وقد اشتهر في الصحاح وكتب التواريخ قوله [صلى الله عليه وآله]: ايتوني بدواة وكتف اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبداً (16).
ونقول: إن استدلاله [رحمه الله] بالفقرة الأخيرة غير خال عن النظر والمناقشة فإن قوله: اكتب لكم يتلاءم مع أمره لبعض من حضر بذلك..
7 ـ ونقل السيوطي عن ابي الشيخ، من طريق مجالد، قال: حدثني عون بن عبدالله بن عتبة, عن أبيه قال: ما مات النبي [صلى الله عليه وآله] حتى قرأ وكتب. فذكرت هذا الحديث للشعبي. فقال صدق. سمعت أصحابنا يقولون ذلك(17).
8 ـ عن أبي عبدالله [عليه السلام] قال: «كان علي [عليه السلام] كثيرا ما يقول: اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله [صلى الله عليه وآله]، وهو يقرأ: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ) بتخشع وبكاء، فيقولان: ما أشد رقتك لهذه السورة.
فيقول رسول الله [صلى الله عليه وآله]: لما رأت عيني، ووعى قلبي، ولما يرى قلب هذا من بعدي.
فيقولان: وما الذي رأيت، وما الذي يرى؟!
قال: فيكتب لهما في التراب: تنزل الملائكة والروح الخ..(18).
فإن ظاهر هذه الرواية أنه [صلى الله عليه وآله] قد مارس الكتابة فعلاً..
وقد ظهر مما تقدم: أنه لا مجال للقول بأنه [صلى الله عليه وآله] لم يكن يقرأ ويكتب. وأن الصحيح هو خلاف ذلك، سواء قبل بعثته [صلى الله عليه وآله] أو بعدها. ولكن ذلك قد كان بصورة إعجازية، على النحو الذي أوضحناه في ثنايا هذا البحث..
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إشارة إلى الوجود اللفظي والكتبي الذي يلزم منه حضور صورة الشيء في الذهن، لا حضور نفس الشيء لدى العالم.
وإشارة إلى ذلك حالة التخيل لأمور يسمع بها، ولم يكن قد رآها. فهي حاضرة حضوراً تخيلياً لا يصل إلى درجة حضور صورة الشيء في الذهن، فضلاً عن حضور نفس الشيء لدى العالم.
ولكي نوضح ما نرمي إليه نقول: إنه ليس كل عدم نقصاً، وليس كل وجدان كمالاً..
فإن معرفتنا نحن بالأمور والعلم بها كمال بالنسبة لنا، فإذا توقف ذلك على امتلاك أدوات وعلوم، فإن حصولنا على العلوم الآلية والأدوات الموصلة لها كمال لنا أيضاً، وفقدانها نقص، لأنه يوجب حرماننا من كثير من المعارف التي نعجز عن الوصول إليها بدونها. أما إذا كانت المعارف حاضرة بنفسها لدى العالم، ولا يحتاج إلى تلك الآلات الموصلة، كان ذلك عين الكمال ... فمن يستطيع الوصول إلى أي مكان في العالم بمجرد إرادته، فإن ركوبه للدابة، والسعي إلى ذلك المكان، وتحمل المتاعب، وصرف الساعات والأيام، أو الأشهر في الطريق، يعد سفهاً.
فعدم اقتنائه للدابة أو السيارة لا يعد عيباً ولا نقصاناً، ما دام أن عدم اقتنائه لها لا لأجل عجزه عن اقتنائها، بل لغناه عنها مع توفر القدرة عليها في كل حين.
وهذا هو حال الأنبياء والأوصياء [عليهم السلام] في ما يرتبط بعلومهم، فهم يعلمون بالأمور من خلال حضورها عندهم، ورؤيتهم لها بما أعطاهم الله من تفضلات ومزايا، فلا يحتاجون إلى قراءة النقوش المكتوبة ليمكنهم الحصول على صورة ذهنية لها، وهذا هو عين الكمال لهم، وسواه هو النقص.
(2) راجع: كشف الغمة للاربلي ج1ص210 والإرشاد للمفيد ج1 ص120 واعلام الورى ص97 وبحار الأنوار ج20 ص359 و363 وراجع ص357.
(3) أسد الغابة ج1 ص216.
(4) صحيح البخاري ج2 ص73 ط سنة 1309.
(5) صحيح البخاري ج3 ص37 ط سنة 1309 هـ. ق. ومسند أحمد ج4 ص 298 والكامل في التاريخ ج2 ص204. وخصائص علي بن أبي طالب [عليه السلام] للنسائي ص150و151 والأموال ص233 وسنن الدارمي ج2 ص238 والسنن الكبرى ج8 ص5 وراجع: التراتيب الإدارية ج1 ص173.
(6) البحث هو بعنوان: «موقف علي [عليه السلام] في الحديبية»، صادر عن المركز الإسلامي للدراسات.
(7) الرياض النضرة ج2 ص277 وإحقاق الحق [الملحقات] ج8 ص522. وراجع: مسند أحمد ج1 ص342 وخصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ص148 و149 وغير ذلك..
(8) المبسوط ج8 ص120 وراجع تفسير التبيان ج8 ص216.
(9) مفتاح الكرامة ج10 ص10.
(10) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج8 ص98 عن تفسير النقاش.
(11) سنن ابن ماجة ج2 ص812 والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج8 ص97 عنه.
(12) علل الشرايع ص124 والبحار ج16 ص132 وبصائر الدرجات ص245 والبرهان [تفسير] ج4 ص332 ونور الثقلين ج2 ص 78 وج5 ص322 ومعاني الأخبار والإختصاص.
(13) البحار ج16 ص134 وبصائر الدرجات ص247 والبرهان ج4 ص333 ونور الثقلين ج5 ص322.
(14) البحار ج16 ص133 وعلل الشرايع ص125 وتفسير البرهان ج2 ص332 وج2 ص40 ونور الثقلين ج5 332 وبصائر الدرجات ص246 وتفسير العياشي ج2 ص78.
(15) الجامع لأحكام القرآن ج13 ص352 والتراتيب الإدارية ج1 ص173 والبحار ج16 ص135.
(16) البحار ج16 ص135.
(17) الدر المنثور ج3 ص131.
(18) الكافي ج1 ص249 ونور الثقلين [تفسير] ج5 ص323 و633.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|