أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2016
962
التاريخ: 16-10-2016
786
التاريخ: 16-10-2016
918
التاريخ: 16-10-2016
1048
|
اشتهر العهد السلوقي بظهور المدن الجديدة في مختلف أنحاء الشرق الأدنى، وقد بدأ هذا النشاط منذ زمن الاسكندر وسار على خطار خلفاؤه من السلوقيين. وقد أسست هذه المدن على غرار المدن اليونانية، وكان سكانها والحضاري سمة هذا العصر. وقامت هذه المدن بأدوار مهمة في ازدهار الحضارة الهلنستية بجميع أوجهها ومقوماتها العلمية والاجتماعية والاقتصادية والادبية، وهكذا برز دور نظام المدينة مرة أخرى على غرار ما شاهدناه في حضارة وادي الرافدين في عصر فجر السلالات (الألف الثالث ق.م) ونظام دول المدن اليونانية(1). وقد استمر الكثير من هذه المدن الكبيرة بمساحتها وعدد سكانها إلى العهود التالية وهي في تعاظم وازدهار متزايدين، هذا بالإضافة إلى إعادة تسمية بعض المدن القديمة بأسماء يونانية وتجيد أبنيتها وستأتي الأمثلة على ذلك. وغلب على أسماء المدن الجديدة التسميتان "سلوقية" و "انطاكية"، حيث أطلقت هاتان التسميتان على عدن مدن في الشرق والغرب بالإضافة إلى سلوقية دجلة وانطاكية العاصي، واشتهر من الملوك السلوقيين في هذا المضمار ثلاث ملوك هم : سلوقس الأول (281 – 311 ق.م) أنطيوخس الأول (260 – 281 ق.م) وأنطيوخس الرابع (164 – 175 ق.م).
سلوقية دجلة:
أسست في وادي الرافدين في العهد السلوقي عدة مدن جديدة ابتداء من أعالي ما بين النهرين حيث المدينة المهمة "أديسا" (الرها) و "دورا ــ يوروبس" (الصالحية على الفرات) وانطاكية على العاصي، إلى أقصى الجنوب حيث مدينة "كراكس" او "الكرخ ــ الاسكندرية" على الخليج العربي. وأشهر تلك المدن في العراق "سلوقية" التي دعيت باسم مؤسسها سلوقس الاول أي (Seleucia) وتوطدت في عهد ابنه وخليفته أنطيوخس الأول في حدود 247 ق.م. ويرجح كثيراً انها شيدت فوق انقاض المدينة البابلية القديمة "أوبس" (Upi) أو بالقرب منها، وتعرف بقاياها الآن باسم "تل عمر" على ضفة دجلة الغربية مقابل طيسفون (طاق كسرى) على الضفة الشرقية. وكانت سلوقية أكبر مدينة ليس في العراق فحسب بل في جميع أنحاء الشرق الادنى، فقد قادر عدد ساكنها في حدود (600,000)، واظهرت الصور الجوية التي أخذت لبقاياها أنها صممت على هيئة شبكة المربعات (Grid Plan) حيث بيوتها وحارات السكن فيها على شوارع وطرقات مستقيمة متعامدة على غرار الكثير من المدن الرومانية. وقد عثر في أثناء التحريات القصيرة الأمد(2) على مجموعات من التماثيل الصغيرة ودمى الطين Terra Cotta Figurines والنقود، كما كشف عن بقايا أبنية مهمة ولا سيما من العصر الفرثي الذي تلا العهد
السلوقي، حيث ازدهرت المدينة ازدهاراً محسوساً في العصر الفرثي شأنها في ذلك شأن المدن السلوقية الأخرى. وشرعت في السنوات الحديثة الماضية بعثة تنقيبات إيطالية من جامعة "تورينو" تتحرى في سلوقية برئاسة الأستاذ "كوليني" (Gullini) وكان موسم عملها الثامن في عام 1972 – 1971.
وأسست جملة مراكز ومدن مهمة على الطرق المهم ما بين سلوقية وبلاد إيران، وهو الطريق التجاري القديم الذي كان يمر من كرمنشاه وهمذان (اكبتانا القديمة). ولكني يوصل هذا الطريق بالبحر بواسطة الخليج العربي أقيمت ما لا يقل عن تسع مدن في سواحل هذا الخليج، من أشهرها المدينة التي دعيت "إنطاكية" (مدينة بوشير) ومدينة "الكرخ" (كراكس) في منطقة المحمرة أو ان المحمرة قامت على أنقاذها. واستوطن بعض الجزر في ساحل الكويت مثل جزيرة "فيلكا" التي دعيت على ما يرجح "ايكاروس". كما أعيد تأسيس مدينة "اكبتانا" القديمة (همذان)، وأسست غلى الجنوب منها مدينة جديدة سميت باسم اللاذقية المنسوبة، مثل لاذقية سورية، إلى "لوديقية" (Laodicea) أم سلوقس الأول، واعيدت تسمية مدينة الري القديمة باسم "يورويس".
وقامت في العهد السلوقي في القسم الجنوبي من العراق، عند ساحل الخليج، دويلة اسمها "كراكينة" او "كرخينة" (Carakene) او (Caracene)، وهي التي ورد اسمها في المصادر الآرامية (الرسايانية) والعبرانية بهيئة "ميسان" والعربية "ميسان" وفي الفارسية "ميشون" ، وفي المصادر الكلاسيكية (Mesene)، وقد نالت استقلالها وانفصلت عن تبعيتها إلى الدولة السلوقية في عهد أنطيوخس الثالث (187 – 223 ق.م) على أثر اندحاره على أيدي الرومان، وتدرجت في النمو والازدهار حتى غدت في العهد الفرثي التالي من الدويلات المهمة، وكان جل سكانها من الآراميين(3).
ومن الدويلات المهمة التي قامت في العصر السلوقي دويلة "البتراء" العربية، وأهلها من الأنباط (من العرب المتكلمين باللغة الآرامية او الذين استعملوا الآرامية في الكتابة. وقد اغتنم أهلها الظروف الناشئة من النزاع ما بين بطالة مصر وبين السلوقين، فأقاموا لهم مملكة مركزها في البتراء (سلع القديمة). وازدهرت هذه الدويلة طوال ثلاث قرون، من القرن الثاني ق.م (في حدود 164 ق.م) إلى أن ضمها الامبراطور الروماني "تراجان" إلى الامبراطورية الرومانية (القرن الثاني الميلادي). وكان أهل البتراء يسيطرون على طرق البادية المهمة الموصلة إلى موانئ البحر المتوسط وموانئ جنوبي الجزيرة العربية، ونافسوا التجار الإغريق من أهل الاسكندرية في تجارتهم إلى الهند واجزاء الامبراطورية الرومانية.
وأسس سلوقس الاول المدينة الشهيرة "دورا ــ يوربس" (Dura – Europus) القريبة من بلدة الصالحية في سورية، وقد أقيمت على بقايا حصن او قلعة آشورية، ومن هنا منشأ اسمها المركب من كلمتين: "دورا" التي تنعي الحصن في اللغة الآشورية و "يوروبس"، اسم الموضع الذي ولد فيه سلوقس في مقدونية. واظهرت التنقيبات التي أجريت في بقايا المدينة نتائج مهمة ولا سيما بقاياها من العهد الفرثي الذي أعقب العهد السلوقي حيث ازدهرت فيه ازدهاراً كبيراً، واستمرت المدينة إلى العصور التالية الأخرى وانتزعها الرومان من الفرثيين إلى أن دمرها الملك الفارسي الساساني شابور الأول (272 – 241 م) في عام 256م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حول أهمية المدن التي ظهرت منذ فتح الاسكندر للشرق واعتبار منذ الألف عام، من ذلك الفتح إلى العهد العربي الإسلامي (القرن السابع الميلادي) حقبة ثقافية مهمة، متميزة انظر البحوث المنشورة في "ندوة" المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو:
Kraeling et al, Invincible City … (1958), 190 ff.
(2) حول تحريات جامعة "مشيغان الامريكية في سلوقية (1932 – 1927 ، 1937 – 1936) انظر:
Waterman, Preliminary Report on the Excavations at Tell Umar, (1931, 1933).
G. Hopkins, in Antiquity, (1939), 440 ff.
(3) حول هذه الدويلة الآرامية انظر:
S. A. Nodelman, A Preliminary History of Characene, (1960).
Weisbach, "Mesen" in Pawly Wissowa Encycl.
وتاريخ الطبري.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|