أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-3-2021
4533
التاريخ: 17-3-2021
3087
التاريخ: 23-12-2021
2535
التاريخ: 6-11-2021
1984
|
كل موضع يجوز فيه الكذب ، إن أمكن عدم التصريح به و العدول الى التعريض و التورية كان الأولى ذلك.
وما قيل : إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب ، و إن فيها ما يغني الرجل عن الكذب ، ليس المراد به أنه يجوز التعريض بدون حاجة و اضطرار، إذ التعريض بالكذب يقوم مقام التصريح به ، لأن المحذور من الكذب تفهيم الشيء على خلاف ما هو عليه في نفسه ، وهذا موجود في الكذب بالمعاريض.
فالمراد أن التعريض يجوز إذا اضطر الإنسان إلى الكذب و مست الحاجة إليه ، و اقتضته المصلحة في بعض الأحوال في تأديب النساء و الصبيان ومن يجرى مجراهم وفي الحذر عن الظلمة و الاشرار في قتال الأعداء.
فمن اضطر إلى الكذب في شيء من ذلك فهو جائز له ، لأن نطقه فيه إنما هو على مقتضى الحق و الدين ، فهو في الحقيقة صادق ، و إن كان كلامه مفهما غير ما هو عليه لصدق نيته و صحة قصده و إرادته الخير و الصلاح ، فمثل هذا النطق لا يكون خارجا عن حقيقة الصدق إذ الصدق ليس مقصودا لذاته ، بل للدلالة على الحق ، فلا ينظر إلى قالبه و صورته ، بل إلى معناه و حقيقته.
نعم ، ينبغي له في هذه المواضع أن يعدل إلى المعاريض ما وجد إليه سبيلا يصدق اللفظ حينئذ أيضا و إن كان متشاركا مع التصريح في تفهيم الشيء على خلاف ما هو عليه في الواقع.
و قد كان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) اذا توجه إلى سفر و راه بغيره ، لئلا ينتهي الخبر إلى الأعداء فيقصدونه.
و مما يدل على جواز التعريض مع صحة النية ، ما روى في الاحتجاج «أنه سئل الصادق ( عليه السلام) عن قول اللّه تعالى في قصة إبراهيم (عليه السلام) :
قالَ {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} [الأنبياء : 63] .
قال : ما فعله كبيرهم و ما كذب إبراهيم.
قيل : و كيف ذلك؟
فقال : إنما قال إبراهيم فاسألوهم إن كانوا ينطقون ، أي إن نطقوا فكبيرهم فعل ، و إن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا، فما نطقوا و ما كذب إبراهيم- عليه السلام- و سئل عن قوله تعالى :
{ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يوسف : 70] .
قال : انهم سرقوا يوسف من أبيه ، ألا ترى أنه قال لهم حين قالوا : ما ذا تفقدون؟ , قالوا : نفقد صواع الملك ، و لم يقولوا : سرقتم صواع الملك ، انما سرقوا يوسف من أبيه».
«و سئل عن قول إبراهيم :
{فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } [الصافات : 88، 89].
قال : ما كان إبراهيم سقيما ، و ما كذب ، انما عنى سقيما في دينه ، اي مرتادا».
و طريق التعريض و التورية : أن يخبر المتكلم المخاطب بلفظ ذي احتمالين أحدهما غير مطابق للواقع و اظهر في المقام ، فيحمله المخاطب عليه ، و ثانيهما مطابق له يريده المتكلم كما ظهر من خبر الاحتجاج.
و من أمثلته : أنه اذا طلبك ظالم و أنت في دارك و لا تريد الخروج إليه ، أن تقول لأحد أن يضع اصبعه في موضع و يقول : ليس ههنا.
و إذا بلغ عنك شيء إلى رجل ، و أردت تطييب قلبه من غير أن تكذب ، تقول له : ان اللّه ليعلم ما قلت من ذلك من شيء ، على أن يكون لفظة (ما) عندك للإبهام ، و عند المستمع للنفي.
و قد ظهر مما ذكر: أن كل تعريض لغرض باطل كالتصريح في عدم الجواز، لأن فيه تقريرا للغير على ظن كاذب.
نعم قد تباح المعاريض لغرض خفيف ، كتطييب قلب الغير بالمزاح ، كقول النبي (صلى اللّه عليه و آله) : «لا تدخل الجنة عجوز» و «في عين زوجك بياض» و «نحملك على ولد بعير» و قس عليه أمثال ذلك و من الكذب الذي يجوز و لا يوجب الفسق ، ما جرت به العادة في المبالغة ، كقولك : قلت لك كذا مائة مرة ، و طلبتك مائة مرة.
و أمثال ذلك لأنه لا يراد بذلك تفهيم المرات بعددها ، بل تفهيم المبالغة.
فان لم يكن طلبه إلا مرة واحدة كان كاذبا ، و ان طلبه مرات لا يعتاد مثلها في الكثرة فلا يأثم و ان لم تبلغ مائة.
و من الكذب الذي لا اثم عليه ما يكون في أنواع المجاز و الاستعارات و التشبيهات ، إذ الغرض تفهيم نوع من المناسبة و المبالغة ، لا دعوى الحقيقة و المساواة من جميع الجهات.
و من الكذب الذي جرت العادة به ، و يتساهل فيه ، قول الرجل اذا قيل له : كل الطعام : (لا اشتهيه)، مع كونه مشتهيا له.
و هذا منهي عنه كما تدل عليه بعض الاخبار، إلا إذا كان فيه غرض صحيح ، و ما جرت العادة به قول الرجل : (اللّه يعلم) فيما لا يعلمه ، و هو أشد أنواع الكذب ، قال عيسى (عليه السلام): «إن من أعظم الذنوب عند اللّه ان يقول العبد : ان اللّه يعلم لما لا يعلم».
و من الكذب الذي عظم ذنبه و يتساهل فيه ، الكذب في حكاية المنام ، قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) «إن من أعظم الفرية ان يدعى الرجل إلى غير أبيه ، أو يرى عينيه في المنام ما لم ير ، أو يقول على ما لم أقل».
و قال (صلى اللّه عليه و آله): «من كذب في حلم ، كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعرتين».
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
بالصور: موكب اهالي كربلاء يحيي ذكرى استشهاد السيدة فاطمة الزهراء (ع) ومواكب عزاء من مختلف محافظات العراق تقصد مرقد الإمام الحسين (ع)
|
|
|