أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-4-2016
1700
التاريخ: 21-04-2015
4156
التاريخ: 14-4-2016
1765
التاريخ: 2023-09-30
1845
|
قال تعالى : {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } [الطارق : 11 ، 12]
الفضاء المحيط بالأرض له خاصّة ارتجاعية ، بسبب حالتها الانحنائية الحاصلة لها بفعل الجاذبة الأرضية ، وهذا الوضع الدائري للسماء هو الذي أكسبها هذه الخاصّة الارتجاعية ، فتُرجع كلّ ما يصعد إليها بشدّة ودفق .
وقد فَهم المفسّرون الأوائل : أنّها تُرجع البخار الصاعد إليها مطراً .
والآن فقد علمنا أنّ الأمواج اللاسلكية والتليفزيونية ترتدّ هي الأُخرى من السماء إذا أُرسلت إليها ، بسبب انعكاسها على الطبقات العليا الآيونية ، ولهذا نستطيع أن نلتقط ما تذيعه المذاييع البعيدة بعد انعكاسها ونستمع إليها ونشاهدها ، ولولا ذلك لضاعت وتشتّتت ولم نعثر عليها ، فالسماء أشبه بمرآة عاكسة تُرجع ما يُبثّ إليها ، فهي السماء ذاتُ الرجع .
وهي أيضاً تعكس الأشعة الحرارية تحت الحمراء فتُرجعها إلى الأرض ؛ لتدفئها .
والأرض تتصدّع ليخرج منها النبات ونافورات الغاز الطبيعي والبترول وينابيع المياه الكبريتية ونفث البراكين ، وتنصدع مع كلّ هزّة زلزالية .
إنّنا مرّةً بعد أُخرى نجد أنفسنا أمام ألفاظ دقيقة ، جامعة في معانيها ، ومختارة بدقّة ، ومصفوفة بإحكام .
وإنّها علمٌ الهيّ نافذ إلى أعماق الطبيعة ، وليس علماً بشريّاً مقصوراً على مظاهر الكون دون الوصول إلى أسرارها الكامنة .
فنحن أمام دقّةٍ وإعجاز وعلمٍ شامل .
ومعنى آخر لعلّه أدقّ وأنسب لِما بين صدع الأرض ورجع السماء من رابطة طبيعية ، وهو أن يكون المراد ـ والله العالم ـ تراجع السماء في دورة الفَلَك السنوية ، بسبب انحراف محور الأرض في دورتها حول الشمس قليلاً عن العمود على مستوى فَلكها ( مدارها ) ويكون انحرافه بزاوية قدرها ( 5/23 درجة ) ولذلك تأثير على تغيّر مناخ الأرض بنتيجة دورانها حول الشمس ، ويؤدّي إلى ما نُسمّيه بتبدّل الفصول الأربعة ، فتتصدّع الأرض أي تنفلق ـ لتُخرج نباتها كلّما تراجعت السماء من فصل إلى فصل ، مِن شتاء إلى ربيع فإلى صيف والى خريف ، وهكذا بسبب هذا التراجع السماوي وتبدّل الفصول ، تتفجّر عيون الأرض وتتدفّق مياهها فتفيض بغزارة الأمطار ، أو تغور وتنضب وتجدب الأرض إذا أمسكت السماء قَطرَها .
هكذا يرتبط اختلاف مناخ الأرض باختلاف حركات السماء ربطاً وثيقاً ، { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88] ، { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49].
ومعنى ثالث أعمق وأخفى هي : رجعة الاعتدالين في دورة تستغرق 26 ألف سنة ، ومِن جرّائها يَطرأ على الأرض كلّ 13 ألف سنة عظيم في المناخ وفي
سطح القشرة الأرضية مِن صدوع وشقوق وفوالق وجيوب ، بسبب ما يحصل مِن تغيير في باطن الأرض مِن هذا التحوّل .
فقد دلّت البحوث الفَلكية على أنّ القطب الشمالي الأرضي لا يتّجه اتّجاهاً ثابتاً إلى نقطة في السماء ( النجمة القطبية ) بل له دورة حول دائرة متصوّرة في السماء قطرها الظاهري 18 متراً ، وتستغرق هذه الدورة 26 ألف سنة .
فإذا تصوّرنا مدّ المحور الأرضي عن القطب الشمالي إلى الفضاء فالخطّ الوهمي هذا ينحرف عن النجمة القطبية اليوم درجةً ونصفاً ، فإذا أخذ هذا الخطّ بالاقتراب من النجمة القطبية حتى إذا ما بلغ الانحراف عنها بنصف درجة أخذ بالابتعاد عنها ، وهكذا يبتعد ويقترب منها في دائرة تستغرق دورتها ستاً وعشرين ألف سنة ، وتُسمى هذه الظاهرة الفَلكية عندهم برجعة الاعتدالين ، مطابقة لما جاء في تعبير القرآن ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ) ! .
وسبب هذه الدورة أو الرجعة تأثير جاذبتي الشمس والقمر ، على القسم المنبعج من سطح الأرض ( منطقة خطّ الاستواء الدائري ) ، كلّ منهما يُحاول إرجاع الأرض إلى مستوى مداره .
فتأخذ نقطة الاعتدال ( وهي نقطة الملتقى بين مدار الأرض والدائرة الاستوائية المائلة عن المدار ) بالرجوع مِن جرّاء ذلك .
ورجعة الاعتدالين هذه لها أثر عظيم على حياة سكّان الأرض ؛ إذ أنّ مِن جرّائها يطرأ على الأرض كلّ ثلاثة عشر ألف سنة تغيير عظيم في المناخ ، فنصف الكرة الشمالي يحلّ الصيف فيه الآن والأرض أبعد ما تكون عن الشمس في دورتها حولها ، ولذلك كان الصيف معتدلاً ، وبالعكس في النصف الجنوبي الذي يكون الصيف فيها شديد الحرّ ؛ لقرب الشمس منها ، والشتاء في النصف الشمالي الآن معتدلٌ أيضاً لقرب الشمس منه ، والعكس في النصف الجنوبي .
لكن بعد 13 ألف سنة يتحوّل المناخان ، ويكون اتّجاه الأرض عكس اتّجاهها اليوم ، فالصيف في النصف الشمالي شديد الحرّ وهو معتدل في النصف الجنوبي ، والشتاء على العكس ، كلّ ذلك بسبب تبديل المناخ الحاصل بارتجاع نقطة الاعتدالين .
وأمّا الصدع فهو يَنشأ من هذا الرجع أيضاً ؛ إذ أنّ دلائل العلم الحديث برهنت على أنّ الزلازل الأرضية تكون صدوعاً وشقوقاً وفوالق في القشرة ، بعوامل طبيعية أهمّها رجعة الاعتدالين ـ أي عدم ثبات القطب الشمالي ـ . ولا تزال الزلازل تنتاب الأرض كلّ يوم عشرات المرّات العنيفة وأكثرها الخفيفة ، تسجّلها مقاييس الزلازل مِن حيث لا يشعر الإنسان بها ، وهذه الزلازل كثيراً مّا تحدث شقوقاً وصدوعاً في قشرة الأرض كما هو معروف .
قال رشيد رشدي ( مدرّس الجغرافية في المدارس العالية ببغداد ) : انظر إلى هذا الانسجام والاتّساق ، والإعجاز في تعبير الرجع والصدع ، والربط الوثيق الطبيعي بينهما ، فلو حاول كلّ عباقرة البيان ونوابغ علوم الطبيعة ليأتوا بكلمتين تخلفان هاتين اللفظتين بمعناهما المتّسع الشامل لَما قدروا ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|